عرض مشاركة واحدة
  #319  
قديم 18-11-2020, 02:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,475
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ...)


أهمية تقوى الله

جاء النداء الثاني فهيا نتدارسه، فيقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لبيك اللهم لبيك، فماذا تريد منا يا ربنا؟ قال: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران:102] وهذا الأمر لنا. أي: اجعلوا بينكم وبين غضبه وسخطه وعقابه وعذابه وقاية وكافية.ما هذه الوقاية؟هل هم رجال الفن أو مصانع الذرة والسلاح؟! هل هي الجيوش الجرارة والأنظمة العصرية؟!هذه ليست هي الوقاية، فوالله ما تقينا هذه أبداً، فالله فوقها، وهو الذي دبرها وأوجدها وسخر الأيدي التي صنعتها.إذاً: بِم يتقى الله؟يتقى الله عز وجل بطاعته في أمره ونهيه، وطاعة الرسول من طاعة الله، وطاعة إمام المسلمين من طاعة الله، وطاعة المربي من طاعة الله، وطاعة الوالدين من طاعة الله، وما هناك إلا طاعة الله وقد تفرعت عنها الطاعات الأخرى، فطاعة الله بها يتقى عذابه وغضبه.وطاعة الله تكون يا عبد الله ويا أمة الله بفعل أمرٍ أمر به وترك نهي نهى عنه، وإن كانت النفس تحب ذلك وترغب وتشتهي، فما هناك حيلة والله أبداً.فقط أن نعرف أوامر الله ونواهيه، ونصحح العزم في صدق على أن ننهض بالأمر ونختلي ونبتعد ونجتنب النهي، ولا يتقى الله بشيء سوى هذا.من هنا: أولاً يجب تحقيق الإيمان إذ لا يقدر على هذا إلا مؤمن.وهل نحن مؤمنون؟ وكلمة (إن شاء الله) لا تنفعنا.تريدون عرض شاشة قرآنية تشاهدون فيها أنفسكم، وإن وجدتمونا فيها فنحن مؤمنون، وإن ما وجدتمونا فما نحن بمؤمنين، وإن وجدتمونا في جهة وليس في أخرى فإيماننا ضعيف مذبذب.تريدون أن تشاهدوا أنفسكم أو لا؟وإليكم الشاشة الأولى من سورة الأنفال المدنية، والتي نزلت بعد وقعة بدر عندما اختلفوا في الغنيمة، وادعى من ادعى الإيمان وهو غير مؤمن صحيح الإيمان، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أي: بحق وصدق الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4].كيف حالنا يا معاشر الناظرين إلى الشاشة القرآنية؟إن قلت: يا عبد الله! اتق الله فلا تسب الدين، تجده يسخر ويضحك! أهذا مؤمن؟!إن قلت: يا أمة الله! استتري واحتجبي والزمي بيتك، تخرج لسانها وتسخر منك! أهذه مؤمنة؟إن قلت لبائع الدخان والحشيشة وأشرطة الباطل: يا عبد الله! اتق الله، لا تنشر هذا الباطل بين المؤمنين، يقول مع الأسف: الزبائن لا يشترون منا إذا ما عندنا هذا؟ وهل هذا توكل على الله والله يقول: وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2].إن شاء الله رأيتمونا في الشاشة.والشاشة الثانية من سورة التوبة أخت سورة الأنفال ولا فاصل بينهما، يقول تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ [التوبة:71] وهذه الصيغة بمعنى: والمؤمنون والمؤمنات بحق؛ لأنها رد على المنافقين والمنافقات في السياق الأول بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، وانظر إلى أخيك إلى جنبك هل أنت وإياه بعضكما أولياء بعض؟ فإذا استغاثك: أي صاحبي! تقف إلى جنبه أو تضحك وتتركه.وإذا رأيته والكلاب تمزق ثيابه ولحمه تمر بعيداً تقوله: دعه، أهذه هي الولاية؟!وإذا رأيته جائعاً والجوع يقطع أمعاءه، وأنت شبعان والتمر في جيبك، أهذه هي الولاية؟!