عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-04-2021, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,920
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (27)
الحلقة (251)

تفسير سورة النساء (33)

أخبر الله تعالى عن نفسه بأنه لا يغفر الذنب المعروف بالشرك والكفر، وأما سائر الذنوب؛ كبيرها وصغيرها فإنها تحت المشيئة، إن شاء غفر لمرتكبها وإن شاء عذبه، فالشرك الذي لا يغفره الله صاحبه قد اختلق الكذب العظيم، إذ عبد من لا يستحق العبادة، وأله من ليس بأهل للتأليه، فهو قائل بالزور، عامل بالباطل، ليس له جزاء إلا النار ما لم يتدارك نفسه بالتوبة والرجوع إلى الله.
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا ...)
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [النساء:47]. آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا [النساء:47] قال: نزلنا؛ لأن القرآن نزله الله في ظرف ثلاثة وعشرين سنة، التنزيل شيئاً فشيئاً آية بعد أخرى، أما التوراة فقد أنزلها جملة واحدة؛ فلهذا بعد الغفلة انتبهتم. نزلنا لا يكون للتوراة، بل التوراة نزلت جملة واحدة؛ ولهذا قال المشركون وهم يستقون هذه الضلالات من اليهود: لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً [الفرقان:32]، جاء من سورة الفرقان.مرة ثانية: نَزَّلْنَا [النساء:47] هذا التنزيل يكون شيئاً بعد شيء، فتم تنزيل القرآن في ظرف ثلاثة وعشرين سنة، أما التوراة فقد أنزلها الله جملة واحدة على موسى عليه السلام، فها هو ذا تعالى ينادي اليهود المعاصرين وغير المعاصرين، لكن الذين هم في المدينة أول من ينادى بهذا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ [النساء:47] أي: مما هو حكم الله في التوراة، ما في فرق بين ما في القرآن وما في التوراة، كله كلام الله، يحمل شرعه وهدايته لخلقه، كله يدعو إلى العدل وإلى الطهر والصفاء، لا فرق بين التوراة والقرآن: مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ [النساء:47].القرآن ما كذب أبداً موسى عليه السلام ولا عيسى ولا غيرهما، بل صدق رسالتهما، وصدق ما أوحاه الله إليهما من الشرائع والأحكام، إلا أن الشرائع والأحكام ينتقيها الله حسب تغير الظروف والأحوال والبشرية، ولكن المشرع هو الله، المحلل هو الله، المحرم هو الله.إذاً: فيجب على كل مؤمن أن يؤمن بما شرع الله على موسى وعلى محمد صلى الله عليهما وسلم.وقوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا [النساء:47] هذا التهديد وهذا الوعيد لا يطاق، مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا [النساء:47] يصابون بمسخ، فإذا أعينهم تنطمس، وإذا أنوفهم تنطمس، ويصبح القفا هو الأمام، وليس هذا على الله بعزيز، ولا بمستنكر، أما لعن أصحاب السبت فحولهم إلى مجموعتين؛ مجموعة من القردة وأخرى من الخنازير؟! وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ [الأعراف:163] إلى أنهم انقسموا ثلاث طوائف، طائفة أنكرت المنكر وفرت من وجودها بينهم، وأخرى سكتت، والثالثة استمرت على ذلك العصيان، وهو مجرد صيد يوم السبت؛ فمسخهم الله بكلمة: كونوا قردة وخنازير، ثلاثة أيام والناس يشرفون على أسوار المدينة ويشاهدون القردة والخنازير، ثم أبادهم الله ورموا بهم في البحر. مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ [النساء:47]، ماذا فعل بأصحاب السبت؟ مسخهم قردة وخنازير، واللعن: الطرد والبعد من كل رحمة ومن كل خير.هذه الآية عجب! لو شاء تعالى لفعل وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [النساء:47].