الموضوع: شرح اسم الرب
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-01-2021, 08:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح اسم الرب

شرح اسم الرب
الشيخ وحيد عبدالسلام بالي



المَعْنَى فِي حَقِّ الله تَعَالَى:
قال الطبريُّ بعد ذكرِهِ للوجوهِ الثلاثةِ التي تقدَّمَتْ في معنى الرَّبِّ:
"وقد يتصرَّفُ أيضًا معنى الربِّ في وجوهٍ غيرِ ذلك، غيرَ أَنَّها تعُودُ إلى بعضِ هذه الوجوهِ الثلاثةِ، فربُّنا جلَّ ثناؤُه السَّيِّدُ الذي لا شِبْهَ له ولا مِثْلَ في سُؤْددِهِ، والمصْلحُ في أمْرِ خلْقِهِ بِما أسبغَ عليهم مِنْ نِعَمِهِ، والمالِكُ الذي له الخلْقُ والأمْرُ"[12].

قال ابنُ الأثير: "الرَّبُّ يُطْلَقُ في اللُّغةِ على المالكِ والسَّيِّدِ والمدَبِّرِ والمُرَبِّي والقيِّم والمُنْعِمِ.
ولا يُطلقُ غيرَ مضافٍ إلا على اللهِ تعالى، وإذا أُطْلِقَ على غيرِهِ أُضيفَ، فيقال: رَبُّ كذا"[13].

قال ابنُ كثيرٍ: "والرَّبُّ هو المالِكُ المتصرِّفُ، ويُطلقُ فِي اللُّغةِ على السَّيِّدِ وعلى المتصرِّفِ للإصْلاحِ، وكلُّ ذلك صحيحٌ في حقِّ اللهِ تعالى.

ولا يُستعملُ الربُّ لغيرِ اللهِ، بل بالإضافةِ، تقولُ: رَبُّ الدارِ، رَبُّ كذا، وأما الربُّ فلا يُقال إلا للهِ عز وجل"[14].
وقال عبد الرحمن السعدي: "(الربُّ) هو المُرَبِّي جميع عباده بالتدبيرِ وأصنافِ النِّعَمِ.

وأَخَصُّ مِن هذا: تربيتُه لأصْفيائِهِ بإصْلاحِ قلوبِهم وأرواحِهم وأخلاقِهم؛ ولهذا كَثُر دعاؤهم له بهذا الاسمِ الجليلِ، لأنهم يَطلبون منه هذه التربيةَ الخاصَّةَ"[15].

ثمراتُ الإيمان بهذا الاسمِ:
1- إِنَّ اللهَ سُبحانه هو الربُّ على الحقيقةِ، فلا رَبَّ على الحقيقةِ سِواهُ وهو ربُّ الأربابِ ومالكُ المُلكِ، ومَلِكُ الملوكِ سبحانه وتعالى.

قال القرطبيُّ: "فالله سبحانه ربُّ الأربابِ، ومعبودُ العُبَّادِ، يَمْلكُ الممالِكَ والملوكَ[16]، وجميعَ العبادِ، وهو خالقُ ذلك ورازِقُهُ، وكلُّ ربٍّ سواه غيرُ خالقٍ ولا رازقٍ، وكلُّ مخلوقٍ فَمُمَلَّكٌ بعد أَنْ لم يَكُنْ، ومُنتَزَعٌ ذلك مِن يدِهِ، وإنما يملكُ شيئًا دون شيءٍ.
وصفةُ اللهِ مخالفةٌ لهذا المعنى، فهذا الفرقُ بين صفاتِ الخلْقِ والمخلوقين.

فأما قولُ فرعونَ لعَنَهُ اللهُ إِذْ قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، فإِنَّه أرادَ أن يَستبدَّ بالربُوبيةِ العاليةِ على قومِهِ، ويكونَ ربَّ الأرباب فيُنازِع اللهَ في ربوبيتِهِ ومُلكِهِ الأعلى ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾ [النازعات: 25].

