
30-03-2021, 10:17 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,024
الدولة :
|
|
رد: المتواري في تسمية مقدمة ابن حجر (هدى الساري)
الفرع الثاني: ما جاء على ظهر نسخة البقاعي.
جاء على ظهر نسخة برهان الدين البقاعي[43]، ما نصه: "(هُدَى الساري لمقدمة فتح الباري) للفقير: أحمد بن علي العسقلاني"، والجواب عنه في الآتي:
أولًا: أن ابن الفالاتي (ت870هـ) وهو من تلاميذ ابن حجر الذين أذن لهم في إقراء (علوم الحديث) وغيرها[44] قد قابل نسخته من (المقدمة) على نسخة البقاعي، وقال على ظهر نسخته ما نصه: "ابتدأت في مقابلة هذه النسخة على نسخة الشيخ الإمام برهان الدين البقاعي، وقد قرأها على شيخنا في أوائل السنة التي مات فيها، ونسخة أخرى قرئت عليه قديمًا صحيحة في يوم الخميس ثامن عشري ربيع الأول عام ثمان وخمسين وثمانمائة... مالكها كاتب هذه الأسطر: محمد بن علي بن الفالاتي الشافعي"[45]، وفي هذه التقييدة مسائل؛ منها:
1- مقابلة ابن الفالاتي نسخته -بعد وفاة شيخهما- بنسخة البقاعي -وغيرها- وهما تلميذان من تلاميذ ابن حجر الملازمين له، ثم يترك تسمية نسخته من الكتاب، بل لم يزد -في موضعه- عن قيد المقابلة شيئًا؛ فلو كان قد وقف على خط شيخه بتسمية الكتاب لكان بذكره حفيًا. أما الاسم المقيد على ظهر نسخة ابن الفالاتي فليس بشيء؛ وذلك للآتي:
أ. أنه كُتب بخط متأخرٍ جدًا عن زمن مقابلة النسخة وهو بما بعد القرن العاشر أشبه وإلى القرن الثاني عشر أقرب.
ب. نص ابن الفالاتي على مقابلته نسخته بنسخة البقاعي؛ فلا يصح حينها أن يزيد على التسمية المنسوبة إلى خط شيخهما، والذي في نسخته: "هُدَى الساري لمقدمة فتح الباري بشرح البخاري" فزيد فيه: (بشرح البخاري).
ثانيًا: لابُدَّ للمتكلِّف من زلَّة تكشف تكلفه؛ وذلك أن المكتوب على ظهر نسخة البقاعي في نسب المصنف: "أحمد بن علي العسقلاني"، والذي عليه عمل الحافظ في تقييداته التي بخطه -لا المنقولة عنه- على ظهور النُسَخ وفي أواخرها أن يثبت في نسبه (ابن حجر)؛ فإما أن يأتي به في سياق نسبه كأن يقول: (أحمد بن علي بن حجر...)، وإما أن يُتْبِعَ نسبه بقوله: "الشهير بابن حجر" ونحو ذلك.
وذكر السخاوي وهو الخصيص بشيخه موضعًا آخر؛ فقال: "كان إذا رأى خطأ في شيء من الأصول القديمة وأصلحها بالهامش يكتب تأريخ إصلاحه...: (كتبه ابن حجر، سنة...)"[46].
ثالثًا: ترجم البقاعي شيخه ابن حجر في كتابه (عنوان الزمان) والذي بدأ فيه في حياة الحافظ ولم يزل يتعاهد كتابه بالتعديل والإضافة، حتى أنه ترجم بعض أقرانه وأرَّخ وفاته قبل وفاته هو ببضعة أشهر[47]، وذكر تصانيف ابن حجر، ومنها: (شرح البخاري)، وقال: "اسمه (فتح الباري في شرح البخاري)[48]، فسمَّى الشرح ولم يزد في تسمية (المقدمة) عن قوله: "مقدمته"[49].
