
12-01-2021, 03:58 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,114
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
معنى قوله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم)
أولاً: هذا النداء الإلهي: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، هذا نداء من؟ نداء الله رب العالمين، منزل الكتاب، ومرسل الرسول، هذا هو الله هو الذي وجه هذا النداء إلى الناس كافة مؤمنهم وكافرهم؛ لأن لفظ الناس هو بمعنى البشر، والناس مأخوذ: من ناس ينوس إذا تحرك فهو ناس، وأدخلت عليه (ال) فأصبح الناس. يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، لبيك اللهم لبيك، مر نمتثل، انه نجتنب، مستعدون لطاعتك يا خالقنا يا رازقنا يا حافظنا يا من إليه مصيرنا، ناداهم ليأمرهم وإلا لا؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1]، اتقوا خالقكم سيدكم مالك أمركم موجد حياتكم .. هذا هو الرب وإلا لا، اتقوا ربكم ، أو تقول: لا.. لا.. لا رب لنا؟! سبحان الله! من أوجدكم؟ من أوجد هذه الأرض لكم؟ من رفع السماء فوقكم؟ من هيأ لكم هذه الأرض لتعيش على سطحها؟ ما نريد أن نعرف إذاً: أنتم خنازير يا بشر! ما تريدون أن تعرفوا ربكم حتى لا تعبدوه، ولا تطيعوه، إذاً: شر البرية هم الكفار، أو لا؟ من شر الخليقة؟ الكفار من عرب وعجم، من أهل الكتاب والمشركين، ما نحن الذين قضينا هذا القضاء بل هذا حكم الله العليم، ولكننا عرفنا كيف أصبحوا شر الخليقة؛ لأنهم جحدوا خالقهم ولم يعترفوا به، يغمرهم بالنعم، ويسقيهم ويحفظهم، ما نعترف به؛ حتى لا يسجدوا له سجدة، هؤلاء هم .شر الخليقة الذي يجحد خالقه حتى لا يعبده فقط. اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1].لو قال قائل: نتقيه بم؟ هل نحن خائفون منه؟ هل يقوى على تعذيبنا وإبادتنا وتجويعنا وتسليط الأمراض والأوبئة علينا؟ الجواب: نعم، أنتم في قبضته وتعيشون في كنفه، وبيده حياتكم ومماتكم، غناكم وفقركم، صحتكم ومرضكم، عزكم وذلكم، سعادتكم وشقاؤكم في هذا العالم المؤقت، وفي العالم الأبدي المخلد، كيف لا تتقونه؟! أما تخافون أن يغضب أو يسخط فيحيل سعادتكم إلى شقاء، ووجدوكم إلى فناء.حينئذٍ يقول: بم نتقيه؟ نقيم أسواراً عالية على قرانا ومدننا؟ ما تنفع، نوجد سراديب تحت الأرض ونهرب إليها؟ ما ينفع، نجهز جيوشاً جرارة تدفع عنا خطره؟ والله ما تنفع، يتقى الله بماذا؟فقط بطاعته، وطاعة رسوله، طاعته إذا قال: قم! قم، قال: اجلس! اجلس، قال: اسكت! لا تتكلم، قال: انطق! انطق، هذه هي الطاعة، قال: اشرب! باسم الله أشرب، قال: لا تشرب سم ... إلخ.