الموضوع: أسماء القرآن
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 11-03-2021, 04:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,635
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسماء القرآن

أسماء القرآن (6)



د. محمود بن أحمد الدوسري


















الرُّوح








إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:







معنى «الرُّوح» في اللغة:



جاءت لفظة: «الرُّوح» في اللُّغة بمعانٍ عِدَّة نأخذ منها ما يدلُّ على المقصود:



فقد عرَّفها ابن فارس بقوله: «الراء والواو والحاء أصلٌ كبير مُطَّرد، يدلُّ على سَعَةٍ وفُسْحةٍ واطِّراد، وأصل ذلك كلِّه الرِّيح» [1]. والرُّوحُ: النَّفْسُ، يُذكَّر ويؤنَّث، والجمع أَرواح.







والرُّوح والنَّفْسُ واحد، غيرَ أنَّ الرُّوحَ مُذكَّر، والنَّفْسَ مؤنَّثة عند العرب. قال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ [الإسراء: 85].







وتأويلُ الرُّوح أنه ما به حياةُ النَّفْس. والرُّوح: هو الذي يعيش به الإِنسان، لم يُخبر اللهُ تعالى به أحداً من خلقه ولم يُعْطِ عِلْمَه العباد.







والرُّوحانيون: أرواح ليست لها أجسام. ولا يقال لشيء من الخلق رُوحانيٌ إلاَّ للأرواح التي لا أجساد لها مثل الملائكة والجن وما أشبههما [2].







معنى «الروح» اسماً للقرآن:



قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ﴾ [الشورى: 52]. قال أبو السُّعود رحمه الله في قوله: ﴿ رُوحًا ﴾: «هو القرآن الذي هو للقلوب بمنزلة الرُّوح للأبدان حيث يُحييها حياةً أبدية» [3]. «وتنوين ﴿ رُوحًا ﴾ للتعظيم؛ أي: رُوحاً عظيماً» [4].







والمعنى: ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾ حين أوحينا إلى الرسل قبلك ﴿ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ﴾ وهو: هذا القرآن العظيم، سَمَّاه رُوحاً؛ لأنَّ الرُّوح يحيا به الجسد، والقرآن تحيا به القلوب والأرواح، وتحيا به مصالِحُ الدُّنيا والدِّين؛ لما فيه من الخير الكثير. وهو مَحض مِنَّة الله على رسوله وعباده المؤمنين، من غير سبب منهم، ولهذا قال تعالى: ﴿ مَا كُنْتَ تَدْرِي ﴾؛ أي: قبل نزوله عليك ﴿ مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ﴾؛ أي: ليس عندك علم بأخبار الكتب السَّابقة، ولا إيمان وعمل بالشَّرائع الإلهية، بل كنت أُميّاً، لا تَخُطُّ ولا تقرأ.







فجاءك هذا الرُّوح الذي: ﴿ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ﴾ يستضيئون به في ظلمات الكفر والبدع، والأهواء المُرْدِيَة، ويعرفون به الحقائق، ويهتدون به إلى الصِّراط المستقيم [5].







ولا جَرَمَ أنَّ القرآن رُوحٌ وحياةٌ للإنسانية جَمْعاء، الإنسانية التي قَتَلَها الغرور وأماتها الجهل، ونَخَر في أعضائها السُّوس، وتسرَّبت إليها الأمراض الفاتكة، فانتكست وتعثَّرت وتدهورت، لا صحَّة لها، ولا حياة طَيِّبة إلاَّ بالقرآن العزيز، الذي سمَّاه اللهُ روحاً؛ روحاً حَيَّةً نابضة [6].







فَمِنْ عظمةِ القرآن وعلوِّ شأنه أنَّه بمنزلة الرُّوح للأبدان تحيا به القلوب والأرواح، فهو حياة للإنسانية جَمْعَاء، ومَنْ لم يؤمن بهذا الرُّوح فهو ميت، وإنْ أكَلَ وشَرب، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [النمل: 80، 81].











[1] معجم مقاييس اللغة (1 /494)، مادة: «روح».




[2] انظر: لسان العرب (2 /463، 464)، مادة: «روح».




[3] تفسير أبي السعود (8 /38).




[4] روح المعاني، للألوسي (25/58).




[5] انظر: تفسير السعدي (4 /434، 435).





[6] انظر: الهدى والبيان في أسماء القرآن (2 /45).
















__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]