عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-04-2021, 04:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسلوب الإنشاء في البلاغة العربية



(١) التعظيم هنا تعظيم من؟
الجواب: تعظيم المشفوع إليه، وهو الله عز وجل، والمعنى: أنه لعظمته لا أحد يستطيع أن يشفع إلا بإذنه.
(٢) ومنه أيضًا قوله تعالى: ﴿ أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ ﴾ [الأنبياء: 36]، يعني: يسُبُّها ويَعيبها؛ يعني كأنهم يقولون: هو أحقر من أن يسب آلهتهم ويعيبها[18].
ألا ليت الشباب يعود يومًا فأخبره بما فعل المشيب (1).
وقول المعسر: ليت لي ألف دينار (2).
وإذا كان الأمر متوقع الحصول، فإن ترقُّبَه يسمى ترجِّيًا، ويعبر عنه بـ: "عسى"، و"لعل"، نحو: ﴿ لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ [الطلاق: 1] (3).

(١) هذا مستحيل؛ فلا يمكن أن يعود الشباب في أي يوم، يعني: في الدنيا[19].
لكن لو فرض أن الإنسان فقد قوته لضعف، لا لكبر سن، فهل يمكن أن تعود إليه قوته؟!
الجواب: نعم، يمكن بالشفاء من هذا المرض أن تعود.
(2) وهذا بعيد الوقوع، لكنه قد يقع، ربما يموت للمعسر ابن عم، عنده ملايين الدنانير، ولا يرثه إلا هذا الفقير، فيصبح بين عشية وضحاها عنده ملايين الدنانير.
إذن: ليس بمستحيل أن يرزق الله سبحانه وتعالى الفقير ألف دينار بين عشية وضحاها، لكنه بعيد.
إذن: التمني هو طلب شيء محبوب، يرجى حصوله؛ لكونه مستحيلًا؛ كقول الشاعر:
* ألا ليت الشباب يعود يومًا *
أو بعيد الوقوع؛ كقول الفقير: ليت لي ألفَ دينار.
(3) إذن: الفرق بين الترجي والتمني: أن الترجي يكون فيما يقرب حصوله، أو فيما يترقب حصوله.
والتمني عكس ذلك، فيكون فيما لا يترقب وقوعه؛ إما لكونه مستحيلًا، أو إما لكونه بعيد المدى.

وللتمني أربع أدوات: واحدة أصلية، هي"ليت"، وثلات غير أصلية، وهي: "هل"، نحو: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} [الأعراف: 53] (1).

و"لو"، نحو: ﴿ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 102] (2).

و"لعل"، نحو قوله:
أسِرْبَ القطا، هل من يُعِير جناحَه لعلي إلى من قد هويت أطير (3)؟
ولاستعمال هذه الأدوات في التمني ينصب المضارع الواقع في جوابها (4).

(1) فـ: "هل" هنا للتمني، يعني: يتمنون أن يكون لهم شفعاء، فيشفعون لهم عند الله.
(2) يعني: يتمنون أن يكون لهم رجعة إلى الدنيا، ليكونوا من المؤمنين.
(3) وهذا لا يمكن، فهذا إنسان مشتاق إلى أهله، أو إلى معشوقته - الله أعلم - مر به سرب من القطا، فقال يخاطب القطا:
أسِرْبَ القطا، هل من يُعير جناحه لعلي إلى من قد هويت أطير
فهذا تمنٍّ، لا ترجٍّ؛ لأنه مستحيل، يستحيل أن تنزل قطاة، وتقول:
خذ جناحي، وطِرْ به.
(4) فكل فعل مضارع يقع جوابًا للتمني أو للترجي، فإنه يكون منصوبًا[20].

(وأما النداء) فهو طلب الإقبال بحرف نائب مناب "أدعو"(1)، وأدواته ثمانٍ: يا، والهمزة، وأي، وآى، وأيا، وهيا، ووا (2).

