معنى كلمة العشير
د. سيد مصطفى أبو طالب
قال الحربي في حديث النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (تَصَدَّقْنَ فَإِنَّكُنَّ أَكْثّرُ أَهْلِ النَّارِ: لأّنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ )[1].
قَوْلُه: "وَتَكْفُرْنَ العَشِيَر" الزَّوْجَ عشير المَرْأَةِ لِمُعَاشَرَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَعَاشَرْتُ فُلانًا مُعَاشَرَةً جَمِيلَةً، وَعَشِيرُكَ الَّذِى أَمْرُكَ وَأَمُرُهُ وَاحِدٌ. قال زُهَيْرٌ [2]: (الوافر)
لَعَمْرُكَ وَالخطُوُبُ مُغَيِّراتٌ *** وَفِى طُولِ المُعَاشَرَةِ التَّقَالِي[3]
ذكر الشارح تفسيرًا لبعض دلالات مادة (عشر)، ولم ينص على الدلالة الأصلية لها. ويفهم مما ذكره أنه يعد (المخالطة) دلالة أصلية لها.
قال ابن فارس: العين والشين والراء أصلان صحيحان: أحدهما يدل على عدد معلوم، والآخر يدل على مداخله ومخالطة[4].
ذكر ابن فارس أصلين لمادة (عشر)، أحدهما: للعدد، والآخر: للمخالطة، ويمكن الجمع بينهما من خلال ما ذكره الراغب بقوله: والتعشير نهاق الحمير لكونه عشرة أصوات.[5] فهذا العدد فيه مخالطة بين الأصوات العشرة، كأنها صوت واحد متصل.
وعلى ذلك: يفسر العشير الذي هو الزوج بأنه الذي يخالط المرأة،، ويدعوها لقضاء حاجاته، وللاطمئنان عليها.
فالعشير: عشير مخالطة ونكاح، وعشير مؤانسة ومواددة.
وقد أورد بعض فروعها مفسراً دلالاتها في ضوء هذه الدلالة الأصلية، وهذه الفروع هي:
أ) العشير: الزوج. يقول الأزهري: قال أبو عبيد: أراد بالعشير: الزوج، سمى عشيراً؛ لأنه يعاشرها وتعاشره.[6] وفي القرآن الكريم قال تعالى: ﴿ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ﴾ [الحج: 13] أي: الخليط المعاشر[7].
ب) عاشرت، أي: خالطت. يقول ابن منظور: العشرة: المخالطة، عاشرته معاشرة[8].
ويمكن إضافة فرعين آخرين، وهما:
ج) العشيرة: هم أهل الرجل الذين يتكثر بهم.[9] وإنما سميت عشيرة الرجل؛ لمعاشرة بعضهم بعضًا[10].
د) المعشر: كل جماعة أمرهم واحد. المسلمون معشر، والمشركون معشر، والإنس معشر، والجن معشر، وجمعه معاشر.[11] ومنه قوله تعالى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ [الرحمن: 33] وبعد: فقد أمكن رد دلالات فروع هذه المادة إلى الدلالة الأصلية المذكورة، وهي (المداخلة والمخالطة).
[1] سبق تخريجه في تعليل التسمية.
[2] الديوان (ص86)، والعين (عشر) (1 /248) يقول: خطوب الدهر قد تغيير المودة وطول المعاشرة قد يكون معه التقاطع والبغضاء..
[3] غريب الحربي (1 /54) وما بعدها.
[4] المقاييس (عشر) (4 /324).
[5] المفردات (ص335).
[6] التهذيب (عشر) (1 /410).
[7] مجاز القرآن (2 /46)، وغريب السجستاني (ص142).
[8] اللسان (عشر) (6 /264).
[9] المفردات (335).
[10] المقاييس (عشر) (4 /324).
[11] العين (عشر) (1 /248).