
09-01-2021, 12:18 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,344
الدولة :
|
|
رد: ديوان الفيض.. بتحقيق: د. ظهور أحمد أظهر (دراسة ونقد)
ديوان الفيض.. بتحقيق: د. ظهور أحمد أظهر
(دراسة ونقد)
د. أورنك زيب الأعظمي
ويقول الدكتور حامد علي خان:
"كان حادًّا ذهنُه، وعاجلًا فهمُه، لم يكن لـه نظير في أيام العرب، والصرف والنحو، والنصوص الأدبية، أصدر مجلة "شفاء الصدور"، التي كانت مشتملة على مقالاته وانطباعاته فحسب"[26].
ويقول الشيخ خليل أحمد السهارنفوري:
"كان للشيخ فيض الحسن الأديب صِيت ذائع في الآفاق لجدارته"[27].
وعلاوة على هؤلاء، فقد رثاه تلميذه الإمام حميد الدين الفراهي[28]، وكرر ذكره الشاعر الإسلامي محمد إقبال، وغيرهما[29].
آثاره القيمة النادرة:
قام العلامة السهارنفوري بتأليف كتب ورسائل مهمة لم تصل إلينا بكاملها، فالتي وصلت إلينا نذكرها فيما يلي:
1 - تعليقات الجلالين
2 - حل أبيات البيضاوي[30]
3 - حاشية على مشكاة المصابيح[31]
4 - التحفة الصديقية
5 - رياض الفيض
6 - الفيضي، شرح ديوان الحماسة
7 - حاشية على ديوان حسان بن ثابت
8 - حاشية على ديوان النابغة
9 - أنساب وأيام العرب
10 - فيض القاموس
11 - عروض المفتاح
12 - شرح تاريخ تيموري
13 - خلاصة كتاب إيلاقي
14 - قرابادين فارسي
15 - فيضية
16 - نسيم فيض
17 - روضه فيض
18 - جشمه فيض
19 - مثنوي صبح عيد
20 - كلزار فيض
21 - ديوان الفيض
22 - مجلة "النفع العظيم"
23 - مجلة "شفاء الصدور"[32]
وفيما يلي بعض الأضواء عليها:
1- تعليقات الجلالين: هذا شرح موجز لمعضلات تفسير "الجلالين"، جزؤه الأول المشتمل على سورة الفاتحة حتى سورة بني إسرائيل تم طبعه في 1287ﻫ من مطبع المعهد، علي كره، وأما جزؤه الآخر فقد بقي غير مطبوع؛ لقلة الأموال، وهو في صورة مخطوط حتى الآن[33]، اعتنى فيه العلامة بجانب حل معضلات "الجلالين" بالاستدلال بكلام العرب في فهم المفردات والاحتجاج بالقرآن، لا سيما نظمه في الإدلاء برأيه في التفسير، كما استفاد من الأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين وأبرز المفسرين، إنه تفسير جميل[34].
2- الفيضي، شرح ديوان الحماسة: ديوان الحماسة لأبي تمام من أهم وأبرز مختارات الشعر العربي التي نالت قبولًا عامًّا بين طلاب الأدب العربي والباحثين فيه، ونظرًا لأهمية هذا المجموع الشعري قام عديد من الأدباء بشرحه، وتوضيح معضلاته، وتحقيق ما جاء فيه، وأكثر هذه الشروح تداولًا هو ما قام به العلامة التبريزي، ولكنه أيضًا غير تام، ولا موثوق به؛ فقد قام العلامة فيض الحسن السهارنفوري بشرحه المفصل بجانب الإشارة إلى أخطاء الشارحين، التي لم يقف عليها أحدنا، يشتمل هذا الكتاب على 800 صفحة، وطبع من مطبع نول كشور في يناير 1877م.
يمتاز هذا الشرح بما يأتي:
• راجع الأستاذ السهارنفوري في شرحه شرح التبريزي، والأغاني، وكتاب ابن خلكان، ومقدمة وتاريخ ابن خلدون، والكامل، والإصابة، وأسد الغابة، وغيرها من الكتب في الموضوع.
