ما الإسلام؟ وما خصاله؟
محمد حباش
48- شهادة الحق: قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ ﴾ [المعارج: 33]؛ أي: يُقيمونها عند الحكام بلا ميل إلى قريبٍ وشريف، وترجيح للقوي على الضعيف، رغبةً في إحياء حقوق المسلمين، فلا يشهدون بالزور أو بالباطل، ولا يكتمون الشهادة إذا طلب منهم أن يؤدُّوها؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ [البقرة: 283].
49- التوبة: بالرجوع عن معصيةِ الله تعالى إلى طاعتِه وسبيل الفلاح؛ قال اللهُ عز وجل: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].
وتتحقق بالندم والإقلاع، وإرجاع الحقوق إلى أهلها، أو التخلص من أدوات المعصية، أو ترك رُفقاء السوء، والعزم على عدم العودة إلى ذلك الذنب، وألا تكون التوبة قبل فوات قَبولها؛ إما بالموت أو بطلوع الشمس من مغربِها.
50- التواضع: بخفض الجناح واللِّين مع الخَلْق، والخضوع للحق، وترك التكبُّر والخُيلاء؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا؛ حتى لا يفخَر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحد))؛ صحيح مسلم.
51- الحلم: بضبط النفس والطبع عند هيجان الغضب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كظم غيظًا وهو قادرٌ على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، حتى يُخيِّره من الحُور العِين ما شاء))؛ صحيح الترمذي.
52- الأَنَاة: بالتمهُّل في تدبير الأمور، والتثبُّت وترك العجلة إلى أن يتَّضح الصواب؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]، وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس: ((إنَّ فيك لخصلتينِ يحبُّهما الله: الحلم والأناة))؛ صحيح مسلم.
53- العفو: بالتجاوز عن الذنب وترك العقاب؛ قال تعالى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]، وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما نقَصت صدقةٌ مِن مال شيئًا، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضَع أحدٌ لله إلا رفعه الله))؛ صحيح مسلم.
54- الصفح: بترك التأنيب، وإزالة أثر المظلمة مِن الصدر؛ قال تعالى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [النور: 22].
55- الصبر: بحبسِ النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن التسخُّط والشكاية لأقداره؛ قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]، وقال رسولُه صلى الله عليه وسلم: ((وما أُعطِي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ مِن الصبر))؛ صحيح البخاري.
56- القناعة: بالرضا بما أعطى الله تعالى، والوقوف عند الكفاية؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((قد أفلح مَن أسلَم، ورُزِق كفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه))؛ صحيح مسلم.
57- الزهد في الدنيا: بألَّا ننشغل بدنيانا عن آخرتِنا، وليس معناه بأن نترُكَ الدنيا بالكلية؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كانت الدنيا همَّه فرَّق الله عليه أمرَه، وجعل فقرَه بين عينَيْه، ولم يأتِه مِن الدنيا إلا ما كُتب له، ومَن كانت الآخرة نيَّته جمع الله له أمرَه، وجعل غناه في قلبه، وأتَتْه الدنيا وهي راغمةٌ))؛ صحيح ابن ماجه.
58- الوَرَع: بترك ما نشكُّ فيه من الأقوال والأعمال أنه منهيٌّ عنه أو لا، وأن نحتاطَ ونعدل إلى ما لا نشكُّ فيه، مخافةَ أن نقع في الحرام؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ دينِكم الوَرَع))؛ صحيح الجامع، وقال صلى الله عليه وسلم: ((الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثيرٌ مِن الناس، فمَن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لعِرْضه ودينه، ومَن وقع في الشبهات وقَع في الحرام))؛ متفق عليه.
59- الحياء: هو خُلق يبعث على فعل الحَسَن وترك القبيح، فإذا رأيتَ في إنسان بذاءةً وفُحشًا، فاعلَمْ أنه بسبب فِقدانه للحياء؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أدرك الناسُ مِن كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنَعْ ما شئتَ))؛ صحيح البخاري.
60- الرحمة: هي رِقَّة في النفسِ تبعث على سَوْق الخير لمن تتعدَّى إليه؛ من أبناء، وزوجة، وأيتام، وأرامل، ومساكين، وغير ذلك، وتتعدَّى حتى إلى البهائم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحَموا مَن في الأرض، يرحَمْكم مَن في السماء))؛ صحيح الترمذي، وأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ يشتكي قساوةَ قلبه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتُحِبُّ أن يَلين قلبك؟))، فقال: نعم، قال: ((ارحَمِ اليتيم، وامسَحْ رأسه، وأَطعِمْه مِن طعامك، فإن ذلك يُلين قلبَك، وتقدر على حاجتك))؛ صحيح الجامع.
