عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-01-2021, 08:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,434
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال بعض الأئمة في القدر المشترك في الأسماء والصفات

أقوال بعض الأئمة في القدر المشترك في الأسماء والصفات
د. محمد بن عبدالله المقشي





فنسألهم أتقولون: إن الله موجود؟ فإن قالوا: نعم. قيل لهم: يلزمكم على دعواكم أن يكون مشبها للموجودين.
وإن قالوا: موجود ولا يوجب وجوده الاشتباه بينه وبين الموجودات. قلنا: فكذلك هو حي عالم قادر مريد سميع بصير متكلم، يعني ولا يلزم اشتباهه بمن اتصف بهذه الصفات". العلو للعلي الغفار (ص: 246).



وقال الحافظ أبو نصر السجزي (ت: 444) كما في درء التعارض (1/ 279): "والأصل الذي يجب أن يعلم أن اتفاق التسميات لا يوجب اتفاق المسمين بها، فنحن إذا قلنا: إن الله موجود رؤوف واحد حي عليم بصير متكلم، وقلنا إن النبي صلى الله عليه وسلم كان موجودا حيا عالما سميعا بصيرا متكلما لم يكن ذلك تشبيها، ولا خالفنا به أحدا من السلف والأئمة، بل الله موجود لم يزل واحد حي قديم قيوم عالم سميع بصير متكلم فيما لم يزل، ولا يجوز أن يوصف بأضداد هذه الصفات، والموجود منا إنما وُجد عن عدم، وحيي بمعنى حله ثم يصير ميتا بزوال ذلك المعنى، وعلم بعد أن لم يعلم وقد ينسى ما علم، وسمع وأبصر وتكلم بجوارح قد تلحقها الآفات، فلم يكن فيما أطلق للخلق تشبيه بما أطلق للخالق سبحانه وتعالى وإن اتفقت مسميات هذه الصفات".

وقال الإمام الغزالي في المقصد الأسنى (ص: 52): "لمعرفة الله سبحانه وتعالى سبيلان: أحدهما قاصر والآخر مسدود.

أما القاصر فهو ذكر الأسماء والصفات وطريقة التشبيه بما عرفناه من أنفسنا، فإنا لما عرفنا أنفسنا قادرين عالمين أحياء متكلمين، ثم سمعنا ذلك في أوصاف الله عز وجل أو عرفناه بالدليل، فهمناه فهما قاصرا، كفهم العنين لذة الوقاع بما يوصف له من لذة السكر، بل حياتنا وقدرتنا وعلمنا أبعد من حياة الله عز و جل وقدرته وعلمه من حلاوة السكر من لذة الوقاع، بل لا مناسبة بين البعيدين.

وفائدة تعريف الله عز وجل بهذه الأوصاف أيضا إيهام وتشبيه ومشاركة في الاسم، لكن يقطع التشبيه بأن يقال ليس كمثله شيء، فهو حي لا كالأحياء، وقادر لا كالقادرين، كما تقول: الوقاع لذيذ كالسكر، ولكن تلك اللذة لا تشبه هذه البتة ولكن تشاركها في الاسم.

وكأنا إذا عرفنا أن الله تعالى حي قادر عالم فلم نعرف إلا أنفسنا ولم نعرفه إلا بأنفسنا، إذ الأصم لا يتصور أن يفهم معنى قولنا إن الله سميع، ولا الأكمه يفهم معنى قولنا إنه بصير، ولذلك إذا قال القائل: كيف يكون الله عز وجل عالما بالأشياء؟ فنقول: كما تعلم أنت الأشياء، فإذا قال فكيف يكون قادرا؟ فنقول: كما تقدر أنت. فلا يمكنه أن يفهم شيئا إلا إذا كان فيه ما يناسبه فيعلم أولا ما هو متصف به، ثم يعلم غيره بالمقايسة إليه، فإن كان لله عز وجل وصف وخاصية ليس فينا ما يناسبه ويشاركه في الاسم ولو مشاركة حلاوة السكر لذة الوقاع لم يتصور فهمه البتة".

