أبيات للسموءل: إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
المتوفى سنة (62) قبل الهجرة
محمد شريف سليم
إذا المرء لم يدنَس[1] من اللؤم عرضه[2]
فكل رداءٍ يَرتديه جميلُ
وإن هو لم يَحمل على النفس ضَيمَها
فليس إلى حسنِ الثناء سبيل[3]
تُعيِّرنا أنا قليلٌ عديدُنا
فقلت لها: إن الكرام قليلُ
وما قلَّ مَن كانت بقاياه مثلنا
شبابٌ تَسامى للعلا وكهولُ[4]
وما ضرنا أنا قليل وجارُنا
عزيز[5]، وجار الأكثَرين ذليلُ
لنا جبل[6] يحتله من نُجيره
منيعٌ[7]، يردُّ الطرف[8] وهْو كليلُ[9]
رسا أصله تحت الثرى، وسما به
إلى النجم فرعٌ لا يُنال[10] طويلُ
هو الأبلق[11] الفرد الذي شاع ذِكره
يعزُّ[12] على مَن رامه ويَطولُ
وإنا لقوم لا نرى القتل سبَّةً[13]
إذا ما رأته عامر وسلولُ
يقرِّب حبُّ الموت آجالَنا لنا
وتكرهُه آجالهم فتطولُ[14]
وما مات مِنا سيِّد حتفَ[15] أنفِه
ولا طُلَّ[16] منا حيث كان قتيلُ
تسيل على حدِّ الظبات[17] نفوسنا
وليست على غير الظبات تَسيلُ
صفونا ولم نكدر [18]، وأخلص[19] سرَّنا
إناث[20] أطابت حملنا وفحول[21]
فنحن كماء المزن[22] ما في نصابنا[23]
كَهامٌ[24] ولا فينا يعدُّ بخيلُ
ونُنكر - إن شئنا - على الناس قولهم
ولا ينكرون القول حين نقولُ[25]
إذا سيد منا خلا قام سيد
قؤول لما قال الكرام فعولُ[26]
وما أُخمدَت نار لنا دون طارق[27]
ولا ذمَّنا في النازلين نزيلُ[28]
وأيامنا مشهورة في عدوِّنا
لها غُررٌ[29] معلومة وحجولُ[30]
وأسيافنا في كل شرق ومغرب
بها من قراع الدارعين[31] فلولُ[32]
معودة ألا تسلَّ نِصالها
فتُغمد حتى يُستباح قتيلُ[33]
سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم
فليس سواءً عالم وجهولُ
القصيدة مصورة من كتاب: "مجموعة من النظم والنثر للحفظ والتسميع"
[1] الدنس العيب والنقص، إذا تجنب الإنسان اللؤم فكل حالة يظهر عليها حسنة.
[2] شرفه.
[3] الضيم الظلم؛ أي: إذا لم يذلل نفسه ليكون مالكًا قيادها فليس هناك طريق حسن الثناء.
[4] من كان له خلف مثلنا لا يعدُّ قليلاً؛ لأننا شبانًا وكهولاً نطلب المعالي.
[5] لا يُهضم حقُّه.
[6] حصن.
[7] لا يصل إليه مغير.
[8] البصر.
[9] حسير تعب.
[10] أصوله ثابتة وفروعه شامخة.
[11] اسم حصن السموءل، بناه أبوه، وقيل: سليمان عليه السلام بأرض تيماء، وقصدتْهُ الزباء فعجزت عنه وعن حصن مارد فقالت: تمرد مارد وعز الأبلق.
[12] بفتح العين بمعنى يصعب، وبالكسر بمعنى "مواهب".
[13] عارًا، وعامر أي بنو عامر، وسلول أي بنو مرة، وهما فخذان من قيس.
[14] يصف قومه بالشجاعة وخوض غمار المنايا لهذا يقصر عمرهم لمصافحة المنايا ويرمي أعداءه بالجبن لبُعدهم عن الحرب فطالت أعمارهم.
[15] مات حتف أنفه أي على فراشه.
[16] أي لم يُهدَر دمه ويترك الأخذ بثأره.
[17] جمع ظبَّة وهي حد السيف أو السنان، والمعنى: إن دماءنا تراق على السيوف والرماح، يريد أنهم يفضلون الموت قتلاً بحدِّ السيف أو سنان الرمح.
[18] تأكيد لصفونا.
[19] ونقى أصلنا.
[20] نساء.
[21] رجال؛ أي أن أصولهم كريمة من رجال ونساء.
[22] هو السحاب الأبيض.
[23] الأصل.
[24] الكهام الذي لا خير فيه من سيف وغيره.
[25] أي أننا نسفِّه آراء الناس ولا يُسفِّه آراءنا أحد.
[26] يريد أنهم سادة فإذا مات واحد شغل مكانه غيره.
[27] الذي يجيء ليلاً.
[28] الضيف النازل، يريد أنهم كرام.
[29] جمع غُرَّة، وهي: بياض في الجَبهة.
[30] جمع حِجل، وهو: البياض في القوائم، يعني أن أيامهم معلمة واضحة في بقية الأيام كالخيول الجياد الغر المحجَّلة.
[31] لابسي الدروع.
[32] جمع فَلٍّ، وهو: ثلم السيف.
[33] من أوصاف المدح لأنه يدل على الشجاعة؛ أي: لا يعيد الفارس منا سيفه إلى قرابه إلا إذا قتل به.