عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-11-2020, 05:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,114
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

هلاك الصالح والطالح إذا كثر الخبث
صاح أبو القاسم صلى الله عليه وسلم في عشية من العشايا لغبار وغيم وسحاب وعواصف ويقول: ( ويل للعرب من شر قد اقترب، فتقول أم المؤمنين: أنهلك وفينا الصالحون يا رسول الله؟! فيقول صلى الله عليه وسلم: نعم، إذا كثر الخبث )، نعم نهلك وبيننا الصالحون إذا كثر الخبث، وهذا حديث صحيح، وقد وضع القواعد التي لا تنخرم على مدى الحياة، والخبث هو الغش، الخداع، الكذب، النفاق، الزنا، اللواط.. ماذا أقول؟ أي شيء هو خبث. ومع الأسف عرف هذا خصومنا، عرف هذا أعداؤنا، عرف هذا اليهود والنصارى، فعملوا على نشر الخبث في العالم الإسلامي، فخمَّت ديار العالم الإسلامي بالخبث، وندر الطهر فيها والصفاء، وهي تتأهل للفتنة العامة، والضربة الربانية، وهذا البلد الأمين، وهذه البقعة الطاهرة، تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يحكمون شرع الله، فتضايق الأعداء، وتململوا، وتحرجوا، كيف يصنعون؟ كيف يعملون؟ فعرفوا، ومددنا أعناقنا فهبطنا! من يوم ما أصبحت العاهرات تغني في بيوتنا عرفنا الطريق إلى الهاوية! هذا بيت مسلم تدخله فتجد رجلاً وامرأة ومعهم البنون والبنات وعاهرة تغني على شاشة الفيديو والتلفاز! أهذا البيت يُحتضن بالطهر؟! والله ما احتضنه الطهر.والعجيب-كما ذكرنا-أنك تجد هذا في مدينة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وقد قلنا هذا وبكينا، فتمر بأسواق المدينة فتجد دكاناً من أعلاه إلى أسفله يحتوي على أشرطة أغاني، بل حول مسجد رسول الله قبل أن تهدم هذه المباني، كان هناك دكان يسمى بالديكور أو بالبلكور، من أعلاه إلى أسفله يحتوي على أشرطة أغاني، من يشتريها؟! من يغني في بيته؟ آلله أمر بهذا؟! لا والله، وهل الرسول سمح بهذا وهو الذي يقول: ( إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ) ويغضب ويتجلى الغضب في وجه الطاهر، فتعرف ذلك أم المؤمنين وتقول: أتوب إلى الله ورسوله، ويقول: ( أزيلي عني قرامَك يا عائشة )، وهي خرقة من الصوف فيها صورة منسوجة بالصوف على نافذة تُسْتُر بها بعض حاجتها. والآن خمَّت البلاد من الزنا والعهر والجرائم، ولولا هذه الدويلة-التي نسأل الله أن نموت ولا تموت-وهذا الظل والله لرأيتم -إن عشتم- العجب العجاب، مُسخت القلوب، انطفأ نور الإيمان، ونحن تائهون في متاهات لا ندري ما مصيرنا؟! فهيا نتب. كيف يتصور هذا في مدينة الرسول؟! في بلد الإسلام وشرعه ينتشر هذا الخبث بين الناس؟! جاءني إلى البيت مؤمن يبكي ويقول: أشاهد الرجال يدخلون على بيت جاري! ماذا أصنع؟ قلت له: علِّمه، انصحه، ابعث زوجتك لتنصح زوجته. وآخر يقول: كذا وكذا. وواحدة تقول: زوجي يعرف إحدى عشرة امرأة! ما هذا الخبث؟! كيف انتشر؟! بالسحر؟! والله ما له من أسباب سوى أننا فتحنا أبوابنا وقلوبنا للشياطين، والأغاني والمزامير والطبول، وما إلى ذلك وشيئاً فشيئاً حتى قست القلوب وماتت لدى أكثرنا، وسوف نذوق الألم والمرارة إن طالت الحياة بنا.