61- الغَيرة على العِرْض: أن نغار على محارمِنا إذا رأينا منهم فعلًا مُحرَّمًا؛ ففيها صيانةٌ للأعراض، وحفظٌ للحُرُمات، وتعظيمٌ لشعائر الله وحفظٌ لحدوده؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن يغار، والله أشدُّ غَيْرًا))؛ صحيح مسلم، والغَيرة لها حدٌّ إذا جاوزَتْه صارت تُهمةً وظنًّا سيئًا، وإن قصرت كانت تغافلًا وبدايةَ دِياثةٍ.
62- العفة: تأتي بمعنى:
• قطع الإشراف في القلب والسؤال باللسان؛ ترفُّعًا عن مِنَن الخلق، وعن تعلُّق القلب بهم؛ قال تعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾ [البقرة: 273]، وقال رسولُه صلى الله عليه وسلم لعمرَ: ((فما جاءك مِن هذا المال وأنت غيرُ مشرفٍ ولا سائل، فخُذْه، وما لا، فلا تُتبِعْه نفسَك))؛ متفق عليه.
• ضبط النفس عن إتيان الحرام: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ حقٌّ على الله عونُهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتِب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف))؛ صحيح ابن ماجه، وقال صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ إذا كنَّ فيك، فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظُ أمانةٍ، وصدق حديثٍ، وحسن خَليقة، وعفَّة في طُعمة))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
• اجتناب السَّرَف في جميع الملذَّات، وقصد الاعتدال؛ قال سبحانه: ﴿ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 26 - 27]، وقال رسولُه صلى الله عليه وسلم: ((إياكَ والتنعُّم، فإن عبادَ الله ليسوا بالمتنعِّمين))؛ الصحيحة، ((ليسوا بالمتنعمين))؛ أي: مِن المبالغين في التنعُّم.
63- السماحة: بالتسامح مع الغير في المعاملات المختلفة، ويكون ذلك بتيسير الأمور وعدم القهر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحِم الله عبدًا سَمْحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى))؛ صحيح البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن أنظَرَ مُعسرًا أو وضع له، أظلَّه الله يوم القيامة تحت ظلِّ عرشه يوم لا ظل إلا ظلُّه))؛ صحيح الترمذي.
64- التعاون على الخير: قال سبحانه: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، وقال رسولُه صلى الله عليه وسلم: ((مَن نفَّس عن مؤمنٍ كُربةً مِن كُرَب الدنيا؛ نفَّس الله عنه كُربةً مِن كُرَب يوم القيامة، ومَن يسَّر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عونِ العبد ما كان العبد في عون أخيه))؛ صحيح مسلم.
65- الرفق: بلِينِ الجانب بالقول والفعل، والأخذ بالأسهل، وهو ضدُّ العنف؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى رفيقٌ يحبُّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه))؛ صحيح مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم لعائشةَ: ((عليكِ بالرفق، وإياك والعنف والفحش، إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه))؛ صحيح مسلم.
66- القيام بحقوق الأهل والأولاد: بالتربية والنفقة وغير ذلك؛ قال الله: ﴿ يَا أَيُهَا الذينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]، وقال رسولُه صلى الله عليه وسلم: ((كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها))؛ صحيح البخاري.
67- توقير الكبير والعالم والسلطان المُقسِط: بإجلالهم واحترامهم وإكرامهم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس من أمتي مَن لم يُجِلَّ كبيرَنا، ويرحم صغيرنا، ويعرِف لعالِمِنا حقَّه))؛ صحيح الجامع، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن مِن إجلال الله إكرامَ ذي الشَّيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المُقسِط))؛ صحيح أبي داود.
68- إحسان القول: قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53]، وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة غُرفًا يُرى ظاهرُها مِن باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله لمن ألان الكلام، وأطعَم الطعام، وتابَع الصيام، وصلى بالليل والناسُ نِيام))؛ صحيح الترمذي.
69- إطعام الطعام: قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8]، وعن عبدِالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا سأَل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: أي الإسلامِ خير؟ قال: ((تُطعمُ الطعام، وتَقرأ السلام على مَن عرفت ومَن لم تعرِف))؛ صحيح البخاري.
