عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13-01-2021, 09:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقاصد سورة الكهف

وتمضي السورة على هذا من باب النظرة الصحيحة للأشياء، وتقييم كل شيءٍ بقيمته، الملك الصالح يقول له بعض الناس الذين مر بهم عند السدين ﴿ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا تقبل أن تعطيك أجرة عظيمة وكبيرة على أن تسد ما بيننا وبين يأجوج ومأجوج حتى لا يخرجوا علينا ويفسدوا حياتنا، ﴿ قَالَ هو ملك ما شاء الله بلغ المشرق والمغرب، أينظر إلى هذه الدولارات أو هذه الدينارات أو الدراهم أو كذا، تعالى على كل ذلك وسمى، تعالى وسمى عن كل ذلك فهذا لا يمثل له شيئاً في الدنيا فقد أعطاه الله ما هو خيرٌ من ذلك، فقال ﴿ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ما أعطاني ربي خيرٌ مما عندكم ومما تعطوني، فإني لا أحتاج إلى كل هذا ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أنا أحتاج رجلاً فقط يعاونونني، قوة بدنية، قوة يدوية، يد عاملة نقتلها من أجل البطالة، شغلها، استعملها، هكذا رفض المال وطلب قوة الرجال فهذه هي التي تقيم الحياة ولو في كهف، ولو على تراب، تقيم حياةً عظيمة بإيمانها بالله واعتصامها بالله، ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ أي خيرٌ مما عندكم ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ، أعطوني قوة رجال فقط، وأقام بينهم سداً منيعاً تحار العلماء فيه إلى اليوم، وكل المعادلات العلمية لم تصل لهذا الإعجاز حتى اليوم كما حدثني أهل التخصص في لك، إنها سبيكةٌ حديديةٌ نحاسية، قوالب من حديد بدلاً من أن تكون من حجر رُصَّت بطريقة معينة كطريقة البناء ثم صُبَّ عليها ما يمسكها ببعضها نحاسٌ مُذاب، يحارون إلى اليوم في تكوين وإنشاء سبيكة حديدية نحاسية لأن الحديد والنحاس لا يتجاذبان ولا يرتبطان، ربما يكشفها الله لهم يوماً من الأيام.

وهكذا كان الملك الصالح متعالياً أمام مال الدنيا وزخرف الدنيا ولم يقنع به، لأن ما أعطاه الله من الرضا والقناعة والإيمان كان خيراً له.

وهكذا يأتي ختام السورة على هذا المنوال أيضاً ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾، إذاً الوزن لمن؟ ومن الذي يثقل في ميزان الله؟ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا وإن كانوا فقراء، وإن كانوا ضعافاً، وإن كانوا مضطهدين مطحونين في الدنيا إلا أنهم يوم القيامة يزنون في مثاقيل الله وموازينه بوزنٍ عظيم.

وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرٌ مثلكم ولكن الفرق بينكم وبينه عظيم، يوحى إليه ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ إذاً بشرٌ يوحى إليه لابد أن يكون غير وخيراً من البشر الذي لا يوحى إليه، افهموا هذه القضية جيداً يا أيتها الأمة الضالة، يوجه الله الكافرين لهذا لأنهم كانوا ينظرون إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ويتعاملون معه على أنه بشرٌ عادي، وتجاهلوا أنه يوحى إليه، أي موصولٌ بربه سبحانه وتعالى يكشف له ويعلمه ما لم يصل إليه العلماء في أمته.

هذا استعراضٌ للسورة وختام القول في مناسبتها، في سورة الإسراء أحبتي الكرام لعلنا نذكر أن الله تعالى رفع من آمن به وصدَّق به وتحمّل رسالته، رفعه في ظلمة الليل إلى أعلى السموات، فكانت له معجزة، إذاً الإنسان لو كان وحده، لو كان فرداً واحداً في أمته يستطيع أن يرقى بإيمانه وفي ظلمة الليل وفي أي ظلمةٍ أخرى أن يرقى إلى أعلى مستويات الحياة الفاضلة في الدنيا قبل الآخرة، وهذا نموذج رسول الله محمدٌ صلى الله عليه وسلم، لم نرق مثله إلى ما فوق السموات ولكن على الأقل نرقى فوق رؤوس الناس بإيماننا بالله، باعتصامنا بالله، بتوكلنا على الله.