فالهمزة وأي للقريب، وغيرهما للبعيد، وقد يُنزَّل البعيد منزلة القريب، فينادى بالهمزة وأي، إشارة إلى أنه لشدة استحضاره في ذهن المتكلم صار كالحاضر معه؛ كقول الشاعر:
أسكان نعمان الأراك، تيقنوا بأنكمُ في رَبْعِ قلبيَ سكَّانُ (3)


وقد يُنزَّل القريب منزلة البعيد، فينادى بأحد الحروف الموضوعة له، إشارة إلى أن المنادى عظيم الشأن، رفيع المرتبة، حتى كأن بُعْدَ درجته في العِظَمِ عن درجة المتكلم بُعْدٌ في المسافة؛ كقولك: أيا مولاي، وأنت معه.

أو إشارة إلى انحطاط درجته؛ كقولك: أيا هذا، لمن هو معك.

أو إشارة إلى أن السامع غافل، لنحو نوم أو ذهول، كأنه غير حاضر في المجلس؛ كقولك للساهي: أيا فلان (4).

(1) ولو قال المؤلف: النداء هو طلب الإقبال بـ: "يا"، أو إحدى أخواتها، لكان أوضح.
(2) لكن "وا" تأتي في الندبة، يعني إذا ندب الإنسان ميتًا، أو ما أشبه ذلك، فإنه يأتي بـ: "وا"[21].
(3) هنا يخاطب أناسًا بعيدين، لكنه من شدة اسحتضاره إياهم، ناداهم منادى القريب.
(4) يعني رحمه الله أنه: قد ينزل القريب منزلة البعيد لأسباب: إما لعلو المرتبة، أو لدنو المرتبة.
أو لغفلته وبلاهته، أو ما أشبه ذلك.
ولهذا إذا فهَّمت رجلًا، وعلمته مسألة من المسائل، وهو لا يفهم، فإنك تقول: يا رجل، هذا هو المقصود، يا رجل، افهم، فتقول: "يا" وهو عندك، ولا تقول: أرجل؛ لأنه لبلاهته صار كأنه بعيد.
إذن: الهمزة وأي للقريب، وغيرهما للبعيد، وقد ينزل القريب منزلة البعيد، والبعيد منزلة القريب، وذلك حسب السياق.

وغير الطلبي يكون بالتعجب، والقَسم، وصيغ العقود؛ كبِعْتُ، واشتريت، ويكون بغير ذلك.
وأنواع الإنشاء غير الطلبي ليست من مباحث علم المعاني؛ فلذا ضربنا صفحًا عنها (1).

(1) قوله: وغير الطلبي، يعني: الإنشاء غير الطلبي.
وقوله: يكون بالتعجب، نحو: ما أحسن زيدًا.
ونحو قوله تعالى: ﴿ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ ﴾ [مريم: 38][22].
ويكون أيضًا بالقَسم؛ لأن القسم إنشاء، نحو قولك: والله لأفعلن، فهذا إنشاء قسم، وليس خبرًا عن قسم.
ويكون أيضًا بصيغ العقود؛ كـ: "بعت، وطلقت، ووقفت، ورهنت"، فهذه ليست إخبارًا، ولكنها إنشاء؛ لأنها عقد من الآن.

فإذا قلت: طلقت زوجتي، فهل تطلق؟
الجواب: إن كان خبرًا عن ماضٍ، نظرنا: هل طلق، أم لم يطلق، يعني: ننظر هل هو صادق في خبره هذا، أم كاذب فيه؟
وإن كان إنشاءً للطلاق الآن، طُلِّقَت، كذلك "بعت" لو قلت: بعت بيتي عليك:
إذا كان إنشاء وعقدًا من الآن، فليس خبرًا، بل هو إنشاء.

وماذا يقول له الثاني في هذه الحالة؟
الجواب: يقول له: قبلت.

وإذا كان خبرًا؛ أي: إن قوله: بعت عليك بيتي، يعني: بعته أمس، وفي هذه الحالة ماذا يقول الثاني؟
الجواب: يقول: صدقت، أو كذبت؛ فالأول يكون إنشاء وعقدًا، وإذا قبل المخاطَب تم البيع، والثاني يكون خبرًا، فإن كان قد وقع أمس فهو بيع، ونقول له: صدقت، وإلا فلا.