70- إكرام الضيف: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرِم ضيفَه))؛ متفق عليه.
71- الإحسان للجار: قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ ﴾ [النساء: 36]، وعن مجاهد قال: ذُبِحَت شاةٌ لعبدالله بن عمرو رضي الله عنهما في أهله، فلما جاء قال: أهديتُم لجارِنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما زال جبريلُ يُوصيني بالجار، حتى ظننتُ أنه سيُورِّثه))؛ صحيح الترمذي.
72- الإعارة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن السلف يَجري مجرى شطر الصدقة))؛ الصحيحة، وقال صلى الله عليه وسلم: ((أربعون خَصلة: أعلاهن مَنيحة العَنْزِ، ما مِن عامل يعمل بخصلة منها رجاءَ ثوابها وتصديقَ موعودِها، إلا أدخله الله بها الجنة))؛ صحيح البخاري.
• ((مَنيحة العنز)): هي أن يُعيرَها للمحتاجِ لينتفع بأصوافها وألبانها.
73- إلقاء السلام ورده: داخل البيت وخارجه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن للإسلام صُوًى ومنارًا كمنار الطريق؛ منها: أن تؤمن بالله ولا تشرك به شيئًا، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن تُسلِّم على أهل بيتك إذا دخلت عليهم، وأن تُسلِّم على القوم إذا مررتَ بهم، فمَن ترك مِن ذلك شيئًا، فقد ترك سهمًا مِن الإسلام، ومَن تركهنَّ فقد نبَذ الإسلام وراء ظهره))؛ صحيح الجامع.
وإفشاء السلام سبيل للمودة: قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخلون الجنةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أَوَلَا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلمتموه تحاببتُم؟ أفشُوا السلام بينكم))؛ صحيح مسلم.
74- عيادة المريض: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((حقُّ المسلم على المسلم خمسٌ: رد السلام، وعيادة المريض، واتِّباع الجنائز، وإجابةُ الدعوة، وتشميتُ العاطس))؛ صحيح البخاري.
75- اتباع الجنازة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن اتَّبع جنازةَ مسلمٍ؛ إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتى يُصلَّى عليها ويَفْرُغَ مِن دفنِها؛ فإنه يرجِع مِن الأجر بقيراطينِ، كل قيراط مِثْل أُحُد، ومَن صلى عليها ثم رجع قبل أن تُدفَن؛ فإنه يرجع بقيراطٍ))؛ صحيح البخاري.
76- إجابة الدعوة: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دُعِي أحدُكم إلى طعام، فليُجِبْ، فإن شاء طعِم وإن شاء ترَك))؛ صحيح مسلم.
77- تشميت العاطس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا عطَس أحدكم فحمِد الله، فشمِّتوه، فإن لم يَحمَدِ الله، فلا تُشمِّتوه))؛ صحيح مسلم.
78- خِصال الفطرة: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((الفطرة خمس: الاختتان، والاستحداد، وقصُّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط))؛ صحيح مسلم.
79- إماطة الأذى عن الطريق: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((كان على الطريق غصنُ شجرةٍ يُؤذي الناس، فأماطها رجل فأُدخِل الجنة))؛ صحيح ابن ماجه.
فهذه هي شريعةُ الإسلام، وهي مبنيَّةٌ على مراعاةِ مصالح الدنيا والآخرة، وإتمام مكارم الأخلاق الحسَنة.
قد يقول قائل: إن كان هذا هو الإسلامَ، فلماذا المسلمون مختلِفون متناحرون متخلِّفون مستضعَفون، مع أن في دينِهم هذه الخصالَ التي حُقَّ لهم أن يجتمعوا ويرتقوا بها؟!
الجواب: أنهم قد ترَكوا ما أُمروا بفعله، وفعَلوا ما نُهوا عنه، مع أنهم قد حُذِّروا من مخالفة الأمر.
قال سبحانه: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].
وقال: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].
وقال: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 105].
وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 24 - 25].