ولكن ولعل بركة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والرحمة التي أودعها الله فيه، وقد أخبر أنه لا يصيب أمته بما أصاب الأمم السابقة بعذاب الاستئصال والإبادة، وهم يعتبرون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ هو رسولهم الحق.قال مالك رحمه الله: كان أول إسلام كعب الأحبار ، وهو من علماء اليهود وليس بصحابي بل هو من التابعين، أسلم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. كعب الأحبار مر برجل يقرأ هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [النساء:47].فوضع كعب الأحبار كفيه على وجهه ورجع القهقرى، لما سمع هذه الآية وفهمها وضع كفيه على وجهه ورجع القهقرى إلى بيته، وقال: والله لقد خفت ألا أبلغ بيتي حتى يطمس وجهي، انفعل انفعالاً عجيباً؛ ووضع كفيه على وجهه ساخطاً على نفسه، ورجع القهقرى إلى بيته، خاف ألا يصل إلى البيت حتى يمسخ الله وجهه. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [النساء:47] هذه الآية ما زالت أنوارها تهدي إلى اليوم إلى أن يرفع القرآن، ألم يوجد الآن اليهود والنصارى أهل الكتاب؟ لم لا يؤمنون بما نزل الله من القرآن العظيم مصدقاً لما في التوراة والإنجيل؟ لم ما يخافون كما خاف كعب الأحبار ؟!ومع هذا الآية تحمل وجهاً آخر أيضاً، الطمس على الوجه: على الفهم والعقل والبصيرة الداخلية، فيصابون بمسخ آخر لا يرجعون إلى الله أبداً، وهذا حصل لهم، طمس الوجه في الوجه، أسلمت وجهي لله، الوجه القلبي الباطني، عجلوا أو تصابوا، وهذا الذي حصل، مسخوا أم لا؟ ما آمنوا ولا أسلموا وأصابهم الذل والعار وأجلوا من الجزيرة وطردوا إلى الشام، وما زالوا في ذلهم إلى الآن!
قراءة في كتاب أيسر التفاسير
هداية هذه الآية نتلوها على السامعين والسامعات.
هداية الآيات
قال: [أولاً: المفروض أن ذا العلم ] أي: صاحب العلم من أي جنس كان، المفروض في أن صاحب العلم [ يكون أقرب الناس إلى الهداية ] أليس كذلك؟ والله العظيم! هذا المفروض فينا يابني الناس! أن صاحب العلم يكون أقرب إلى الهداية من الجاهل.[ ولكن من سبقت شقوته ] في الأزل في كتاب المقادير [ لا ينفعه العلم! ] سبقت شقوته في كتاب المقادير أنه من أهل الشقاء؛ [ لما يعلم الله تعالى من اختياره الشر والإصرار عليه ] هذا [ لا ينفعه العلم ].مرة ثانية هداية الآية: [ المفروض أن ] صاحب [ العلم يكون أقرب إلى الهداية ] أم لا؟ أقرب إلى الهداية. أي علم وأي هداية، حتى العلم بالمنزل الفلاني صاحب العلم أقرب في الوصول إليه مثلاً، لا سيما العلم الرباني، [ ولكن ] لاحظ هذا الاستدراك [ من سبقت شقوته ] ما معنى سبقت شقاوته؟ لما كتب الله كتاب المقادير أما كتب قبل أن يخلق الخلق كلهم وكتب الشقي والسعيد أم لا؟ إي والله العظيم! السؤال: لم يكتب شقاوة هذا الرجل وسعادة هذا وهو أخوه وابن عمه؟ الجواب: علم أزلاً أن هذا الشقي يختار الكفر على الإيمان، والظلم على العدل، والشقاء على الرحمة؛ فكتب ذلك.أعيد هذا وتأملوها: لما كتب الله كتاب المقادير علم كل ما يكون، وكتب بحسبه، مثلاً كعب الأحبار اليهودي كتب سعادته والله العظيم! هذا اليهودي الذي الآية نزلت فيه كما سيأتي كتب الله شقاوته في كتاب المقادير، لما نزل آدم وزوجه وتناسلوا وأخذت البشرية تنمو وتزداد وتنتشر، وهي لن تزيد على ما كتبه الله بنفس واحدة، إذاً: كعب الأحبار أسلم؛ لأنه كتب الله سعادته، علم أنه يختار الإسلام على الكفر، وقد رأيناه اختاره البارحة ووضع كفيه على وجهه. وهذا الطاغية عبد الله بن صوريا -أو غيره- علم الله أنهم يرفضون الإسلام ويكفرون به ويحاربونه، كتب بحسب ما علم من عملهم.