
13-03-2021, 03:38 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة :
|
|
رد: صراع الهوية لدى الشباب.. كيف نحتويه؟
صراع الهوية لدى الشباب.. كيف نحتويه؟
ورقة عمل مقدمة لمؤتمر علم النفس الثاني
د. خالد بن محمد الشهري
مصطلح الهوية:
(مفهوم الهوية Identity هي إحساس الشخص بأنه يعرف من هو وإلى أين يتجه. والفرد إن كان لديه شعور قوي بالهوية يرى نفسه إنساناً فريداً متكاملاً يتوافر لشخصيته وسلوكه قدرٌ معقول من الثبات والاتساق على مرّ الزمن)[4].
وأثناء النشأة (يمر الطفل في العادة بسلسلة من الخطوات المهمة التي يكون لها أثرها الواضح في تكوين هويته الشخصية.فهو في البداية يعمد إلى التشبه بالأشخاص المهمين في البيئة من حوله. إنه يتشبه بالأب في أمور و يحاول في حالات معينة تقليد أخيه وفي حالات أخرى تقليد أخته.
إنه يعمل على محاكاة كل فرد من هؤلاء الأفراد والتشبه به في أوقات متفاوتة،وقد يقلدهم جميعاً في نفس الوقت..مما يجعل من شخصيته شيئاً متفكك الأوصال.. وتشعيب الأدوار هذا ما لم يمكن التخلص منه في وقت مبكر قد يؤدي إلى سلسلة من الاضطرابات النفسية...
ويستمر هذا التشعيب في المراهقة لكن المراهق يتعلم كيف يتقن لعب الأدوار المتضادة ويعمل في الوقت ذاته على تخليص نفسه من أن يصبح نسخة طبق الأصل عن الأفراد الذين يتشبه بهم، ويسعى إلى تحقيق ذاته المستقلة، وتحديد معالم هويته المتميزة اعتماداً على خبراته الخاصة وقدراته الموروثة والمكتسبة على حدّ سواء، ولا يخفى أن الطريق أمامه في -الوقت الحاضر- وعر وشائك، وأنه يحتاج إلى الكثير من العناية وحسن الإرشاد وإلا أصبح فريسة للتخبط والضياع...
والسبل التي يسلكها الفرد في تكوين هويته الشخصية بشكلها النهائي متعددة وتعتمد على ما يخرج به ذلك الفرد من خبرات نتيجة قيامه بمختلف الأدوار التي يتاح له أن يلعبها.فالمراهق يمر في العادة بالعديد من الخبرات الذاتية ويتعرض لتأثير عدد غير قليل من فلسفات الحياة دينية كانت أو سياسية أو أيدولوجية أو غير ذلك كما أنه يبدأ استطلاعه للمهن التي سيتعاطاها في المستقبل وإلى غير ذلك من الأمور التي عليه أن يَخبُرَها قبل أن تأخذ شخصيته في الاستقرار على وضع ما.
إن الكثير من المجتمعات توفر للمراهقين الفرص المناسبة والحرية اللازمة لتمكينهم من المرور في هذه الخبرات وتجربتها قبل أن ينتقلوا إلى مرحلة الشباب..فإذا سارت الأمور على ما يرام فإنه يتجاوز تلك المرحلة وقد تمكن من ترسيخ المعالم الرئيسة لبنيان شخصيته على أسس وطيدة وأكمل تحقيق الذات وقام بتكوين الهوية الشخصية..)[5].
نشأة مصطلح الهوية:
مصطلح الهوية في علم النفس يُنسب لإيريك إيركسون وهو أحد تلاميذ المدرسة التحليلية لفرويد وهو على خلاف أستاذه فرويد الذي ينسب الصراعات إلى اللاشعور نسب صراع الهوية إلى منطقة الشعور وسبب ذلك هو سيرة حياته وما تعرض له من عدم قبول المجتمع الأمريكي له كمهاجر من ألمانيا (لقد شعر اريكسون -الطفل ذو الإرث الثقافي المختلط والشاب المهاجر إلى أمريكا - بالإهمال والهامشية من قبل المجتمع, وعاش يبحث عن تكوين هويته يقول عن نفسه: "لقد واجهتُ- كمهاجر- واحدة من أهم عمليات "إعادة التعريف" التي ينبغي ان يقوم بها كل من فقد سمعه ولغته و "مراجعه" التي بنيت على انطباعاته الحسية والعقلية الاولية وبعض صوره المفاهمية". وتوضح محادثاته مع نيوتنأنه كان شديد الحساسية لما يرتبط بالمشكلات التي تعانيها جماعات الأقلية عند محاولاتهم لتكوين هوياتهم.