وقد بينا وعلم العالمون حقيقة أن هذا الولاء معناه الحب والنصرة، وأيما تأويل آخر تسمعونه فهو باطل، والتأويل الحق أنه الحب والنصرة، فتحب أخاك المؤمن وإن كان أرمد أعمش أسود مريض وسخ، وتقف إلى جنبه وتنصره متى استنصرك وطلب نصرتك، وبدون هذا فلا ولاية.ثم قال: يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71]، وعندما تدخل بلاد المسلمين لا تجد من يقول: يا أبناءنا! هذا باطل، يا عم! هذا لا يجوز. يا سيد! أذن المؤذن أغلق الباب واذهب إلى المسجد، أبداً، لا يوجد من يأمر بالمعروف، ولا من ينهى عن منكر يشاهده في السوق أو في البلاد ولا .. ولا أبداً، فلا أمر ولا نهي.أهؤلاء مؤمنون؟! وكيف هي نسبة الإيمان؟وعلى الأقل يطبقون هذا الأمر في بيوتهم، فيا عبد الله! مر أباك أو أمك أن يطهرا بيتهما من هذه الأوساخ وهذه الأراذل من صور الخلاعة والدعارة وأصوات المجرمين، فإن الملائكة قد رحلت منه، فيجيبك أنه لا يستطيع، أهذا هو الإيمان؟!وللأسف أن أحدهم قد يجد ابنه معلقاً الصليب في عنقه فيسكت ويقول: دعه يلعب.وهذه الآية لا ندري هل نحن من أهلها أو لا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71]؟إن شاء الله رأيتم المؤمنين في هذه الشاشة، ومن وجد نفسه غائباً فليعد، فإن باب الله مفتوح، حتى يتأكد من صحة وجوده في هذه الشاشة البيضاء القرآنية.والأمر بالمعروف والله من أيسر ما يكون، فصديقك أو زميلك الذي يحبك وتحبه أما تقول له: يا فلان! صلّ الصبح ولا تتركها.أتعجز عن هذه النصيحة؟! فكيف تحبه إذاً؟كذلك إذا أخذ يأكل وما قال: بسم الله، أما تقول له: سم الله يا أخي؟!وإذا أكل بشماله، قل له: اتق الله، حرام الأكل بالشمال فأنت مؤمن؟وهكذا في دائرة أسرتك وإخوانك تؤدي هذا الواجب، وتصبح آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر.

تقوى الله تكون في حدود الاستطاعة
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران:102]، هنا احتار المسلمون وقالوا: كيف نستطيع أن نتقي الله حق تقاته، وما الذي نتقي به الله، ولو نملك السماوات والأرض لا نستطيع، فالسماوات والأرض يقبضها بيده فكيف نتقيه؟والجواب أيها الأحباب: هو أننا نتقيه في حدود طاقتنا، فما طلب منا أكثر من ذلك، إذ قال من سورة التغابن: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، أي: اتقوا الله في حدود طاقتكم، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( تقوى الله حق تقاته أن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يطاع فلا يعصى )، فنفعل هذا في حدود طاقتنا، فنذكر الله ولا ننساه أبداً، فنذكره عند الأكل .. عند الشرب .. عند القيام .. عند القعود .. عند الملاقاة .. عند الصلاة، عند ذبح الشاة .. عند الركوب .. عند النوم .. عند اليقظة .. فنذكر الله طول الليل والنهار، ولا ننساه أبداً. وما يشق علينا ذكره.كذلك نشكره على آلائه وإنعامه علينا ولا نكفرها أبداً. فإذا قيل لك: كيف حالك؟ تقول: الحمد لله، نحن بخير، قد أنعم علينا بنعمة السمع .. بنعمة البصر .. بنعمة الأمن .. بنعمة الطهر، ونحن في خير .. في عافية.. وهكذا لا نكفر نعمة من نعمه أبداً، ونحمده على كل نعمة.ولا نعصيه إلا إذا أكرهنا أو نسينا أو جهلنا، وتلك هي طاقتنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران:102] أولاً.

