
02-12-2020, 12:07 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة آل عمران - (42)
الحلقة (183)
تفسير سورة آل عمران (47)
أمة الإسلام هي خير الأمم، لأنها حملت مهمة تبليغ الدين بعد انتقال نبيها صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وقد حث الله أفراد هذه الأمة أن تحمل لواء الدعوة إلى التوحيد، والأمر بالمعروف في أوساطها، والنهي عن المنكر؛ لأن ذلك هو طريق الفلاح والفوز برضا الله عز وجل ودخول جنته.
تفسير قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والتي تليها ندرس كتاب الله عز وجل -القرآن العظيم- رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال -فداه أبي وأمي- صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده )، حقق اللهم لنا هذا الموعود، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك.وها نحن مع سورة آل عمران، ومع قول ربنا جل ذكره بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعالَمِينَ * وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ [آل عمران:104-109].
معنى قوله تعالى: (ولتكن منكم)
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! من القائل: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ [آل عمران:104] وصفها كذا وكذا؟ والله لهو الله، إذ هذا كلامه في كتابه أوحاه وأنزله على المصطفى الذي اصطفاه من كافة الخليقة، واجتباه لهذه الرسالة، محمد صلى الله عليه وسلم. إذاً: هذا أمر، والأمر مثل: قم، صلِ، انطق، افهم، والآمر إذا كان الله فهل يُعصى؟! لا يصح العصيان أبداً، لا يصح عصيانه وإلا العصا، إذاً: ولتكن منكم يا معشر المسلمين، و(اللام) هنا لام الأمر يجب أن تكون منا. أُمَّةٌ [آل عمران:104]، والأمة: العدد الكبير من الرجال الذين أمرهم واحد، معتقدهم واحد، منهجهم واحد، أملهم واحد، تجمعهم جامعة، فلا يكونون أفراداً متفرقين.
صفة ومهمة: (الأمة) في قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة)
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ [آل عمران:104] ما مهمتها؟ ما الذي وصفت به؟ قال تعالى: يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران:104]، والخير ضد الشر، الخير ما يحصل به كمال الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة، وما يحصل به شقاؤه وخسرانه ونقصانه في الدنيا والآخرة فهو شر وليس بخير.
تفسير معنى: (الخير) في قوله تعالى: (يدعون إلى الخير)
يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران:104] الخير ما يحصل به الكمال والسعادة للإنسان، وينجو به من الشقاء والنقصان والخسران، وبالتالي فما هو هذا الخير؟ ألا إنه الإسلام بعقائده وآدابه وأخلاقه وعباداته وشرائعه وأحكامه، هذا هو الخير الذي يجب أن يكون من المسلمين من يدعون إليه، يدعون الأبيض والأصفر، الأحمر والأسود، العربي والعجمي من بني آدم أجمعين. وَلْتَكُنْ [آل عمران:104]، يجب أن تكن؛ لأن الله أهلَكم لذلك، وهيأكم له وأعدكم، فبعث فيكم رسوله، وأنزل عليكم كتابه، ورزقكم الإيمان الصادق به وبما جاء به رسوله، فأنتم متأهلون لهذه المهمة. وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ [آل عمران:104] أيها المسلمون، أُمَّةٌ [آل عمران:104]، كم عددها؟ لا يقال: لها عدد، إنما المهم أن يوجد بين المسلمين من يغزو ويفتح ويعلن كلمة التوحيد ويدعو البشرية إليها، هل امتثل المسلمون هذا؟ إي والله، لو ما امتثلوا هذا ما اجتمعنا هذه الليلة، ولا كان فينا إسلام ولا مسلمون، ولكن الذين امتثلوا هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأولادهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم، فهم طيلة ثلاثمائة سنة وهم ينشرون راية العدل والحق في العالمين، حتى انتهى الإسلام إلى المحيط الأطلنطي، فقال أحدهم وقد رمى بفرسه في البحر: لو أعلم أن وراء هذا البحر أمة لمشيت إليها. وشرقوا وانتهوا إلى ما وراء نهر السند أداءً لهذا الواجب، ويعلم الله لقد قاموا به، فلقد كانت منهم أمة الجهاد والغزو والفتح، لا للدنيا ولا للمال، ولكن لامتثال أمر الله. وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران:104]، ألا وهو الإسلام، فهل وراء الإسلام من خير؟ قولوا! لا، فهيا بنا نتجول في ربوع العالم، نبدأ بالبرازيل وننتقل إلى كندا، ونترك أمريكا في الوسط، ونشرق ونغرب إلى اليابان، إلى الصين، أي خير هم فيه وعليه؟! الفجور، الخداع، الكفر، الباطل، المقاطعة، بلاء عظيم! أين الخير؟ الخير هو الإسلام، فهو نعمة الله، إذ قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3].
