عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-01-2021, 08:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,447
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حوار هادئ مع أطروحات فكرية حول مشاركة النصارى وتهنئتهم بأعيادهم (pdf)

حوار هادئ مع أطروحات فكرية حول مشاركة النصارى وتهنئتهم بأعيادهم (pdf)
خباب بن مروان الحمد




قال الحافظ الذهبي رحمه الله: "فهذا القول منه صلى الله عليه وسلم يوجب اختصاص كل قومٍ بعيدهم، كما قال الله تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾"[24].

قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: "فليس للمسلم أن يتشبه بهم لا في أعيادهم ولا مواسمهم ولا في عباداتهم؛ لأن الله - تعالى -شرف هذه الأمة بخاتم الأنبياء الذي شرع له الدين العظيم القويم الشامل الكامل الذي لو كان موسى بن عمران الذي أنزلت عليه التوراة وعيسى بن مريم الذي أنزل عليه الإنجيل حيين لم يكن لهما شرع متبع بل لو كانا موجودين، بل وكل الأنبياء، لما ساغ لواحد منهم أن يكون على غير هذه الشريعة المطهرة المشرفة المكرمة المعظمة فإذا كان الله - تعالى -قد مَنَّ علينا بأن جعلنا من أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - فكيف يليق بنا أن نتشبه بقوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل قد بدلوا دينهم وحرفوه وأولوه حتى صار كأنه غير ما شرع لهم أولاً ثم هو بعد ذلك كله منسوخ والتمسك بالمنسوخ حرام لا يقبل الله منه قليلاً ولا كثيراً ولا فرق بينه وبين الذي لم يشرع بالكلية والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم "[25].

جواب أطرحة: (وجود علماء يُشاركون النصارى في أعيادهم).
قال لي: لكن بعض الشيوخ يدخلون عليهم في كنائسهم ويشاركهم في احتفالاتهم وأعيادهم؟
قلت له: وهل البلاء إلاَّ من علماء السوء؟! فهم الذين يُلبِّسون على عموم المسلمين كثيراً من أمور دينهم، فلقد حصل من بعض المنتسبين للمشيخة أنَّه زار الكنيسة فخلع عمامته وألبسها القس ولبس هو عمامة القس وأنشأ يقول:
الشيخ والقسيس قسيسانِ
وإن تشأ فقل هما شيخان!


وهذه أنوثة فكريَّة، وضعف في الغيرة على الدين الحق، وهو ما يجعل المسلم المنهزم تذوب عقيدته مع الآخر النصراني أو غيره بحجَّة التقارب بين الأديان - زعموا - ولن تكون مآلات هذا التقارب العقائدي إلاّ إلى الكفر والشرك !!

لهذا أنكر أهل العلم - رحمهم الله - على من ينتسب للعلم بذلك؛ ومنهم العلاَّمة السيوطي حيث قال: "قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 145].

فإذا كان هذا خطابه لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فكيف حال غيره إذا وافق الجاهلين أو الكافرين وفعل كما يفعلون مما لم يأذن به الله ورسوله! ! ويتابعهم فيما يختصون به من دينهم وتوابع دينهم!! وترى اليوم كثيراً من علماء المسلمين الذين يعلمون العلم الظاهر وهم منسلخون منه في الباطن يصنعون ذلك مع الجاهلين في مواسم الكافرين بالتشبه بالكافرين!!"[26].

ثمَّ إنَّ أعياد النصارى قائمة على ما أسلفتُ ذكره من إظهار الكفر بالله؛ فكيف يُشاركهم الرجل أقوالهم وأفعالهم، وقد قال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].

ثمَّ استكملت حديثي معه قائلاً: ولكنّي سأعطيك قولاً واضحاً من فاروق هذه الأمَّة الصحابي الجليل عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - أنه قال: (لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تتنزل عليهم)[27].

لقد كان عليٌ رضي الله عنه يكرهُ موافقتهم في اسم يوم العيد الذي ينفردون به، فكيف بموافقتهم في العمل؟

فقد ذكر الإمام البيهقي أنَّ علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أتي بِهَدِيَّةِ النَّيْرُوز، ِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا يَوْمُ النَّيْرَوزِ. قَالَ: فَاصْنَعُوا كُلَّ يَوْمٍ فَيْرُوزَ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ - أحد الرواة -: كَرِهَ أَنْ يَقُولَ نَيْرُوزَ (قَالَ الشَّيْخُ): " وَفِي هَذَا كَالْكَرَاهَةِ لِتَخْصِيصِ يَوْمٍ بِذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْهُ الشَّرْعُ مَخْصُوصًا بِهِ"[28].

وقد "سئل ابن القاسم أحد علماء المالكية عن الركوب في السفن التي يركب فيها النصارى لأعيادهم فكره ذلك مخافة نزول السخط عليهم لكفرهم الذي اجتمعوا له.

وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له، ورآه من تعظيم عيده وعونا له على مصلحة كفره، ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئا من مصلحة عيدهم لا لحما ولا إداما ولا ثوبا ولا يعارون دابة ولا يعانون على شيء من دينهم ; لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك، وهو قول مالك وغيره، لم أعلم أحدا اختلف في ذلك"[29].

وقال أبو القاسم هبة الله بن الحسين الطبري الفقيه الشافعي: "ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم؛ لأنهم على منكر وزور وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا كالراضين به المؤثرين له، فنخشى من نزول سخط الله على جماعتهم فيعم الجميع نعوذ بالله من سخطه"[30].