[1] يعني رحمه الله: أنه لا يقبل نون التوكيد بنوعيها، أو ياء المخاطبة المؤنثة؛ فهما علامتا الفعل الأمر.
فعلى سبيل المثال: قولك: اضربن،فعل أمر؛ لدلالته على الطلب، وقبوله نون التوكيد.
وقوله تعالى: ﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ﴾ [مريم: 26]،الأفعال "كلي، واشربي، وقري" أفعال أمر؛ لأنها اجمتع فيها مجموع أمرين؛ هما: دلالتها على الطلب بصيغة الفعل، وقبولها ياء المخاطبة.
وأما قولك: صَهْ،فهو اسم فعل أمر؛ لدلالته على الطلب - لأنه بمعنى: اسكت - ولأنه لم يقبل علامة الفعل الأمر؛ فإنك لا يصح أن تقول: صهي، أو أن تقول: صهن؛فالفارق بين فعل الأمر واسم فعل الأمر هو قبول نون التوكيد، أو ياء المخاطبة المؤنثة، وعدمه: اسكتن، أقبلي، ولا يجوز ذلك في: "صَهْ، وحيَّهَلْ".

[2] كان أصل هذا الفعل أن يكون محذوف الياء؛ لأنه فعل أمر مبني على حذف حرف العلة "الياء"، ولكن الياء أثبتت هنا لإشباع الكسرة، والمراد بالانجلاء الانكشاف.

[3] ولذلك كان الأمر هنا للتمني.

[4] قوله: أنشروا،بفتح الهمزة من "أنشر" الرباعي، وهو عبارة عن إحياء الموتى، وإخراجهم من قبورهم؛ أي: أحيوه.
وقوله: لي كليبًا،فاستغاث الشاعر بهم في إحياء كليب؛ تعجيزًا لهم؛ لعدم قدرتهم على إحيائه، وتهكمًا بهم.
وذلك أن كليبا قد حمى قطعة أرض، فلم يكن يرعاها إلا إبل جساس، لمصاهرة بينهما، ففي ذات يوم خرجت ناقة لقبيلة جرم بن زبان في إبل جساس، ترعى في حمى كليب، فاستغربها كليب، فرماها بحربة، وصار ضرعها يشخب لبنًا ودمًا.
فصاحت البسوس عمة الجساس قائلة: واذلاه، واغربتاه،فقال جساس لها: أيتها الحرة، اهدئي، فوالله لأعقرن فحلًا، هو أعز على أهله منها،وقصد بذلك نفس كليب، فلم يزل جساس يتوقعه على غرة حتى خرج وتباعد من الحمى، فخرج جساس في أثره، ورماه بحربة في صلبه، وأجهز عليه عمرو حتى مات.

[5] أي: صيغة الأمر بالمضارع المقرون بلام الأمر.

[6] رواه أحمد 2 / ٢٤٦ (٧٣٤٩)، والبخاري (٦٣٤٧) في الدعوات، باب التعوذ من جَهد البلاء، ومسلم ٤ / ٢٠٨٠ (٢٧٠٧)، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، والنسائي في سننه (٥٥٠٦، ٥٥٠٧) في الاستعاذة، باب الاستعاذة من سوء القضاء، وباب الاستعاذة من درك الشقاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله يتعوَّذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
وروى البخاري رحمه الله أيضًا (٦٦١٦) في القدر، باب: أن تعوذ بالله من درك الشقاء، وسوء القضاء، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعوَّذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء)).
وروى أحمد في مسنده ٢ / ١٧٣ (٦٦١٨)، والنسائي في سننه (٥٤٩٠، ٥٥٠٢، ٥٥٠٣) في الاستعاذة، باب الاستعاذة من غلبة الدَّين، وباب الاستعاذة من غلبة العدو، وباب الاستعاذة من شماتة الأعداء، والحاكم في مستدركه ١/ ٥٣١، وقال: هذا صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، عن عبدالله بن عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: ((اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدَّين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء)).
وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في شرح المسند: إسناده صحيح.

[7] فعلى سبيل المثال: الأدوات (ما، ومن، ومتى، وأيان، وأين، وأي) قد تأتي شرطية.
الأدوات (ما، ومن، وأي) قد تأتي موصولة.
قال تعالى: ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 197]؛فـ: (ما) هنا شرطية، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ﴾ [طه: 69]؛ فـ: (ما) هنا موصولة.

