
24-02-2021, 02:24 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,024
الدولة :
|
|
المرجحات عند التعارض ثلاثة وعشرون مرجحا
المُرَجِّحَاتُ عِنْدَ التَّعَارُضِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ مُرَجِّحًا (1)
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
قَوْلُهُ المُرَجِّحَاتُ عِنْدَ التَّعَارُضِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ مُرَجِّحًا):أي المرجِّحات التي يُلجأ إليها عند تعارض دليلين، ثلاثةٌ وعشرون مرجِّحًا.
قَوْلُهُ 1-يُرَجَّحُ المُتَوَاتِرُ عَلَى الآحَادِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما متواتر، والآخر آحاد، وجب ترجيح النص المتواتر على الآحاد[1].
لأن المتواتر تيقُّنُه أرجحُ من الآحاد[2]، ولأن ما كان رواتُه أكثر كان أقوى في النفس وأبعد من الغلط والسهو[3].
والمتواتر قد يكون من الكتاب أو السنة، وقد تقدم تعريفه، وتعريف الآحاد في الباب الرابع.
مثال [1]: عَنْ عبدالله بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ[4] فَقَدْ طَهُرَ)[5].
وعَنْ عبدالله بن عُكَيْمٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ)[6].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت طهارة جلود الميتة بالدباغ.
والرواية الثانية تُثْبِت عدم طهارة جلود الميتة مطلقًا سواء كان بالدباغ، أو غيره.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى متواترة.
والرواية الثانية آحاد[7].
قال الإمام الطحاوي: (فقد جاءت هذه الآثار متواترة في طهور جلد الميتة بالدباغ، وهي ظاهرة المعنى، فهي أَولى من حديث عبدالله بن عُكَيمٍ الذي لم يَدُلَّنا على خلاف ما جاءت به هذه الآثار)[8].
مثال [2]: عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أيضًا[9].
وقال عبدالله بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: (أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ)[10].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية رفع اليدين في الصلاة عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه.
والرواية الثانية تُثْبِت الرفعَ عندتكبيرة الإحرام فقط.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى متواترة.
والرواية الثانية آحاد.
قال الإمام الشافعي: (بهذه الأحاديث[11] تركنا ما خالفها من الأحاديث؛ لأنها أثبت إسنادًا منه، وأنها عددٌ، والعددُ أولى بالحفظ من الواحد)[12].
ولا يوجد مثال صحيح على ترجيح الكتاب على السنة الآحاد.
قَوْلُهُ 2-يُرَجَّحُ المُتَّصِلُ عَلَى المُرْسَلِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما متصل، والآخر مرسل وجب ترجيحُ النصِّ المتصل على النص المرسل.
لأن المتصل مُتَّفَق عليه، والمرسل مُختَلَف عليه[13].
لأن فيه مَزِيَّة الإسناد، فيُقدَّم بها.
ولأن المرسل قد يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم مجهول.
ولأنه مختلففي كونه حجة، والمسند مُتَّفَق على حجيَّته[14].
وقد تقدم تعريف الحديثِ المتصِل، والحديث المرسل في الباب الثاني.
مثال [1]: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعبَّاسٍ: (يَا عَبَّاسُ، أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا)[15].
وقال الحكم: (وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا)[16].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت أن مُغيثًا كان عبدا.
والرواية الثانية تُثْبِت أنه كان حرًّا.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى متصلة.
والرواية الثانية مرسلة[17].
مثال [2]: عنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ)[18].
وعَنْ عبدالله بن مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ: صَلَّى أَعْرَابِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَالَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (خُذُوا مَا بَالَ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ فَأَلْقُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى مَكَانِهِ مَاءً)[19].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ التراب الذي بال عليه الأعرابي، واكتفى بإراقة الماء على البول، وهذا بخلاف الرواية الثانية.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على وصلها، والثانية مرسلة[20].
مثال [3]: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا....، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ)[21].
وعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا)[22].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى شرع النبي صلى الله عليه وسلم للمأمومين أن يصلوا جلوسًا إذا صلى الإمام جالسًا بخلاف الرواية الثانية، فقد نهى عن ذلك.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على وصلها، والثانية مرسلة[23].