وقد قِيلَ إنَّ الربَّ مُشتقٌّ مِنَ التربيةِ، فاللهُ سُبحانَهُ مدبِّرٌ لخلقِهِ ومُربِّيهم ومُصلحُهم وجابرُهُم والقائِمُ بأمورِهم، قيُّومُ الدُّنيا والآخرةِ، كلُّ شيءٍ خَلْقُه، وكلُّ مذكورٍ سِوَاه عبدُهُ وهو رَبُّه، لا يصلحُ إلا بتدبيرِه، ولا يقومُ إلا بأمْرِهِ، ولا يَرُبُّه سِواهُ.

ومنه قولُه تعالى: ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ﴾ [النساء: 23]، فَسَمَّى ولدَ الزَّوجةِ ربيبةً لتربيةِ الزَّوجِ لها.

فعلى أَنَّه مدبرٌ لخلقِهِ ومُربِّيهم ومُصلِحُهُم وجابرُهم يكونُ صفةَ فعلٍ، وعلى أَنَّ الربَّ المالكُ والسيدُ يكون صفةَ ذاتٍ" اهـ[17].

ويُبيِّنُ الحليميُّ أن اللهَ سُبحانه يَرْعى العبادَ ويربيهم في أحوالِهم وأطوارهم المختلفةِ، فيقولُ: "(الربُّ) وهو المُبَلِّغُ كلَّ ما أبدعَ حدَّ كمالِهِ الذي قَدَّرَهُ له.

وهو يَسُلُّ النُّطفةَ من الصُّلبِ ويجعلُها علقةً، والعلقةَ مُضْغةً، ثم يجعلُ المُضْغَةَ عِظامًا، ثم يكسو العظامَ لحمًا، ثم يخلُق في البَدَنِ الرُّوحَ، ويخرجُهُ خَلقًا آخَرَ، وهو صَغِيرٌ ضَعِيفٌ، فلا يزال يُنميه ويُنشِئُه حتى يجعلَه رَجُلًا، ويكونُ في بدءِ أمرِهِ شابًّا ثم يجعلُه كهلًا ثُمَّ شيخًا. وهكذا كلُّ شيءٍ خلَقَهُ فهو القائِمُ عليه به، والمُبلغُ إيّاهُ الحدَّ الذي وصَفَهُ وجعلَهُ نهايةً ومقدارًا له"[18].

2- فمَنْ عَرَفَ ذلك لم يَطلبْ غَيرَ اللهِ تعالى له ربًّا وإلهًا، بل رَضِيَ به سبحانه وتعالى ربًّا، ومَنْ كانت هذه صِفَتَهُ ذاق طعمَ الإيمانِ وحلاوتَهُ، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ذَاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَنْ رَضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمدٍ رسولًا"[19].

قال القاضي عياضٌ رحمه الله: "معنى الحديثِ: صَحَّ إيمانُه، واطْمَأنَّتْ به نفسُه، وخامَر باطِنَهُ؛ لأنَّ رضاه بالمذكوراتِ دليلٌ لثبوتِ معرفَتِهِ، ونفاذِ بصيرتِهِ، ومخالَطَةِ بشاشتِهِ قلبَهُ؛ لأنَّ مَنْ رَضِيَ أمْرًا سَهُلَ عليه، فكذا المؤمنُ إذا دَخَلَ قلبَهُ الإيمانُ سَهُلَ عليه طاعاتُ اللهِ تعالى، ولذَّتْ له، واللهُ أعلم"[20].

3- وقد تكلَّم العلَّامةُ ابنُ القَيِّمِ عن ارتباطِ اسم (الربِّ) باسمِ (اللهِ) و (الرحمن) كلامًا جيدًا حيثُ يقولُ:
"وتأمَّلْ ارتباطَ الخَلْقِ والأمْرِ بهذه الأسماءِ الثلاثةِ، وهي (الله، والربُّ، والرَّحمنُ)، كيف نشأ عنها الخلْقُ، والأمرُ، والثوابُ والعِقَابُ؟ وكيف جَمَعتِ الخلْقَ وفرقتْهُم؟ فلها الجمْعُ، ولها الفَرْقُ.