[8] إذا وقعت "أن" بعد فاء الجزاء، فإنه يجوز في همزتها في هذه الحالة الفتح والكسر، نحو: من يأتني فإنه مكرم.
فالكسر على جعل "إن" ومعموليها جملة أجيب بها الشرط، فكأنه قال: من يأتني فهو مُكرَم.
والفتح على جعل "أن" وصلتها مصدرًا مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير: من يأتني فإكرامه موجود،ويجوز أن يكون خبرًا، والمبتدأ محذوفًا، والتقدير: فجزاؤه الإكرام.
ومما جاء بالوجهين: قوله تعالى: ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 54أي: قرئ بكسر همزة "إن" وفتحها.
فالكسر على اعتبار أن "إن" واقعة في صدر جملة اسمية، فهي مع معموليها جملة في محل جزم لأداة الشرط "من" في الآية، والتقدير: فهو غفور رحيم.
والفتح على أساس أن يكون المصدر المؤؤل المكون من "أن" وصلتها "معموليها" مبتدأ، خبره محذوف، وتقديره في الآية: فالغفران والرحمة جزاؤه، أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف، وتقديره: فجزاؤه الغفران والرحمة.
وبالنسبة لفرق الإعراب بين ما إذا كانت "إن" مكسورة أو مفتوحة: أنها إذا كانت مكسورة فإنك تقول: الفاء رابطة للجواب، والجملة جواب الشرط في محل الجزم.
قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ ﴾ [طه: 74].
الإعراب: إن: حرف توكيد ونصب، والهاء ضمير الشأن،مَن: اسم شرط جازم، في محل رفع، مبتدأ.
يأتِ: فعل الشرط مجزوم بـ: "من".
فإن: الفاء رابطة للجواب، وإن حرف توكيد ونصب.
له: جار ومجرور، خبرها مقدم.
جهنم: اسمها مؤخر، منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره، والجملة مِن "إن" واسمها وخبرها في محل جزم، جواب الشرط.
أما إذا كانت مفتوحة، فإن الإعراب يختلف:
قال تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ ﴾ [الحج: 4].
الإعراب: أنه: الهاء يجوز أن تكون ضمير الشأن، ويجوز أن تكون ضميرًا يرجع إلى الشيطان.
من: اسم شرط جازم.
تولاه: تولى: فعل الشرط، والفاعل الشيطان، والهاء مفعول به.
فأنه: الفاء رابطه للجواب، وأن حرف توكيد، ينصب الاسم، ويرفع الخبر، والهاء اسمه ضمير مبني على الضم في محل نصب.
يضله: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر، والهاء مفعول به، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل رفع خبر "أن".
و"أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ؛ أي: فإضلاله حاصل.
ويجوز أن تجعل المصدر خبر مبتدأ محذوف؛ أي: فعاقبته إضلاله.
والجملة من المبتدأ والخبر - وليس من" إن" واسمها وخبرها - في محل جزم جواب الشرط.
وعدم التأويل أولى؛ لأنه لا يحوج إلى تقدير محذوف.
وانظر: شرح ابن عقيل ١ / ٣٦١، والنحو الوافي للدكتور عباس حسن ١ / ٦٥٤، ونحو الفصحى للدكتور صلاح روَّاي ص٨٢، والجملة الاسمية ونواسخها للدكتور محمد المشد ص١٩٨.

[9] الألفية، البيت رقم (١٣٦)، باب الابتداء.

[10] الحروف المصدرية هي: التي تُسْبَكُ مع ما بعدها بمصدر، وهي: أن، أنَّ، كي، ولو، وما.
وانظر شرح ابن عقيل ١/ ١٣٨، والمدخل إلى الدرس النحوي ص ٢٠١ - ٢٠٥.

[11] وبناءً على ذلك، فحد الاستفهام الذي يكون معناه التسوية أن يكون داخلًا على جملة يصح حلول المصدر محلها.