هذه هي طاعة الله عز وجل، وبها يتقى عذابه وسخطه وبلاه، طاعته وطاعة رسوله، وطاعة رسوله من طاعة الله، وأوامر الله ونواهيه ما نعرفها بدون رسوله، فهو الذي يبين لنا ويشرح أو يفسر، هو الذي يتلقى البيان من الله: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44]. ولذا أمر الرسول من أمر الله، وطاعة الرسول من طاعة الله، إذ قال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ [النساء:1]، ونحن منهم: اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1]، اتقوا غضبه وسخطه وما ينتج عنهما من بلاء وشقاء وخسران أبدي.. اتقوه بطاعته فيما أمر به فعلاً، وفيما نهى عنه تركاً، فقط، وهذا إجمال كبير، ما هي أوامر الله؟ أوامر الله كثيرة، ونواهيه أكثر، فلا بد وأن نعرف، فالذي لا يعرف أوامر الله كيف يطيعه؟! والذي لا يعرف نواهيه كيف يطيعه؟! ومن لم يطع الله شقي وخسر، تعرفون الخسران الحقيقي؟جاء في كتابه في آيتين: قل يا رسولنا المبلغ عنا: إِنَّ الْخَاسِرِينَ ، بحق: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الزمر:15] ، إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الشورى:45]، ما هو فقد بالشاة والبعير في أيامنا الأولى، ولا فقد الوظيفة والمنصب في أيامنا هذه.تريدون صورة؟يؤتى بالرجل فيوضع في صندوق من حديد ويطبق عليه ويلقى في عالم الشقاء، فوالله لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر ولا يأكل ولا يشرب ولا يموت بلايين السنين، لا يعرف أباً ولا أماً ولا إخوة ولا.. ولا.. في شقاء أبدي هذا نوع من العذاب.إذاً: هذا هو الخسران أم فقدك ابناً أو زوجة ماتت؟!
كيفية معرفة محاب الله ومساخطه
يجب أن يعرف المؤمن والمؤمنة محاب الله ومكارهه، وكيف يؤدون المحاب، وكيف يجتنبون المنهيات، وإلا فلا فائدة في إسلامهم، ولن ينتفعوا، مثلاً: قلت لك يا عبد الله! إن مركوباً يحملك إلى قريتك أو على بلدك اطلبه واركب هل تسأل عن هذا المركوب ما هو؟ هل تقول: أين يوجد؟ وإذا قلت: لا تعرف كيف تركب ما تسأل كيف تركب؟ قطعاً هذا لا بد ضروري.فإذا آمنا بوجوب تقوى الله للنجاة والخلاص من عذاب الدنيا والآخرة، يجب أن نعرف محاب الله ومساخطه، إذا أمر بما يحب ونهى عما يكره.وهنا نجد أنفسنا يجب أن نطلب العلم، ولما كان القرآن ينزل، والشرائع تتوالى، والناس في مكة فرض الله عليهم الهجرة لأنهم لا يمكنهم أن يعبدوا الله، والقرآن ينزل في المدينة، والأحكام تتوالى يوماً بعد يوم، يجب أن تهاجروا، هذه وحدها كافية.أسألكم بالله: هل المسلمون وهم ألف مليون يوجد منهم عشرة في المائة عرفوا ما يحب الله وما يكره؟ممكن، لكن العشرة هذه في المائة تنفع؟ تنفع أنفسها، تلك العشرة تنجو والتسعون إلى الهاوية.تريد منا يا شيخ أن نعود إلى تعلم العلم بعد بلوغنا سن الأربعين والخمسين سنة؟! ما هناك أبداً مانع، بل يجب أن تتعلم ولو كنت تموت بعد ساعة من الآن، وطريق التعلم عندنا لا تحتاج فيه أبداً إلى المدارس والكليات والجامعات، وسيارات الإركاب والأموال تنفق بالملايين، لا أبداً، هذا نحتاج إليها في الصناعات، والمواد الدنيوية، أما كوننا نعرف ما يحب سيدنا وما يكره فهذا ما يحتاج إلى هذا أبداً.كيف يا شيخ إذاً؟ نعيد القول: إذا دقت الساعة السادسة مساءً يجب على أهل القرية المسلمة أن يوقفوا العمل.. صاحب المسحاة يرمي مسحاته، صاحب المنجل يلقي منجله... صاحب المطرقة الحداد يلقيها، صاحب المتجر يغلقه، ويتوضئون ويأتون المسجد الإلهي بنسائهم وأطفالهم، ولا يتخلف إلا من كان مريضاً أو ممرضاً فقط، أما الحيض من نسائنا فإلى جنب حائط المسجد ومكبر الصوت عندهن ويتعلمن.نصلي المغرب كما صلينا ونجتمع كما اجتمعنا، ويجلس لنا المربي وندرس كتاب الله، ليلة آية كهذه وأخرى حديثاً، ونتعلم مراد الله وما يطلب منا وكيف نتملقه ونتزلف إليه، والله ما نلبث إلا يسيراً إلا ومن في القرية كلهم يعرف محاب الله ولا مكارهه، كل ليلة نتعلم مكروهاً أو محبوباً لله، ونعزم على التنفيذ والتطبيق، عام كامل وإذا بأهل القرية كلهم علماء عارفون عابدون أطهار أصفياء.وإن سألتني وقلت: أعطني صورة لهذه القرية، نقول: اسمع! لا يبقى فيها من يخون إخوانه ولا يغشهم ولا يفسد عليهم نسائهم ولا ببناتهم ولا يأكل أموالهم ولا يهينهم ولا يسبهم ولا يشتمهم ولا يكرههم أبداً، كيف هذا؟ نعم. العلم نور الله إذا ملأ القلب وفاضت تلك الأنوار على الشوارع؛ فلا العين تنظر ما حرم الله، ولا الأذن تسمع ما حرم الله، ولا اليد تأخذ وتعطي ما نهى الله، ولا الفرج يأتي ما حرم الله؛ لأن الأنوار تشع منها.وإن قلت: هذا ما هو معقول؟ الآن في قريتكم أعلمكم بالله أتقاكم لله، ابحث عن رجل العلم في قريتك هل تجده فاجراً؟ لصاً؟ فتاناً؟ مغتاباً؟ والله ما كان؛ لأنه علم عرف.. عرفتم هذا وإلا لا؟أهل المدن كذلك، كل حي من الأحياء فيه مسجد عظيم يتسع لنساء الحي ورجالهم، إذا دقت الساعة السادسة وقف العمل وأقبلوا على بيت ربهم يستمطرون رحماته، يبكون بين يديه، فضلاً أن يتعلموا الهدى والنور الذي يغمرهم، وحينئذٍ عام واحد والله إن ميزانية الدولة لتنقص إلى النصف، الشره والتكالب على الدنيا ينتهي، يكثر المال، أهل القرية ما يبقى بينهم جائع أبداً، ولا يمد يده أو يحتال عليهم ليأكل أموالهم لأنه في غنى، وتستغني الدولة بنصف الأمن ورجاله، بل بثلاثة أرباعه، لم؟ كل مواطن هو حارس للأمن.. هل هذا معقول؟ والله لهو الحق، كيف تقول هذا يا شيخ؟ نقول: دولة رسول الله عشر سنين في المدينة كم من زاني زنا وقتل؟ واحد أو اثنين، كم من سارق حصل؟ لا أحد، كم بوليس للرسول؟ والله لا أحد، قولوا: الرسول أنوار النبوة.دولة أبي بكر ثلاث سنوات من سرق في المدينة؟ من زنا؟ من فجر في مكة وغيرها؟ دولة عمر ثلاثة عشر عاماً، كان عندهم بوليس وشرط؟ والله ما عندهم، أبعد هذا تشك يا عبد الله!ما نستطيع يا شيخ نترك أعمالنا، ونقبل على بيت الله نجلس فيه مع النساء والأطفال.. ما نستطيع هذا، إذاً تتوقف الحياة، نقول لهم: أنتم تقتدون بالغرب أم لا؟ في كل شيء حتى في اللقمة تتناولها بيدك اليسرى، تقتدون بهم أم لا؟ إي نعم، إذا دقت الساعة السادسة وأنت في باريس أو برلين أو لندن أو نيويورك يقف العمل.