وبدأ يستخدم مصطلح "مشكلة الهوية" لوصف عملية فقد الهوية التي لاحظها لدى الجنود أثناء الحرب العالمية الثانية.
واكتشف إريكسون مشكلة مماثلة لدى المراهقين المضطربين "الذين يحاربون مجتمعاتهم". وأخيراً فقد أدرك أن مشكلة الهوية تظهر في كافة أنماط الحياة -عادة بمقاييس صغيرة. وعلاوة على ذلك فقد أدرك أن الهوية تعد مشكلة أساسية في العصور المختلفة..)[6].
من هنا نشأ مصطلح صراع الهوية في علم النفس المعاصر من تلك الأزمة التي مرّ بها إيركسون بسبب اختلاف ثقافته الألمانية عن المجتمع الأمريكي وبسبب خلفيته الفكرية التي تنتمي إلى مدرسة التحليل النفسي الفرويدية التي تعتبر الصراع حتمية لا تنفك عنها حياة الإنسان وتكوينه.
ومعرفة هذا يفيدنا فيما نحن بصدده عند الحديث عن صراع الهوية لدى شبابنا ونحن نحتاج في نفس الوقت لعدد من العلوم المرتبطة بهذه النوع من الصراع مثل علم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ والإدارة والتخطيط والسياسة والإعلام وغيرها لعلاقتها بتكوين الهوية وكذلك إذا أردنا التخطيط لبناء الهوية بطريقة صحيحة.
كما أننا هنا محتاجون لعدد من المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بها مثل الشخصية و التنشئة الاجتماعية والنمذجة والقدوة والمثل الأعلى والأنا والأنا الأعلى والتقمص وتوكيد الذات والمحاكاة والتقليد ومراحل النمو وخصائصه وغيرها من مفاهيم تشكل الشخصية. ولأني أتحدث أمام متخصصين في علم النفس فإن هذا سيضع عني عبء شرح تلك المصطلحات وعلاقة تلك العلوم بمجال حديثنا عن الهوية.
وإذا كان تكوين الهوية مرتبط بنظرة الشاب إلى نفسه وما يُتوقع منه فإن ذلك حتماً سيعتمد على طريقة تكون شخصيته والعوامل ذات التأثير في تكون الشخصية ومفهوم الذات.
والشخصية كما يُعرفها بعض المختصين (جُملة السمات الجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية)[7] أضف لذلك السمات الروحية، وهي (نتاج للعوامل الوراثية والبيئية وموقف الفرد من الحاجات والدوافع ومواقف التعلم والاحباطات...)[8].
فإذا تمّ تكوين الشخصية بطريقة متسقة ومتوازنة فإن ذلك سيقود إلى تكوين هوية متزنة ومستقرة وإيجابية والعكس صحيح وبقدر النقص يكون مستوى الاضطراب الذي تتعرض له الشخصية ومفهوم الذات وتبعاً لها الهوية.
مظاهر اضطراب الهوية لدى شباب العرب:
ونحن في زمن العولمة وصراع الحضارات الذي نعيشه وزخم الإعلام وثورة الإعلام الجديد وشيوع مبادئ الرأسمالية وسيطرت الشركات عابرة القارات على الاقتصاد العالمي وتحول العالم إلى قرية صغيرة تتحكم فيها رؤوس الأموال فيما يعرف باقتصاد المعرفة ودخول وسائط ومواقع التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية؛ كل ذلك مع تأخر العرب والمسلمين وضعفهم وبقائهم ضمن العالم الثالث وفي فئة المستهلكين كل ذلك غيّب التصور الإسلامي الواضح للإنسان والحياة والكون وجعل مبادئ الكثير من الشباب تهتز مما أثر على هويتهم وجعلها عرضة للتشتت والتمزق في أحيان أخرى.
