عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-11-2020, 09:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,742
الدولة : Egypt
افتراضي شرح الصدر بفوائد حديث.: { لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر..

شرح الصدر بفوائد حديث.: { لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر..


بسم الله الرّحمن الرّحيم



"فاٍنّ أولى ما صرفت به العناية ، وجرى المتسابقون في ميدانه اٍلى أفضل غاية، وتنافس فيه المتنافسون ، وشمر اٍليه العاملون، العلم الموروث عن خاتم المرسلين، ورسول ربّ العالمين، والّذي لا نجاة لأحد اٍلاّ به، ولا فلاح له في داريه اٍلاّ بالتعلق بسببه ، الذي من ظفر به فاز وغنم، ومن صدف عنه فقد خــسر وحرم..... فالوصول اٍلى الله واٍلى رضوانه بدونه محال، وطلب الهدى من غيره هو عين الضلال، وكيف يوصل اٍلى الله من غير الطريق التي جعلها الله هو سبحانه موصلة اٍليه، ودالّة لمن سلك فيها عليه، بعث رسوله بها مناديّا، وأقامه على أعلامها داعيا، واٍليه هاديا. فالباب عن السالك في غيرها مسدود، وهوعن طريق هداه وسعادته مصدود.. "1"
"فلو أعطيت النصوص حقها لارتفع أكثر النزاع من العالم ،ولكن خفيت النصوص وفهم منها خلاف مرادها- وانضاف إلى ذلك تسليط الآراء عليها واتباع ما تقضى به- فتضاعف البلاء وعظم الجهل واشتدت المحنة وتفاقم الخطب، وسبب ذلك كله الجهل بما جاء به الرسول وبالمراد منه، فليس للعبد أنفع من سمع ما جاء به الرسول وعقل معناه، وأما من لم يسمعه ولم يعقله فهو من الذين قال الله فيهم..:"وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير"}"2"

وقد تنوعت حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته ، فكان منها الأحكام- فدخل فيها الحدود والمعاملات ، ومنها البعوث والغزوات والمراسلات، وكلامي هنا عن شيىء مما تضمنته أول غزوة في الاٍسلام وهي .:"غزوة بدر".

وسأقف وقفة مع قصة حدثت قبل فتح مكة - وهي قصة الصحابي الجليل حاطب بن ابي بلتعة رضي الله عنه، ولعلّ هذه الوقفة قد تطول ، فأذكر فوائدها والفصول .

فقد أخرج الشيخان في صحيحهما من حديث عبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ قَالَ انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِي الْكِتَابَ فَقَالَتْ مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا حَاطِبُ مَا هَذَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَقَدْ صَدَقَكُمْ قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ قَالَ إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"

وقد قال شيخ الإسلام يرحمه الله ..: "وهذه القصة مما اتفق أهل العلم على صحتها وهي متواترة عندهم معروفة عند علماء التفسير وعلماء الحديث وعلماء المغازي والسير والتواريخ وعلماء الفقه وغير هؤلاء وكان على رضي الله عنه يحدث بهذا الحديث في خلافته بعد الفتنة .)) منهاج السنة 4/ 179
وإنّي والله لأكتب هذه الكلمات. واعياً بقلبي-مقولة مــؤرخ الإسلام- الإمام شمس الدّين الذهبي في ترجمــة الصحابي .: " مسطح بن أثاثة"رضي الله عنه، حيث قال..: {إياك يا جري!، أن تنظر إلى هذا البدري شزراًٍِِ!. لهفوة بدت منه،! فإنها قد غفرت،!! وهو من أهل الجنة.} كما في "السير"1/ 187
وقد تضمنت قصة حاطب بن أبي بلتعة- مسائل عدة، وفوائد جــمّة، أنثر شيئا من دررها، وأشير إلى شيىء من فوائدها..:


فضل وعلو منزلة من شهد بدراً

.

وقد جاءت عدة أحاديث تشير إليه- وتؤكد عليه..:
عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ.. " البخاري 3992

عن جابر : أن عبداً لحاطب بن أبي بلتعة جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكوا حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذبت لا يدخلها فإنه قد شهد بدرا والحديبية" صحيح الترمذي 3864

فعن سعيد بن جبير أنه قال: {ما لم يعرفه البدريون؛ فليس من الدّين} "جامع بيان العلم.." 1425و1805

قال شيخ الاٍٍسلام إبن تيمية ..:" فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِأَدِلَّةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ أَفْضَلَ الْأُمَّةِ أَهْلُ بَدْرٍ ثُمَّ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَالْعَشْرَةُ مُفَضَّلُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَالْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ .)) مجموع الفتاوى 2/ 476

وقال أيضا..: {وذلك أن أهل السنة عندهم أن أهل بدر كلهم في الجنة........} منهاج السنة 4/ 166




قوله صلى الله عليه وسلم "لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ........"