وسورة الكهف تصوّر لنا صورةً أخرى من الرقي في الظلمات، فأصحاب الكهف في ظلمة الظلم عند الملك الظالم الذي كان في حياتهم، في ظلمة الجهل، في ظلمة الشرك بالله، خرجوا بإيمانهم فارتقى الله بهم فوق مستوى الحياة القائمة على الأسباب المادية، وفي ظلمة الكهف ووحشته وخيفته عاشوا حياةً آمنةً مطمئنة حتى بعثهم الله أغنياء فضلاء، بلغ من أجرهم أن قال الملك الذي بُعثوا في زمانهم وأحياهم الله في زمانه وكان ملكاً صالحاً طيباً رحمه الله، قال من عجب أمرهم: ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا أي لنجعلنهم ذكرى دينيةً يعتبر بها الناس، ويؤمّها الناس فيتعظوا بها، هكذا بالإيمان في وسط الظلمات يرقى الإنسان.جل اأ

نسأل الله تعالى أن يكرمنا بالإيمان به، وأن يثبتنا عليه، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم، فاستغفروه دائماً إنه هو الغفور الرحيم.
♦♦ ♦♦ ♦♦

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد فأوصيكم عباد الله بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، وأحذركم ونفسي عن عصيانه تعالى ومخالفة أمره، فهو القائل سبحانه وتعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد:
فكانت هذه سورة الكهف، سورةٌ مكيةٌ، سماها الله الكهف، وهي سورةٌ تعلم الناس العقيدة وتركز على أمر إقامة موازين الله في الحياة وفي المجتمع، حتى تصح التصورات، وتصح النظرات، وتصح التقريرات عن أشياء الكون وما فيه وما حوله، فنرى رأياً سديداً ونتحرك حركةً رشيدة في هذه الدنيا.

ومن القضايا البارزة في هذه السورة والتي لا تنفصل عما نتحدث فيه من الارتقاء فوق الأسباب حين نتعامل مع الله عز وجل، قضية الاستثناء، اسمها قضة الاستثناء، ومعنى الاستثناء يعني أن نقول في الأشياء المستقبلة سأفعل كذا إلا أن يشاء الله، سآتيك غداً إلا أن يشاء ربي شيئًا.. وهكذا، الأشياء المستقبلة نقدم فيها أمر المشيئة واستثناء المشيئة الربانية، مع أن الأسباب موجودة، الأسباب كلها في يدي أملكها وأتصرف فيها بفضل الله كما أشاء، ولكن قد يعطلها الله في يدي، قد يمنعني الله عنها، قد يجعلها الله تعصاني، قد يتخلف الأمر الذي عزمت عليه لسبب من الأسباب.

جاء هذا الأمر بصورةٍ عظيمة حيث طبَّقه الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم هو الذي لا ينسى ربه، طبق الله عليه هذا الأمر وهذا التعليم تطبيقاً عملياً لتفهمه الأمة فهماً واقعياً صحيحاً، فليس ذلك ولا في ذلك ذمٌّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو انتقاصٌ لحقه، ولكن هذا تقديرٌ من الله عليه لتتعلم الأمة، لأتعلم أنا وأنت هذا الدرس العظيم الذي جعله الله أمراً ثابتاً وسنةً ماضيةً في الكون كله.

أراد المشركين حينما رأوا أمر المسلمين قد عظم في مكة واستفحل بالنسبة لنظرتهم، أرادوا شيئاً يسألون عنه النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعرفه فيوقعونه في حرج أمام أصحابه، إذاً نبيكم لا يعلم فكيف يكون نبيّاً، لو كان نبيّاً لأجابنا على أسئلتنا، ولكي يأتوا بأسئلة دقيقة وعرةٍ هم لا يستطيعون، فهم جهلة، ذهبوا إلى اليهود باعتبارهم أسبق في التعامل مع الأنبياء وأكثر منازعةً للأنبياء فيما أوحى الله به إليهم، حرَّفوا الكتب وقتلوا الرسل فمثلهم عندهم بالتأكيد أسئلةٌ صعبة، فاستوردوا منهم سؤالاً، فأجابتهم اليهود أن اسألوه عن فتيةٍ كانوا في غابر الزمان لهم قصة، وعن رجل طاف المشرق والمغرب، واسألوه عن الروح، صلى الله عليه وسلم.

فلما سألوه عن ذلك قدَّر الله لهم ما يريدون، هم يريدون إحراجه صلى الله عليه وسلم، أن لا يعرف الإجابة، فأعاطهم أملاً ثم قطع الأمل فجأة تعذيباً لهم، فقدَّر على رسوله عليه الصلاة والسلام حين توجه إليه السؤال أن لا يجيب، فليس عنده علمٌ بذلك سابق ولم يعلمه الله بوحي عاجل، فإلى نهاية المجلس وقال لا أدري، ائتوني غداً، ونُسِيَّ بقدر الله أن يقول إن شاء الله، فجاءوا في الغد فلم يجدوا جواباً، ائتوني غداً ولم يقل إن شاء الله، الغد.. الغد، مرت أيام وبدأوا تملأ الفرحة قلوبهم ويتخيل الأمل أمام أعينهم، بعد يومٍ وآخر سنصل إلى ما نريد، ونُظهر محمداً، صلى الله عليه وسلم، بالجهل الكبير أمام أصحابه ونصل إلى غرضنا.

