عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-01-2021, 08:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,735
الدولة : Egypt
افتراضي حوار هادئ مع أطروحات فكرية حول مشاركة النصارى وتهنئتهم بأعيادهم (pdf)

حوار هادئ مع أطروحات فكرية حول مشاركة النصارى وتهنئتهم بأعيادهم (PDF)
خباب بن مروان الحمد


تحميل ملف الكتاب
(انقر الرابط بالزر الأيمن للفأرة واختر "حفظ الهدف باسم" أو "Save Target As")





أروي في هذا المقال قصَّة حقيقيَّة حصلت بيني وبين أحد الشباب مِمَّن التقيتهم في مكان طال بنا فيه الانتظار!



وحصل فيه نقاش مطوَّل أخذ أكثر من ساعة في الأخذ والعطاء بيني وبينه.



ووحوار آخر منفصل مع شخص حاورته كِتابة حول قضايا مُتعلِّقة بالموضوع ذاته.



وما ذكرته في الحوار من نقاش معهما؛ دمجته في هذه الورقة العلمية؛ مع شيء مفيد من الزيادات والإفادات العلميَّة التي يحتاجها الباحث عن الحق في هذه المسألة، ومن الله الحول والطول، وهو من وراء القصد.



كيف بدأ الحوار؟!

كنت جالساً في صالة انتظار؛ لإنجاز مُعاملة خاصَّة..



دخل علينا شاب يافع لطيف، فحدَثنا عن الجو وبرودته، وأنَّه قد يكون اليوم ماطرا...



ابتسمتُ، وقلت له: اللهم سقيا رحمة....



قال: سيكون الجو في (بيت لحم) بعد أيام بارداً ولربما ستكون هنالك أمطار....



خاطبه من هو جالس بجانبي: وهل ستذهب هنالك؟



قال: نعم سأذهب؛ وبالمناسبة فأعياد (المسيحيين) قريبةٌ على الأبواب، وما المشكلة أن أشاركهم في أعيادهم وأقوم بتهنئتهم - يكمل مبتسماً - فهؤلاء إخواننا في الإنسانيَّة والوطنيَّة، ولابد أن نفرح لفرحهم.



قلت: يبدو أنَّك ترغب الذهاب إلى مكان احتفالهم، لكن هل أنت مازح أم جاد؟



أشعرني بكلامه أنَّه جاد في الذهاب...



فقلت: كيف تريد الذهاب إلى تلك البقعة وأنت تعلم أنَّ النصارى يقومون باحتفالات خاصَّة بأعيادهم وفيها ما فيها من شعائر الشرك والخرافات والمُحرَّمات ما الله به عليم؟!!



فقال: وهل الذهاب للمشاركة في احتفالاتهم حرام؟!

قلت: لقد قرَّر العلماء تحريم الذهاب إليها للمشاركة معهم والاحتفال بأعيادهم، ومن فعله فهو آثم، ومن ذهبَ معتقداً صحَّة دينهم، مُقِرَّاً عبادتهم، وراضياً بشعائرهم فهذا كفر بالله مُخرج عن الملَّة.



قال لي: وما المُشكلة في قيامهم بأعيادهم؟ فطبيعي أن يكون لهم عيد؛ ومثلما نقول في المثل: (كل واحد على دينه الله يعينه!).



قلتُ له: هذه عين الكلمة التي كان يقولها المنحرفون السابقون بقولهم: (المعبود واحد وإن كانت الطرق مختلفة)[1]؛ لأنَّ الدين الحق هو دين الإسلام وما سواه من أديان فهي باطلة بشتَّى طُرِقِها وألوانها، ونعتقد أنَّهم كفرة بالله كما أنَّهم يعتقدون ذلك في المسلمين.



جواب أطروحة: (أننا نشارك نصارى بلادنا المُسالمين في أعيادهم من باب البر بهم)

قال لي: لكنَّ هؤلاء النصارى من بلادنا، فما المانع أن نحتفل معهم ونتشارك همومهم وأفراحهم وأحزانهم؟



قلت له: نصارى بلادنا هم شركاؤنا بالوطن، وجيران بيوتنا، ولهم وجود تاريخي في بلدنا، ونحن وإياهم نتعايش فيما بيننا، وربَّما اختلطت دماء بعضهم فسالت تحت بطش المحتل الصهيوني في فلسطين.



ونحن لا نقبل ظلم اليهودي المحتل لهم بأي نوع من أنواع الظلم، وما داموا لا يُجاهروننا العداوة، فنحن نبر معهم ونقسط إليهم ونتألَّف قلوبهم بالتعامل الحسن، كما قال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8] فلن نظلمهم، ولا نقبل لأحد أن يظلمهم، ولا نرضى أن يُعتدى على كنائسهم ومعابدهم - ما دامت دُوراً للعبادة -، ولو عَلِمنا بذلك لوقفنا بشدَّة أمام من يقصد الاعتداء عليها؛ ولا يعني ذلك أن نتنازل عن ثوابتنا وديننا، وأن نشاركهم في أعيادهم، ونلهو معهم، وندخل كنائسهم في عيدهم، وكأنَّ هذا الأمر عندنا أمر طبيعي!



