عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14-12-2020, 12:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,685
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بحث حول صيغتي التعجب

بحث حول صيغتي التعجب

أ. د. أحمد محمد عبدالدايم عبدالله



الشرط الثاني:
أن يكون ثلاثيًّا:
بمعنى أن يكون المصاغ على ما أفعله وأفعل به فعلاً ثلاثيًّا مجردًا مِن الزوائد، فإنْ كان رباعيًّا مجردًا نحو دحرج ووسوس فلا يجوز البناءُ منه، والعِلَّة في عدمِ البناء من الرُّباعي الأصول[34] أنَّ التعجب منه يقتضي حذفَ حرْف من أصول الفعل، وفي ذلك إخلالٌ بدَلالته[35]، وأما إنْ كان ثلاثيًّا مزيدًا فإمَّا أن يكون على وزن أفْعل أو على غير وزنه. فإنْ كان على غير وزن أفْعل فلا يجوز أن يُصاغ منه أفعل ولا أفعل به[36].

أمَّا الأخفش، فإنه يُجيز - فيما نُقِل عنه - التعجُّبَ من كل فعل مزيد، وكأنه راعى أصله؛ لأنَّ الأصل في جميع ذلك الثلاثي، وقال بعضهم: إنما أجاز ذلك على استكراه، كما أجاز سيبويه ذلك في أفْعل[37].

ونحن نرفُض التعجُّب مما زاد على ثلاثة؛ لأنَّ التعجب به مباشرةً يؤدي إلى فوات القصْد من تلك الزيادة والهدَف منها، حيث المعنى في "ضرب" غير المعنى في "اضطرب" بينما التعجُّب فيهما سوف يكون بصيغة واحدة، ولا ندْري هل التعجُّب مِن الضرب أم مِن الاضطراب[38].

أمَّا إذا كان الفِعل على وزن "أفعل"، ففيه ثلاثة مذاهب:
1- مذهب الأخْفش، ونُسِب إلى سيبويه[39]: أنَّه يجوز التعجُّب منه مطلقًا.
2- مذهَب المازني وابن السرَّاج والفارسي، ومعهم المبرِّد[40]: المنْع مطلقًا.

حيث لا يجوز أن يُبنَى منه أفعَل ولا أفعِل على الإطلاق.

3- مذهَب ابن عصفور: إنْ كانت الهمزة للنقْل فلا يجوز، وإن لم تكن له فيجوز.

الشَّرْط الثالث:
أن يكون تامًّا:
فلا يجوز التعجُّبَ مِن الفعل الناقِص مثل: كان، وكاد، وكرُب، وغيرها من النواقص؛ فلا يصحُّ مثل: (ما أكون زيدًا قائمًا).

الشرط الرابع:
أن يكون مثبتًا:
فلا يجوز أن يُبنى التعجُّب مِن فعل منفي، سواء أكان ملازمًا للنفْي نحو:
(ما عاج بالدواء)[41]، أم غير ملازِم للنفي مِثل (ما قام زيد)، فلا يقال (ما أعوجَه)، ولا (ما أقومه)، والعِلَّة في ذلك أن لا يلتبس المنفيُّ بالمثبَت كما أنَّ صِيغة التعجُّب إثبات، وليستْ صالحة للنفي[42].

الشرط الخامس:
أن يكون الفِعل متصرفًا:
وذلك؛ لأنَّ صياغة الفِعل للتعجُّب نوعٌ مِن التصرُّف فيه، فإذا كان الفِعل جامدًا فلا يصحُّ التعجُّب منه لعدمِ تصرُّفه، مثل: (نِعم وبئس، وعسى وليس).

أما قولهم: "ما أعسى به" فشاذّ، ويرَى بعضهم "أن عسى خرجتْ عن معناها إلى معنى (ما أحقَّه وأحق به)[43].

الشرط السادس:
أن يكون معناه قابلاً للتفاضُل في الصِّفات التي تختلف بها أحوالُ الناس:
سواء أكان ذلك بالنسبة إلى شخصٍ واحد في حالين كالعِلم والجهل، أو شخصين كالحُسْن والقُبح، كنحو قولنا: ما أعلمه بالنحو، وما أجهله بالصَّرْف.

أما ما لا يقبل الزِّيادة نحو (مات وفني)، فلا يجوز أن نقول (ما أموت زيدًا)[44].