وسأحاول هنا أن أذكر بعض ما لاحظته من مظاهر تدل على وجود صراع الهوية لدى الشباب من خلال عملي في مجال التربية والتعليم ومشاركتي في الاستشارات النفسية ومن خلال القراءة ومن خلال ما يُنشر في الإعلام وأود أن أذكّر بأن هذه المظاهر تختلف حدتها من مجتمع لآخر ومن وضع اقتصادي لآخر ومن أسرة لأخرى ومن شاب لآخر ومن مرحلة عمرية لأخرى؛ وأن بعض هذه الصراعات هي التي تستمر وتتطور لتشكل نوعاً من المرض الذي يحتاج إلى تدخل علاجي فيما أكثرها تخف حدته ويزول مع التقدم في العمر والاستقرار على نظرية واضحة في الحياة وغالباً ما يكون ذلك بعد تكوين أسرة وتحمّل المسؤولية حيث تنتقل اهتمامات الشاب إلى الجوانب الإيجابية وهذا من رحمة الله بعباده فله الحمد والشكر؛ لكن يبقى دورنا في مجال الوقاية خيرٌ من التأخر حتى نحتاج إلى العلاج.
ومن هذه المظاهر التي رصدتها:
1- الخضوع للعولمة وشيوع السلوك الاستهلاكي: لاشك أن شركات التجارة العالمية بما تملكه من وسائل دعاية ضخمة وموجهة؛ مستمرةٌ في تحويل شبابنا إلى مستهلكين وتحاول أن تقلل ثقة الشباب بأنفسهم وقدرتهم على المشاركة في الإنتاج؛ نعم هذا خارج عن طاقة الشباب وقدرتهم لكن يجب تسجيله لأهميته في تشكيل أنماط سلوك الشباب.: وإن كانت هذه بالأساس إحدى مشكلات دول العالم الإسلامي بسبب ضعفها لكن تأثر الشباب بها واضح كون المقاومة الذاتية لدى الشباب تنخفض بسبب ضعف إعدادهم وتحولهم إلى مستهلكين وأرقام إحصائية أكثر منهم أفراداً ذوي رأي وقدرة على اتخاذ القرار في قبول أو رفض ما يعرض عليهم من منتجات العولمة وفي النهاية عجزهم أن يكونوا من ذوي القدرة أو التأثير في موجة العولمة مما يجرّ بعضاً من المظاهر التالية.
2- انبهار الشباب بالغرب: وولعهم بكل ما هو غربي. وتأثير ذلك على سلوكهم اليومي.ومن ذلك ولع عددٌ من الشباب بأسطورة البطل الأمريكي[9] التي يُسوق لها الإعلام الأمريكي في أفلامه ودعاياته. ومن مظاهر تأثر الشباب بها إغراق بعضهم في بناء الأجسام حتى يُشكلوا أجسامهم وفق نموذج البطل الأمريكي وقد أدى هذا إلى نشوء تجارة رائجة تخصصت في هذا المجال. وقد نسي كثير منهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم:( من تشبه بقوم فهو منهم) صحيح الجامع.. وقد ذكر بعض العلماء أن المشابهة في الظاهر يتبعها ولو بعد حين مشابهة في الداخل.
3-كذلك من المظاهر شيوع مراكز العناية بالجمال[10]: صحيح أن الإسلام يحب الجمال ويشجع الإنسان عليه كما في حديث إن الله جميل يحب الجمال) رواه مسلم.
لكن الأمر تجاوز البحث عن الجمال المحبوب للنفوس؛ وظهر ولع الشباب وخاصة الإناث بتقليد مواصفات الجمال الأمريكي ونشأ لذلك تجارة ومستفيدين من هذا الولع بالجمال وفق المواصفات الأمريكية كما يظهر على عارضات الأزياء وفاتنات الشاشة؛ وتطور الأمر ليصل بكثير من الشباب إلى تغيير خلقة الله لهم عبر عمليات التعديل المختلفة التي لا تدعو إليها الحاجة وتخالف الشريعة الإسلامية التي تنهى عن تغيير خلق الله وتعده من التعدّي.ناسين أو متناسين أن هذا مجال تحدي الشيطان لعباد الله كما قال تعالى عنه: ﴿ ..وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً ﴾ [النساء: 120].
