[ابوالوليد المسلم]

الكأس المسمومة
سيد قطب

أقْلاَكِ أقْلاكِ كالشيطانِ أقــلاكِ *** أقْلاكِ كالسُّمِ يَسْرِى جَــدِّ فتَّاكِ
أقلاكِ: إنَّكِ في نفسي وفي زَمَنى *** وفي حياتِي أفْعَى ذاتُ أشْــواكِ
سَمَّمْتِ عَيْشي وأحْلاَمي وأخْيلَتى *** وأنت شيطانة في سمت أمــلاكِ
وعِشْتُ أَرْعاكِ في قلْبِي وأنتِ بلا *** قلبٍ يُحِسُّ ويَرْعَى كيفَ أرْعَـاكِ
مَنْ أنتِ؟ ما أنتِ؟ إنِّي حائرٌ قَلِقٌ *** أأنتِ أُسْطُورةٌ في سِفْرِ أفّــاكِ؟
***
أنْسَى اللَّيالِي التي قَضَّيْتُها قَلِــقاً *** وأنتِ ساكنةٌ راضٍ مُحَيَّــــاكِ
أنسى الدُّموعَ التي أرسلتُها غَـدقاً *** ولستُ لولا هَواكِ المُرُّ بالبــَاكِى
وكِبْرِيائِي التي مَا كُنْـتُ أخْفِضُـهاَ *** مِنْ قَبلُ أو بَعدُ في دُنــياي لَولاَكِ
أنْسَى وأذكرُ أحْلاَمِي وأخْيـلَتـِـي *** كأنَّهُنَّ نجومٌ بيـنَ أحْـــــلاَكِ
وكلُّهُنَّ نسيجُ الوَهْمِ في خَـلَــدِى *** ولَسنَ غيرَ أحابيــلٍ وأشــواكِ
***
أقلاَكِ؟ ليتَ! فإني لَسْتُ أقْــلاَكِ *** أهواكِ؟ ليتَ! فإنِّي لَسْتُ أهــواكِ

أهوَى وأقْلَى وأيامي مُوزَّعَـــةٌ *** بينَ الهوى والقِلى كالضَّاحِكِ الباكِي
هذا الرَّحيقُ وهذا السُّمُّ قَد مُزِجـا *** ولستُ أُرْوَى بكأسٍ غيـــرَ رَيَّاكِ