عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-02-2021, 03:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي مبدأ الشيوع والمنهج الإحصائي وتطبيقاتهما

مبدأ الشيوع والمنهج الإحصائي وتطبيقاتهما


























في تدريس النحو العربي وظيفيًّا












غدير عبدالمجيد عبد الله الخدام








ملخص البحث:







يروم هذا البحث إبراز العلاقة بين مبدأ الشيوع والمنهج الإحصائي وربطها بتدريس النحو العربي وظيفيًّا، ويقف عند توصيف للوظيفية عبر استعراض ثلاثة كتب عرضت قواعد النحو موجهة إلى فئات مختلفة من دارسي النحو، والتوقف عند درجة ظهور الوظيفية في هذه الكتب، ويعرض البحث دراسة إحصائية طبقت على مقالات من كتاب (كلمة السر) لمصطفى محمود، تتغيا رصد مرات تكرار الفاعل اسمًا صريحًا أو ضميرًا أو مصدرًا مؤولًا، من هنا يطمح البحث إلى إعادة النظر في مفهوم كل من (مبدأ الشيوع) و(الوظيفية) في إطار مقيد غير مطلق، ويعكس مدى الاستفادة من مبدأ الشيوع والإحصاء في تقديم النحو وظيفيًّا.















Summary:







This research aims at highlight the relationship between the principle of the common and statistical approach and linking it to the functional teaching of Arabic grammar. the study stands at a description of functionality by reviewing three grammar books addressed to different categories of students as to show the extent of the presence of functionality.















The current research also displays and examines a statistical study applied to Mustafa Mahmouds book the Password monitoring the recurrences of subject nouns in its seven articles , from here this reasearch aspires to reconsider the concept of (the principle of common) and (functionality) in a restricted non- absolute framework , and reflects the extent of usefulness of the principle of common and Statistics in the presenting of Arabic grammar functionally.















المقدمة:







برزت في الآونة الأخيرة كثير من الدعوات المنادية بأهمية إجراء الدراسات الإحصائية في اللغة؛ ذلك أن الإحصاء هو مفتاح معرفة شيوع كلمات وقواعد صرفية ونحوية أكثر من غيرها، ولما كان لمبدأ الشيوع والإحصاء هذه الأهمية في تحديد الأسس التي ينطلق منها واضع المنهاج والمدرس في العملية التعليمية - فقد اهتمت هذه الورقة بالتوقف عند عناوين ثلاثة، وهي: (الشيوع، والوظيفية، والإحصاء) من خلال جانبين:







الأول نظري، وقد عرضت فيه أربعة متطلبات، الأول تحدثت فيه عن العلاقة بين الشيوع والإحصاء، أما المتطلب الثاني فقد عرضت فيه لنشأة الإحصاء والشيوع والوظيفية، وحمل المتطلب الثالث عنوان (النحو الوظيفي تعريفه وحاجتنا إليه)، أما المتطلب الرابع فقد حمل عنوان (توصيف جديد للنحو الوظيفي في ضوء استعراض كتاب الوظيفية النحوية في كتاب شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، وكتاب النحو الواضح لعلي الجارم ومصطفى أمين، وكتاب الكتاب في تعلم العربية الجزء الأول لكرستن بروستاد، عباس التونسي، محمود البطل).















أما الجانب التطبيقي فقد احتوى على المتطلب الخامس، وفيه دراسة إحصائية أحصت تكرار الفاعل في مقالات من كتاب كلمة السر، وهو مجموعة من المقالات لمصطفى محمود، راوح فيها بين استخدام الفاعل اسمًا ظاهرًا صريحًا، واستخدامه ضميرًا ومصدرًا مؤولًا.















الجانب النظري أولًا: العلاقة بين الشيوع والإحصاء والوظيفية:







في معنى الشيوع والإحصاء والوظيفية:







شاع (شيعًا) بالخبر: أذاعه، شاع شيعًا بالإناء ملأه، شاع شيعًا وشيوعًا ومشاعًا وشيعانًا وشيعوعة الخبر؛ أي: ذاع وانتشر وتبع ورافق[1].















أحصى إحصاءً؛ أي: عدَّ؛ فالإحصاء هو عملية العد[2].















وظَّف توظيفًا؛ أي: عين له وظيفة في شركة أو دائرة أو مؤسسة، وخلاف ذلك، وجمع الوظيفة: وظائف[3].