قال الإمام الذهبي: " من يشهدها ويَحضُرها يكون مذمومًا ممقوتًا؛ لأنه يشهد المنكر ولا يُمكنه أن يُنكره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان "وأي منكر أعظم من مشاركة اليهود والنصارى في أعيادهم ومواسمهم، ويصنع كما يصنعون: من خبز الأقراص، وشراء البخور، وخضاب النساء والأولاد، وصبغ البيض، وتجديد الكسوة، والخروج إلى ظاهر البلد بزي التبهرج، وشطوط الأنهار، فإنَّ في هذا إحياء لدين الصليب، وإحداث عيد، ومشاركة المشركين، وتشبهًا بالضالِّين"[31].

وقال العلَّامة السيوطي: "أعياد اليهود أو غيرهم من الكافرين أو الأعاجم والأعراب الضالين لا ينبغي للمسلم أن يتشبه بهم في شيء من ذلك ولا يوافقهم عليه"[32].

جواب أطروحة: (لن نُشاركهم في أعيادهم ولكن ما المانع أن نبيعهم فهذه تجارة؟)
قال لي: كثير من الناس يشاركونهم ذلك فيبيعون لهم ويشترون منهم؛ وهذا ليس من قبيل الولاء لهم ولا نصرتهم؛ وإنَّما هو من باب العمل والتجارة.

فقلت له: لا يجوزُ ذلك قطعاً لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2]، والقاعدة في ذلك أنَّ: "كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم"[33].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولا يجوزُ بيعُ كلِ ما يستعينون به على إقامةِ شعائِرهم الدينية"[34].

وقال أيضاً: "ولا يبايع المسلم ما يستعين المسلمون به على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك، لأنّ في ذلك إعانة على المنكر"[35].

ولهذا فلا يجوز أن يبيعهم المسلم شيئاً من بطاقات الأعياد أو الأشجار أو الأنوار أو المأكولات أو أطباق الكعك أو أشكال " بابا نويل" أو غيرها حيث يستعينون بها على المُحرَّمات.

وقد نقل الإمام ابن القيم الاتفاق على تحريم مساعدة النصارى بأي نوع من أنواع مساعدتهم فيما يخدمون به أعيادهم؛ فقال العلامة ابن القيم رحمه الله: "وكما أنه لا يجوز لهم إظهاره [أي العيد] فلا يجوز للمسلمين ممالأتهم عليه ولا مساعدتهم ولا الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله"[36].

لهذا قال ابن حبيب المالكي: "ألا ترى أنَّه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئًا من مصلحة عيدهم، لا لحمًا، ولا إدامًا، ولا ثوبًا، ولا يُعارون دابة، ولا يعاونون على شيء من عيدهم؛ لأن ذلك من تعظيم شركهم، ومن عونهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك. وهو قول مالك وغيره، لم أعلمه اختلف فيه"[37].

وقد "سئل أبو الأصبغ عيسى بن محمد التميلي عن ليلة يناير التي يسميها الناس الميلاد، ويجتهدون لها في الاستعداد، ويجعلونها كأحد الأعياد، ويتهادون بينهم صنوف الأطعمة، وأنواع التحف والطرف المثوبة لوجه الصلة، ويترك الرجال والنساء أعمالهم صبيحتها تعظيمًا لليوم، ويعدونه رأس السنة، أترى ذلك أكرمك الله بدعة محرمة لا يحل لمسلم أن يفعل ذلك، ولا أن يجيب أحدًا من أقاربه وأصهاره إلى شيء من ذلك الطعام الذي أعده لها، أم هو مكروه ليس بالحرام الصراح؟
فأجاب: قرأت كتابك هذا، ووقفت على ما عنه سألت، وكل ما ذكرته في كتابك فمحرم فعله عند أهل العلم، وقد رويت الأحاديث التي ذكرتها من التشديد في ذلك، ورويت أيضًا أن يحيي بن يحيي الليثي قال: لا تجوز الهدايا في الميلاد من نصراني، ولا من مسلم، ولا إجابة الدعوة فيه، ولا استعداد له، وينبغي أن يجعل كسائر الأيام"[38].

وقد نقل العلاَّمة ابن حجر الهيتمي أينَّ أحد علماء المسلمين وهو ابن الحاج قد قال رحمه الله: " لا يحل لمسلم أن يبيع نصرانياً شيئاً من مصلحة عيده لا لحماً ولا أدماً ولا ثوباً ولا يعارون شيئاً ولو دابة؛ إذ هو معاونة لهم على كفرهم وعلى ولاة الأمر منع المسلمين من ذلك "[39].


وقال ابن التركماني: "فيأثم المسلم بمجالسته لهم وبإعانته لهم بذبح أو طبخ أو إعارة دابة يركبونها لمواسمهم وأعيادهم"[40].

و كذلك ذكر العلماء أنَّ شراء شيء منهم لم تقم بشرائه سابقاً منهم إلاَّ أنَّك خصصت ذلك اليوم بشراء ذلك الشيء منهم لا يجوز، فلقد جاء عند الحنفية: (رجل اشترى يوم النيروز شيئا يشتريه الكفرة منه وهو لم يكن يشتريه قبل ذلك، إن أراد به تعظيم ذلك اليوم كما تعظمه المشركون كفر، وإن أراد الأكل والشرب والتنعم لا يكفر)[41].
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]