
01-04-2021, 08:45 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,180
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
حفظ الفروج مانع للإنسان من التفريط في الأمانة
خامساً: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المعارج:29]، كما يحافظون على أموالهم وأعراضهم، وأبنائهم وأولادهم وأزواجهم، يحافظون على فروجهم، الفروج: جمع فرج، والمراد به القبل والدبر، وسمي فرجاً لانفراج ذاك المكان حين يخرج منه البول أو العذرة. اشتدي أزمة تنفرجي.إذاً: المراد بالفروج هنا: القبل والدبر، حافظون لفروجهم -والله- أكثر من حفاظهم على أموالهم وعلى أبدانهم، ومعنى الحفاظ على الفرج:أولاً: لا يكشف فرجه لأحد إلا إذا كان بين يدي طبيب ولا بد من كشف فرجه كعلاج الناسور، لا يكشف فرجه، يحافظ عليه أكثر من الذهب، لو تعطيه ما تعطيه ما يستطيع أن يخلع ثوبه أمامكم ويكشف عن سوأته؛ لأن كشف العورة وإبداءها صاحبها ما حافظ على فرجه أبداً، حتى الزوجة.يا ذا الزوجة من الخير أن لا تكشف عورتك لها، كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول: ( ما رأيت من رسول الله ولا رأى مني )، مع أن هذا ليس بإثم، ولا ذنب فيه، لكن الآداب والكمال، وتحقيق هذا الرقم حتى زوجته ما يبدي فرجه أمامها، وإذا دخل المرحاض أو الحمام ما يتبجح يدخل ملتئماً ساتراً نفسه، وأحفظ من ذلك وأكثر: ألا يزني ولا يلوط.المقصود: أنه يعيش سبعين سنة، أو ثمانين وما عرف الزنا ولا اللواط أبداً، حافظ لفرجه من صباه: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المعارج:29]، صاحب هذه لن يكون لصاً ولا خبيثاً ولا مجرماً، وهو يقاوم شهوته وغريزته، ويعيش سنين عدداً ولا يقدم على أن يبدي فرجه أو يضيعه، لولا إيمانه يفعل هذا؟ هذا رقم عظيم: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المعارج:29] اللهم إلا: إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المعارج:30].الأزواج: جمع زوج، المرأة لها زوج، والرجل له زوج أيضاً، والآية عامة في الرجال والنساء: إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المعارج:30]، وهنا المرأة لا دخل لها؛ فالرجل إذا ملك جارية بيمينه أعطيها في جهاده، أو اشتراها بنقده، له أن يطأها رحمة بها، وشفقة عليها، أما المرأة إذا ملكت عبداً لا يصح أبداً أن تمكنه من نفسها، وتقول: هذا عبدي أنا أملكه، إياك أن يتسرب إليك هذا المعنى. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المعارج:30] من الجواري لا من العبيد، أو يقول: هذا عبدي ألوط به!!اعلموا أن المراد من هذا: الجواري، وهي جمع جارية: المرأة التي أصبحت ملكاً لك؛ لأنك اشتريتها، أو أخذتها في قسمة الغنيمة يوم غزونا البلاد الفلانية. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المعارج:30]، الله أكبر! هذا إعلان المولى تعالى: فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المعارج:30]، من يلومهم؟ يوجد عاقل يلومك على أنك نكحت امرأتك، كيف يكون هذا؟ تجد عاقل يلومك على أنك تسريت بجاريتك، لا يلومك الملائكة ولا البشر ولا رب العالمين، هذا من الله، وقد أخبر، فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المعارج:30]. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ [المعارج:31]، ابتغى وطلب وراء ذلك المذكور، وهو: المرأة الزوجة والمملوكة فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المعارج:31] أي: المعتدون المجاوزون للحد المتعرضون للحدود وإقامتها عليهم، ولعذاب الله وسخطه: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ [المعارج:31] المذكور من الزوجة والأمة: فَأُوْلَئِكَ البعداء هُمُ ما لهم؟ الْعَادُونَ [المعارج:31]، أكثر من المعتدين، العادي أكثر من المعتدي، المعتدي يحاول الاعتداء، والعادي انتهى، وصل إلى غايته وفرغ منها، عجيب هذا التعبير! ما قال: المعتدون (العادون). هكذا الرقم السادس.