• قام بتعريف الشعراء وتمييزهم عن الجاهلي والمخضرم والإسلامي.
• حل عقد المفردات الصعبة بجانب ذكر الأنساب.
• أشار، خلال الشرح والتوضيح، إلى أخطاء الشارحين في حل المفردات، وذكر الأنساب، ومعاني الشعر.
• واستدل كثيرًا بالقرآن والأحاديث في شرح الأبيات[35].
3- رياض الفيض: هذا شرح المعلقات السبع: لامرئ القيس، وطرَفة بن العبد البكري، وزهير بن أبي سُلْمى، ولَبيد بن أبي ربيعة العامري، وعنترة بن شداد، وعمرو بن كلثوم، وحارث بن حلزة اليشكري، يحتوي الشرح على 471 صفحة، وتوجد له نسخة خطية في المكتبة المركزية لمدرسة الإصلاح، أعظم كره، الهند، تم طبعه من مطبع أنجمن لاهور في مارس 1884م، يتميز هذا الشرح بأنه كامل مفصل، وكتب بالعربية، مع ترجمة الأبيات بالفارسية والأردية، ولمزيد البيان عن هذا الكتاب الجامع أنقل هنا مقدمته، فهو يقول:
"الحمد لله الذي شرح صدري لشرح الكتب، ورفع عني الأستار والحجب، فلا أبالي بما قل أو كثر، ولا أحجم عما صغر أو كبر، والصلاة على من هو الصادق المصدوق، والسابق المسبوق، وهو خاتم الرسل، وخير من يهدي السبل، وعلى آله الكرام، وأصحابه العظام، ومن تبِعهم إلى يوم القيام، لمؤلفه، بيت:
قومٌ همُ السادة البيض الكرام لهم 
فضلٌ وفوزٌ بما شاؤوا من الرُّتَبِ 
كلٌّ أعزُّ كريمٌ صالحٌ حسنٌ 
حلوٌ حبيبٌ شريفُ النفس والنسبِ 
تُحصَى النجومُ ولا تُحصَى مناقبُهم 
فإن أخذتَ فقد ألقيتَ في التعبِ 
وبعد، يقول الفيض السهارنفوري القرشي الحنفي: إنه لما كانت السبع المعلقات كالسبع الشداد، ولم يسلك شارحٌ من شرَّاحها مسلك السداد، وقد تناولها الرائغون بفنون الأدب، وتداولها المغرمون بلسان العرب، أردت أن أشرحها شرحًا وافيًا، وأكشف عنها كشفًا كافيًا، ثم حثني عليه رجسترارنا (المسجل) المشهور في المشارق والمغارب، بحسن الشمائل وكرم المناقب، جي دبليو ليتز صاحب، بيت:
له همم لو كان في الدهر مثلها 
لكان لنا ما كان خيرًا وأصلحا 
أتيناه من أرض بعيد نياطها 
فلولاه ما سرنا وما كن رزحا 
فشرحتها على أن فسرت بالعربية لغاتها، وما يتعلق بها من صلاتها ومحاوراتها، وترجمت أولًا بالعربية ثم بالفارسية ثم بالهندية جميع أبياتها؛ لئلا يطول ألقاب بلا طائل؛ فإن بيان الصلات ونحوها على من لا يعلم العربية ولو كان بلسانه لا يرجع إلى حاصل، ثم إني كتبت قبل كل قصيدة منها ترجمة صاحبها وما يذكر فيها؛ ليكون بصيرة لمن ينظر فيها، وإنما سميت هذه القصائد معلقات؛ لأنها كانت معلقة على ركن من أركان الكعبة في الجاهلية، ولو كانت الأولى أولى المعلقات وأولى بالتعليق، ثم علقت الستة الباقية لما أن الأولى أحسن نظرًا وأجود سبكًا؛ فإن امرأ القيس كان من أبناء الملوك، وقد قيل: إن كلام الملوك ملوك الكلام، وأما سائرهم فكانوا من الأعراب، هذا ولا أرجو إلا القبول في حياتي، والدعاء بعد مماتي، وكل شيء هالك إلا وجهه"[36].