وقال أيضًا في المقصد الأسنى (ص: 48 - 49): "فأقول: مهما عرفت معنى المماثلة المنفية عن الله عز وجل عرفت أنه لا مثل له، ولا ينبغي أن يٌظنّ أن المشاركة في كل وصف توجب المماثلة، أفترى أن الضدين يتماثلان وبينهما غاية البعد الذي لا يتصور أن يكون بعد فوقه، وهما متشاركان في أوصاف كثيرة، إذ السواد يشارك البياض في كونه عرضا، وفي كونه لونا، وفي كونه مدركا بالبصر، وأمور أخر سواها.

أفترى أن من قال: إن الله عز وجل موجود لا في محل، وإنه سميع بصير عالم مريد متكلم حي قادر فاعل، والإنسان أيضا كذلك فقد شبه وأثبت المثل!

هيهات ليس الأمر كذلك، ولو كان كذلك لكان الخلق كلهم مشبّهة؛ إذ لا أقل من إثبات المشاركة في الوجود وهو موهم للمشابهة، بل المماثلة عبارة عن المشاركة في النوع والماهية، فالفرس وإن كان بالغا في الكياسة لا يكون مثلا للإنسان لأنه مخالف له بالنوع وإنما يشابهه بالكياسة التي هي عارضة خارجة عن الماهية المقومة لذات الإنسانية".


وقال أبو الحسن ابن الزاغوني (ت: 527): قالوا: [أي: من ينفي صفة الوجه] إذا حملتم الأمر على هذا الظاهر، وبطل أن يراد بها إلا الوجه الذي هو صفة يستحقها الحي، فالوجه الذي يستحقه الحي وجه هو عضو وجارحة يشتمل على كمية تدل على الجزئية وصورة تثبت الكيفية، فإن كان ظاهر الأوصاف عندكم إثبات صفة تفارق في الماهية وتقارب فيما يستحق بمثله الاشتراك في الوصف، فهذا هو التشبيه بعينه، وقد ثبت بالدليل الجلي إبطال قول المجسمة والمشبهة، وما يؤدي إلى مثل قولهم فهو باطل.

قلنا: الظاهر ما كان متلقى في اللفظ على طريق المقتضي، وذلك مما يتداوله أهل الخطاب بينهم حتى ينصرف مطلقه عند الخطاب إلى ذلك عند من له أدنى ذوق ومعرفة بالخطاب العربي واللغة العربية، وهذا كما نقول في ألفاظ الجموع وأمثالها: إن ظاهر اللفظ يقتضي العموم والاستغراق، وكما نقوله في الأمر إن ظاهره الاستدعاء من الأعلى للأدنى يقتضي الوجوب إلى أمثال ذلك مما يرجع فيه إلى الظاهر في المتعارف، فإذا ثبت هذا فلا شك ولا مرية على ما بينا أن الظاهر في إثبات صفة هو إذا أضيف إلى مكان أريد به الحقيقة أو أريد بها المجاز، فإنه لا ينصرف إلى وهم السامع أن المراد بها جميع الذات التي هي مقولة عليها وهذا مما لا نزاع فيه.

والمقصود بهذا إبطال التأويل الذي يدعيه الخصم فإذا ثبت هذا وجب أن يكون صفة خاصة بمعنى، لا يجوز أن يعبر بها عن الذات، ولا وضعت لها لا على سبيل الحقيقة ولا على سبيل المجاز.

فأما قولهم: إذا ثبت أنها صفة إذا نُسبت إلى الحي ولم يعبر بها عن الذات، وجب أن تكون عضوا وجارحة ذات كمية وكيفية، فهذا لا يلزم من جهة أنّ ما ذكروه ثبت بالإضافة إلى الذات في حق الحيوان المحدث، لا من خصيصة صفة الوجه، ولكن من جهة نسبة الوجوه إلى جملة الذات فيما ثبت للذات من الماهية المركبة بكمياتها وكيفياتها وصورها، وذلك أمر أدركناه بالحس من جملة الذات، فكانت الصفة مساوية للذات في موضعها بطريق أنها منها، ومنتسبة إليها نسبة الجزء إلى الكل، فأما الوجه المضاف إلى الباري تعالى فإنا ننسبه إليه في نفسه نسبة الذات إليه، وقد ثبت أن الذات في حق الباري لا توصف بأنها جسم مركب من جملة الكمية وتتسلط عليه الكيفية ولا يعلم له ماهية، فالظاهر في صفته التي هي الوجه أنها كذلك لا يوصل لها إلى ماهية ولا يوقف لها على كيفية ولا تدخلها التجزئة المأخوذة من الكمية، لأن هذه إنما هي صفات الجواهر المركبة أجساما، والله يتنزه عن ذلك.