رعاية الأمانات الدنيوية مانع للإنسان من التفريط في الأمانة الأخروية
قال الله: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المعارج:32]، أصبحوا رعاة غنم أو إبل؟ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المعارج:32].لو تشاهد راعي الغنم، وهو ينظر إلى العنيزات أو الشويهات طول النهار، ما يغمض عينيه ولا يفرط أبداً، فهؤلاء لأماناتهم التي ائتمنهم الله عليها، وهي دينه كله كما علمنا، ولما وضع بين أيديهم من أمانات استؤمنوا عليها، وكذلك عهودهم التي بينهم وبين الله، وبينهم وبين عباد الله، راعون، لا تفريط أبداً، هذا الرقم ذو شأن عظيم، أين البنسلين والأدوية للأجسام، هذا أعظم دواء. هذا السادس. وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ [المعارج:32] جمع أمانة، ما درسنا الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ [النساء:58]، أمانات الله ما كلفنا به وأعاد به إلينا، وأمانات نؤتمن عليها بيننا، والعهود ما هي؟ أول عهد هو الذي بيننا وبين الله، فكل من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله إلا وقد أعطى عهداً وميثاقاً: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [المائدة:7]، فكل من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، أعطى عهداً والتزم بأن يعبد الله ويطيع رسوله. وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المعارج:32] لا يفرطون أبداً لا في ليل ولا في نهار، لا في حال الصحة ولا المرض، لا في الحضر ولا في السفر، راعٍ، فهمتم معنى الرعاة والراعي كيف أو لا؟ ما سمينا الراعي راعي إلا لأنه يرعى شويهاتنا، هؤلاء يرعون حدود الله والأمانات ما يضيعون ولا يفرطون أبداً.
القيام بالشهادة مانع للإنسان من التفريط في الأمانة
الرقم السابع: (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَتِهِمْ) قراءة سبعية: وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ [المعارج:33]، في الرخاء، وهو ضد الغلاء، في الفقر في الغنى، في الصحة، في المرض، في أي موطن شهادته يقيمها هكذا، لا يميل هكذا ولا هكذا، ولا أمام ولا شمال، كلما شهد على شيء أو بشيء واستدعي إلى أن يشهد يقيمها، حتى إنه يشهد على نفسه أنه فعل، أو على أبيه أو أخيه لا يبالي، وهذا الموقف ليس بهين، ترى جماعات يشهدون لبعضهم البعض، وفي ناس موجودون متهيئون: إذا تريد شهادة أعطي له عشرة ريالات يشهد معك في المحكمة، أو ألف ريال! لأن هؤلاء هبطوا، سقطوا، أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ [النحل:21]، علتهم: ما عرفوا الله ولا آمنوا به حق الإيمان، المؤمن والمؤمنة يؤدي الشهادة كما أمر الله أن يؤديها بلا حيف ولا ميل مهما كان المشهود له، أو المشهود عليه: وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ [المعارج:33]. تذكرون أن يهودياً اتهم علياً في الدرع، ثم تحاكموا إلى القاضي شريح ، علي هو خليفة المسلمين، وشريح أحد قضاة الدولة الإسلامية، فاليهودي تقاضى عند شريح القاضي ، وادعى على علي بأخذ درعه، من آداب القاضي أنه يجلس الخصمين أمامه، وجهاً لوجه، وينظر إليهما معاً، ما ينظر إلى هذا وهذا لا، وحتى صوته إذا تكلم ما ينخفض مع هذا ويرتفع مع هذا العدل.إذاً: كيف تدعي أن الدرع لك؟ من يشهد لك يا علي ؟ قال: يشهد الحسن والحسين ؟فاليهودي انبهر! خليفة المسلمين يتقاضى ويطلب منه القاضي من يشهد؟ فيقول: ابني، فيقول: الابن لا يشهد للأب، اطلب شاهداً آخر، فلم يصبر ذاك اليهودي حتى شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ورد الدرع لصاحبه.والشاهد عندنا: شهادة الابن -انتبهت؟- على أبيه، أو الأب على ابنه.وفي هذا أمثلة كثيرة، والمسلمون أهل الإيمان وتقوى الله عز وجل لهم مواقف في هذا، والشاهد عندنا في هذا الرقم الخطير: وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ [المعارج:33].