4- التحفة الصديقية وما شابهها: هذا و"حل أبيات البيضاوي"[37]، و"حاشية على مشكاة المصابيح"، شروح وتعليقات للقرآن والأحاديث؛ فالأول شرح لحديث أم زرع، أهداه إلى صديقه الحميم السيد صديق حسن خان القنوجي، والثاني شرح مفصل لأبيات البيضاوي، تفسير شهير تم تقريره في المدارس الهندية والباكستانية، والثالث شرح مخطوط[38] لمعضلات مشكاة المصابيح.
ذكر في هذه الشروح والحواشي آراء الأئمة والعلماء البارزين.
5- فيض القاموس: هذا شرح لـ "خطبة القاموس" لمجد الدين الفيروزابادي، ويحتوي على 59 صفحة، تم تأليفه في 1299ﻫ، طبع هذا الشرح على نفقة الحاج كلب علي خان والي رامفور من مطبع أنجمن لاهور، يتمتع الكتاب بمقدمة تحتوي على 26 سطرًا، وتشمل معلومات قيمة عن الموضوع.
6- فيضية: هذا كتيب في 42 صفحة عن علم المناظرة، قام العلامة بكتابته بطلب من مسجل الكلية جي دبليو ليتز، يحتوي الكتيب على مقدمة وفصول وخاتمة، تم طبعه من مطبع أنجمن بنجاب، لاهور سنة 1882م.
7- ديوان الفيض: هذا أروع ما خلفه العلامة من آثاره العلمية والأدبية؛ فهو يشمل 1549 شعر، توجد نسخة له خطية في المكتبة المركزية لمدرسة الإصلاح؛ حيث كان الفراهي مديرًا لها، ناسخها السيد أبو محمد، وانتهى نسخها في الثاني من ذي الحجة لسنة 1311ﻫ، قام تلميذه الرشيد الإمام عبدالحميد الفراهي بطبعه في 1334ﻫ من مطبع أختر دكن بحيدر آباد، ونشره، وهذا كله حدث على نفقته الخاصة، ولو أنه لم يشر إلى ذلك، وكذا صدرت له طبعة أخرى من باكستان في 1416ھ.
وبجانب هذه القصائد له توطئات وتوصيات ومقدمات منظومة على مختلف الكتب المهمة، من مثل: "لقطة العجلان"، و"التحفة الصديقية"، و"فتح البيان في مقاصد القرآن"، وسأتكلم عن هذه المجموعات في فصل مستقل.
8- جشمه فيض وما شابهها: هذا و"روضه فيض" و"صبح أميد" مجموعات لشعره المثنوي؛ فالأولان باللغة الفارسية، وأما الآخر فهو باللغة الأردية، ومع ذلك هناك ديوان لشعره الفارسي، يعنون "نسيم فيض"، وديوان لشعره الأردي يسمى "كلزار فيض".