فاسمُ (الربِّ) له الجمْعُ الجامعُ لجميعِ المخلوقاتِ. فهو ربُّ كلِّ شَيءٍ وخالِقُه، والقادِرُ عليه لا يخرجُ شيءٌ عن ربوبيتِهِ، وكلُّ مَنْ فِي السماواتِ والأرضِ عَبْدٌ له فِي قبضتِهِ، وتحتَ قَهْرِهِ، فاجتمعوا بصفةِ الربوبيةِ، وافترقوا بصفةِ الإلهيَّةِ، فَأَلَّهَهُ وَحْدَهُ السُّعداءُ، وأقرُّوا له طوعًا بأَنَّه اللهُ الذي لا إلَهَ إلا هو، الذي لا تنبغي العبادةُ، والتَّوكُّلُ، والرَّجاءُ، والخوف، والحبُّ، والإنابة، والإخْبَات، والخشية، والتذلُّل، والخضوع له.

وهُنا افترقَ الناسُ، وصاروا فريقين: فريقًا مشرِكين في السَّعيرِ، وفريقًا موحِّدينَ فِي الجَنَّةِ.
فالإِلهيَّةُ هي التي فَرَّقَتْهُم، كما أَنَّ الرُّبوبيةَ هي التي جمعَتْهُمْ.

فالدِّينُ والشَّرعُ، والأَمرُ والنَّهيُ - مَظهرُه وقيامُه - مِن صِفَةِ الإِلهيَّةِ، والخَلْقُ والإيجادُ والتدبيرُ والفعلُ مِن صِفةِ الربوبيَّةِ، والجزاءُ بالثوابِ والعقابِ والجَنَّةِ والنَّارِ مِن صِفةِ المُلكِ، وهو مَلكُ يومِ الدِّينِ.

فأمَرهُمْ بإلهيتِهِ، وأعانَهُمْ ووفَّقَهُم وهَداهم وأضلَّهم بربوبيتِهِ.
وأَثابَهم وعاقَبَهُمْ بمُلْكِهِ وعَدْلِهِ. وكلُّ واحدةٍ من هذه الأمورِ لا تَنْفكُّ عَنِ الأخرى.
وأما الرَّحمةُ: فهي التعلُّقُ، والسَّببُ الذي بَيْنَ اللهِ وبَيْنَ عبادِهِ.

فالتأليهُ منهم له، والرّبوبيةُ منه لهم، والرَّحمةُ سَبَبٌ واصلٌ بينه وبَيْنَ عبادِهِ، بها أرسلَ إليهم رُسُلَهُ، وأنزلَ عليهم كُتُبَهُ، وبها هَداهم، وبها أسكنَهم دارَ ثوابِهِ، وبها رَزَقَهم وعافاهم وأَنْعَمَ عليهم، فبيْنهم وبيْنَهُ سَببُ العُبوديةِ، وبيْنَهُ وبيْنهم سَببُ الرَّحمةِ.
واقترانُ ربوبيتهِ برَحْمتِهِ كاقترانِ استوائِه على عرشِهِ برحمتِهِ.

فـ ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، مطابقٌ لقوله: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 2، 3]، فإِنَّ شُمولَ الرُّبوبيَّةِ وسَعتَها بحيثُ لا يخرجُ شيءٌ عنها أقصى شمولٍ الرَّحمةِ وسَعتَها، فوَسِعَ كلَّ شيءٍ برحْمَتِه وربوبيتهِ، مع أَنَّ في كونِهِ ربًّا للعالمين ما يدلُّ على عُلُوِّهِ على خلْقِهِ، وكونهِ فوق كلِّ شيءٍ، كما يأتي بيانُه إِنْ شاءَ اللهُ" اهـ[21].