ولو جاز لقائل أن يقول ذلك في السمع والوجه والبصر وأمثال ذلك في صفات الذات لينتقل بذلك عن ظاهر الصفة منها إلى ما سواها بمثل هذه الأحوال الثابتة في المشاهدات، لكان في الحياة والعلم والقدرة أيضا كذلك، فإن العلم في الشاهد عرض قائم يقدر نفيه بطريق ضرورة أو اكتساب، وذلك غير لازم مثله في حق الباري لأنه مخالف للشاهد في الذاتية غير مشارك في إثبات ماهية ولا مشارك لها في كمية ولا كيفية وهذا الكلام واضح جلي". بيان تلبيس الجهمية (1/ 37 - 38).


وقال أيضًا: "والقرآن نزل بلغة العرب، واليد المطلقة في لغة العرب وفي معارفهم وعاداتهم المراد بها إثبات صفة ذاتية للموصوف، لها خصائص فيما يقصد به، وهي حقيقة في ذلك، كما ثبت في معارفهم الصفة التي هي القدرة والصفة التي هي العلم، كذلك سائر الصفات من الوجه والسمع والبصر والحياة وغير ذلك، وهذا هو الأصل في هذه الصفة وأنهم لا ينتقلون عن هذه الحقيقة إلى غيرها مما يقال على سبيل المجاز إلا بقرينة تدل على ذلك". بيان تلبيس الجهمية (1/ 40).

وقال أبو القاسم التيمي الأصبهاني الملقب بقوام السنة (ت: 535) في الحجة في بيان المحجة (2/484): "وقال أبو داود: سمعت إسحاق يقول: إن الله عز وجل وصف نفسه في كتابه بصفات استغنى الخلق كلهم أن يصفوه بغير ما وصف به نفسه.

وقال غيره: إنما يلزم العباد الاستسلام، ولا يعرف ملك مقرب ولا نبي مرسل تلك الصفات إلا بالأسماء التي عرفهم الرب عز وجل، ولا يدرك بالعقول والمقاييس منتهى صفات الله عز وجل، فسبيل ذلك إثبات معرفة صفاته بالاتباع والاستسلام.

فإن طَعَنَ أهلُ الأهواء على أهل السنة ونسبوهم إلى التشبيه إذا وافقوا بين الأسماء. يقال: ليس الأمر كما يتوهمون؛ لأن الشيئين لا يشتبهان لاشتباه أسمائها في اللفظ، وإنما يشتبهان بأنفسهما أو بمعان مشتبهة فيهما، ولو كان الأمر كما قالوا وتوهموا لاشتبهت الأشياء كلها، لأنه يقع على كل واحد منهم اسم شيء".


وقال الإمام يحيى بن أبي الخير العِمراني شيخ الشافعيين باليمن (ت: 558) في الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (2/581): "لا يمتنع أن يتفق الشيئان في الاسم لمعنى، ويختلفان في الصفة لمعنى، ألا ترى أن الله سبحانه يوصف بالوجود والإنسان وغيره من الأجسام يوصف بالوجود وإن اختلفا في الخلق والجسمية وغيرهما، ويوصف الله أنه حي عالم قدير بصير سميع، ويوصف الإنسان بذلك وإن اختلفا في الخلق والجسمية".

وقال أيضًا (2/583): "فليس اجتماع الشيئين في صفة يدل على اجتماعها في جميع الصفات، فيلزمكم [أي: الأشاعرة] أن لا تصفو الله بأنه متكلم لهذا المعنى كما قالت المعتزلة، ويلزم المعتزلة أن لا يصفو الله بأنه موجود ولا شيء لأن ذلك صفات للمحدثات".