قال الدار قطني: (الحديث مرسل لا تقوم به حجة)[24].
مثال [4]: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ، فَقَامَ، فَأَطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتِ الشَّمْسُ[25].
وعَنْ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَانْجَلَتْ، فَقَالَ: (إِنَّمَا هَذِهِ الْآيَاتُ يُخَوِّفُ اللهُ بِهَا فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنَ الْمَكْتُوبَةِ)[26].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى شرع النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الخسوف والكسوف صفةً معينة بخلاف الرواية الثانية، ففيها أن صلاة الكسوف تُصلَّى مثل آخر صلاة مكتوبة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على وصلها، والثانية مرسلة[27].
مثال [5]: عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَسُئِلَ النَّبِيُّصلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَ: (أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ)[28].
وعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ قَالَ: (إِنْ كَانَ جَامِدًا أُخِذَ مَا حَوْلَهَا قَدْرَ الْكَفِّ)[29].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى فيها مشروعية أكْل السَّمن الجامد إذا وقعت فيه فأرة إلا ما حول الفأرة فقط.
والرواية الثانية فيها إلقاء قدْر الكفِّ من حول الفأرة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على وصلها، والثانية مرسَلة[30].
قَوْلُهُ: (3-تُرَجَّحُ رِوَايةُ الأَوْثَقِ وَالأَضْبَطِ وَالأَفْقَهِ عَلَى مَنْ دُونَهُ):أي إذا تعارض دليلان أحدهماراوِيه أوثقُ وأضبطُ وأفقهُ، والآخر راوِيه دُونَه وجب ترجيح رواية الأوثق والأضبط والأفقه على الرواية الأخرى[31].
لأن رواية الأوثق والأضبط أغلب على الظن[32].
ولأن الفقيه يُميز بين ما يجوز وبين ما لا يجوز، فإن حضر المجلس وسمع كلامًا لا يجوز إجراؤه على ظاهره بحث عنه، وسأل عن مُقدِّمَتِه، وسبب وروده، فحينئذ يطلع على الأمر الذي يزول به الإشكال.
أما من لم يكن عالِمًا، فإنه لا يُميز بين ما يجوز وبين ما لا يجوز، فينقلالقدر الذي سمعه، وربما يكون ذلك القدر وحده سببًا للضلال[33].
مثال [1]: عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: (أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ)[34].
وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا يَصُومُ)[35].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية صوم من أصبح جُنُبًا.
والرواية الثانية تُثْبِت عدم جواز صوم من أصبح جُنُبًا.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى راويتُها أفقه وهي عائشة رضي الله عنها.
والرواية الثانية من رواية أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، وهو أقلُّ فقهًا من عائشةَ رضي الله عنها.
مثال [2]: عَنْ وَائِلٍ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: (آمِينَ) يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ[36].
وعَنْ وَائِلٍ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ حِينَ قَالَ: ï´؟ وَلَا الضَّالِّينَ ï´¾ [الفاتحة: 7]، قَالَ: (آمِينَ) وَيَخْفِضُ بِهَا صَوْتَهُ[37].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى فيها رفع صوت الإمام بالتأمين.
والرواية الثانية فيها خفض صوت الإمام بالتأمين.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى من رواية سفيانَ الثوريِّ، وهو أفقهُ من شُعْبةَ بن الحجَّاج الذي روى الرواية الثانية[38]، مع أن كلاهما ثقة حافظ[39].
مثال [3]: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ، فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ)[40].
وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: (حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ)[41].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى فيها مشروعية الجلوس إذا وُضعت الجنازة على الأرض قبل إدخالها القبر.
والرواية الثانية فيها عدم مشروعية الجلوس حتى يُوضعَ الميتُ في القبر.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى من رواية سفيانَ الثوريِّ، وهو أحفظ من أبي مُعاوية الذي روى الرواية الثانية[42].
قَالَ الإمامُ أَبُو دَاوُدَ السَّجِسْتَانيُّ: (وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ)[43].