وفجأة يُنزِّل الله عليه آيات قصة أصحاب الكهف فيقصها وكأنما حضرها، وقصة ذي القرنين – الملك الصالح – فيقصها وكأنما كان شاهد عيانٍ عليها، وفي الروح يقول: ﴿ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ، فراحوا لليهود وقالوا: أجابنا بكذا وكذا، وقال في الروح: ﴿ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ، قالت اليهود: أما إنه لو أجابكم عن الروح لما كان نبيّاً، عدم إجابته هنا دليلٌ على نبوته، ومع ذلك لم يؤمن هؤلاء ولا هؤلاء، عميت قلوبهم لعنهم الله، أما إنه لو أجابكم عن الروح لما كان نبياً.

ثم جاء بعدها قول الله تعالى ﴿ وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا [9]، فمهما كانت الأسباب في يدي لابد أن أقول سأفعل كذا إن شاء الله.. إن شاء الله.. إن شاء الله، أو إلا أن يشاء الله.

تقرئون في سورة القلم قصة قوم فيمن كانوا قبلنا عزموا على أمرٍ أن يجمعوا ثمار حديقتهم في الغد الباكر قبل أن يستيقظ الفقراء والمساكين ويشاركوهم في ذلك، فقال الله عنهم ﴿ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ أي ليجمعن ثمرها مصبحين ﴿ وَلا يَسْتَثْنُونَ لم يقولوا إلا أن يشاء الله، لقد عزمنا على الاستيقاظ مبكرين والغدو مصبحين ونجمع ثمار حديقتنا دون أن يرانا أحد، ولكنهم نُسُّوا ومن أعمالهم وبسبب عصيانهم لم يقولوا إلا أن يشاء الله، ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا حين وصلوا إليها في الصباح ﴿ قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ليست هذه حديقتنا، لماذا؟ لأنهم وجدوا أرضاً أصبحت كالصريم، أرض وجهها مسوَّد محترق، ما فيها احترق فصار وجهها مسوداً، كأنها لم تغن بالأمس بزرعٍ ولا ثمر، قالوا ليست هذه حديقتنا نحن ضللنا الطريق، وكأنهم يستديرون ليرجعوا لنظروا إلى جيرانهم فإذا هم هم، هذه أرضنا فعلاً ﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ كما حرمنا الفقراء وعزمنا على حرمانهم حرمنا الله تعالى، فعرفوا فعلتهم فتابوا إلى الله منها واستغفروه فعوَّضهم الله خيراً مما فاتهم.

سيدنا سليمان عليه السلام - وهو نبي - قال يوماً والحديث في البخاري وكاذبٌ من كذَّبه، والأنبياء أقوى الرجال، قال سليمان يوماً والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يقص علينا هذا الخبر وهو الصادق المصدوق: "لأطوفن الليلة على تسعين امرأة - وفي رواية على مئة امرأة - تأتي كل واحدةٍ منهم بفارس يقاتل في سبيل الله"[10]، لأطوفن أي بالجماع على سبعين امرأة أو مئة امرأة من نسائه وإمائه، من هذا وذاك، ولا تسيئوا الظن بالأنبياء، وليس نبياً مباشراً لنا ولكننا نحسن الظن فيه فهو نبي حق، فتأتي كل واحدةٍ منهن أي تحمل وتلد فارساً يقاتل في سبيل الله، لم يكن غرضه عليه السلام شهوةً أو تمتعاً وإنما غرضه أن تحمل منه نسائه برجالٍ يكونون أبطالاً يجاهدون في سبيل الله، هل حدثتم أنفسكم بالجهاد، هذا مطلوب، هذه نية سيدنا سليمان عليه السلام، يريد جيشاً من نسله من أولاده، ولكن لم يقل لأمرٍ ما أراده الله تعالى لم يقل إن شاء الله، نُسِّيها، ونقول عن الأنبياء أنه نُسِّيها أي أنساه الله لقدرٍ ما، فلم تأت إلا واحدةٌ منهم بشق غلام، لم تحمل ولا امرأة إلا امرأة واحدة حملت عبرةً لسليمان، حملت موعظة، حملت بقدر الله شقّ غلام، نصف غلام بالطول، نصف رأس بعينٍ واحدة بنصف أنف بنصف فم وهكذا إلى قدمٍ واحدة، وحين ولدته جاءت به القابلة وقدمته إلى سليمان وهو جالسٌ على كرسي ملكه، فساعتها تذكر أنه أخطأ فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب.