4- قال القرطبيُّ رحمه الله: "فيجبُ على كلِّ مُكلَّفٍ أَنْ يَعلمَ أَنْ لا ربَّ له على الحقيقةِ إلا اللهُ وَحْدَهُ، وأَنْ يُحسِنَ تربيةَ مَنْ جُعلتْ تربيتهُ إليهِ، فيقُومُ بأمرِهِ ومَصالحِهِ كما قامَ الحقُّ فَيُرَقِّيَه شيئًا شيئًا، وطورًا طورًا، ويحفظُه ما استطاع جُهْدَه، كما حفظه الله.

فالعالِمُ الرَّبانيُّ هو الذي يُحقِّقُ عِلْمَ الرُّبوبيةِ وربَّى النَّاسَ بالعلمِ على مقدارِ ما يحتمِلُوه، فبذَلَ لخواصِّهم جوهَرَهُ ومكنونَهُ، وبذل لعوامِّهم ما ينالون به فَضْلَ اللهِ ويُدركونه" اهـ[22].

4- وقد دعا الأنبياءُ والصالحون اللهَ سبحانه وتعالى بهذا الاسمِ وتَضَرَّعوا به إليه.
فدعا آدمُ؛ وحوَّاءُ به كما في قولِهِ تعالى: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].

ونوحٌ؛ في دعائِهِ: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ﴾ [نوح: 28].

وإبراهيمُ وإسماعيلُ عليهما السلام؛ ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].

وموسى؛ ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأعراف: 151].
وعيسى؛ ﴿ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [المائدة: 114].

والرسولُ صلى الله عليه وسلم وأُمَّتُه في قولِهِ: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].
وغيرُ ذلك في كتاب الله كثيرٌ لا يُحصى.

6- وقد نَهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم العبدَ أن يقولَ لسَيِّدِهِ (رَبّي)، فقال: "لا يَقُلْ أحدُكم: أطعِمْ ربَّك، وَضِّئْ ربَّك، ولْيَقُلْ: سَيِّدِي مَوْلَايَ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي"[23].

قال الحافظ ابنُ حَجرٍ: "وفيه نهيُ العبدِ أن يقول لسيِّدِهِ ربِّي، وكذلك نهيُ غيرِهِ فلا يقولُ له أحدٌ ربّك، ويدخلُ في ذلك أَنْ يقولَ السَّيِّدُ ذلك عن نفسِهِ، فإِنَّهُ قد يقولُ لعبدهِ اسقِ ربَّك، فيضعُ الظاهرَ مَوْضِعَ الضميرِ على سبيلِ التعظيمِ لنفسِهِ.

والسَّببُ في النهيِ أَنْ حقيقةَ الرُّبوبيَّةِ للهِ تعالى، لأَنَّ الربَّ هو المالِكُ القائِمُ بالشَّيءِ، فلا تُوجَدُ حقيقةُ ذلك إلا للهِ تعالى، قال الخطابيُّ: سَبَبُ المنعِ أَنَّ الإنسانَ مربوبٌ مُتَعَبَّدٌ بإخلاصِ التوحيدِ للهِ، وتَرْكِ الإشراكِ معه، فكُرِهَ له المضاهاةَ في الاسمِ لئلا يَدخلَ في معنى الشّركِ، ولا فرْقَ في ذلك بين الحُرِّ والعبدِ، فأما ما لا تَعَبُّدَ عليه مِن سائرِ الحيوانات والجماداتِ فلا يُكرَهُ إطلاقُ ذلك عليه عند الإضافة كقوله: رَبُّ الدَّارِ، ورَبُّ الثوبِ.

قال ابنُ بطالٍ: لا يجوزُ أَنْ يُقالَ لأحدٍ غيرِ اللِه: ربٌّ، كما لا يجوزُ أَنْ يُقالَ له: إِلهٌ".
وتَعقَّبَهُ الحافظُ بقولِهِ: "والذي يختصُّ باللهِ تعالى إطلاقُ الرَّبِّ بلا إِضافةٍ، أما مع الإضافةِ فيجوزُ إطلاقُهُ كما في قولِهِ تعالى حكايةً عن يُوسفَ: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 42].