وقال الفخر الرازي (ت: 606) في نهاية العقول في دراية الأصول (4 /299): "وإن عنيتم بالمُشَبِّه من يقول بكون الله شبيها بخلقه من بعض الوجوه، فهذا لا يقتضي الكفر؛ لأن المسلمين اتفقوا على أنه موجود وشيء وعالم وقادر، والحيوانات أيضا كذلك، وذلك لا يوجب الكفر"[2].

وقال موفق الدين ابن قدامة (ت: 620) في الصراط المستقيم في إثبات الحرف القديم (ص: 44): "الاتفاق في أصل الحقيقة ليس بتشبيه، كما أن إدراك البصر بأنه إدراك المبصرات، والسمع في أنه إدراك المسموعات، والعلم في أنه إدراك المعلومات، ليس بتشبه، كذلك هذا [أي: إثبات الحرف]".

وقال أيضًا في تحريم النظر في كتب الكلام (ص: 57): "كذلك طائفة المتكلمين والمبتدعة تمسكوا بنفي التشبيه توسلا إلى عيب أهل الآثار وإبطال الأخبار، وإلا فمن أي وجه حصل التشبيه، إن كان التشبيه حاصلا من المشاركة في الأسماء والألفاظ فقد شبهوا الله تعالى حيث أثبتوا له صفات من السمع والبصر والعلم والقدرة والإرادة والحياة مع المشاركة في ألفاظها، ولله تسعة وتسعون اسما ليس فيها ما لا يسمى به غيره إلا اسم الله تعالى والرحمن وسائرها يسمى بها غيره سبحانه وتعالى ولم يكن ذلك تشبيها ولا تجسيما".

وقال الحافظ ابن القيم (ت: 751) في بدائع الفوائد (1/ 172): "الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاث اعتبارات:
اعتبار من حيث هو، مع قطع النظر عن تقييده بالرب تبارك وتعالى أو العبد.
اعتباره مضافا إلى الرب مختصا به.
اعتباره مضافا إلى العبد مقيدا به.


فما لزم الاسم لذاته وحقيقته كان ثابتا للرب والعبد، وللرب منه ما يليق بكماله، وللعبد منه ما يليق به، وهذا كاسم السميع الذي يلزمه إدراك المسموعات، والبصير الذي يلزمه رؤية المبصرات، والعليم والقدير وسائر الأسماء، فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها.


فما لزم هذه الأسماء لذاتها فإثباته للرب تعالى لا محذور فيه بوجه، بل ثبتت له على وجه لا يماثله فيه خلقه ولا يشابههم.


فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه وجحد صفات كماله، ومن أثبته له على وجه يماثل فيه خلقه فقد شبهه بخلقه، ومن شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أثبته له على وجه لا يماثل فيه خلقه بل كما يليق بجلاله وعظمته فقد بريء من فرث التشبيه ودم التعطيل، وهذا طريق أهل السنة.


وما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن الله كما يلزم حياة العبد من النوم والسنة والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك.
وكذلك ما يلزم إرادته من حركة نفسه في جلب ما ينتفع به ودفع ما يتضرر به.


وكذلك ما يلزم علوه من احتياجه إلى ما هو عال عليه وكونه محمولا به مفتقرا إليه محاطا به.
كل هذا يجب نفيه عن القدوس السلام تبارك وتعالى.


وما لزم صفة من جهة اختصاصه تعالى بها فإنه لا يثبت للمخلوق بوجه، كعلمه الذي يلزمه القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم، وقدرته وإرادته وسائر صفاته، فإن ما يختص به منها لا يمكن إثباته للمخلوق.


فإذا أحطت بهذه القاعدة خبرا، وعقلتها كما ينبغي خلصت من الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين، آفة التعطيل وآفة التشبيه، فإنك إذا وفيت هذا المقام حقه من التصور أثبتّ لله الأسماء الحسنى والصفات العلى حقيقة، فخلصت من التعطيل، ونفيت عنها خصائص المخلوقين ومشابهتهم فخلصت من التشبيه، فتدبر هذا الموضع، واجعله جنتك التي ترجع إليها في هذا الباب. والله الموفق للصواب".

