غيبة الأبناء
أسبابها وأضرارها وعلاجها
ام عبدالرحمن بنت مصطفى بخيت
الحالات التي يجوز فيها الغيبة:
1- التظلم: حين يقع عليكِ ظلم من أبنائك فمن حقك التظلم لمن له سلطة كالقاضي وغيره ليسترد لك حقك.
2- الاستعانة بالغير على تغيير المنكر ورد العاصي لصوابه، حين يرتكب أبناؤك المعاصي فمن حقك الاستعانة بمن له قدرة على زجره وردعه.
3- الاستفتاء والاستشارة: فتلجئين لأهل العلم والخبرة ممن يتسمون بالحكمة لتستشيريهم في كيفية تربية أبنائك والتعامل معهم.
4- التحذير من شر أبنائك إن كانوا يتسببون في أذًى لغيرهم.
علاج الغيبة:
ينقسم العلاج إلى شقين:
التوبة من الغيبة:
• التوبة إلى الله عز وجل والندم عما فعلتِه من معصية (الغيبة) وأخذ عهد على نفسك أمام الله عز وجل بعدم تكرارها مع الالتزام بذلك الوعد.
• الذهاب لمن اغتبتِ من أبنائك طالبة منهم أن يسامحوك ويَحِلُّوك من غيبتك لهم حتى لا يأخذوا من حسناتك يوم القيامة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت عنده مَظلمةٌ لأخيه فليتحلَّلْه منها، فإنَّه ليس ثَمَّ دينارٌ ولا درهمٌ، من قبلِ أن يُؤخَذَ لأخيه من حسناتِه، فإن لم يكُنْ له حسناتٌ أخذ من سيِّئاتِ أخيه فطُرِحت عليه))[11]
• الاستغفار لنفسك ولمن اغتبته من أبنائكإن كنتِ غير قادرة على طلب العفو منهم حتى لا تأتي يوم القيامة وقد أفلستِ من الحسنات، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما المفلِسُ؟)) قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ. فقال: ((إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا. فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه. فإن فَنِيَتْ حسناتُه، قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه. ثمَّ طُرِح في النَّارِ))[12].
علاج أسباب الغيبة وأضرارها:
1- علاج أسباب الغيبة:
• عليكِ بتأمل سبب غيبتك لأبنائك ومحاولة تطهير قلبك من مشاعرك التي دفعتك للغيبة وسؤال نفسك دوماً: أتحبين أن تأكلي من لحوم أبنائك وهم ميتون حتى تذكرينهم بما يكرهون وهم أحياء؟
• تزكية لسانك بالمداومة على ذكر الله والبعد عن كل ما يغضب الله، من غيبة ونميمة وغيرها، فقد روي عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمسك لسانه وقال: ((كف عليك هذا)). فقُلْت (أي معاذ): يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ((ثكلتك أمك يا مُعاذٍ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم؟))[13]
2- معالجة الأضرار الواقعة على الأبناء من الغيبة:
• البدء بالتحدث بالخير عن أبنائك عند كل شخص اغتبتهم عنده، مع الاستمرار على ذلك حتى تزيلي ما غُرس في قلوب الناس من ضيق وكره وعدم احترام لأبنائك.
• عدم السماح لأي شخص مهما كبر أو صغر ومهما كانت مكانته لديك بأن يغتاب أبناءك، بل عليكِ بزجرهم وتوعيتهم بحرمة ذلك مع زرع محبة أبنائك واحترامهم في قلوب هؤلاء. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن ردَّ عن عِرضِ أخيه ردَّ اللهُ عن وجهِه النَّارَ يومَ القيامةِ))[14]، وكان من هدي السلف رحمهم الله، اذا اغتيب أحد في وجودهم أن يردوا غيبته بقول: ما علمتُ عليه إلا خيرًا.
• الإيمان بأن الأبناء رزق ونعمة تتقربين بهم إلى الله عز وجل بحسن معاملتك لهم، ومعرفة أن أبناءك ليسوا ملكية خاصة لك تتحكمين فيهم كما شئت كيفما شئت، بل هم ملك لله عز وجل ولهم من الحقوق عليكِ مثل أي مسلم، وعليكِ بالإحسان إليهم وذكرهم بالخير في حضورهم وغيابهم حتى لو اختلفتِ معهم في الطباع والأفكار.
أسأله سبحانه أن يؤلف بين قلوبنا وقلوب أبنائنا، وأن يطهر قلوبنا وألسنتنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
[1] إحياء علوم الدين ج3 ص 143، بتصرف يسير.
[2] رواه الترمذي (1934) حسن صحيح.
[3] فتوى 41639، للشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي، موقع طريق الإسلام، بتصرف يسير.
[4] فتوى 226453، بموقع الإسلام ويب.
[5] فتوى 41639، للشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي، موقع طريق الإسلام، بتصرف يسير.
[6] صحيح: صحيح الجامع (7984).
[7] مجموع فتاوى بن باز (239/9) صحيح.
[8] رواه مسلم (2638).
[9] تفريغ خطبة ماذا تسبب المعاصي؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله..
[10] حسن: رواه أحمد (5 /286).
[11] رواه البخاري (6534).
[12] رواه مسلم (2581).
[13] حسن: رواه الترمذي (2616).
[14] حسن: رواه الترمذي (1931).