عرض مشاركة واحدة
  #444  
قديم 29-01-2021, 05:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,577
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (11)
الحلقة (235)

تفسير سورة النساء (19)


يبين الله عز وجل لعباده المؤمنين أنه إنما أراد من تبيين الحلال والحرام في المناكح وغيرها أن يرجع بالمؤمنين من حياة الخبث والفساد التي كانوا يعيشونها قبل الإسلام، إلى حياة الطهر والصلاح في ظل تشريع عادل رحيم، بينما الذين يتبعون الشهوات من أهل الفحش والانحراف ومن اليهود والنصارى فإنهم يريدون من المؤمنين أن ينحرفوا مثلهم، فينغمسوا في الملذات والشهوات البهيمية حتى يصبحوا مثلهم، فلا يفضلونهم بشيء، ولا يستحقون بعد ذلك قيادة البشرية وهداية الأمم.
قراءة في تفسير قوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم ...)
من كتاب أيسر التفاسير
الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والتي بعدها ندرس كتاب الله عز وجل، وقد انتهى بنا الدرس إلى هذه الآيات الثلاث المباركات من سورة النساء، وقبل الشروع في دراستها أذكركم ونفسي بالآية التي سبق أن درسناها ليلة البارحة، وتلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النساء:25].
هداية الآيات
لا بأس أن نعود إلى هداية الآية لنتأكد من صحة ما في أذهاننا ونفوسنا.قال: [أولاً تحريم المرأة المتزوجة حتى يفارقها زوجها بالحياة أو بالموت]، أية آية تدل على هذا الحكم؟ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24] . [ثانياً: جواز نكاح المملوكة باليمين، وإن كان زوجها حياً في دار الحرب إذا أسلمت] من أين أخذنا هذا؟ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24] . [ثالثاً: وجوب المهور وجواز إعطاء المرأة من مهرها لزوجها ما شاءت] من أين أخذنا هذا؟ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:25] . [رابعاً:جواز التزوج من المملوكات لمن خاف العنت وهو عدم للقدرة على الزواج من الحرائر] أي آية هذه؟ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء:25] . [خامساً: وجوب إقامة الحد على من زنت من الإماء إن أحصن بالزواج والإسلام]، من أين أخذنا هذا؟ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ [النساء:25] .[سادساً: الصبر على العزوبة خير من الزواج بالإماء لإرشاد الله تعالى إلى ذلك]، الصبر على العزوبة خير من الزواج بالإماء، إذاً: هل يوجد مكان لنكاح المتعة مع هذا التحديد؟ دعانا الله إلى الصبر؛ فكيف إذاً بنكاح المتعة الذي هو نكاح خداع وغش وإفساد في الأرض.
تفسير قوله تعالى: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ...)
والآن مع هذه الآيات الثلاث، تلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء:26-28].روى البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: (ثمان آيات نزلت في سورة النساء -التي ندرسها- هن خير للأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت ).ثمان آيات منها هذه الآيات الثلاث يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء:26-28].والآية الرابعة: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31] . وخامس الآيات: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40] . وسادس الآيات: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمِ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:110] . وسابع الآيات: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:116] . وثامن الآيات: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:152] . هذه ثمان آيات قال فيها ابن عباس : (هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت)، لعله واهم؟ والله لهي خير لنا مما طلعت عليه الشمس وغربت، هذه الآيات تطهرنا وتعزنا وترفعنا إلى الملكوت الأعلى، وما بين الشرق والغرب من مال ماذا نفعل به؟ ماذا يجدينا؟ أغلب الأحوال أنه يدمرنا ويقضي على كمالنا وسعادتنا.