وقال رسولُه صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا إنَّ مَن قبلكم مِن أهل الكتاب افترَقوا على ثنتينِ وسبعين مِلَّةً، وإن هذه الملةَ ستفترقُ على ثلاثٍ وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدةٌ في الجنة: وهي الجماعة، وإنه سيخرج من أمتي أقوام تَجارى بهم تلك الأهواءُ كما يَتجارى الكَلَبُ لصاحبِه، لا يَبقى منه عِرقٌ ولا مَفصِل إلا دخَلَه))؛ صحيح أبي داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((أُوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإِنْ عبدًا حبشيًّا، فإنه مَن يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنتي وسُنة الخلفاء المهديِّين الراشدين، تمسَّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كل محدثةٍ بدعةٌ، وكل بدعة ضلالة))؛ صحيح أبي داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر المهاجرين، خمسٌإذا ابتُليتُم بهنَّ، وأعوذُ بالله أن تدركوهن:
• لم تظهر الفاحشةُ في قومٍ قط حتى يُعلِنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعونُ والأوجاع التي لم تكن مضَتْ في أسلافهم الذين مضَوا.
• ولم ينقصوا المكيالَ والميزان، إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجَوْر السلطان عليهم.
• ولم يمنَعُوا زكاة أموالهم إلا مُنِعوا القَطْر مِن السماء، ولولا البهائمُ لم يُمطَروا.
• ولم يَنقضوا عهدَ الله وعهد رسولِه، إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا مِن غيرهم، فأخَذُوا بعض ما في أيديهم.
• وما لم تَحكُمْ أئمتُهم بكتاب الله، ويتخيَّروا مما أنزل الله، إلا جعَل الله بأسهم بينهم))؛ صحيح ابن ماجه.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيدِه، لتأمُرُنَّ بالمعروف، ولتنهَوُنَّ عن المنكر، أو ليُوشِكنَّ الله أن يبعثَ عليكم عقابًا منه، ثم تَدْعُونه فلا يستجيب لكم))؛ صحيح الترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الأمم أن تَداعى عليكم كما تَداعى الأَكَلةُ إلى قَصْعتها))، فقال قائل: ومِن قلةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: ((بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكن غثاء كغثاء السَّيل، وليَنزِعنَّ الله من صدور عدوِّكم المهابةَ منكم، وليَقذِفنَّ في قلوبكم الوَهَن))، قال قائل: يا رسول الله، وما الوَهَن؟ قال: ((حبُّ الدنيا وكراهيةُ الموت))؛ صحيح أبي داود.
فتراكمُ هذه المخالفات أدَّى إلى تراكُمِ الفتن والمِحَن على المسلمين!
فما الحل؟ وما سبيل الخروج من هذه الفتن؟
قال صلى الله عليه وسلم: ((إنها ستكون فتنةٌ))، قالوا: فكيف لنا يا رسول الله؟ أو كيف نصنع؟ قال: ((ترجعون إلى أمرِكم الأوَّل))؛ الصحيحة.
وقال: ((إذا تبايَعتُم بالعِينة - تحايلٌ على أكل الربا - وأخذتُم بأذنابِ البقر، ورضِيتُم بالزرع، وتركتُم الجهاد؛ سلَّط الله عليكم ذلًّا لا يَنزعه حتى ترجعوا إلى دينكم))؛ صحيح أبي داود.
فقد وصَف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الداء، وقدَّم الدواء، وهو الرجوعُ إلى الدين الذي كان معروفًا في عهد النبوة، الإسلام المُصفَّى الذي ارتضاه لنا ربُّنا سبحانه دينًا؛ كما قال سبحانه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
ومع هذا البلاء والوَهَن الذي أصاب الأمةَ، فالخيرُ لا يزال فيها مهما بلغَتْ مِن ضعف؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال من أمتي أمةٌ قائمةٌ بأمر الله، لا يَضرُّهم مَن خذَلهم ولا مَن خالفهم، حتى يأتي أمرُ الله وهم على ذلك))؛ متفق عليه.
فمهما أصاب الأمةَ مِن ضَعف، فالخيرُ لا ينعدم فيها، ولا بد أن يكونَ فيها مَن يقوم بدين الله على منهاج النبوة، ولو في محيطٍ ضيق.
وما أصاب الأمةَ مِن بلاء في الدنيا بما كسَبت أيدِيها، يكون تكفيرًا لها عما اقترَفَتْ، ورحمةً لها يوم القيامة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمتي هذه أمةٌ مرحومة، ليس عليها عذابٌ في الآخرة، عذابُها في الدنيا الفتن والزلازل والقتلُ))؛ صحيح أبي داود.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يَرُدَّ المسلمين إلى دينهم ردًّا جميلًا، وسبحانك اللهم وبحمدِك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرُك وأتوب إليك، وصلِّ اللهم وبارِكْ على نبينا محمد وعلى آله وسلِّم تسليمًا كثيرًا.