العلاقة بين الشيوع والإحصاء والوظيفية:







إذا كان المعنى اللغوي للشيوع لغة هو الانتشار، فإن تطبيق المبدأ في الدراسات اللغوية معنيٌّ أولًا بقياس مدى انتشار ألفاظ أو قواعد أو جمل أو تراكيب أكثر من غيرها، وتقديمها للدارس بعد عرضها وفقًا لهذا الأساس، مرتبةً من الأكثر انتشارًا إلى الأقل انتشارًا، وقد كان لهذا المبدأ أهمية كبرى في تدريس اللغة بشكل عام، يقول محمود الصاوي[4]: "ينبغي أن توفر مناهج تعليم اللغة أفضل تغطية جملية للغة المستعملة من خلال تضمين العناصر التي كثيرًا ما تشيع في اللغة الهدف؛ لكي يحصل المتعلمون على أفضل عائد لما بذلوه من جهد في التعلم، ويشعر كثير من الدارسين بالإحباط؛ لأن ما تعلموه لم يكن له صدى في استعمال اللغة والتعامل بها؛ قراءة وكتابة، أو تحدثًا واستماعًا".















إن القول السابق قد احتوى على ثلاث أفكار مفتاحية تدفعنا إلى الاهتمام أكثر بمبدأ الشيوع، وتتلخص هذه الأفكار في النقاط التالية:







1 - العلاقة التي تربط بين اللفظة الشائعة وتوظيفها في السياق المستعمل علاقة تؤدي إلى الإنتاج اللغوي، والعكس بالعكس، وهنا ينبغي التركيز على أن اللفظة الشائعة تستخدم، وهذا الاستخدام يؤدي غرض التواصل، وهو الهدف الأول الذي يسعى إليه متعلم اللغة، وسأوضح الفكرة بالمخطط التالي:







المدخلات المعالجة المخرجات:


























2 - يقع على عاتق واضعي المنهاج الاهتمام بانتقاء المفردات المستعملة، والابتعاد عن زج الكتب بمفردات غير مستخدمة أو نادرة الاستخدام، وتاليًا يأتي دور المعلم في تكرار المفردات المستخدمة وتوظيفها في بيئة اللغة ومحيطها؛ ليصبح الطالب حاضرًا لغويًّا بذهن اللغة الهدف وببيئة اللغة الهدف أيضًا.















ويضيف الكاتب عند حديثه عن الشيوع قائلًا[5]: "وكم قاسى المتعلمون - وبخاصة غير العرب - من قواعد تمييز العدد وإعرابه وتذكيره وتأنيثه، بما لا يساوي المحصول من وراء كل هذا العناء، ناهيك عن صور أسلوب الاستثناء وبدل الاشتمال وبدل البعض من كل، وعلل المنع من الصرف، فمن اللازم عند بناء المنهج مراعاة درجة الشيوع، سواء في المفردات أو التراكيب، أو أنماط الجمل والأساليب، وأبواب الصرف والنحو".















وهنا أطرح سؤالًا عن فكرة تطبيق مبدأ الشيوع على النحو الوظيفي، هل نطبق مبدأ الشيوع على قواعد النحو العربي للدارسين العرب بنفس الطريقة التي نطبقها عند تدريس النحو للطلبة الأجانب؟ وبمعنى أدق: هل تختلف فكرة تطبيق مبدأ الشيوع في الكتب المنهجية للعرب عنها في كتب تعليم الأجانب؟















يقول محمود الناقة[6]: "وقبل أن نقوم بتقديم أي جزء من القواعد، علينا أن نسأل أنفسنا: هل ما نقدمه مفيد ونافع للدارسين؟ هل هو ضروري لتحقيق أهدافهم من تعلم اللغة؟ هل هذا هو الوقت المناسب لتقديمه؟ لماذا ندرِّس النحو بهذا المحتوى وبتلك الطريقة فقط دون غيرها؟".















وفي هذه الفكرة إجابة عن السؤال الذي طرحته سابقًا، وعن سؤال آخر، وهو: ما العلاقة بين مبدأ الشيوع والوظيفية؟
















وألخص الاستنتاجات التي توصلت إليها في النقاط التالية:







إن تقديم النحو للدارس الأجنبي يختلف عن تقديمه للدارس العربي، وهذه نقطة جوهرية أكدها عمر عكاشة في كتابه: النحو الغائب، عندما فرق بين النحو المقدم للعرب والنحو المقدم للأجانب قائلًا[7]: "إن متعلم العربية من الناطقين بغيرها يحتاج النحو إضافة إلى علم العربية، غير أن العربي يكتفي بالنحو، وهنا ينبغي أن نتوقف لتوصيف الحالة".















