عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 19-11-2020, 05:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,387
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محمود سامي البارودي في شعره

لقد أعلمته أمه أن جده لأمه: "علي آغا البارودي" قد قُتل في مذبحة المماليك بالقلعة عام 1811م، وأن جده لأبيه "عبد الله الشّركسي" قد قتل في المذبحة نفسِها[35].



وأعلمته أمه أن أجداده وصلوا إلى المناصب الكبرى من خلال شجاعتهم وقوتهم. وراحت تعده منذ الصغر "إعدادًا نفسيًّا وروحيًّا ليحتل المكانة الّتي تؤهله لميراثه مِن السيادة والعزة والمجد التَّليد، فأخذت تشحن عواطفه، وتعبئ روحه بالقيم والمعايير الّتي تؤهله _ في نظرها _ لمستقبل يصل به إلى طريق المجد: طريق آبائه مِن قبله"[36].



وأصغى الفارس الصَّغير، الّذي ورث الفروسية مذ ولد وورث سلاحين قلمًا وسيفًا لما أرادت أمه أن توصله إليه فـ "فتحت له صفحات مِن تاريخ قومه الّذين تسنموا ذروة الفخار، وحدثته عن أجداده الّذين بلغوا الغاية من العلى والسّيادة"[37].



فما يكاد الصَّغير يفرغ مِن دروسه كل يوم حتى يهرع إلى أمه طالبًا مزيدًا من قصص الآباء، فتتفجر فيه الأحلام الكبيرة "وتسجل بصورة ذاكرته اللاقطة أحاديث الأم، وتختزن نفسه انفعالاتها لتكون رصيدًا ضخمًا له في مستقبل حياته"[38].



تفتح أمه له صندوق حكاياتها، فيغرف الصَّغير بشغ، ويعيد رواية الحكايات كما تشبَّع بها، مضيفًا إليها حماسه.



وبعد، كيف وصف البارودي أجداده وآباءه الشّراكسة؟

إنه يؤكد أنهم كرام أعزة لم يمروا بالأرض كأنهم ما مروا، بل أغنوا في مرورهم التّاريخ شرفًا ومجدًا:




أنا مِن معشرٍ كِرامٍ على الدَّه

ر أفادُوهُ عزَّةً وصلاحًا[39]








وهم غالبون دائمًا منتصرون أبدًا:




ترى كلَّ مشبوبِ الحَمِيَّةِ لم يَسِرْ

إلى فئةٍ إلا وطائرُهُ يعلو[40]








وهم قوم كاملون مبرؤون مِن الخلل والضّعف والنّقص، فهم أهل للاعتزاز بالانتساب إليهم، فإن قوميتهم كاملة وعتادهم موفور ووطنهم منيع وواديهم خصب:




أولئكَ قومي أيَّ قومٍ وَعُدَّةٍ[41]

فلا ربعُهُمْ مَحْلٌ ولا ماؤهُمْ ضحْلُ[42]










الشَّجاعة/السيف/الخيل/الحرب:

وقوم الشّاعر معروفون بشجاعتهم الّتي بها وصلوا إلى قمة المجد وذروته:




فرعوا بالقَنا[43] قِنَاَن[44] المَعالي

وأعدّوا لِبابها مفْتَاحا[45]








هذا المفتاح هو الشَّجاعة والإقدام: إنه استلال السّيف المضيء دجى اللّيالي وظلماتها وظلمها والفاصل بين الوصول إلى المجد أو اللاوصول:




مِن النَّفَرِ الغُرِّ[46] الّذين سيوفُهُم

لها في حواشي كلِّ داجيةٍ فجْرُ




إذا استلَّ منهُمْ سيِّدٌ غَرْبَ[47] سيفِهِ

تفزَّعَتِ الأفلاكُ والتفتَ الدَّهرُ[48]










[1] تقديم الديوان، ص6.




[2] فيصل حبطوش خوت أبزاخ بعنوان: "الشّراكسة في مصر منذ عهد محمد علي باشا الكبير"، ص27.




[3] تقديم الديوان، ص6.




[4] تقديم الديوان، ص7.




[5] نفسه، ص8.




[6] نفسه، ص9.




[7] نفسه، ص24.




[8] نفسه، ص25.




[9] فيصل حبطوش خوت أبزاخ، ع.س.




[10] نفسه.




[11] راسم رشدي، ع.س، ص210.




[12] تقديم الديوان، ص21.




[13] ديوان البارودي، التقديم (مصر: دار المعارف، 1971)، 1/27، وهناك نقص في الحواشي في التقديم في طبعة عودة في صفحة (21) وفي صفحة (22) إذ سقطت قصيدتان.




[14] التقديم، ص27.




[15] التقديم، ص23.




[16] مقدمة الديوان بقلم البارودي، ص34.




[17] نفسه، ص34.




[18] الديوان، ص40.




[19] تأثلث: تأصلت وعظمت.




[20] الديوان، ص127.




[21] الديوان، ص152.




[22] الديوان، ص97.




[23] الديوان، ص252.




[24] الديوان، ص441.




[25] الديوان، ص447.




[26] وفي بيت له يقول:



كذلك دأبي منذ أبصرت حجتي

وليدا وحب الخير من سمة النبل




[الديوان، ص442].




[27] الديوان، ص577.




[28] الديوان، ص454.




[29] الديوان، ص589.




[30] أي أعددت سهمي إعدادًا تامًّا للرماية فاستد وما أخطأ الهدف.




[31] الديوان، ص713.




[32] شوقي ضيف: البارودي رائد الشّعر الحديث، (القاهرة: دار المعارف بمصر، مكتبة الدراسات الأدبية، 37)، ط2: ص216.




[33] نفسه، ص186.




[34] نفسه، ص186.




[35] علي محمد الحديدي، ع.س، 17 و19.




[36] نفسه، ص26.




[37] نفسه، ص26.




[38] نفسه، ص27.




[39] الديوان، ص117.




[40] الديوان، ص427.




[41] العدة: ما يعد لحوادث الدهر من مال وسلاح وغيرها.




[42] نفسه، ص426.




[43] القنا: ج قناة وهي السرمح.




[44] القنان: ج قنة وهي أعلى الجبل.




[45] الديوان، ص117.




[46] الفر: ج الأعز وهو الشريف أو الكريم الفعال.





[47] غرب السيف: حده.




[48] الديوان، ص217.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.57%)]