وقوله: ﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 50].
وقوله عليه الصلاةُ والسلامُ في أشراطِ السَّاعةِ: "أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا"؛ فدلَّ على أَنَّ النهيَ في ذلك محمولٌ على الإطلاقِ، ويُحتملُ أَنْ يكونَ النهيُ للتنزيهِ، وما وَرَدَ مِن ذلك فلِبَيانِ الجوازِ.

وقِيْلَ هو مخصوصٌ بغيرِ النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يَردُّ ما في القرآنِ، أو المرادُ النهيُ عن الإكْثارِ مِنْ ذلك، واتخاذِ استعمالِ هذه اللفظةِ عادةً، وليس المرادُ النهيَ عن ذِكْرِها في الجُمْلةِ" اهـ[24].
قلتُ: وتَرْكُ استعمالِ هذه الكلمةِ لِوُرُودِ النهيِ عنها أَسْلَمُ وأَحْوَطُ، واللهُ أعلم.


[1] أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 128).

[2] انظر بتصرُّف: مفردات ألفاظ القرآن (ص: 336)، والنهاية في غريب الحديث (2/ 179).

[3] انظر في المعنى القرآنيَّ للرَّبِّ والرُّبوبية: المختصر المفيد في أنواع التوحيد للمؤلف (ص: 88 - 116).

[4] أخرجه مسلم (34) في الإيمان، باب: الدليل على أنَّ مَن رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا فهو مؤمن، وإنِ ارتكبَ المعاصيَ والكبائر.

[5] الأسماء والصفات للبيهقي (ص: 73 - 74).

[6] صحيح: أخرجه البخاري في الأدب المفرد (210)، وأبو داود (4975) في الأدب، باب: لا يقول المملوك: (ربِّي) و (ربك)، وأحمد في مسنده (2/ 423)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو في الصحيحين بلفظٍ قريبٍ منه، وقال الألباني في صحيح سُنن أبي داود: صحيح.

[7] الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (1/ 396).

[8] هو الإمام الحافظ اللغوي ذو الفنون، أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن الأنباري، المقرئ النحوي.
قال الخطيب: كان ابنُ الأنباري صدوقًا دَيِّنًا مِن أهل السُّنَّةِ.
قال الذهبي: له كتاب الوقْف والابتداء، وكتاب المُشْكِل، و غريب الحديث النبوي، وغيرها، تاريخ بغداد (3/ 181 - 186)، السير (15/ 274).

[9] النهج الأسمى (1/ 410 - 418).

[10] اللسان (3/ 1547)، وقد ذكر الطبري هذه الوجوهَ الثلاثةَ في تفسيره (1/ 47 - 48)، والزجاجي (ص: 32)، والخطابي في شأن الدعاء (ص: 99 - 100)، والقرطبي في الأسنى (ورقة 370 ب، 371 أ)، وزاد معنى رابعًا وهو: المعبود.

[11] المفردات (ص: 184).

[12] جامع البيان (1/ 48).

[13] النهاية (1/ 179).

[14] التفسير (1/ 23)، وانظر: البغوي (1/ 21)، والاعتقاد للبيهقي (ص: 67)، وفتح القدير للشوكاني (1/ 21).

[15] تيسير الكريم الرحمن (5/ 298).

[16] في الكتاب الأسنى: المملوك، ولعل الصواب ما أثبتناه.

[17] الكتاب الأسنى (ورقة 371 أ – ب).

[18] المنهاج في شعب الإيمان (1/ 205) وقد ذكره في الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه، وكذا البيهقي في الأسماء (ص: 94).

[19] رواه أحمد (1/ 208)، ومسلم (1/ 62)، والترمذي (5/ 14) عن العباس بن عبد المطَّلب.

[20] شرح مسلم للنووي (2/ 2).

[21] مدارج السالكين (1/ 34 - 35).

[22] الكتاب الأسنى (ورقة 371 ب).

[23] رواه البخاري (5/ 177)، ومسلم (4/ 1765) عن همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ به.

[24] الفتح (5/ 179).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.58 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]