الموت على الإسلام
ثم قال تعالى: وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، وهل نملك هذا يا رب؟ إي نعم، أنت قادر على أن لا تكفر ولا تفسق ولا تفجر، فعندك قدرة فجاهد نفسك، حتى لا تموت إلا على الإسلام.نعم قد تضطر في بعض الظروف أو بعض الأماكن إلى أن تهاجر وتخرج من ذلك البلد، وترحل من تلك العمارة فتسكن في أخرى. وإذا خشيت أن يعبث بعقلك وقلبك ويفسد إيمانك وتموت على سوء خاتمة، فقد فرض الله الهجرة فرضاً، وأيما مؤمن وجد نفسه في مكان لا يستطيع أن يعبد الله فيه وجب عليه أن يهاجر، فينزل الجبال أو التلال أو الأودية، ولا يبقى في بلاد لا يستطيع أن يعبد الله فيه خشية أن يموت على غير الإسلام، أو يموت وما أسلم قلبه ولا جوارحه لله: وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

الدعوة إلى الاعتصام بحبل الله والتحذير من التفرق
ثالثاً: ومن نصائح مولانا: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا [آل عمران:103]، وحبل الله هنا هو القرآن الكريم .. السنة .. الإسلام .. الدين الإسلامي، فهذه كلها جاءتنا منه وتدلت علينا، فمن استعصم بها وشدد لا يخشى السقوط أبداً، ولا يهوي في عذاب النار. ثم قال: وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، وما تقولون في التفرقة حرام أو حلال؟وقد عرف العدو خطر الفرقة والتفرق فقال: والله لأفرقنهم حتى يصبحوا أهلاً لأن نسوقهم كالأغنام والأبقار، وفعلاً فرقونا، وبدءوا بالقريب ثم البعيد، وفي العصر الحاضر هناك نيف وأربعون دولة.آلله أمركم بهذا؟إذاً: لِم تعصون الله عز وجل، وتفرقون دولتكم وتمزقونها، فالدولة ذات ألف مليون التي ترهب الإنس والجن إذا كبروا كبر الكون معهم، لكنهم تمزقوا إلى نيف وأربعين دولة حتى أصبحوا أذلة مهانين مدانين لا يستطيعون أن يقولوا كلمة في الدنيا.فتفرقنا ليس بالقوة، وإنما ملئونا بالوطنيات والجنسيات.أتدري ما وطنك يا عبد الله؟ الأرض كلها لك يا عبد الله.وكلمة (وطن) أي وطن هذا؟! حتى قالوا: قال الرسول -يكذبون عليه-: ( حب الوطن من الإيمان! ) وهل حب الطين والتراب من الإيمان! أعوذ بالله.فالمسلمون دارهم واحدة، نعم يوجدون في أقاليم متعددة، ولكن أمرهم واحد، فإذا قال إمام المسلمين: الله أكبر رددوها، وإذا قال: الجهاد في سيبل الله، رفعوا أصواتهم: حي على الجهاد، لكننا تفرقنا حتى نذل ونهون كما هو الواقع.وفرقونا بالمذاهب؛ الزيدية .. الأباضية .. الرافضية .. الـ .. الـ .. آلله أمر بهذا؟ ألسنا أتباع النبي صلى الله عليه وسلم؟ أما نحن الذين أسلموا قلوبهم ووجوههم لله، فنور الله بأيديهم كتابه وهدي نبيه، ومن أراد أن يفرقنا أو يمزق شملنا فنلعنه ونبعده من ساحتنا، وتبقى أمتنا أمة واحدة.وفرقونا طرقاً فهذا: قادري .. رحماني .. عيساوي .. عيدروسي .. إدريسي! لا إله إلا الله.وفي القرية الواحدة تجد: غناء وقصائد وأناشيد وشاي وأكلات، وهؤلاء أصحاب سيدي أحمد . وفي طرف القرية الأخرى كذلك أناشيد وقصائد وترنمات وأكل وشرب، وهؤلاء قادريون، وهؤلاء كذا، فلا إله إلا الله، وهذا في القرية الواحدة.ومن أراد أن تتجلى له الحقيقة، فقد أخبرنا العالمون: أن مصر عاصمة العالم العربي بها سبعون طريقة.إذاً فمن مزقنا، من فرقنا؟ آلله أذن في هذا؟ أما قال: وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103] فعصينا وأصابنا ذنبنا ويكفي في ذلك فقرنا وذلنا وخلافنا وبلايانا ورزايانا والعياذ بالله؛ لأننا ما اعتصمنا بحبل الله، ولا تآخينا وتواددنا وتحاببنا، وأصبح منهجنا واحد، فهذا زيدي، وهذا أباضي، وهذا كذا، وهذا كذا، والأصل هذا مؤمن مسلم، وقال الله وقال رسوله.وقد مضت فترة تكون أنت جالس في درس، فيأتي آخر يجلس ويأتيه قريبه وصديقه، ويقول له: قم .. قم، لا تسمع، هذا وهابي يفسد عليك قلبك، فيأخذونه من حلقتنا، وأي مرض أعظم من هذا؟والمدرس يقول: قال الله وقال رسوله، وهو يقول: ما قال شيخنا فلان ولا فلان وفلان، قم لا تسمع.