وهذا معنى قول الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ تاب إلى الله تعالى واستغفر، ألقينا على كرسيه أي إليه وهو على كرسيه جسداً وهو جسد ولده الذي هو نصف غلام.

فالمشيئة مهمة جدّاً، مطلوبةٌ جدّاً، بنو إسرائيل وهم يلاوعون في تطبيق أمر الله، اذبحوا بقرة، ما هي؟ ما لونها؟ إن البقر تشابه علينا، إنا كذا..، ويريدون الفرار والخلاص من هذا الأمر ولكنهم وقعوا في كلمة ألزمتهم بالفعل، ﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ فلما قالوا: إن شاء الله، تحقق الأمر مع صعوبته، فلم يجدوا في بني إسرائيل إلا بقرةً واحدة وتم بها الأمر، اشتروها بملء جلدها ذهباً كما طلب صاحبها[11]، وذبحوها كما قال ربنا: ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ، تحقق الأمر مع أن صاحبه لا يريد لأنه قال إن شاء الله.

فمشيئة الله وراء كل مشيئة، فما أردت من أمرٍ أخي المسلم فكن مع مشيئة الله وقدم مشيئة الله يكفيك الله الهم والجهد، ويحقق لك أحسن مما تريد.

وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير، ويسر لنا ولكم الفضل والبر، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم أعد حياتنا وأمورنا على موازينك يا ربنا، ووفقنا يا ربنا للعمل بكتابك وسنة نبيك، اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً، ألزمنا به واجعلنا أحق به وأهله، إنك أنت الرحمن الرحيم، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا ربنا سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات ورافع الدرجات، اللهم يا من نشرت لأهل الكهف من رحمتك وهيأت لهم من أمرهم مرفقًا انشر لنا في بيوتنا وفي حياتنا وكهوفنا من رحمتك، اللهم انشر وابسط لنا من رحمتك، اللهم انشر وابسط لنا من رحمتك، وهيئ لنا من أمرنا رشداً ومرفقا، أنك أنت الرحمن الرحيم، اغفر ربنا للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها، وأوسع أرزاقنا عند كبر سننا، وخير أيامنا يوم نلقاك يا أرحم الراحمين.

عباد الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم... وأقم الصلاة.


[1] انظر: لسان العرب (9/ 310).

[2] سورة الكهف مكية، بإجماع المفسرين، وقد نقل هذا الإجماع القرطبي (10/ 346)، وابن الجوزي، وغيرهما، قال ابن الجوزي في زاد المسير: روى أبو صالح عن ابن عباس أن سورة الكهف مكية، وكذلك قال الحسن ومجاهد وقتادة، وهذا إجماع المفسرين من غير خلاف نعلمه. أهـ (3/ 63).

[3] أخرجه الترمذي (2910) وغيره، قال في الصحيحة (2/ 267): وإسناده جيـد، وقد خرجته في تعليقي على الطحاوية (ص201).

[4] أخرجه البخاري (4724)، ومسلم (795).

[5] أخرجه مسلم (809).

[6] أخرجه مسلم (809)، قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الماتع جلاء الأفهام : "اختلف فيه؛ فقال بعض الرواة" من أول سورة الكهف، وقال بعضهم: من آخرها، وكلاهما في الصحيح، لكن الترجيح لمن قال: من أول سورة الكهف؛ لأن في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان في قصة الدجال: "فإذا رأيتموه فاقرؤوا عليه فواتح سورة الكهف"، ولم يختلف في ذلك، وهذا يدلّ على أنّ من روى العشر من أول السورة حفظ الحديث ومن روى من آخرها لم يحفظه" انظر: جلاء الأفهام (379)، ط دار عالم الفوائد.

[7] روراه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص131) والنسائي في الكبرى (10790)، وغيرهما، انظر تحقيقه في موسوعة فضائل القرآن، للشيخ محمد طرهوني: (1/ 337).

[8] أخرجه البخاري (4)، ومسلم (160).

[9] رواه الطبري في تفسيره (15/ 127).

[10] أخرجه البخاري (5242) رواية المائة، و(6720) رواية التسعين، ومسلم (1654).

[11] انظر: الطبري (2/ 206)، والدر المنثور، للسيوطي: (1/ 77).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.89 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.93%)]