[12] روى أحمد في مسنده 1/ 53 (378)، وأبو داود (3670) في الأشربة، باب في تحريم الخمر، والترمذي (3049) في تفسير القرآن، باب من سورة المائدة، والنسائي (5555) في الأشربة، باب تحريم الخمر، عن عمر بن الخطاب قال: لما نزل تحريم الخمر، قال عمر: اللهم بَيِّنْ لنا في الخمر بيانًا شِفاءً؛ فنزلت الآية التي في البقرة ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 219] الآية.
قال: فدُعِيَ عمر، فقرئت عليه، قال: اللهم بَيِّنْ لنا في الخمر بيانًا شفاءً؛ فنزلت الآية التي في النساء: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾ [النساء: 43]،فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة ينادي: (ألا لا يقرَبَنَّ الصلاة سكران).
فدعي عمر، فقرئت عليه، فقال: اللهم بَيِّنْ لنا في الخمر بيانًا شفاءً؛ فنزلت هذه الآية: ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]، فقال عمر: انتهينا، انتهينا.
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في تعليقه على سنن أبي داود: صحيح.

[13] ولذلك قال عمر رضي الله عنه: انتهينا، انتهينا.
وانظر تفسير الطبري 3/ 214، وتفسير القرطبي 13/ 19، وتفسير البغوي 1/ 287، 2/ 54، 62، والإتقان 2/ 215، والتبيان في إعراب القرآن 1/ 129، 225.

[14] قال الشوكاني رحمه الله في فتح القدير ١/ ٣٢٦: ﴿ أَأَسْلَمْتُمْ ﴾ [آل عمران: 20] تهديد، والمعنى: أنه قد أتاكم من البراهين ما يوجب الإسلام، فهل عملتم بموجب ذلك أم لا؟ تبكيتًا لهم، وتصغيرًا لشأنهم في الإنصاف وقبول الحق.

[15] قال البغوي في تفسيره ٢ / ٣٧٦: ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [الأنبياء: 108]، لفظه استفهام،ومعناه؛ أي: أسلموا.
وانظر تفسير البغوي أيضًا ٣ / ٢٧٢، وتفسير الجلالين ١ / ٢٨٦.

[16] ومنه أيضًا قوله تعالى: ﴿ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [الانفطار: 6]؛ أي: لا تغتر،وانظر الإتقان 2/ 215.

[17] ومما يفيد الترغيب والتشويق أيضًا: قوله تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ [الحديد: 11].

[18] فهذه ثمانية معانٍ ذكرها المؤلف رحمه الله لألفاظ الاستفهام، وقد ألف العلامة شمس الدين بن الصائغ كتابًا سماه: "روض الأفهام في أقسام الاستفهام"، قال فيه: قد توسعت العرب فأخرجت الاستفهام عن حقيقته لمعانٍ، أو أشربته تلك المعاني، ولا يختص التجوز في ذلك بالهمزة، خلافًا للصفار.
وقد ذكر السيوطي رحمه الله في كتابه (الإتقان) 212 - ٢١6/ ٢ هذه المعاني الثمانية التي ذكرها المؤلف رحمه الله، وزاد عليها شيئًا كثيرًا، ومما زاد عليها:
١ - العتاب؛ كقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الحديد: 16]
قال ابن مسعود رضي الله عنه: ماكان بين إسلامهم وبين أن عُوتِبوا بهذه الآية إلا أربع سنين.
ومن ألطفه: ما عاتَب الله به خير خَلْقه بقوله: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 43].
٢ - التذكير، وفيه نوع اختصار؛ كقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ﴾ [يس: 60]،وقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 33]،وقوله تعالى: ﴿ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ﴾ [يوسف: 89].
٣ - الافتخار: نحو قوله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾ [الزخرف: 51].
٤ - التفخيم: نحو قوله تعالى: ﴿ مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً ﴾ [الكهف: 49].
٥ - التهويل والتخويف: نحو قوله تعالى: ﴿ الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ ﴾ [الحاقة: 1، 2] ، ﴿ الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ ﴾ [القارعة: 1، 2].
٦ - عكسه، وهو التسهيل والتخفيف: نحو قوله تعالى: ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا ﴾ [النساء: 39].
٧ - التهديد والوعيد: ﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ﴾ [المرسلات: 16].
٨ - التكثير؛ قال تعالى: ﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ﴾ [الأعراف: 4].
٩ - الدعاء، وهو كالنهي، إلا أنه من الأدنى إلى الأعلى، نحو قوله تعالى: ﴿ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ﴾ [الأعراف: 155]؛ أي: لا تهلكنا.
١٠ - الاسترشاد: نحو قوله تعالى: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ﴾ [البقرة: 30].
١١ - التمني: نحو قوله تعالى: ﴿ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ ﴾ [الأعراف: 53].
١٢ - الاستبطاء: نحو قوله تعالى: ﴿ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 214].
١٣ - العرض: نحو قال تعالى: ﴿ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [النور: 22].
١٤ - التحضيض: نحو قوله تعالى: ﴿ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ ﴾ [التوبة: 13].
١٥ - التجاهل: نحو قوله تعالى: ﴿ أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا ﴾ [ص: 8].
١٦ - الاكتفاء: نحو قال تعالى: ﴿ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60].
١٧ - الاستبعاد: نحو قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر: 23].
١٨ - الإيناس: نحو قوله تعالى: ﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ﴾ [طه: 17].
١٩ - التهكم والاستهزاء نحو قوله تعالى: ﴿ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ ﴾ [هود: 87].
وقوله تعالى: ﴿ أَلَا تَأْكُلُونَ ﴾ [الصافات: 91]، وقوله تعالى: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ ﴾ [الصافات: 92].