وكان عندنا طالب يمني جاء يشتغل حداداً، يصلح الدوافير، وحضر عندنا الدرس، قال: أوصاني أبي وأمي: يا فلان! لا تجلس في حلق الدروس في المسجد النبوي؛ لأنهم وهابيون يفسدون عليك دينك. ويحلف لي بالله يقول: وكنت أمر بالحلقة داخل المسجد ولا أراك إلا شيطاناً على الكرسي!! لكن أراد الله إنقاذ هذا المؤمن، فجاء به إخوانه من اليمنيين وقالوا: أنت ما لك؟ هذا ليس وهابياً، هذا شيخ جزائري، وكيف تقول: وهابي؟ أنت واهم فقط، واسأل الناس. فهدأت نفسه وسكن روعه، وأخذ يجلس ويجلس، والحمد لله حتى عرف الطريق ودرس وتخرج من الجامعة، وهو الآن داعية إلى الله. وهذا مثال فقط.إذاً فرقنا بأيدي وأصابع أعدائنا.وكلمة (وهابية) الأصل فيها اليهود والنصارى، حتى لا ترى أمة الإسلام هذه الدولة وقد أنشأها الله تحمل راية: لا إله إلا الله محمداً رسول الله، فصرفوا قلوب العرب والمسلمين عنها حتى لا يقتدوا بها أو يأتسوا.فلما استقللنا في الشرق والغرب قالوا: لا ترفع راية: لا إله إلا الله محمد رسول الله حتى لا ننتسب إلى القرآن والسنة، لأن كلمة: لا إله إلا الله معناها: لا يعبد إلا الله، فلا عبد القادر ولا عيدروس ، وكلمة محمد رسول الله معناها: لا يتابع إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قال الله وقال رسوله.إذاً: وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، فتفرقنا يا ربنا بدون قدرة منا ولا طاقة فسامحنا، فهيا اجتمعوا قد سامحناكم، وبدأنا يا ربنا ولك الحمد.ويدل على هذا أنه قبل خمسين سنة أو خمسة وأربعين سنة، لو يؤلف حنبلي كتاباً في الفقه الحنبلي وهو حق، أو مالكي أو شافعي أو حنفي، فكل من يرى الكتاب يقول: هذا ليس في مذهبنا، فلا يقرأ أبداً، مع أن المذاهب الأربعة والله إنهم على الحق، وعلى نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما وقع خلاف في الفهم فقط للكتاب والسنة، وما مزق هذا الفهم أمة الإسلام أبداً، ومع هذا من يقرأ الكتاب يقول: هذا الكتاب شافعي، وأنا مالكي.والآن ومنذ أربعة أو خمسة وأربعين سنة أصبح المسلمون الواعون صغاراً وكباراً المهم عندهم قال الله وقال رسوله، سواء جاء من طريق أحمد أو أبي حنيفة أو من غيرهما.ويدل لهذا كتاب منهاج المسلم الذي ندرسه وهو الآن يقرأ في العالم الإسلامي، حتى عند النساء؛ لأنه أولاً في المقدمة قلت لهم: والله ما خرجنا عن المذاهب الأربعة قيد شعرة.ثانياً: كل مسائله قال الله وقال رسوله، والآن يقرأ بسهولة، فجمع الله قلوب المؤمنين عليه، وهناك انفراج؛ لأن السياسة هبطت، ولو كان الحكام كما كانوا والله ليؤدبونك ويسجنونك: كيف تقرأ هذا الكتاب على غير مذهبنا! ومرة في المغرب أصدر الحاكم قراراً أن من يقبض يديه في الصلاة يقبضون عليه.وقد ألف أبو بكر خرقير رسالة يبين فيها التوحيد من الشرك في التوسل فقط في الحق والباطل، فسجنه الملك وسجن معه ولده في مكة، ومات ولده في السجن، وبقي الشيخ في السجن حتى دخل عبد العزيز وحكم وأطلق سراحه، وكل ذلك من أجل رسالة في التوحيد!فالذي صرف العالم الإسلامي أن الحكام هبطوا، فقد كانوا يسمعون كلام علمائهم: هذا المذهب خامسي فلا نقبل، وانفرجت والحمد لله، والله نسأل أن تستمر وتدوم هذه.

فضل الله على المؤمنين بتأليفه بينهم
قال تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ [آل عمران:103] الحمد لله، اذكروا نعمة الله عليكم، وذكر النعمة يتطلب شكرها، فقولوا: الحمد لله.ثم قال: إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً لبعضكم بعضاً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا [آل عمران:103]، الحمد لله، الحمد لله.وهذه الحادثة قد تكلمنا عليها في قضية الأوس والخزرج، وهذه الآيات فيهم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ونعود إليها في يوم ما.وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.32%)]