9- مجلتا "النفع العظيم" و"شفاء الصدور": هاتان مجلتان تم إصدار أولاهما بيدي العلامة السهارنفوري حين إقامته بعلي كره، ولكنها مجهولة اليوم، فلا توجد أي نسخة منها، وأما الأخرى فقد أصدرها قسم اللغة العربية وآدابها بكلية لاهور الشرقية، فكان العلامة مديرها، وهي خير نموذج للأدب العالي الصحفي، ودليل على براعته في هذا المجال، نذكر فيما يلي العبارات التي خالف فيها العلامة حركة السير سيد أحمد خان حينما زاره خان ودياره لجمع التبرعات لفكرته التي أساءت عديدًا من العلماء، فهو يقول:
"إني لا أذكر شيئًا من الأمور في هذا الأخبار إلا ما رأيت بعيني أو سمعتُ بأذني على توثق أو استناد من الأخبارات الجارية في البلاد والأمصار إذا كان مما يجوزه العقل السليم والطبع المستقيم، فمن ذلك ما رأيته وما سمعته من تعظيم السيد أحمد خان في الفنجاب (Punjab)، حيث عظمه وبجله أهل الفنجاب مما أنهم استقبلوه ورحبوا به، وقدموا إليه النذورَ والتقادم، وتلوا عليه ما كتبوه لـه وإليه، وأيدوا مدرسته بالأنفس والأموال، ولم يكن ذلك إلا لاعتقادهم فيه، وتصديقهم إياه فيما قال أو يقول، والله لو ادعى للولاية والإمامة بل النبوة بل الألوهية لصدقوه بالقلب واللسان، ولآمنوا به، وأذعنوا لـه غاية الإذعان، ولكنه لم يدعِ للولاية؛ لما أنه لا يعد الولاية شيئًا، ولا النبوة؛ لما أنه لا يعد تصديقَ النبي ضروريًّا في الإسلام، ولا الألوهية لتنافي الظاهر بين البشرية والألوهية، وهؤلاء المعتقدون رجالٌ إذا جاءهم دجال من الدجالين الذين يأتون قبل القيامة - كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم - لصدقوه باللسان والجنان، إن رغبتهم في منافع الدنيا شيء يعتقد به لا غير، ليسوا سواء، فمنهم من آمن به، ومنهم من كفر، ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ويستفاد من "آفتاب الفنجاب" المطبوع في ثلاثين من الشهر الماضي أن الهنود أيضًا أيدوا مدرسة العلوم المذكورة بشيء من المال، واعترض عليه هندكي بأن المسلمين الذين هم في سائر بلاد الهند لم يأتوا من العرب، بل الأصل أن آباءهم وأجدادهم كانوا هنودًا في الأصل، فأسلموا خوفًا على أنفسهم وأموالهم، فتسلط المسلمون عليهم حتى أخذوا نساءَ الهنود وضيعاتهم وأموالهم، وهدموا معابدهم، وبنوا المساجد عليها، وكسروا أصنامهم وذللوها، فإن كانت لهم قوة ومنعة كما كانت لهم في العهد الماضي هدموا المعابد وكسروا الأصنام، والهنودُ قومٌ لا عقلَ لهم ولا شعور، ولا يتدبرون في المنافع والمضار، فمن قال لهم ما بطرت به أنفسهم وخدعتهم بأدنى شيء، فهم ينخدعون به، ولا يعلمون أن من يتعلم في تلك المدرسة من المسلمين يكون الأسد، ويصيد من الهنود كما صادهم مَن قبلهم، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد للهنود أن يقيموا مدارسَهم الدينية، ويبذلوا فيها أنفسهم وأموالهم".
أقول: ولعل هذا الهندكي لا يعلم حقيقة مدرسة العلوم المذكورة، فإنها لا يدرس فيها ما ينافي دينَ الهنود؛ حيث منافعها مقصورة على منافع الدنيا، وهي أكبر همهم؛ ولذلك أيدها من أيدها من الهنود، ولو كانت تلك المدرسة كمدارس بلادنا - سلمها الله تعالى من الشرور والآفات - لما أعطى هندكي شيئًا قليلًا في إمدادها، كما هو مجرب مشاهد، على أن مدرسة العلوم ليست مختصة بتعليم أهل الإسلام حتى يخافَ منها، بل يتعلمُ فيها الهنود والمسلمون ما يُفيد الدنيا، ويُبيد الدين؛ وذلك لشيوع تعلم اللسان الإنجليزي فيها، واعتقادهم أن سبب الرزق منحصر فيه، وأن كل كمال من كمالات الإنسان لا يبلغ مرتبة من المراتب العالية إلا به، حتى زعمه من صرف برهة من عمره العزيز في العلوم العربية ثم تعلق بتلك المدرسة منذ مدة يسيرة، اللهم أعذني من وساوس الشيطان وهمزاته"[39].