مثلاً قريباً نضعه للإخوان دائماً: الفلاح صاحب المزرعة يحمل بذر البطيخ، أو الحبحب في كفه، وبذر الحنظل في كفه، وهو يعلم قبل ما يبذر قبل ما ينبت قبل ما يوجد لا حنظل ولا حبحب، يعرف أن هذا ينتج حبحباً حلواً يطعمه الناس، وهذا ينتج ثمراً مراً لا يؤكل هو الحنظل، أيوجد من يشك في هذا؟ على يقين، علم بهذا قبل أن يوجد، فعلم الله عز وجل الأزل، عرف كل من يقبل الهداية ويطلبها فكتب سعادته، وكل من يرفض الهداية ويطلب الضلال كتب شقاوته: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]. فقط لا يقول القائل: إذاً: ما دامت القضية هكذا هيا نلعب، هذا عبث، هذا جنون! ما دامت القضية هكذا هيا نؤمن ونسابق في الخيرات والصالحات! فمن لم يستطع ووقف شقي.وهذا حصل في البقيع .. في جنازة جلس الرسول وجلس بعض رجاله والناس يدفنون الميت وفي يده عود فخط خطوطاً وقال: ( السعيد من سعد في الأزل، والشقي من شقي، فقالوا: إذاً: فيم العمل يا رسول الله! ) إذا كانت القضية هكذا، الشقي شقي، والسعيد سعيد لم العمل إذاً؟ ما الفائدة. قال: ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) اعملوا فكل واحد من البشر ميسر ومسهل لما خلق له، واضحة هذه العقيدة أم لا؟ وختامها تحلف بالله الذي لا إله غيره ولا تحنث: ألا يدخل الجنة دار السلام أحد بالشرك والكفر والمعاصي أبداً، ولا تشك! وتحلف بالله أن النار لا يدخلها ذو الإيمان والعمل الصالح أبداً، هذه ما تحتاج إلى دليل.فما دامت القضية أن السعادة بالإيمان والعمل الصالح والشقاء بالكفر والمعاصي؛ الأمر أوضح من النهار، إن كنت ترغب في سعادتك فاعمل لها، وإن كنت لا ترغب في السعادة وتريد الشقاوة أيضاً فاسلك سبيلها.وأوضح من هذا: أن الإيمان والعمل الصالح من شأنهما تطهير النفس البشرية وتزكيتها؛ لتصبح كأرواح الملائكة في صفائها وطهرها، والروح الزكية الطاهرة هي التي يقبلها الله في جواره في دار السلام في الجنة، والروح الخبيثة المنتنة كأرواح الشياطين هي التي يرفضها الله، ولا يقبلها في جواره، وتنزل إلى الدركات السفلى.فالإيمان والعمل الصالح أداة غسل وتنظيف للنفس، اغسل نفسك عبد الله! زكها وطيبها وطهرها إن أردت السماء، ما تريد انغمس في بؤرة الشرك والكفر والمعاصي، فإنك تنزل إلى أسفل سافلين.هل فهمتم هذه الحقائق؟ لأنا قلنا: أولاً: [ المفروض أن ذا العلم ] صاحب العلم [ يكون أقرب إلى الهداية ] أم لا؟ [ ولكن من سبقت شقاوته ] أزلاً [ لما يعلم الله تعالى من اختياره للشر على الخير والإصرار على الكفر ] من أجل علم الله بذلك، فهذا [ لا ينفعه العلم ] علماء بحور وهم مشركون ضلال كافرون؛ لأن شقوتهم سبقت، هل ظلمهم الله في شيء؟ لا.قال: [ المفروض أن ذا العلم يكون أقرب إلى الهداية، ولكن من سبقت شقوته لما يعلم الله تعالى من اختياره الشر والإصرار عليه لا ينفعه العلم ولا يهتدي به، هؤلاء اليهود الذين دعاهم الله تعالى إلى الإيمان فلم يؤمنوا ] سبقت شقوتهم.ثانياً: قال:[ وجوب تعجيل التوبة قبل نزول العقوبة ] لاحظ كعب الأحبار كما قال الإمام مالك رحمه الله: ما إن سمع فقط الآية تتلى يقرؤها قارئ حتى وضع يديه على وجهه ورجع إلى الوراء ما التفت، ودخل بيته وشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، عجل بالتوبة قبل أن يفوت الوقت.فلهذا من هداية الآية: [ وجوب تعجيل التوبة قبل نزول العذاب وحلول ما لا يحب الإنسان من عذاب ونكال.[ثالثاً: قد يكون المسخ في كلمة (الوجه) يكون بمسخ الأفكار والعقول، فتفسد حياة المرء وتسوء، وهذا الذي حصل ليهود المدينة، فنقضوا عهودهم فهلك من هلك منهم، وأجلي من أجلي نتيجة إصرارهم على الكفر وإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.91%)]