ذلك أن العربي يمتلك مخزونًا كافيًا من اللغة العربية من لهجته المحكية، وبالتالي فإن ما يعد شائعًا في الفصيحة بحكم معرفته بالعامية قد لا يعد شائعًا بالنسبة للدارس الأجنبي الذي لا يمتلك المخزون اللغوي، ومثال ذلك قاعدة العدد من (3 - 10) المعدود دائمًا جمع، وهذا شائع في عامية الدارس العربي، مألوف موظف في حياته اليومية، وبالتالي فإن تقديم القاعدة له يتم بشكل سهل ومرتبط باستعمال يومي، غير أن تقديمها للدارس الأجنبي مختلفٌ، فإننا بحاجة إلى أن نوضح له أن المعدود من (3 - 10) يأتي جمعًا؛ لأنه لا يملك الكفاية النحوية في هذا الباب من العامية، وبالتالي نشرح له بوصفه خالي الذهن تمامًا.















أكد الدكتور الناقة على أهمية الوظيفية والشيوع عندما تحدث عن الفائدة والنفع؛ لأن اللفظة أو القاعدة التي لا تؤدي غرضًا تواصليًّا وظيفيًّا في سياق ما تعد خاملة، ويفهم من هذا أن اللفظة غير الشائعة لا تفيد الدارس الأجنبي تواصليًّا بحسب غرضه، ولا ننفي صفة عدم الإفادة بشكل مطلق؛ لأن لفظة مثل (على غرار) مثلًا قد لا تشيع في السياق التواصلي العام في الحياة اليومية للطالب، لكن لا بد لطالب يدرس السياسة أو الصحافة لغرض خاص من أن يعرف هذه المفردة؛ لشيوعها في السياق الذي يحتاجه.















ثمة علاقة بين فكرة الشيوع والوظيفية في تقديم قواعد النحو والمستوى الذي نقدم القاعدة فيه بالنسبة للدارس الأجنبي، وأوضح الفكرة في النقاط التالية:







قاعدة الممنوع من الصرف مثلًا، هل تشيع في الإطار التواصلي الحياتي لطالب في المستوى المبتدئ؟ طالب ما زال يكوِّن أولى لبناته في بناء لغة جديدة، الجواب هو لا؛ لذلك نترك هذه القاعدة ونؤجلها إلى مستويات أعلى.















وهذا يقودنا إلى فكرة التدرج، التدرج في عرض القاعدة النحوية، وثمة علاقة وثيقة بين التدرج والشيوع لا نستطيع أن نقسمها؛ فالشيوع سابق على التدرج، وهذا يعني أننا نقيس شيوع الألفاظ أو القواعد في مستوى من المستويات ثم نغربل الشائع من هذه الألفاظ أو القواعد كي نبدأ به.















عند التدرج في عرض القاعدة ثمة طريقتان، الأولى: أن نتدرج في عرض قاعدة كبيرة مثل قاعدة العدد مثلًا، فنبدأ بالعدد مع 1و2 ومن 3 - 10 في المستوى المبتدئ، ثم ننتقل إلى العدد من 11 - 99 في دروس لاحقة، وهكذا...، والطريقة الثانية هي أن تعرض القاعدة كاملة ونتدرج في الأمثلة؛ أي: أن نراعي أن تكون المفردات المستخدمة في عرض القاعدة النحوية مفهومة وواضحة؛ كيلا ينشغل الطالب بأكثر من مطلب، وأتفق مع الطريقة التي تعطى فيها القاعدة كاملة دون تجزئة بعد غربلتها، ومعرفة الوظيفي منها والمستخدم، ويكون التدرج في طريقة عرض الأمثلة واستخدام مفردات معجمية تناسب المستوى الذي تقدم إليه القاعدة، وتقع المسؤولية الكبرى في هذه الطريقة على المعلم؛ فالمعلم المتمكن يستطيع تقديم أصعب قاعدة بطريقة وظيفية مبسطة، تعتمد على أسس كثيرة؛ أولها: إلمامه بصغائر المسألة قبل أساسياتها، وثانيها: التحضير الجيد قبل الدرس، وثالثها: اعتماده قدر المكنة على تدريس النحو بطريقة تواصلية سياقية، والأهم من كل ذلك هو معرفته الدقيقة بغرض الدارس وتوجهه.















