الموضوع: مقامات الجريري
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-01-2021, 05:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقامات الجريري

وفيها تنتحر العينان، قال طوقان:
حسب المعلم غمَّة وكآبةً
مرأى الدفاتر بكرةً وأصيلا

مائة على مائة إذا هي صلحت
وجد العمى نحو العيون سبيلا


وفيها تنتحر الجهود المبذولة، وتخيب الآمال المأمولة، وفي هذا الشأن قال طوقان:
ولو أن في التصليح نفعًا يرتجى
(....) لم أكُ بالعيون بخيلا

لكن أصلِّح غلطة نَحْوية
مثلاً وأتّخذ الكتاب دليلا

مستشهدًا بالغرِّ من آياته
أو بالحديث مفصلًا تفصيلا

وأغوص في الشعر القديم فأنتقي
ما ليس ملتبسًا ولا مبذولا

وأكاد أبعث سيبويه مِن البِلى
وذويه من أهل القرون الأولى

فأرى حمارًا بعد ذلك كلِّه
رفَع المضاف إليه والمفعولا


وفيها ينتحر كيان الإنسان، قال طوقان:
لا تعجَبوا إن صحتُ يومًا صيحة
ووقعتُ ما بين البنوك قتيلا

يا مَن يريد الإنتحار، وجدته
إنَّ المعلِّم لا يعيش طويلا


قال أبو المعارك سعيد مبارك: وبعد ذلك ظهرت أعراض أمراض، مؤذنة بالانقراض، فصِرت طريح الفراش، محالاً إلى المعاش، فأحمد الستار، أنه ما كان الانتحار بما يوجب النار، ويجلب العار.
عدنيت: قرية صغيرة تصاقب الريدة الشرقية من جهة الغرب.
18 / 2 / 1428هـ.
2007م.

المقامة السابعة

النجم الوقاد الذي تنتظره الوهاد والنجاد

قال ابن حيدين: ثار بي شوق وحنين، فرحلت إلى مسجد عثمان؛ لزيارة الإخوان والخلاَّن، فلما التقينا بعد طول غياب، والأُنس بيننا طاب، قلت: يا معشر الأحباب، لقد سعيت إليكم السعي الحثيث، فأتيحوا لي فرصة للحديث، فقالوا: هاكها، فقلت: يا أحبابي وأصحابي، إنَّ الأعرابي (أستاذ التاريخ) عمَّا قليل سيقال: إنه داعية إسلامي وشيخ، فاندهشوا ورموني بالأبصار، وبدا عليهم الاستنكار، ورام بعضهم الفرار، ولم يقبل الحوار، فقلت: الانتظار الانتظار، حتى تسمعوا آخر الأخبار، فقالوا: هات، وجنبنا المبالغات، فقلت: ولكنها مِن خير المفاجآت.. إنَّ أستاذ التاريخ، له همة تبلغ المريخ، وقد استعد بعد ما وعد أن يواصل الخروج مع كل فوج، من جماعة الدعوة والتبليغ، وهو صاحب القول البليغ.. فمتى ما كتبت له الهداية والتوفيق، وثبت قدمه على الطريق، فسيكون له بإذن الله شأن عظيم، يقر به كل ذي عقل سليم، وفكر مستقيم؛ لِما يتمتع به من مواهب، تثبتها كل المذاهب، فقال شيخهم: زِدْنا من أخباره، وأطلِعْنا على أسراره؛ فإنه طيب السريرة، ومن نوابغ الجزيرة، فقلت: هو متكلِّم ومتعلم.. فإذا كان في البيان آية، فسيكون في الوعظ مرتفع الراية، ستعرفه المحاريب والمنابر، وتتذكر به وعَّاظ الزمن الغابر، تتجاذبه البوادي والحواضر، ويأسِر الأسماع والنواظر، وسيكتسب الثناء العريض، من أرباب القريض، وسيكون له وُدٌّ خاص، في قلوب قاطني المشقاص، وسيروي عنه المؤرخ والقاص، أخبارًا هي سبائك الخلاص، فقال القوم: إن صدقت الفِراسة، وتبيَّنت الكِياسة، فإنه (النجم الوقَّاد، الذي تنتظره الوهاد والنجاد)، ثم إنَّ الجمع، أسبل الدمع، رافعًا الأيدي بالدعاء، إلى رب الأرض والسماء: اللهم يا عظيم المنة، اسلُكْ به سبيل الجنة، واجعله من رافعي راية الكتاب والسنَّة، ووفِّقه لكل خير، وادفع عنه كل ضير؛ فإنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، فارتَجَّ المسجد في الحينِ بالتأمين.

قال ابن حيدين: ثم إني قفلت إلى الحافة، موطن الرأفة والثقافة، تاركًا القوم في نهاية الفرح، وغاية المرح.
11/ 1 / 1427هـ.
2006م.

المقامة الثامنة

إشابة رأس الوليد بخبر المعيد البليد

قال المدير الذكي خالد علي: رأيت في مساق البكالريوس، طلابًا هم البقر والتيوس، قد لفَّتهم البلادة، لا همَّ لهم إلا الشهادة، فعلمت أنَّ العلم نكست راياته، وقلَّ مَن يطلب غاياته، وأنَّه أصابته الآفات، لا سيما في المعاهد والجامعات.. إذ صارت بعد أن خارَتْ مصنعَ الموظفين، على ما فيهم من خلق دفين.. وهل ينال علمًا، ويكسب حِلمًا مَن يلازم الملازم؟ وهل يرتقي إلى المرتقى السني مَن يهجر الكتاب هجر المكان اليباب؟ ثم إن الأساتذة الأوفياء، يكرسون هذا البلاء، بعملهم واللفظ؛ إذ يهتمون بالحفظ، وأما التحليل والتعليل، والتحقيق والتطبيق، والتدقيق والتنسيق، والإبداع والاختراع، والبحث والتصنيف، والنقد والتأليف، فعليهم السلام، كل عام.. ومن وبيل البلاء، المثير للبكاء، المشيب رأس الوليد، خبر المعيد البليد؛ إذ كان أيام الدراسة، يركب راسَه، وعنده الكسل عسل.. آماله نائمة، آخر القائمة، التحق بقسم التاريخ، فرارًا مِن التدويخ، وبالكر والفر، والدفع والجر، أكمل السنوات، مقبول الدرجات، وكان في هذه الدفعة، طالب بادي الرفعة.. كل سنة ما حاز، إلا الامتياز، وبقدرة قادر صار الغبي السادر معيدًا، والذكي النادر بعيدًا، وهذا من المفارقات العجيبة، والمقترفات الغريبة، وإحدى المِحَن المنتشرة في اليمن.. والتمس نفر من البشر عذرًا للعمادة، بقَبول صاحب البلادة، حتى يمثلها سفيرًا فوق العادة!

قال المدير الذكي خالد علي: لما ترامى هذا الخبر إلى سمعي، فجَّر ينابيع دمعي، ومزَّق نياط قلبي، وأذهب لبي، حتى كدت أصفع عميد الكلية، صفعة قوية، وأرمي رئيس الجامعة، بالصواريخ القامعة.
7 / 7 / 2008م.

تمَّت بحمد الله وفضله






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]