ويرَى سيبويه: أنه يجوز أن تقول: ما أهوجه وما أرْعَنه، وما أشعَنه وما ألدَّه، وهي أشياء تدلُّ على العيوب الباطِنة، وذلك إذا كانتْ متضمِّنة معانيَ قابلةً للتفاوت، فقال " فإنما هذا عندهم من العلم ونقصان العقل والفطنة، فصارت ما ألده بمنـزلة ما أمرسه وما أعلمه، وصارت ما أحمقه بمنـزل ما ألده، وما أشجعه وما أجنه؛ لأن هذا ليس بلون ولا خلقة في جسده، وإنما هو كقولك ما ألسنه وما أذكره[45].

الشرْط السابع:
ألا يكون مبنيًّا للمجهول:
فلا يُبنى مِن نحو: ضُرِب زيد فلا يُقال: ما أضْرب زيدًا، قصدًا للتعجُّب من الضرب الذي وقَع على زيد؛ لأنَّ ذلك يلبس السامع، هل هو تعجُّب من فعل زيد للضرْب أم لوقوعه عليه.

ولقدْ أجاز ابنُ مالك التعجُّب مِن المبني للمجهول إذا لم يلبسْ بفعل الفاعل، وسمِع مِن ذلك ما أشغلَه وما أجنَّه وما أولعه... وما أبغضه إلي[46].

وقد استثنى بعضُهم من الفعل المبني للمجهول ما كان ملازمًا لصِيغة فُعِل، بضم أوله وكسر ثانيه. نحو: عُني بحاجتك وزُهي علينا؛ لأمن اللبس، فيقال: ما أعناه بحاجتك، وما أزهاه علينا[47].

وقال سيبويه في الكتاب: "وتقول: ما أمقته وما أبغضه إليَّ، إنَّما تريد أنه مقيت وأنه مبغض"[48].

الشرط الثامن:
ألا يكون الوصف منه على أفعل الذي مؤنثه فعلاء:
ولا فرْقَ في هذا بيْن ما كان مِن العيوب كبَرص وحول وعور، ولا ما كان من المحاسن كلمي وكحل[49]، ولا ما دلَّ على لون نحو، خضر الزرع.

واختلف النحاةُ على علَّة المنع، فقيل: إنَّ حق الفعل الذي يُبنى للتعجُّب أن يكون ثلاثيًّا محضًا، وأكثر أفعال الألوان والخلْف إنَّما تجيءِ على وزْن أفعل[50].

وقيل: إنَّ الألوانَ والعيوب الظاهِرة ثابتةٌ لا تتغيَّر في الشخْص، جرتْ مجرَى أعضائه كاليدِ والرِّجل[51].

الشرْط التاسع:
كونه واقعًا:
أي: أن يكون التعجُّب من شيءٍ واقعٍ بالفعل، وقد ورَد التعجُّب مِن أمور لم تقَع، نحو: ما أحسنَ ما يكون علم هذا الطفل، وما أطول ما يكون الذِّراع.

الشرْط العاشر:
كونه دائمًا، أو مستمرًّا:
- ومع هذا فقد تعجب مِن أمور لا تدوم نحو: ما أسرعَ رمْي زيد، وهو شيءٌ غير دائم[52].

رابعًا: كيفية التعجُّب بما خالف الشروط:
أ - يمكن التعجُّبُ مِن الزائد على ثلاثي، ومما وصْفه على أفعل الذي مؤنَّثه فعلاء بصيغة على وزن "أفعل"، نحو: أشد وأعظم، وعلى وزن أفعل بـ نحو: أشدِد وأعظِم.

وينصب مصدر الفِعل المطلوب التعجُّب منه مع صيغة "ما أفعل"، ويجر مصدر الفِعل المطلوب التعجُّب منه بالباء مع صِيغة (أفعل به) فمثلاً نتعجَّب مِن الفِعل (انطلق) قائلين: ما أشدَّ انطلاقَةَ فلان، و"أشدِد بانطلاقه".

ب - كما أنَّه يمكن التعجُّب مِن المنفي، والمبني للمجهول، إلا أنَّ مصدرهما يكون مؤَّولاً لا صريحًا، نحو: (لا يقوم - ضُرِبَ) نقول فيهما حين التعجُّب: (ما أكثرَ ألاَّ يقوم)، و(ما أعظمَ ما ضُرِبَ).

جـ - أمَّا الفِعل الناقِص ففيه الأمران، بالمصدر الصريح أو المؤول، نحو: (ما أشدَّ كونَه جميلاً)، أو (ما أكثرَ ما كان جميلاً)، ونقول " أشدِد" أو أكْثِر بذلك[53].

د - أمَّا الجامد والذي لا يتفاوت معناه؛ فلا يُتعجَّب منه مطلقًا[54].
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.27 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.63%)]