العلم النافع طريق إلى معرفة الله تعالى
هذا الله عز وجل يأمرنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران:102] فهيا بنا نعمل على أن نتقي الله، قولوا للناس: اتقوا الله، وأولاً: عرفوهم بالله حتى يعرفوا عظمته، سلطانه، قدرته، وجوده، رحمته، ملكوته، ثم عرفوهم بمحابه، علموهم ما يحب ربهم وما يكره، وعلموهم كيف يفعلون المحبوب، وكيف يقدمونه له تملقاً وتزلفاً ليرضى ويحب، ولا يعذب ولا يشقي.عدنا من حيث بدأنا، ووالله ما هناك حيلة، لو يخرج عمر ما استطاع إلا من طريق: هيا يجب أن نتعلم.كيف نتعلم؟ المدارس والجامعات والكليات موجودة، فماذا تريد من هذا العلم؟ أين يُذهب بعقلك؟! قلنا: أين آثار تلك المدارس والجامعات والكليات؟! أين آثارها في مظاهر الحياة.. في العز والكرامة.. في الصدق والوفاء.. في الطهر والصفاء.. في المودة والرحمة والإخاء.. في الرغبة في الملكوت الأعلى؟! أين آثار ذلك؟! إن وجودها أصبح كعدمها؛ لأن العدو الذي رسم ووضع الخطط، وضع طلب العلم للوظيفة فقط، وأتحداكم أن تأتوا لي برجل -واسمحوا لي إن شئتم أو ادعوا علي- يقول لولده: يا ولدي! تعلم كيف تعرف ربك، تعلم كيف تعبد مولاك، تعلم كيف تحصل على رضاه، بل لا نجد إلا: تعلم لتكون كذا وكذا.. تعلم لتصبح كذا وكذا.. وهذا كان مع الذكور، والآن والله مع الإناث أيضاً، تعلمي لتكوني كذا وكذا.. فكيف نرتفع وقد لصقنا لصوقاً كاملاً بالأرض؟!

الطريق إلى رفعة هذه الأمة
بحت حلوقنا ونحن نردد هذه الكلمة، وملها الغافلون أيضاً، فأصبحوا لا يريدون سماعها: الطريق -إن أردنا أن نتعلم العلم الذي يرفعنا إلى الملكوت الأعلى، هو: أن يجتمع نساؤنا ورجالنا في بيوت ربنا، هذا الاجتماع على هذه الصورة في بيوت ربنا المتواجدة في كل حي وفي كل مكان من مدننا، نساؤنا وراء الستار، وأبناؤنا دونهن، وفحولنا -كأنتم- في الأمام، والمربين بين أيديهم، وفي ليلة يحفظون آية من كتاب الله، وليلة أخرى يحفظون حديثاً من أحاديث رسول الله، فيحفظون ويفهمون، وكلهم عزم وصدق في أن يعملوا بما علموا، فيعودون والأنوار تغمر قلوبهم وجوارحهم، وذلك كل ليلة وطول العام وعلى مدى حياتنا، ووالله الذي لا إله إلا الله غيره -ولا تقولوا: لمَ يحلف الشيخ كثيراً؟ أما ينتقد الناس الحلف؟ والجواب: الله يحلف، ورسول الله يحلف، إذ إن الحلف حتى يُقبل الخبر ويصدق، وهذا شأن الإنسان، إذا لم تحلف له لا تطمئن نفسه- لا يمكن لأهل بلد في العالم الإسلامي أن يعودوا إلى الطهر والصفاء، والولاء والمودة ولإخاء، إلا إذا سلكوا هذا المسلك الذي سلكه رسول الله والمؤمنون، فإذا دقت الساعة السادسة مساءً وقف العمل، ولم يبق مقهى ولا مطعماً ولا دكاناً ولا متجراً ولا.. ولا..إلا أُغلق؛ لأن كل أهل المدينة أو القرية قد تطهروا، وحملوا نساءهم وأطفالهم إلى بيت ربهم، يستمطرون رحماته، ويطلبون آلاءه وإنعامه وإحسانه إليهم، ويتعلمون الهدى، وعند ذلك والله ما تمضي سنة وما في القرية جاهل وجاهلة بربها، وإذا زال الجهل وحل محله العلم فلا تسأل عن الطهر كيف ينشر؟! وعن الولاء والمودة ولإخاء كيف يتم؟! فكل مظهر من مظاهر الباطل والسوء اختبأ، وإن شذ شاذ فالشاذ لا حكم له.وإن قالوا: نحن لا نستطيع على ذلك! قلنا لهم: كيف لا تستطيعون وأنتم تقتدون بالنصارى، وتعتزون بسلوكهم وبنظامهم وبديمقراطيتهم وبحضارتهم، وهم إذا دقت الساعة السادسة أوقفوا العمل، ولبسوا أحسن ثيابهم، وأخذوا نساءهم وأطفالهم إلى دور السينما، إلى المراقص، إلى المقاصف، إلى الملاهي، إلى الملاعب، حتى نصف الليل أو ثلث الليل؟! استطاعوا هذا ونحن الذين نريد أن نسود الدنيا، ونقود البشرية لا نضحي بساعة ونصف! ونحن الذين نريد أن نخترق السبع الطباق، وأن ننزل بالملكوت الأعلى في الفراديس العلى؟! هذه المسافة كيف نجتازها؟ كيف نصل إليها؟ نشح بساعة ونصف نتعلم فيها هدى الله؟ أين يُذهب بعقولنا لو كنا عاقلين؟ لمَ العلماء لا يرددون هذا الكلام؟ هل أنهم لم يفهموه؟ لا، بل هو مكتوب علينا. جاء في سورة الأعراف قول الله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ [الأعراف:175]، من يأمر؟ الله، ومن المأمور؟ رسول الله، ومن المقروء والمتلو عليهم؟ نحن. وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ [الأعراف:175]، كيف ينسلخ منها؟ هل كان يلبسها كالثوب؟! تعرفون الثعبان يا أهل الصحراء ينسلخ من ثوبه ويترك الأبيض نظيفاً، ويذهب هو أسوداً، فالآيات هي كتاب الله وسنة رسوله، والانسلاخ منها: وضعها على الرفوف، وعدم قراءتها ودراستها والعمل بها والتفقه بما فيها. فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ [الأعراف:175] أي: أدركه، كان الشيطان خائفاً يوسوس من بعيد، ما يقوى على أن يصل إلى هذا القلب المعمور بالنور، فلما زالت الحصانة وانتهت المناعة -إذ كانت في كتاب الله وهدي رسوله-أصبح ذاك الإنسان أهْلاً لأن يركبه الشيطان، فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ [الأعراف:175] والغاوي من الغي، أي: الوساخة، الكذب، الزنا، الربا، اللواط، الغش، الخداع، خلف الوعد، الكره، البغض، فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ [الأعراف:175]؛ لأن الشيطان هو الذي يغمسه في هذه الأغياء، فيعلمه الخيانة والكذب والفجور والباطل والشرك وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا [الأعراف:176] لمَ هذه الآية ما يقرؤها العرب والمسلمون؟! هل لأنها لا تُقرأ إلا على الموتى أم أنها طويلة؟! وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ [الأعراف:176] بماذا؟ بِهَا [الأعراف:176]، أي: بالآيات، فهل هناك رافعة لأمة العرب من هبوطها وسقوطها غير آيات الله؟ والله لا رافعة لهم، فقد جربوا الاشتراكية وقالوا: اشتراكيتنا نوالي من يواليها، ونعادي من يعاديها، فتمزقوا وتمنطقوا أكثر من أربعين سنة، وبعد أين وصلوا؟! كذلك الجمهورية، أين آثار الجمهوريات؟ أصبحت نيراناً أحرقت من فيها، والآن يطالبون بالديمقراطية والعدالة! وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا [الأعراف:176] ما هي الرافعة؟ آيات الله، هل سبق أن رفعت أو لا؟ نعم، سبق أن رفعت أمة العرب حتى أصبحت مضرب المثل في كمال البشرية، فقد كانت أمة جاهلة لاصقة بالأرض وثنية تعبد الأوثان، فرفعتها خلال خمسة وعشرين سنة فقط. وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ [الأعراف:176]، هذا هو الواقع، فأبناؤنا وبناتنا تعلموا لأجل الوظيفة والخبز، كل شيء للخبز. وَاتَّبَعَ هَوَاهُ [الأعراف:176] لا عقله ولا هدى الله له.إذاً: ماذا حصل؟ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ [الأعراف:176]، لو كنا لا نحفظ القرآن لقلنا: كيف أن القرآن فيه هذه الكلمة؟! فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ [الأعراف:176] من هذا؟ الذي انسلخ من آيات الله ومشى في ظلمة الحياة، فاستولت عليه الشياطين فأغوته وحطمت كرامته، وأصبح في هذه الوضعية كالكلب إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف:176] بالتجربة، إن جريت وراء الكلب والعصا بيدك لهث وأخرج لسانه، وإن تركته تحت الشجرة والظل والماء بين يديه والله يلهث -شاهدناهم- فوالله لن ينتهي لهث العرب والمسلمين إلا إذا عادوا إلى الرافعة، لا فلسفة ولا باطل ولا.. ولا.. وإنما قال الله وقال رسوله، إيمان صادق، وقلب متفتح يريد الملكوت الأعلى.قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ [آل عمران:102] لو كنا صادقين لقلنا: يا رب! كيف نتقيك؟ علمنا، دلنا. يقول: عليكم بعلمائكم يعلمونكم كيف تتقون الله، وإن شاء الله غداً نتعلم كيف نتقي الله تعالى.والله أسأل أن يتوفنا مسلمين، وأن يلحقنا بالصالحين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.09 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.76%)]