معنى قوله تعالى: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم)
قال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ [النساء:26] بما بين لنا من أحكام تقدمت وشرائع، وإلى آخر ما بين لنا من الصبر على العزوبة ولا نكاح الفتيات المؤمنات المملوكات. وكأن سائلاً يسأل يقول: يا رب! لم شرعت هذا الذي شرعت؟فيأتي الجواب: من أجل أنه يريد أن يبين لكم طريق السلامة والسعادة والكمال؛ لأن المناكح المحرمة لو تغشى وترتكب لفسد المجتمع نهائياً، فقط لو مشينا وراء دعاة الزنا من الزناة لتحطمنا وقضي علينا.أقول مرة ثانية: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ [النساء:26] يريد الله أن يبين لكم، هذا جواب سؤال أولاً بين لنا أنه من لا يستطيع العدل لا يجمع بين النساء، من لم يستطع أن يحسن إلى يتيمة لا يتزوجها ويتزوج غيرها، الأموال إذا كانت لدى السفهاء يجب أن يحجر عليهم ولا يمكنون منها، وعلى الأولياء والأوصياء أن يحفظوها ويرزقوهم فيها لا منها، ثم بين تعالى المواريث، وما يرث الرجل من أبيه، الرجل من أخيه، الرجل من أمه بالتفصيل، ثم بين لنا المناكح المحرمة بالنسب وبالرضاع وبالمصاهرة .. كل هذا لماذا؟ ليبين لكم ما به تكملون وتسعدون بعد أن تطيبوا وتطهروا وتتأهلوا للنزول في الملكوت الأعلى، قولوا: الحمد لله. الحمد لله. الحمد لله. اليوم تم علينا ولا نقول: الحمد لله، هو يقول: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ [النساء:26] أولاً وَيَهْدِيَكُمْ [النساء:26] يريد أن يهديكم سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [النساء:26] وهم المواكب الذين عرفنا عنهم وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69]. وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ [النساء:26] جمع سنة، وهي الطريقة المسلوكة الرابحة البينة التي تنتهي بصاحبها إلى رضوان الله والنزول في جواره في الملكوت الأعلى، من هؤلاء الذين سبقونا؟ النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، هذه الآية كقوله: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [الشورى:13] الآية.فمنهجنا هذا الرباني الإسلامي الذي هدانا الله إليه نهجه الأنبياء والمرسلون، أوما تعتزون وتفرحون بهذا؟ لو ما كان يثلج الصدر ويفرح النفس والله ما يذكره الله تعالى، يريد أن يثلج صدورنا ويسرها، يمتن علينا لنقول: الحمد لله. يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ [النساء:26] أولاً وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [النساء:26] ثانياً وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء:26] أما كنا في جاهلية جهلاء، الزنا والعهر والباطل والشر، والرجل ينكح امرأة أبيه .. كما تقدم. أراد أن يرجع بنا إلى الصواب، أراد أن يرجع بنا إلى ما يزكي نفوسنا ويطهرها حتى تتأهل لحب الله ورضاه، ما أراد أن يبقينا على الجاهلية وما فيها من ظلام وخبث وشر وفساد، الحمد لله.
معنى قوله تعالى: (والله عليم حكيم)
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النساء:26] هذا المشرع لو كان ناقص العلم، قصير الدراية والباع فيه، قد نقبل له شيئاً ولا نقبل الآخر، أو يقع في نفوسنا شك في صحة وسلامة ونفع ما بين وشرع. لو كان عليماً ولكن لا حكمة له يضع الشيء في غير موضعه وهو يدري أو لا يدري، ما كان في هذا التشريع أيضاً ما يجعلنا نتردد أو نقبل البعض ونرد البعض أو نخاف الهراوة والعذاب، ولكن نفوسنا غير مطمئنة إلى ما شرع لنا، نرى كأنه خطأ لكننا ملزمون بهذا. لكن هذا الختم الأخير بقوله: وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النساء:26] بحث العلماء عن حكم تحريم المناكح من النسب.. الرضاع.. المصاهرة، ووقفوا على أشياء، ونحن لعجزنا حسبنا حكمة واحدة: علمنا اليقيني أن الله تعالى ما يشرع لنا إلا ما فيه خيرنا وكمالنا يكفينا، تعرف أو لا تعرف، علمنا اليقيني أن ما يشرعه الله لنا لنعتقده أو نقوله أو نعمل به لن يكون أبداً إلا في صالحنا، فلسنا في حاجة إلى أن نبحث عن شيء آخر. لماذا؟ لأنه حكيم وإلا لا؟ حكيم.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]