ومثال ذلك: إذا أردنا أن ندرس قاعدة العدد لطالب ناطق بغير العربية فيقترح أن نتبع ما يلي:







نجمع كل المعلومات عن القاعدة، وهذا من باب التحضير المسبق للدرس، ثم نبدأ بالشائع ونترك ما لا يفيد، نصنع التمارين التي تفيد الطالب وظيفيًّا؛ كأن نخلق له مثلًا حوارًا في السوق عن عدد الأشياء التي اشتراها، أو عن عدد أفراد عائلته، أو عن عدد البلاد والمدن التي زارها.















نقدم القاعدة كاملة في درس واحد، ونتدرج في استخدام المفردات، فإذا قدمت القاعدة للمستوى المبتدئ نكتفي بمفردات من مثل (كتب، طاولات، أساتذة.. إلخ)، وإذا قدمت للمستوى المتوسط قد نستخدم مفردات هذا المستوى من مثل (قواعد فتيات، قطرات... إلخ)، وهكذا...















ينبغي في درس النحو أن نشبع الدرس بالتمرينات في الصف والبيت، وأن تتكرر القواعد كل يوم بطريقة عفوية خلال الدرس دون أن نشعر الطالب بالقصد من ذلك.















وخلاصة ما سبق أنه علينا أن نقسم كل قواعد النحو في اللغة العربية في المستويات المخصصة لها، ولا نقسم القاعدة الواحدة إلى مستويات؛ فمثلاً تعطى قاعدة الممنوع من الصرف للمستوى المتوسط كاملة دون تجزئة؛ فالتقسيم هنا وضع القاعدة في المستوى المناسب، ولم يشتت القاعدة إلى أجزاء.















العلاقة بين الإحصاء والشيوع، ووقفة عند عيوب المنهج الإحصائي:







في مقالة[8] لمحمود عبدالصمد لخص فيها أهم المحاور التي تحدث عنها عبده الراجحي في كتابه: (علم اللغة التطبيقي - المقارنة الداخلية)، وجدت أفكارًا متشعبة ودقيقة حول موضوع العلاقة بين الإحصاء والشيوع، ولأهميتها ألخصها في النقاط التالية:







الإحصاء يحدد الشيوع، تؤكد الدراسات أن نسبة شيوع ظاهرة ما، سواء كانت في المفردات أو القواعد النحوية والصرفية، تختلف من زمن إلى آخر، ومن ميدان إلى آخر، والدراسات أكدت أن نسبة شيوع ظاهرة ما تختلف في النصوص التراثية عنها في المعاصرة؛ حيث إن لكل موقف لغوي مفرداته الخاصة التي عبر عنها الراجحي بالشيفرة اللغوية، وضرب مثالًا على ذلك في النحو مثلًا، استخدام صيغة المبني للمجهول أكثر ترددًا في التقارير العلمية والأخبار، واستخدام جملة الشرط أكثر ترددًا في الصياغة القانونية.















عملية الإحصاء اللغوي ليست آلية، وإنما هي عملية موضوعية لا تخلو من العيوب، وسبب العيب أن الدراسات الإحصائية تجري على مواد مكتوبة، واختيار العينات عند الدراسة أمر ذاتي إلى حد ما، وهذا هو السبب في ملاحظة الفروق في نسبة الشيوع التي أجراها دارسون على ظاهرة واحدة.















كان ما سبق ملخصًا لما ورد في مقالة محمود عبدالصمد، غير أن هذه المقالة تلفت النظر إلى أهمية توقفنا عند محاذير عند عزمنا على إجراء دراسة إحصائية بغرض معرفة شيوع لفظة أو ظاهرة لغوية ونحوية معينة، وهذه المحاذير هي:







عملية الشيوع خاضعة لتطور الزمن؛ فما يشيع في وقت من الأوقات قد لا يشيع في وقت آخر، وما يكون شائعًا في مواقف لغوية معينة قد لا يشيع في مواقف أخرى؛ لذلك ينبغي التحديد وعدم إطلاق التعريف؛ حتى لا نقع في فخ التعميم والخلط عند إجراء عملية الإحصاء.


يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.23%)]