[19] وإلا ففي الآخرة، يكون كل من يدخل الجنة في سن الشباب؛ وذلك لما رواه أحمد في مسنده 5/ 243 (2205)، والترمذي (2545) في صفة الجنة، باب ما جاء في سن أهل الجنة، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يدخل أهل الجنة الجنة جردًا مردًا مكحلين، أبناء ثلاثين، أو ثلاث وثلاثين سنة)).
قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (٨٠٧٢): صحيح.

[20] بشرط أن يسبق بفاء السببية،أو واو المعية، والنصب في هذه الحالة يكون بـ: "أن" مضمرة وجوبًا بعد الفاء، أو الواو.
ومن أمثلة ذلك:
مثال نصب الفعل المضارع بعد الفاء السببية في جواب التمني:
قال الشاعر:
ليت الكواكبَ تدنو لي فأنظِمَها ♦♦♦ عقودَ مدح فما أرضى لكم كلمي
ومثال نصب الفعل المضارع بعد واو المعية في جواب التمني:
قال تعالى: ﴿ يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 27]،في قراءة حمزة وابن عامر وحفص.
ومثال نصب الفعل المضارع بعد فاء السببية في جواب الترجي:
- لعل السلع تكثر في البلد، فأشتريَ منها.
والسلع كثيرة، ليس صعبًا إيجادها.
ومثال نصب الفعل المضارع بعد واو المعية في جواب الترجي:
- لعلي أراجع الشيخ فيفهمَني المسألة.

[21] النُّدبة: هي نداء المفتجع عليه، نحو: واسيداه، أو المتوجع منه، نحو: واظهراه، أو المتوجع له، نحو: وامصيبتاه، وانظر القواعد الأساسية للهاشمي ص 255.

[22] التعجب: حالة قلبية، منشؤها استعظام فعل ظاهر المزية بزيادة فيه خفي سببها، وله سماعًا صيغ كثيرة.
وأما صناعة: فله صيغتان، ما أفعله، وأفعِلْ به، نحو: ما أجملَ الربيعَ، وأكرم بالصادق، وأعذِبْ بماء النيل.
والصيغة الأولى من هاتين الصيغتين (ما أفعله): (أفعل) فعل ماض و(ما) التي قبله نكرة تامة بمعنى شيء، وهي مبتدأ، والفعل مع فاعله المستتر فيه وجوبًا على خلاف الأصل، خبرها.
والتقدير في قولك: ما أجمل الربيع، شيء جعل الربيع جميلًا.
أما الصيغة الثانية "أفعِلْ به" فهي على صيغة الأمر، وليست بفعل أمر، ويليها المتعجَّبُ منه مجرورًا بالباء الزائدة لفظًا، مرفوعًا بالفاعلية محلًّا.
ومدلول كلتا الصيغتين واحد في إنشاء التعجب، وانظر القواعد الأساسية للهاشمي ص 328.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.61 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.25%)]