أضواء على المخطوط والمطبوع: كل ما عثرت عليه من مجموعات شعر العلامة فيض الحسن السهارنفوري وقصائده ومنظوماته على حدة، قسمته إلى أربعة كما يلي:
القسم الأول: وهو مخطوط ديوانه الذي عثرتُ عليه في المكتبة المركزية لمدرسة الإصلاح، سرائ مير، أعظم كره، الهند، هذه المدرسة قام بإدارتها أرشدُ وأبرزُ تلامذته: العلامة عبدالحميد الفراهي (1349ﻫ/1930م)، تم نسخ هذا المخطوط بقلم السيد أبي محمد في الثاني من ذي الحجة سنة 1311ﻫ؛ أي: بعد موت الشاعر بتسعة عشر يومًا وستة أشهر وسبع سنوات، خطه النستعليق.
حجمُ المخطوط 7*4 سمات، وفي كل صفحة إما 12 سطرًا أو 11 سطرًا، ولا يزيد عليها ولا ينقص، وهكذا فيحتوي المخطوط على 65 قصيدة في 120 صفحة.
وجدتُ في هامشه أبياتًا نسخها الفراهي، وهي بدورها زيدت في المطبوع؛ فهي إذًا من رواية الفراهي لقريض الشاعر، وكذلك وجدتُ أن الفراهي قام بتصليح الديوان، فتارةً بدل كلمة بكلمة أخرى، وتارة ثانية غير البيت أو جزءًا منه بأصله، كما ملأ الفراغ الذي كان في المخطوط.
القسم الثاني: وهي روايات تلميذ الشاعر عبدالحميد الفراهي، وهي قصيدة واحدة، وضعها الفراهي بعد القصيدة التي تتحدث عما سرق من أثاث الشاعر، وتبتدئ بـ: "ألم ترَ أن المال غادٍ ورائح"، كما هو الظاهر من الرقم، ولكنها جاءت في المطبوع قبل تلك القصيدة، وضعتها في هذا القسم مميزًا المخطوط من المطبوع، وعلى هذين القسمين يشتمل ديوان الشاعر المطبوع، الذي رأى النورَ في سنة 1334ﻫ؛ أي: بعد موته بثلاثين عامًا.
القسم الثالث: وهي القصائد التي عثرتُ عليها خلال بحثي عن كلامه المنظوم ودراستي لهذا النابغة الهندي، معظمها تقاريظ كتبها الشاعر على مختلف الكتب القيمة، إنها 11 قصيدة وتوطئة منثورة،
وبجانب هذا تلك الروايات لمختلف الأبيات، التي عثرت عليها في المصادر الأخرى، مثلًا رواية "لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان" للقصيدة التي قالها العلامة بمناسبة زواج النواب صديق حسن خان البوفالي، ورواية صاحب "قصائد قاسمي" للقصيدة التي قرضها العلامة في مدح السلطان عبدالحميد خان والي تركيا آنذاك، ورواية العلامة عبدالحي الحسني لنفس القصيدة التي هي في مدح السلطان عبدالحميد خان، والتي نقلها العلامة الحسني في كتابه الشهير "نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر"، هذه كما تفيد القارئ علمًا، فكذلك تشير إلى وجود الروايات الأخرى لقريض الشاعر، التي قد ذهب بها الدهر.
القسم الرابع: وهي الطبعة الجديدة لديوان الفيض المطبوع، التي صدرت في باكستان، قام بها الأستاذ الدكتور ظهور أحمد أظهر، الذي ينشر دواوين الشعراء الهنود للعربية من قبل المجمع العلمي الباكستاني في لاهور، وهذا ثاني الدواوين التي برزت إلى حيز الوجود، قام الدكتور الباكستاني بتبديل بعض الكلمات والتعابير في النص، كما حاول إقامة العوج المطبعي الذي حدث في الطبعة الدكنية، يقول الدكتور وهو يحكي ما قام به:
"وكانت طبعة الديوان الأولى الحجرية في سنة 1334ﻫ/1915م بمدينة حيدر آباد الدكن، وفي مطبعتها المعروفة بمطبعة (أختر دكن)؛ أي: نجمة دكن، وهو الكتاب الخامس والخمسون بعد المائة من إصدارات تلك المطبعة، فكأن ديوان الشيخ الفيض قد طبع بعد وفاته بثلاثين عامًا تقريبًا، حيث توفي الفيض بلاهور في 1304ﻫ/1886م، وقد يكون من المفيد المرغوب فيه عند الدارسين لهذا الديوان ما جاء على غلاف هذه الطبعة الحجرية، وهذا نصه: "ديوان الفيض للإمام العلامة صاحب البراعة واللسن مولانا فيض الحسن أستاذ اللغة العربية في أورينتل كالج، لاهور، المتوفى 1304ﻫ، طبع في مطبعة أختر دكن (رقم 255) ببلدة حيدر آباد دكن سنة 1334ﻫ".