4- الشهرة: والسعي إليها بكل وسيلة من مظاهر صراعات الهوية لدى عدد من الشباب حيث تأثر بعضهم بما تروجه وسائل الإعلام ولاشك أن كثيراً من مركبات النقص والشخصيات الهستيرية تعززها مثل هذه الدعوات للحاق بركب المشاهير.وهو سلوك ينافي آداب الإسلام كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما من عبدٍ لبس ثوبَ شهرةٍ إلا أعرض اللهُ عنه حتى ينزعَه)[11].
5- المبالغة في العناية باللغة الإنجليزية: والحرص على تعلمها في سنّ مبكرة أكثر من تعلم لغة القرآن الكريم. غافلين عن أن (اللغة العربية لغة دين تستجيب لا للمتطلبات المادية والدنيوية للإنسان فقط؛ بل لمتطلباته الروحية والنفسية والأخروية)[12]. وتقول إحدى الأكاديميات بجامعة جورجيا الأمريكية: أرسلت أحد طلابي لممارسة اللغة العربية في بلد عربي، فعاد مستهزئا وهو يقول: لقد تعلمت الفرنسية بدلاً من العربية) [13].وهي دلالة واضحة على زهد شبابنا في لغتهم العربية.نعم نحن نحتاج لتعلم اللغات المؤثرة اليوم ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب لغتنا وديننا.
6- إغراق الشباب في الروايات والأدب الغربي: ومع فرحنا بعودة الجيل الناشئ إلى القراءة وحب الكتاب إلا أنها اتجهت فيما يهدم بناء الهوية الصحيح ويحرفها عن مسارها الصحيح ولا يخفى على أحدٍ من المربين ماذا تؤسسه تلك الروايات والأدبيات التي تناقض الإسلام في نفوس الشباب.
7- الازدواجية السلوكية: بين العالم الواقعي والعالم الافتراضي:فتجد أن بعضاً من الشباب يحاولون أن يظهروا بغير صورتهم الحقيقية في وسائل التواصل الاجتماعي ليعوضوا مركبات النقص التي يشعرون بها على مثال تلك القصة الأدبية (أنا لا أكذب لكني أتجمّل). وإن كان علم النفس الحديث ينفي ازدواجية الشخصية كمرض لكن يبدو أنه إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن فسيصنف كمرض وذلك حين يتبدى الفرد لمن حوله بشخصيتين إحداهما واقعية والأخرى افتراضية وفي البداية يمكن أن يرواح بينهما بوعي لكن الإغراق في ذلك سيجعلهما تتداخلان ويدل على ذلك ما يظهر في سلوكيات من يُعرفون بــ " نجوم الإعلام الجديد ".
8- مراوحة الشباب بين الدرباوية والليبرالية[14]: فرضت علينا الحياة المدنية سلوكا يختلف عن سلوك آبائنا مما يؤدي إلى التناقض بين ما نتلقاه من تاريخنا القريب والبعيد وبين مستجدات الحياة المدنية. ومع استمرار الصراع بين مؤثرات الماضي القريب البدوي والحاضر المدني ظهر نوع من صراع الهوية لدى بعض أفراد الجيل الجديد الذي يعيش نوازع متناقضة بشدة مع قوة المؤثرات:فتارة تجده يتصف بظاهرة الدرباوية"الشعبية" وتارة بمظاهر الليبرالية الغربية ويظهر ذلك في لباسهم ولغتهم اليومية وطريقة حياتهم وتقليعاتهم المختلفة.
والسبب أن هنالك مؤثرات قويّة للماضي من خلال سرد مفاخر الماضين والمبالغة في ذلك مع حاجة الشباب للانتماء إلى تاريخهم وأسرهم التي تربطهم بها العاطفة والنشأة والقربى وتعزز ذلك دعوات القنوات الشعبية ومسابقات الشعر النبطي واحتفالات مزاين الإبل وما يتبع ذلك من تعصب قبلي... فيما تقابلها مؤثرات الحاضر والرغبة في اللحاق لما وصلت إليه المجتمعات الغربية من تقدم ورفاهية والرغبة الملحة للاستمتاع بالحياة ومغرياتها، وقوة الزخم الإعلامي الغربي... فتظهر جميع عوامل الصراع بين الجانبين التي تتجاذب عملية تشكيل هوية الشباب.مما جعل بعضهم يتأرجحون بين النمطين لفترات مختلفة.
