الموضوع: جفت البِحار
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-01-2021, 07:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي جفت البِحار

جفت البِحار

أسماء زيدان

أمْسَكتُ ورقةً في مقاس نصف ذراعي، وأتيتُ بها، وجعلتُ أثني نصفها، وأطوي طيّاتها. كانت بيضاء، ولم أشأ غير ذلك، فضلا عن أنّني لمْ أكن أمتلك غيرها في ذلك المقاس. لم أكنْ بحاجةٍ إلى مِقصّ؛ فالحزن اكتفى بتلك المهمة، ولم أكن بحاجة إلى صَمغ؛ فالألم أجود ما يُباع الآن في المكتبات!

أخذتُ ألملمُ أْشْلاء الذكريات وألقي بها في قاع تلك الورقة، وانبطحتُ أرضًا فرفعتُ مِلاءة السرير؛ لأستخرج ما تحته من صناديق بدأتُ في نبش بطونها، واللعب بأحشائها، والعبث بتاريخها، ثم أمسكتُ محتواها وألقيت به في القاع، فلحق بأتباعه. وبعد أن أفرغتُ ما في الغرفة، أعددت ورقةً أخرى، لم تكن في قياس الورقة الأولى، كانت في طول أصبع وفي عرض أصبعين!


لم تحتو إلا على كلمتين (إني راحلة!). طويتها وألقيت بها في قاع الورقة الأولى لتكونَ آخر ما يُلقى!

أمسكتُ صنيع يدي، فكانت سفينةً ورقيّة. وفي يدي الأخرى حقيبةٌ سفريّة. سرْتُ في طريقي أعُد خُطاي خطوةً خطوة، حتى وصلتُ إلى الشاطئ.. أنا الآن، وليس بعد قليل، سأمحو نفسي من هذا الوجود، وسأجعل سفينتي الورقية تخطو البحار والأنهار، تجوب الوديان والأقطار، تذهب بلا عودة، ترحل بلا ضوضاء.. لكنّني عندما هممت بإلقائها، (جفَّت البحار!)

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.75 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.37%)]