فهذه العبارة التي توضح جليًّا عنوان الديوان واسم شاعره وألقابه ومهنته وتاريخ وفاته وتاريخ الطبعة الأولى لديوانه - هي كل ما يوجد في الديوان المطبوع غير شعر الشاعر؛ فالديوان لا يضم المقدمة أو التعريف بالشاعر، أو شيئًا من التعليق على شعره إلا تلك الكلمات أو الجمل أو العبارات التي وردت في الديوان قبل كل قطعة أو قصيدة كالعنوان أو المدخل للقصيدة أو القطعة، ونرى أن هذه الجمل أو العبارات لم يُضفها الشاعر إلى ديوانه، ولم تكن في الأصل المخطوط له، وإنما أضيفت هذه العبارات كلها فيما بعد، عند الطبع، وقام بذلك إما أحدٌ من تلاميذ الشيخ (وربما كان هو العلامة المفسر الشيخ حميد الدين الفراهي، رحمه الله، المتوفى سنة 1339ﻫ/1931م، من أبرز تلاميذ الشيخ الشاعر؛ فهو الذي كلف المطبعة بطبع الديوان، أو أرسل إلى أصحابها نسخة الديوان التي كانت لديه)، أو قام به بعضُ من أشرف على طبع الديوان من عمال المطبعة، وأيًّا كان فإن الذي أضاف هذه الكلمات أو العبارات التي جاءت في مفتتحات القصائد والقطعات الشعرية، والعبارة التي جاءت على غلاف الديوان المطبوع، والتي قد مرت بنا آنفًا وأوردناها بنصها، فإن الذي أضاف ذلك كله لم يكن على مكانة من العلم بالعربية، ولم يكن يتقنها كتابة وتعبيرًا، وحاشا أن يكون ذلك هو الشيخ الفيض رحمه الله، ويتضح ذلك بالنظر في تلك الجمل أو العبارات، وذلك مما لا يحتاج إلى المزيد من التوضيح أو الشواهد والدلائل"[40].
أصاب الدكتور في مواضع، كما زلَّت قدماه في مواضع أخرى كثيرة، فقمت بدراسة نقدية لهذه الطبعة، قارنت فيها المطبوع بالمخطوط الذي هو موجود عندي، والذي لم يظفر به فضيلة الدكتور، وأما الأخطاء والأوهام التي وردت في المقدمة فسأتكلم عنها في موضع آخر.
إن الشيخ حميد الدين الفراهي شاعر عربي كبير، وهو طبع الديوان من المخطوط بتصرف قليل رآه أصح مما في الأصل، والعبارات التي جاءت قبل كل قصيدة أو قطعة كلها موجودة في الأصل المخطوط، سوى ما كتب في لوح الديوان، وليس فيها خطأ، بل هو سجع سلس جميل يؤدي المراد تامًّا بإيجاز بالغ.
أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم، مؤمنًا بأني لستُ ببريء من الخطأ والزلة، وأنتقد الطبعة، بحيث أذكر الأبيات مع صفحة الطبعة الباكستانية أولًا، والزلات ثانيًا، وإن وجَد أحدٌ شيئًا من الخطأ أو الشك، فالمرجو منه الإشارة إليه؛ فالباب مفتوح للنقد والتصليح، ومن جاء به فله مني بالغ التشجيع، وجزيل الشكر:
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|