ثم أفرد في سنة (868هـ) جزءًا لطيفًا ذكر فيه (مصنفات شيخ الإسلام ابن حجر)، ولم يذكر فيه (المقدمة) -في مظنة ذكره عقب (الفتح)-، فلعل الأمر يكون كما قال تلميذه -ناسخ الجزء- ابن اللَّبُّودي (ت896هـ) عقب الجزء "ولشيخ الإسلام -رحمه الله- أيضًا مصنفات لم تذكر هنا، ولعل الشيخ -رحمه الله- سها عن ذكرها، أو كتبها بعد تعليق هذا الجزء"[50].
ولعدم ذكره (المقدمة) استقلالًا، أو عدم تسميتها من بين تصانيف ابن حجر احتمالان؛ وهما:
الأول: ألَّا يكون لنسخته من (المقدمة) اختصاصًا تختص به، فيبعد سهوه عنها.
الثاني: أن تكون (المقدمة) عنده من جملة الشرح، وعليه فلا قيمة لتسميتها تسميةً مفردة على ظهر نسخته.
رابعًا: جاء على ظهر نسخة ناصر الدين البارنباري -بخط لم يُسَمَّ صاحبه-[51] ما نصه: "سماها -رحمه الله تعالى- كما رأيت بخطه على نسخة قرئت عليه: (هُدَى الساري لمقدمة فتح الباري"، يشير إلى نسخة البقاعي، ويؤخذ من هذه التقييدة قِدَم كتابة اسم (هُدَى الساري) على تلك النسخة، ولعل ذلك في زمن بيع الوارث الشرعي للكتاب -وهو ابن عمه، واسمه يوسف بن أحمد بن حسن الرباط-[52]، على يد نور الدين الدَّلال بعد وفاة صاحبها بسنتين (سنة 887هـ) -كما في قيد تملك النسخة بالابتياع-.
خامسًا: أن اسم (المقدمة) هو الاسم المقيَّد في النسخة المنقولة عن نسخة ابن ولي الدين المحلّي (ت868هـ) وهي من أواخر نسخ (المقدمة) -إن لم تكن آخرها-، والمقروءة على المصنف وعليها قيده بالإذن لصاحبها بأن يروي الكتاب عنه، وذلك قبل وفاة ابن حجر بسبعة أسابيع، وجاء في قيد ختامها ما صورته: "وُجِدَ على النسخة المنقولة منها بخط المصنف: بلغ صاحبه الخطيب المشتغل المحصِّل المربي شمس الدين ابن الخطيب الفاضل ولي الدين أحمد المحلّي صهر الشيخ القدوة شهاب الدين أحمد الغمري، قراءة عليَّ في مدة آخرها تاسع ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وأذنت له أن يرويه عني ويقريه لمن رام ذلك، وقد لازمني المذكور مدة، وقرأ عليّ كثيرًا وسمع بقراءة غيره ماهو مضبوط عنده، وقد أجزت له رواية جميع ما أرويه وما ألَّفته. قاله وكتبه: أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني الشافعي"[53].
ووصفه السخاوي بقوله: "لازمه مُدَّة"[54]؛ فمن كان ملازمًا لابن حجر مُدَّة بشهادة الحافظ له وشهادة التلميذ الخصيص السخاوي، ونال إذن المصنف له برواية الكتاب وإقرائه في أواخر أسابيع عمره؛ فيبعد عمن كان كذلك أن يفوته اسم الكتاب.
(الخاتمة)
وبعدُ؛ فهذه أهم النتائج:
1- أن المسألة المشكلة إذا لم تُجمع أطرافها لم يتبين خطؤها.
2- ثبوت اسم (هدى الساري) لترجمة البخاري.
3- لم يثبت اسم (هدى الساري لمقدمة فتح الباري) عن ابن حجر خطًا ولا نقلًا.
4- أن التقي ابن فهد -فيما وقفت عليه- هو أول من نسب التسمية إلى ابن حجر، وهو من شَهَرَها.