أمَّا إظهار إعيادهم في شوارع المسلمين؛ فإنَّ الدولة الإسلامية لا تُبيح إظهار أعيادهم و صلبانهم؛ فلقد شرط عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على النصارى أن لا يُظْهِرُوا أعيادَهم في دار الإسلام فكتب في كتابه المشهور حين صالح نصارى من أهل الشام و شَرَطَ عليهم: " وَأَنْ لاَ نُخْرِجَ شعَانِينًا[2]، وَلاَ بَاعُوثًا"[3].




وهذا أمر طبيعي؛ فإن كان النصارى يُحكمون بالحكم الإسلامي؛ فلا يُمنعون من إقامة أعيادهم؛ لكن يُمنعون من إظهارها؛ وهذا مثل المنع من إظهار تناولهم الطعام والشراب في الشوارع وقت صيامنا في شهر رمضان المُبارك.



قال الإمام الشافعي في شروط مصالحة أهل الذمة وكتابتها: "على أن ليس لكم أن تظهروا في شيء من أمصار المسلمين الصليب، ولا تعلنوا بالشرك، ولا تبنوا كنيسة، ولا موضع مجتمع لصلاتكم، ولا تضربوا بناقوس، ولا تظهروا قولكم بالشرك في عيسى ابن مريم، ولا في غيره لأحد من المسلمين"[4].



وقال أبو بكر الكاساني الحنفي: "لا يُمكّنون من إظهار صليبهم في عيدهم، لأنه إظهار شعائر الكفر، فلا يمكنون من ذلك في أمصار المسلمين. ولو فعلوا ذلك في كنائسهم، لا يُتعرض لهم. وكذا لو ضربوا الناقوس في جوف كنائسهم القديمة لم يتعرض لذلك، لأن إظهار الشعائر لم يتحقق. فإن ضربوا به خارجاً منها، لم يمكنوا منه لما فيه من إظهار الشعائر"[5].



وقال الحطاب المالكي: "قال ابن حبيب: يمنع الذميون الساكنون مع المسلمين إظهار الخمر والخنزير، وتكسر إن ظهرنا عليها، ويؤدب السكران منهم. وإن أظهروا صلبهم في أعيادهم واستسقائهم، كُسِرَت وأُدّبوا"[6].



فقال الشاب: هذه الأحكام لم يعد يعمل بها أحد؛ فما فائدة ذِكرها؟!



قلت له: صدقت فأغلب بلاد المسلمين اليوم محكومة بالأحكام العلمانية والقوانين الوضعيَّة التي تجوس خلال ديارنا؛ ولكنَّنا نتحدث عن الأحكام الشرعيَّة التي ينبغي أن نعرفها وألاَّ نتناساها تحت ضغط الواقع!



جواب أطروحة: (مشاركة النصارى بأعيادهم لا يعني الرضا بعقيدتهم):

قال لي الشاب: لكن ما المشكلة في حضور أعيادهم فنحن لا نرضى عقيدتهم ولا نُقرُّهم عليها؟



قلت له: المسلم يستقي أدلَّته من الوحي المُنزَّل (الكتاب وصحيح السنَّة)، و يسترشد بأقوال الصحابة والتابعين، وإجماع علماء الأمَّة على ذلك.



تابعتُ قائلاً له: نحن لسنا أفضل من رسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلَّم، الذي قال تعالى له: ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 142].



وقال له: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾ [الجاثية: 18، 19].



وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 77].



فالله تعالى ينهى رسوله أن يتبع سَنَنَ الكفَّار وطرائقهم وأهواءهم؛ فعلينا أن نلتزم ذلك وأن ننتهي عمَّا نهى الله تعالى عنه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلَّم.



وإنَّ من مقاصد شريعة الإسلام: (المفاصلة العقائدية والتمايز الديني)؛ فلا يجوز للمسلم أن يُشارك الكفَّار من النصارى واليهود أو غيرهم في أعيادهم؛ لأنَّ هذا مِمَّا يؤثر على عقيدتك تجاههم، ويجعلك تتقرب إليهم وتتودد وتطلب محبَّتهم، وقد تفعل مثل أفعالهم، وتهديهم الهدايا، وتقيم معهم بأماكنهم التي لا تخلو من إظهار شعائر الكفر بالله وقول الزور على الله تعالى.



ومن شاركهم في ذلك مُقرّاً لهم عباداتهم الباطلة فإنَّه لم يعد مسلماً؛لأنَّ هذه الأعياد قائمة على المعتقدات النصرانية الباطلة؛ ومنها نسبة الولد لله - تعالى الله عمَّا يقولون - فعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تعالى: "كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لِي وَلَدٌ فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا "[7].



يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.19%)]