9- ضعف الثقة في النفس وعدم القدرة على تحمل المسئولية: من مظاهر صراع الهوية وهي ظاهرة يشتكي منها كثير من الآباء ويبدو أن ذلك عائد بالأساس لنمط الحياة المدنية وتهميش دور الشاب حتى يتخرج من الجامعة حيث لا يُعد إنساناً مستقلاً ذا قيمة إلا بعد سن الثالثة والعشرين وهنا يكون قد تعدى مراحل تكوين الشخصية المهمة ويصعب تعديل ذلك لفوات المرحلة العمرية المناسبة لتعلم الاعتمادية.
10- عقوق الوالدين: وهو مظهر من عدم تشكل الهوية بطريقة سليمة.وصراع الأجيال مسألة يعرفها المختصون.والتهاون في ذلك نذير خطر على الشباب لأن الله عز وجل قرن رضا الوالدين برضاه.قال تعالى: ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23].
11- السلوك المضاد للمجتمع: مثل اتلاف الممتلكات العامة والمرافق وهو دليل على ضعف الانتماء لمجتمعه حيث لم يتضح له التكامل في تكوين هويته بين دوره الحقيقي وعلاقته بما يتوقعه منه مجتمعه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) رواه البخاري
12- القلق العُصابي: (رغم أن القلق غالباً ما يكون عرضاً لبعض الاضطرابات النفسية إلا أنه قد يصبح هو مرضا في حدّ ذاته،وهو أشيع حالات العصاب.. ويمثل قرابة 30%-40% من الحالات العصابية و هو أشيع بين الإناث والطفولة والمراهقة وسن القعود والشيخوخة..ومن أسبابه: مواقف الحياة الضاغطة والضغوط الحضارية والبيئة الحديثة ومطالب ومطامح المدنية المتغيرة..نحن نعيش عصر القلق..)[15].
13- ومن المظاهر المرضية لصراع الهوية القلق الوجودي: وهو مركب من القلق والاكتئاب بسبب رؤية الشاب ما يعجز عن تفسيره من انحرافات في الحياة أو تضاد بين الأحداث المختلفة.( والقلق الوجودي شكل آخر من الاضطرابات الانفعالية التي دخلت مسرح علم النفس حديثا. وهو مثل الاكتئاب من حيث أن الشخص تتملكه مشاعر بأن الحياة عبث ولا قيمة لها، ويفقد إحساسه بقيمة كل ما يفعله. وهـو أيضا كغيره من أنواع العصاب الأخرى له اضطراباته الوجدانية، والفكرية والسلوكية. فمن الناحية الوجدانية، يكون الشعور الغالب هو الإحساس بالملل والفراغ ومشاعر بالاكتئاب المتقطع. ومن الناحيـة الفكرية تسيطر على الشخص أفكار بأن الحياة لا معنى ولا ضرورة لها. أما من الناحية السلوكية، فإن الشخص يصبح غير مكترث للقيام بأي نشاط، أو أن ‡يمضي في حياته. ولكن أهم من هذا هو التبريرات الفلسفية التي يحيكها الشخص بمهارة مبرراً بها إحساسه ومشاعره وتقاعسه عن أداء نشاطاته المعتادة. والقلق الوجودي كالاكتئاب من حيث أن كليهما يحكمهما الإغراق في الحزن، ومشاعر الاغتراب، واللاجدوى. لكن ما يغلب في حالات القلق الوجودي هو اللاإكتراث وغياب المشاعر القوية، وفقدان الإحساس بوجود أي معنى للحياة..)[16].
14- من مظاهر (صراع الهوية المرضي لدى الشبابالإدمان على الكحوليات، والمواد المخدرة: حيث يرجع ذلك إلى خلل الهوية الذاتية للفرد داخل منظومة الجماعة، خاصة داخل منظومة الأسرة، حيث القمع أو التدليل الزائد مما لا يعطى الفرصة إلى بناء هوية نفسية مستقرة فى المراهقة..) [17].