واجب العلماء الربانيين في السعي لتوحيد الأمة
الآن هل أمة المسلمين وِجدت من هذه الأمة؟ من هم؟ يجب أن يكون للمسلمين إمام يؤمهم، قائد يقودهم، هادي يهديهم، مرشد يرشدهم، مصلح يصلحهم، هذا الإمام يجب أن يعد العدة، وأن يجيش الجيش ويهيئوه ويغزو به بلاد العالم، هل لاستعمار الأمم واستغلال أموالهم وثرواتهم واستذلالهم وإهانتهم؟! لا والله، وإنما لإدخالهم في رحمة الله، لتطهيرهم وتصفيتهم وتزكيتهم، وإعدادهم لسعادة الدنيا والآخرة.بعبارة أقرب: من أجل أن يعرفوا ربهم وخالقهم، رازقهم ومدبر أمرهم، ثم يعبدوه بما شرع، فتلك العبادة هي التي تكملهم في آدابهم وأخلاقهم ومعارفهم، وتسعدهم في دنياهم وأخراهم، إذ ليس للبشرية سوى هذه الأمة، فمن يقوم بهذه الرسالة؟ الكاثوليك عبدة الأهواء والشهوات، أم الملاحدة، أم المجوس؟ من يحمل هذه الرسالة؟ هل يوجد غير المسلمين؟! فهيا نطيع ربنا، دلونا على الطريق، جماعات تقول: الحاكمية، الجهاد، الحكام كفار، الأمة كافرة، وصاحوا وذُبِحوا، وصاحوا وخُنِقوا، وصاحوا وماتوا ولا شيء، لعلي واهم؟ قم وقل لي: أما رأيت كذا؟ حينئذ نقول: نستغفر الله ونتوب إليه.هل أقمتم حكماً إسلامياً؟ أطلعت شمس تلك البلاد وأصبحت تضيء الحياة للناس، وأصبحت مضرب المثل؟ تعالوا وزوروا هذا البلد وشاهدوا الأنوار، الصفاء والطهر، والأخوة والولاء، العزة والكرامة، انظروا إلى تحكيم شرع الله! ماذا نصنع؟ هيا دلونا، لو تقوم جماعة من الربانيين الصادقين أولياء الله الذين إذا رفعوا أكفهم إليه ما ردها خائبة أبداً ولا صفراً، لو سألوه أن يزيل الجبل لأزاله، لو أقسموا على الله لأبرهم وما حنثهم، هذه الجماعة الربانية تزور العالم الإسلامي إقليماً بعد آخر، وتقرع باب كل حكم وحكومة، وتقول: هيا بنا نتعانق، نحيي هذه الأمة بعد موتها، ويبتدئون من بلد إلى بلد وهم يعركون ويُلَيِّنون و.. و.. وفجأة وإذا بحكام العالم الإسلامي وعلمائه قد اجتمعوا في هذه الروضة، إذ ما هو صعب الآن، بالطيارة خلال أربع وعشرين ساعة وهم فيها، ما هو كالزمان الأول مستحيل. فيقولون: بايعناك يا إمام المسلمين، ثم يا علماء! لا تخرجوا من هذه الروضة حتى تضعوا دستور أمة الإسلام، القرآن والسنة وما عليه فقهاء وعلماء الأمة، في خلال أربعين يوماً والدستور يطبق من إندونيسيا إلى موريتانيا بأيدي القضاة والحكام -الكتاب موجود- أربعون يوماً فقط وأمة الإسلام أمة واحدة، فإذا قلت لها: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران:104] وجدتها قائمة، الجيوش العربية الإسلامية أصبحت تقام فيها الصلاة ويعبد فيها الله، وانتهت الضلالة والخرافة، وانتهى هذا الفسق والمجون والباطل، ولاحت أنوار الصدق والوفاء، وأصبحت كلمتهم كلمة أولياء الله، فيغزون ما شاء الله، بل إذا اتجهوا صوب إقليم دخل في رحمة الله، فماذا ترون؟ أو ما هناك حاجة إلى هذا الدرس يا شيخ! اترك هذا؟! أيجوز هذا؟ نقرأ ونمشي، ألسنا مأمورين؟ وَلْتَكُنْ [آل عمران:104] من؟ مِنْكُمْ [آل عمران:104] نقول: لا، نحن غير مؤمنين، تكون من غيرنا، نرضى بهذا؟ نقول: ما نحن بمؤمنين، اتركنا! لا أبداً، نرضى أن نُحرَّق، نصلب، نقتل وما نرضى أن نكفر ونتخلى عن إيماننا. وَلْتَكُنْ [آل عمران:104] هل الأمر صعب؟ لا، بل سَهُل الآن، وكما قلت لكم وأعيد القول من فتوحات الرحمن: لو بيننا ربانيون سالمون، صالحون، صادقون، خمس عشرة عالماً، عشرون، مائة من العالم الإسلامي، وتتكون لجنة من خيارهم وتقوم بزيارة مسئولي أمة الإسلام وحكامهم، وتعرض عليهم منهجاً ربانياً لجمع كلمة هذه الأمة، وتوحيد صفها؛ لتنهض بواجباتها، وتقوم بأداء رسالتها، فلا أظن أنهم يخيبون أبداً؛ لأنهم يعرفون كيف يعرضون، وأنوار الله تلوح من أفواههم ومن أبصارهم، وفجأة وإذا موعدنا شهر كذا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يخرجون من هذه الروضة إلا وقد بايعوا إمامهم: أنت إمام المسلمين، ويعودون يطبقون شرع الله، وفجأة وإذا بالبلاد كلها أنوار؛ لأن الوقت مناسب، والزمان مواتي، لكن قبل وجود هذه المواصلات كان هذا من أبعد البعيد، كيف تزور هذه البلاد وأنت تحتاج إلى أربع سنوات وأنت تمشي حتى تصل، بينما الآن يطوفون بالعالم الإسلامي في ثلاثين يوماً، بل أقل، فأين هؤلاء الأولياء الصالحون؟ ما وِجِدوا بيننا؟! لمَ؟ لأن آباءهم وأمهاتهم ما رُبُوا في حجور الصالحين، فما تربوا هم في حجور الصالحين، فكيف يوجدون بهذا الصلاح؟! كيف يحصل هذا؟! ونقول: كيف؟ نقول: ما وجدوا، فأين هؤلاء؟ لو وجِدوا لجمعوا كلمة المسلمين، لوحدوا صفوفهم، لطهروا قلوب المؤمنين من الشرك والضلالات والخرافات والأوهام والأطماع والشهوات، لكن إن وجد هذا فقد قلت لكم: قطعاً هذا أمر سهل ويسير في هذه الظروف.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|