قَوْلُهُ: (4-يُرَجَّحُ الأَكْثَرُ رُوَاةً عَلَى الأَقْلِّ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما رواته أكثر من الآخر، وجب ترجيح الدليل الأكثر رواة؛ لأنه رواية الأكثر تكون أقوى في الظن، وأبعد عن الخطأ والغلط والنسيان، وعن تعمُّد الكذب[44].
مثال [1]: عن ابن عمرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أيضًا[45].
وقال عبدالله بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: (أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ)[46].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية رفع اليدين في الصلاة عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه.
والرواية الثانية أثبتت الرفع عند تكبيرة الإحرام فقط.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى أكثرُ رواةً بلغوا ثلاثةً وثلاثين صحابيًّا[47].
والرواية الثانية أَقلُّ رواةً.
وهذا المثال على قول من يقول بأن الحديث لم يبلغ حد التواتر.
مثال [2]: عن بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ)[48].
وعَنْ طَلْقٍ بنِ عَليٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: (هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ)، أَوْ قَالَ: (بَضْعَةٌ مِنْهُ)[49].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُوجِب الوضوء على من مس ذكره.
والرواية الثانية لا تُوجِب الوضوء على مَن مسَّ ذَكَرَه.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى أكثر رواة من الثانية، فالثانية لم يَرْوِها إلا واحد.
مثال [3]: عَنْ عبدالله بن الزُّبَيْرِ رضي الله عنه، قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ، جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ)[50].
وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَيْفَ يُصَلِّي؟ قَالَ: (... ثُمَّ رَفَعَ إِصْبَعَهُ، فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا)[51].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الأولى تفيد الإشارة فقط بالأصبع.
والرواية الثانية تفيد تحريك الأصبع.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى هي رواية الأكثر.
والرواية الثانية تَفرَّد بها زائدة فقط[52].
قال الإمام ابن خُزَيْمَةَ: (ليس في شيء من الأخبار (يُحرِّكُهَا) إلا في هذا الخبر، زائدةُ ذَكَرَهُ)[53].
مثال [4]: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ)[54].
وعنْ أُسَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ)[55].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الأولى تُحرِّم ربا الفضل، وربا النسيئة.
والرواية الثانية تُجوِّز ربا الفضل.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى هي رواية الأكثر.
والرواية الثانية تَفرَّد بها أسامة رضي الله عنه[56].
مثال [5]: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [الفاتحة: 2]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي)[57].
وفي رواية ابنِ سمعانَ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ: (إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (قَالَ اللهُ عز وجل: إِنِّي قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لَهُ، يَقُولُ عَبْدِي إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ [الفاتحة: 1][58].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية البَداءة بـ ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ في الصلاة.
والرواية الثانية تُثْبِت مشروعية البَداءة بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ في الصلاة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على عدالة رواتها، بخلاف الرواية.
قال الدار قطني: (اتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب)[59].
قَوْلُهُ: (5-تُرَجَّحُ رِوَايةُ الرَّاوِي المُتَفَقِ عَلَى عَدَالَتِهِ عَلَى المُخْتَلَفِ فِي عَدَالَتِهِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما راويه مُتَّفَق على عدالته وتزكيته، والآخر مختلف في عدالته وتزكيته، وجب تقديم رواية المُتَّفَق على عدالته وتزكيته؛ لأن رواية المُتَّفَق على عدالته أقوى في الظن، والاختلاف في العدالة سبب لضَعف الحديث[60].
مثال [1]: عن بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ)[61].
وعَنْ طَلْقٍ بنِ عَليٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: (هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ)، أَوْ قَالَ: (بَضْعَةٌ مِنْهُ)[62].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى توجب الوضوء على مَن مسَّ ذكَرَه.
والرواية الثانية لا توجب الوضوء على من مسَّ ذَكَرَه.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على عدالة رواتها، بخلاف الرواية الثانية فمُخْتَلَف في عدالة رواتها، ولكثرة المزكِّين لرواة حديث بُسْرَة، وقِلَّة ذلك في حديث طَلْق[63].