وقال العلامة صالح بن مهدي المقبلي (ت: 1108) في العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ(ص:222 - 223): "كما أنّ المتكلمين خاطروا في النظر في ماهية الصفات في حق الله تعالى، وتكلفوا ما لا يعنيهم من عدم الاقتصار على المدلول اللغوي العربي الذي يحمل عليه كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنهم قد اقتحموا أطمَّ من ذلك، وسلكوا أصعب المسالك، واقتصروا على إثبات قليل من الصفات، كقادر وعالم ونحوهما، ونفوا سائر الصفات وجعلوها مجازات كصفة الرضا والغضب والمحبة والرحمة والحلم، وغير ذلك مما وصف به تعالى نفسه، وكرّر التمدح به، ومما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم... وقالوا في رحيم – مثلاً -: يلزم رقة القلب، كقول بعض المعتزلة: يلزم من إثبات كونه سميعاً الصماخ، ومن إثبات كونه بصيراً الحدقة حتى رجعوا بمدلولهما إلى العلم مع كثرة تمدّحه تعالى بهما في كتابه العزيز، وقد اتفقت كلمة الجمهور على سقوطه، والسبب في ذلك كله مجاوزة الحد، وتعاطي ما ليس لهم من النظر في ماهية الصفات، وإلا فالسامع مثلاً من أدرك الصوت، والمبصر من أدرك الأجسام والألوان مثلاً، والراحم من له الحالة التي من اتصف بها كان من شأنه أن يفعل أفعالاً مخصوصة، ونحو ذلك، ورقة القلب والحدقة والصماخ من عوارض المحل فينا، ولذا يفهم معناها من لا يخطر بباله هذه العوارض.

وقد اكتفى السلف الصالح بالمدلول اللغوي وجروا في أسمائه تعالى عليه، ولم يخطر لهم ببال استحالته.
وعلى الجملة فلا مانع من الحقيقة عقلاً ولا شرعاً إلا الخيال المذكور، وسببه النظر فيما لا يعني، فنشأ عنه هذا الخيال، وترتب على ذلك الدعوى على الواضع أن تلك العوارض جزء ماهية مفهوم هذه الصفات، والفلاسفة يصفون الله تعالى بالعلم وغيره من الصفات لفظاً ويعطلون معناها عند تفسيرها، وكلام المتكلمين في هذا البحث من آثارهم أطفأ الله نارهم، وكشف عوارهم".

وقال أيضًا: "والقسم الثالث: مثل رحيم، ونور، وصبور، ولا أحد أغير من الله، ونحو ذلك مما هو من صفات كماله، والظاهر الحقيقة، ومن نفاها فلدعوى كون العارض جزء مدلولها بغير دليل كما ذكرنا قبل.


والعجب من المجادلين إذا قلت له في مثل الرضا أو الغضب، قال: الغضب: فوران الدم، والرضا: انبساطه، وأخذ يدّعي ذلك على العرب، وهو من كلام الأطباء وقد يتكلم به على نوع المجاز، وقد يتكلم به على غضب مقيد وهو غضب الإنسان، كما جاء في الحديث: «الغضب جمرة»، وكلامنا في مطلق الماهية من دون قيد، فمن أنصف علم أنه يعلم المطلق من لا يعلم المقيد".


[1]قال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (5 / 178): "ولما قالوا: هو شيء لا كالأشياء، علم الأئمة مقصودهم، فإن الموجودين لا بد أن يتفقا في مسمى الشيء، فإذا لم يكن هناك قدر اتفقا فيه أصلاً لزم أن لا يكونا جميعاً موجودين، وهذا مما يعرف بالعقل. ولهذا قال الإمام أحمد: فقلنا: إن الشيء الذي كالأشياء قد عرف أهل العقل إنه لا شيء، فبين أن هذا مما يعرف بالعقل، وهذا مما يعلم بصريح المعقولات".
[2]قال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (1/ 382) في التعليق على قول الرازي هذا: "قلتُ: هذا الكلام منه تسليم؛ لأن كون الله شبيها بخلقه من لعض الوجوه متفق عليه بين المسلمين، لاتفاقها على أن الله تعالى موجود وشيء وعالم وقادر،وعلى هذا فما من موجود إلا وله شبيه من بعض الوجوه لاشتراكها في الوجود والشيئية".



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.92 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.87%)]