15- وكذلك من مظاهره المرضية اضطراب الهوية الجنسية[18]: وهو من الاضطرابات التى نتجت عن انقسام هوية الفرد بين شقى النوع أو الجنس، وقبول الدور الملائم لهذا النوع، خاصة داخل مجتمع الأسرة، فيفقد الابن نموذج الأب القدوة، فتختل هويته مع جنسه العضوى أو البيولوجى، فيتخذ سلوكاً لا يتفق ونوعه، وبالمثل الإبنة حين يتساوى فى نظرها دور نموذج الأب مع دور نموذج الأم، بل وفى بعض الأحيان سيطرة نموذج الأم، فتختل هويتها..
16- انتشار وحل الجنس والهوس الجنسي: نلاحظ ذلك في سلوك الشباب والشابات وهذا مرتبط بصلة وثيقة بصراعات الهوية بين ما تعلمه الشباب من دينهم وبين ما يتعرضون له من مؤثرات وما لم يكن لدى الشباب رصيد من التأسيس الإيماني فإنهم عرضة للتلوث بوحل الجنس.
17- انتشار الشباب المثليين: وهي ظاهرة عالمية في دول العالم الأول وإن كان شبابنا مسلمون ويعدون من يفعل ذلك شاذاً لكن أثر العولمة ظاهر والمثلية لن تأتي وحدها بل ستصحب معها الظاهرتين الآتيتين:
18- الدعوة إلى ديانة العصر الجديد[19]: ديانة العصر الجديد إحدى الديانات الحديثة نسبيا وهي ديانة تلفيقية تجمع بين ديانات العالم أجمع الشرقية والغربية والأديان السماوية لكنها متأثرة بشكل كبير بالمذاهب الفلسفية والصوفية.ولهذا فإنك ستجد لديهم خليط وأمشاج من كل دين.وديانة العصر الجديد تأخذ من كل ديانة ما يعجبها ولا يحتكم أصحابها إلا إلى ذوقهم وأهوائهم وما تبلغه عقولهم-القاصرة- ويصدق عليهم قول الله عز وجل: ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [الفرقان: 43].
19- ظهور الدعوة إلى الإلحاد[20]: بجميع أشكاله وألوانه ونتذكر جميعاً كيف صُدمنا لما نُشر في الإعلام عن عبدة الشيطان الذين قُبض عليهم في بعض البلاد العربية وهي إحدى إفرازات الإلحاد بمفهومه الواسع؛ إن الإلحاد ظاهرة عالمية بلا شك وحسب الدراسات الحديثة فإن نسبة الإلحاد بين سكان العالم تصل إلى السدس.إذ تفيد بعض الإحصاءات الغربية أن بين كل ستة أشخاص في العالم يوجد ملحد واحد وهذه نسبة كبيرة جدا وقد فرضت نفسها على المستوى العالمي في الوقت الراهن. ومع عدم وجود الممانعة المناسبة لحجم ضغوط العولمة وإغراءات الحياة المادية وتفشي الرأسمالية وزخمها الإعلامي القاهر أضف إلى ذلك أن مجتمعنا في غالبيته مكون من الشباب، فربما كان هذا سبباً كبيراً في تأثر شبابنا بالجوانب السلبية للعولمة ومن أشدّها خطر الانحلال الأخلاقي في جانب السلوك والانحلال الفكري في جانب المعتقد وفي الغالب أنهما وجهان لعملة واحدة إذ أن الإباحية تصاحب الإلحاد. لهذا فإن الوضع إن استمر على ما هو عليه فإن مجتمعنا رغم تدينه إلا أنه مرشح وبقوة لأن يصبح الإلحاد فيه ظاهرة بين الشباب.
حين نتأمل في تلك المظاهر نجدها آخذ بعضها برقاب بعض وبعضها يجرُّ بعضاً لكن مربط الفرس فيها هي ضعف التربية الإيمانية وضعف الإعداد النفسي للشاب وقوة المؤثرات في الجانب الآخر مع فقد الثقة في النفس وضعف الدعم من قبل مؤسسات المجتمع وانشغال أكثرها عن حاجات الشباب وقوة نفوذ مفاهيم العولمة.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|