مثال [2]: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: (وَاللهِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ إِلَّا فِي المَسْجِدِ)[64].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ)[65].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية، فالرواية الأولى تفيد مشروعية صلاة الجنازة في المسجد.
والرواية الثانية تُفيد أن من صلَّى الجنازة المسجد، فلا شيء له من الثواب.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى رواتها مُتَّفَق على توثيقهم، والرواية الثانية فيها صالح مولى التَّوْءَمة مُخْتَلَف في عدالته.
قال الإمام البَيهقيُّ: (حديث عائشة رضي الله عنها أصح منه[66]، وصالح مولى التَّوْءَمة مُختَلَف في عدالته كان مالكُ بن أنس يُجَرِّحُهُ)[67].
قَوْلُهُ: (6-يُرَجَّحُ مَا سَلِمَ مِنَ الاِضْطِرَابِ عَلَى المُضْطَرِبِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما سَلِم من الاضطراب، والآخر مضطرب وجَب ترجيح ما سلِم من الاضطراب على المضطرب.
لأن ما سلِم من الاضطراب يدل على حفظه وضبطه، وسوء حفظ صاحبه.
ولأن ما لا اضطراب فيه أشبه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الاضطراب سببٌ لضَعف الحديث[68].
والمضْطَّرب من الحديث: هو الذي تختلف الرواية فيه، فيرويهبعضهم على وجه، وبعضهم على وجه آخر مخالِف له[69]، وهو يقع في الإسناد غالبًا، وقد يقع في المتن[70].
مثال [1]: عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَ: (أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ)[71].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ)[72].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُبيِّن أن الفأرة إذا وقعت في سمن أُلقِي ما حولها فقط، وجاز أكل ما حولها، أما الرواية الثانية فَتُبيِّنُ أن الفأرة إذا وقعت في السمن، إن كان جامدًا أُلْقِي ما حول الفأرة فقط، وإن كان مائعًا أُلقي كلُّه.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سلمت من الاضطراب سندًا ومتنًا، بخلاف الرواية الثانية التي اضطُرِب سندُها ومتنُها[73].
مثال [2]: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: وَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَاةً مَيِّتَةً، أُعْطِيَتْهَا مَوْلاَةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟)، قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ: قَالَ: (إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا)[74].
وعَنْ عبدالله بن عُكَيْمٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ)[75].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت طهارة جلود الميتة بالدباغ، والرواية الثانية تُثْبِت عدم طهارة جلود الميت مطلقًا، سواء كان بالدباغ، أو غيره.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سالمة من الاضطراب، والرواية الثانية مضطربة الإسناد[76].
قال الإمام الترمذي: (ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لمَّا اضطربوا في إسناده)[77].
مثال [3]: عن ابن عمرَ رضي الله عنهما، (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أيضًا)[78].
وعَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه، (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ لَا يَعُودُ)[79].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية رفع اليدين في الصلاة عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه.
والرواية الثانية تُثْبِت الرفع عندتكبيرة الإحرام فقط.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سلِمت من الاضطراب، والرواية الثانية اضطرب لفظُها[80].
مثال [4]: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ - يُرِيدُ - سَاعَةً، لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ عز وجل شَيْئًا، إِلَّا أَتَاهُ اللهُ عز وجل، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ)[81].
وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عبدالله بن عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)[82].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تنص على أن ساعة الإجابة من يوم الجمعة هي آخر ساعة بعد العصر.
والرواية الثانية تنص على أن ساعة الإجابة هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقْضى صلاة الجمعة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سالمة من الاضطراب.
والرواية الثانية مضطربة رويت مرفوعةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورويت موقوفةً على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ورويت مقطوعةً من قول أبي بُرْدَة[83].
قال الحافظ ابن حجر: (أُعل بالانقطاع والاضطراب)[84].
مثال [5]: عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ)[85].
وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ)[86].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى فيها مشروعية الصلاة على السِّقط.
والرواية الثانية فيها عدم مشروعية الصلاة على السِّقط حتى يستهلَّ صارخًا.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سالمة من الاضطراب.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|