المحافظة على الصلاة مانع للإنسان من التفريط في الأمانة
الرقم الثامن والأخير: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المعارج:34]، بدأ بالرقم الأول الصلاة، وختم بها بالرقم الثامن، وما بينهما ثمرة الصلاة وإقامتها، فالذي لا يؤدي الصلاة لا خير فيه بالمرة، ولا يستطيع استعمال رقم من أولئك، والذي يضيع الصلاة، ما يحافظ عليها، لا يؤديها في أوقاتها في بيوت الله مع المؤمنين، لا يخشع ولا يرتعد ولا يبكي، ويقع في المهاوي، ويسقط في المهالك، هل عرف الأبناء والإخوان هذه الوصفة الطبية؟ من الطبيب هذا؟هل في الإمكان استعمال هذه بدون طبيب؟ قل من ينجح. فلا بد إذاً من أن نجلس بين يدي المربين؛ حتى نتعلم ونعرف: كيف نصلي؟ كيف نزكي؟ كيف وكيف.. أما أن نستعملها بعيداً عن إشراف طبيب قل من ينجح، وهنا انعدم الجهل أو لا؟ استعمال هذه الأرقام بالعلم. إذاً: انعدم الجهل، وإذا ذهب الجهل وحل العلم انفتح باب الانفراج.
سبب نزول الآية
إذاً: نعود إلى الآية الكريمة، يقول تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، يروى أن سبب نزول هذه الآية، وقد يكون كذلك، وقد يكون نزلت في المدينة، وليست في مكة، والرسول ذكرها استشهاداً بها. يقولون: لما فتح الله على رسوله والمؤمنين مكة في السنة الثامنة من هجرة ودخل ومعه اثني عشر ألف مقاتل من الأنصار والمهاجرين، واستسلم أبا سفيان الحاكم العام في مكة، واستقبل الرسول خارج مكة، وأعطاه وساماً لم تعرف الدنيا نظيره، ادخل أبا سفيان وأعلن: ( أن من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن )، الله أكبر!إذاً: دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة، وإذا برجالات قريش قد تجمعوا في الحرم، وطأطئوا رءوسهم ينتظرون حكم رسول الله فيهم، وهم مستوجبون للقتل، وقف أمامهم، وقال: ( يا معشر قريش! ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً، قال اذهبوا فأنتم الطلقاء، قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم )، بينما الآن لما يستقل إقليم من أقاليم المسلمين يبحثون عمن كان يتعامل مع الاستعمار، ويذبحون يذبحون يذبحون.. لأنهم ما سمعوا ما قال الرسول: اذهبوا فأنتم الطلقاء؛ لأننا حكمنا وسدنا والآن نحق الحق ونبطل الباطل، وهرب مجموعة قالوا: لن نستطع أبداً أن نرى محمداً يعفو عنا أو يقتلنا، على رأسهم عكرمة بن أبي جهل ، مات أبو جهل ، فخلفه عكرمة في كل صفاته من الغش والمكر، وقال: ما أطيق أن أصافح الرسول وأبايعه هرب إلى جدة، وجد سفينة تريد أن تقلع فركب، وأبحرت، لما أبحرت السفينة، قال ربانها: يا معشر الركاب! الشحنة قوية، والسفينة عاجزة عن مواصلة السير، فماذا تريدون؟ إذاً: افزعوا إلى الله، لا ينجيكم إلا الله، يا الله.. يا الله.. قال عكرمة : أنا هربت من هذه الكلمة، ما نريد نسمعها، فما دام لا بد من أن ندعو الله وحده، الآن نرجع إلى محمد، والله ترجع بنا إلى الشاطئ، فرجع الربان بالسفينة وهبط، وظل يجري حتى احتضن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل يده. نحن هربنا من التوحيد أو لا؟ يلحقنا حتى بالبحر؟ إذاً: نعود أحسن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.إذاً: لما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدخل الكعبة ليصلي فيها النافلة، طلب المفتاح من عثمان بن طلحة الحجبي، فأعطاه المفاتح ففتح البيت وصلى ركعتين، ووجد فيها صوراً، قال: أزيلوها، وما خرج حتى أزيلت، صور لإبراهيم وإسماعيل. فـالعباس رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، طمع. قال: أعطني المفتاح؛ ليكون من أهل السدانة كما هو من أهل السقاية، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، منهم من يقول: نزلت عليه، ومن يقول: لا، تلاها استشهاداً بها، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، فرد المفتاح لـعثمان بن طلحة الحجبي ، الحِجبي والحُجبي يعني: حاجب البيت، هكذا قيل في سبب نزول الآية، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.معاشر المستمعين! عرفنا الأرقام الثمانية، نعمل بها ونطبقها ونستشير الأطباء، أي: العالمين من الفقهاء؛ حتى نؤديها كما هي، وحينئذٍ فنحن آمنون من الجهل، من الكفر، من الظلم، من الطغيان، من الهلع، وأصبحنا أصحاء والحمد لله.وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|