5- أن نسخة اليلداني وابنه متأخرة بعد وفاة المصنف، وهما دمشقيان جاء في نسختهما ما ليس عند تلامذة ابن حجر الملازمين له؛ فكأنما أخذا التسمية عن (لحظ) ابن فهد، وهو مكي لقي شيخه ابن حجر بمكة فأخذ عنه وانتفع به -كما قال السخاوي-.
6- أن ما جاء على ظهر نسخة البقاعي إنما جاء بعد وفاته بخط يُشَبَّه بخط ابن حجر، وقد بيعت نسخته سنة (887هـ) في دمشق، وذلك بعد نحو ثلاثة عقود من نسخة اليلداني وابنه الدمشقيان.
7- التوصية بتحقيق نسبة أسامي الكتب عند تحقيق نصوصها.
والحمد لله على مَنِّه وبلوغ التمام[55].
[1] عنوان الزمان: (1/ 141).
[2] الجواهر والدرر: (2/ 676).
[3] المقدمة: ص2.
[4] المقدمة: ص477.
[5] النكت: (1/ 383).
[6] النكت: (1/ 419). شرح النخبة: ص121. تهذيب التهذيب: (7/ 273).
[7] نسخة شهيد علي باشا (432).
[8] لحظ الألحاظ: ص214.
[9] النكت الوفية: (2/ 48).
[10] الضوء اللامع: (1/ 141). فتح المغيث: (4/ 372).
[11] النكت الوفية: (1/ 131). نظم الدرر (6/ 281).
[12] فتح المغيث: (1/ 74).
[13] تدريب الراوي: (2/ 854).
[14] الضوء اللامع: (4/ 110).
[15] الجواهر: (2/ 682).
[16] الجواهر: (3/ 1260).
[17] يرجع في دراسة النسخة إلى المطبوع بتحقيق: حسنين سلمان مهدي، وعمدته نسخة مكتبة بايزيد (7951/ 9).
[18] لحظ الألحاظ: ص213.
[19] سيأتي الكلام على نسخة البقاعي.
[20] اللحظ: ص214.
[21] الضوء اللامع: (9/ 282).
[22] الجواهر والدرر: (3/ 1165).
[23] الجواهر والدرر: (1/ 154).
[24] نسخة دار الكتب المصرية (2164 حديث).
[25] إنباء الغمر: (3/ 430). الضوء اللامع: (8/ 138).
[26] لحظ الألحاظ: ص215.
[27] اللحظ: ص212.
[28] الجواهر والدرر: (2/ 625).
[29] نسخة مكتبة شهيد علي باشا (432).
[30] الجواهر والدرر: (2/ 676).
[31] الجواهر والدرر: (2/ 682).
[32] لحظ الألحاظ: ص213.
[33] الجواهر والدرر: (1/ 316).
[34] الضوء اللامع: (9/ 283).
[35] نظم العقيان: ص46.
[36] نسخة مكتبة الحرم المكي (1266).
[37] الضوء اللامع: (9/ 147).
[38] الضوء اللامع: (9/ 245).
[39] عنوان الزمان: (1/ 138).
[40] نسخة الظاهرية (823).
[41] الضوء اللامع: (9/ 118).
[42] نسخة مكتبة طرخان (55).
[43] نسخة المكتبة الظاهرية (823).
[44] الضوء اللامع: (8/ 198).
[45] نسخة مكتبة مراد ملا (448).
[46] الجواهر والدرر: (1/ 376).
[47] عنوان الزمان: (1/ 38)، ترجمة: أبي ذر الحلبي.
[48] عنوان الزمان: (1/ 124).
[49] عنوان الزمان: (1/ 141).
[50] نسخة ليدن.
[51] نسخة دار الكتب المصرية (2164 حديث).
[52] ترجمة البقاعي عَرَضًا في عنوان الزمان: (1/ 67).
[53] نسخة مكتبة قليج علي باشا (278).
[54] الجواهر والدرر: (3/ 1131).
[55] ثم أشكر فضيلة الشيخ: حمدان السهلي على ما أوقفني عليه من النسخ؛ فجزاه الله خيرًا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|