في جبل طارق ركبنا الطائرة من طنجا؛ لنلقي كلمة مع العصر، والمسافة ربع ساعة، وإذا بأحد إخواننا الذين دعوننا يقول لأخيه: عجل بإعداد العشاء، لم؟ قال: لأنها الساعة السادسة ما يبقى مطعم ولا دكان ولا.. لم؟ قال: النظام. الله أكبر! لم؟ قال: الناس يستريحون، يذهبون إلى المسارح والمسابح، ويذهبون المقاصف والمراقص ودور السينما يروحون على أنفسهم، هذا واقع وإلا لا؟ إي ورب الكعبة.ولم نحن ما نستطيع أن نغلق أبواب العمل ونقدم على ربنا نسأله رضاه ونعمه علينا؟ مسحورون أظن، نعم.جهلتنا العصابة اليهودية وساقتنا كالبهائم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.حادثة معينة أقولها لمن يبلغ هذا الكلام؛ لأننا سمعنا من يسخر من هذا الكلام سمعتم؟ يقول: كيف نأتي كلنا إلى المسجد ونترك العمل.الآن أنتم تشتغلون عمالاً في الخارج، وأولادكم بالفجور والباطل والشر في دياركم، لو كانوا معكم كلهم من يفجر في الخارج؟ من يتلصص ويجرم؟ هذه وحدها كافية لو كنا نعقل.علمت يقيناً: أن الشيوعية الحمراء في بعض البلاد.. هنا في حضرموت أو في عدن حدثني الأبناء يومها، يوم الفتنة قال لي: والله ليجمعون أهل القرية نساء وأطفال ورجال بالقوة في القرية ويلقنونهم تعاليم الشيوعية ومبادئها من بعد العصر إلى بعد العشاء كل ليلة، يعلمونهم مبادئهم وإيمانهم بمعتقدهم، في من يلومهم؟ لا، يريدون أن يحولوا هذا الشعب إلى ما يريدونه، ووقع هذا في مصر وكل المستعمرات يومئٍذ، لا بد من جمع الناس بالقوة وتعليمهم الكفر والإلحاد، وإلا كيف يعيشون معهم، فعلوا هذا أو ما فعلوا؟ والله فعلوا، وهذا أبو عبد العزيز يحلف لكم: لقد كان السلطان عبد العزيز تغمده الله برحمته على هذا المنهج، يجمع أهل البادية في القرى ويلزمهم بأن يجتمعوا بعد المغرب وبعد الصبح؛ ليتعلموا العقيدة، فما هي إلا سنوات والتوحيد يلوح في آفاق هذا البلاد، وأصبح العوام موحدين أفضل من علمائكم في دياركم من طريق الكلمة فقط. عرفتم قيمة هذا الاجتماع وإلا لا؟كيف يجمع تلك الأمة يطهرها؟ يبدأ بالمدارس يعلم أولادها، يجمعهم لصلاة الصبح والإمام يقرأ قائمة: فلان فلان فلان، إذا علم أن شخصاً ما حضر يمشي إلى بيته: لِمَ لم تحضر؟ إن كان مريضاً عادوه، إن كان غائباً عذروه، إن كان الشيطان سخر منه يؤدبه، فلا يتخلف رجل عن صلاة الصبح.ويعلمونهم التوحيد وهم عوام لا يعرفون الألف من الباء، وأصبحوا موحدين. هذا أؤكد به هذه الدعوة للعالم الإسلامي إذا أرادوا أن يسعدوا أن يجتمعوا بعد المغرب في مساجدهم بنسائهم وأطفالهم ويتعلمون الكتاب والحكمة، قال الله وقال رسوله وكلهم عزم وصدق في أن يعمل، والله ما هي إلا سنة وقد تغير العالم الإسلامي تماماً، وأصبحوا لو يرفعون أكفهم إلى الله ما ردها خائبة.وهذا لا يمنع أن ينشطوا في الصناعات والماديات طول النهار، بل يزيدهم قوة، أليس كذلك؟نكتفي بهذا القدر، ونعود للآية غداً إن شاء الله.وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|