قال الحافظ ابن حجر ..{ وهي بشارة عظيمة لم تقع لغيرهم ووقع الخبر بألفاظ منها "فقد غفرت لكم" ومنها "فقد وجبت لكم الجنة" ومنها "لعل الله اطلع " لكن قال العلماء إن الترجي في كلام الله وكلام رسوله الموقوع وعند أحمد وأبي داود وبن أبي شيبة من حديث أبي هريرة بالجزم ولفظه "أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" وعند أحمد بإسناد على شرط مسلم من حديث جابر مرفوعا لن يدخل النار أحد شهد بدرا.. } الفتح 7/ 356 -"3"



يغتفر في الدنيا والأخرة للسابق ما لايغتفر للاحق.



قال الامام ابن القيم ..{.. من قواعد الشرع والحكمة ايضا أنّ من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الاسلام تأثير ظاهر،فإنه يحتمل له مالا يحتمل لغيره ويعفي عنه مالا يعفي عن غيره فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث بخلاف الماء القليل فإنه لا يحمل ادنى خبث ومن هذا قول النبي صلى الله عليه و سلم لعمر وما يدريك لعل الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وهذا هو المانع له صلى الله عليه و سلم من قتل من حس عليه وعلى المسلمين وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم فأخبر صلى الله عليه و سلم انه شهد بدرا فدل على ان مقتضى عقوبته قائم لكن منع من ترتب اثره عليه ماله من المشهد العظيم فوقعت تلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ماله من الحسنات} "مفتاح دار السعادة 1/ 529


وقال أيضا..{ أن الكبيرةَ العظيمَةَ مما دون الشركِ قد تُكَفَّرُ بالحسنةِ الكبيرةِ الماحية، كما وقع الجَسُّ مِن حاطب مكفَّراً بشهوده بدراً، فإن ما اشتملت عليه هذه الحسنةُ العظيمةُ مِن المصلحة، وتضمنتهُ مِن محبة الله لها ورضاه بها، وفرحِه بها، ومباهاتِه للملائكة بفاعلها، أعظمُ مما اشتملت عليه سيئةُ الجسِّ مِن المفسدة، وتضمَّنَتْهُ مِن بغضِ الله لها، فغلب الأقوى على الأضعفِ، فأزاله، وأبطل مقتضاه..} "زاد المعاد" 3/ 424وقد لا يكون للبدري ذاك في "الدنيا"!..:


قال العلاّمة ابن القيم..{فقواعد الشرع تقتضي ان يسامح الجاهل بما لا يسامح به العالم،وانه يغفر له مالا يغفر للعالم فإن حجة الله عليه أقوم منها على الجاهل، وعلمه بقبح المعصية وبغض الله لها وعقوبته عليها اعظم من علم الجاهل ،ونعمة الله عليه بما أودعه من العلم اعظم من نعمته على الجاهل.. } "مفتاح دار السعادة 1/528



البدري وإن كان مغفور الذنوب، لايلزم أن يكون معفواً عنه في العقوبات والحدود !.



لذلك قال الإمام الطحاوي ..{..وليس ذلك بدافع عنهم العقوبات على ذنوبهم التي يذنبونها أن تقام عليهم..}"شرح مشكل الأثار" 11/ 274


قال الحافظ ابن حجر..: {واتفقوا على أن البشارة المذكورة فيما يتعلق بأحكام الآخرة لا بأحكام الدنيا من إقامة الحدود وغيرها والله أعلم} الفتح 7/ 356



فهذا قدامة بن مظعون وهو مدني ممن شهد بدرا، وسائر المشاهد، وقد استعمله عمر بن الخطاب رضي الله عنه على البحرين ثم عزله وولى عثمان بن أبي العاص.


وكان عمر بن الخطاب قد حدّه في الخمر!.


فقد أخرج القصة عبدالرزاق في مصنفه قصته ، وفيها..: {... فأرسل عمر إلى هند ابنة الوليد "زوجة قدامة بن مظعون" ينشدها، فأقامت الشهادة على زوجها فقال عمر لقدامة "إني حادك" فقال "لو شربت كما يقولون ما كان لكم أن تجلدوني" فقال عمر لم؟ قال قدامة..: قال الله تعالى "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا.." فقال عمر.: "أخطأت التأويل إنك إذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله عليك....."فأمر بقدامة فجلد....}"2"


قال شيخ الاٍسلام { فقد اتفق الصحابة رضي الله عنهم على استتابة قدامة ابن مظعون وهو من أهل بدر من قول قاله..} "مختصر الفتاوى المصرية" 1/ 61 للبعلي


وهذا النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري.ممن شهد بدراً.


قد حدّه النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر .


فقد أخرج البخاري في "الحدود" من حديث عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ جِيءَ بِالنُّعَيْمَان ِ أَوْ ابْنِ النُّعَيْمَانِ شَارِبًا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوا قَالَ فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ..}


وهذا مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف ،ممن شهد بدراً، وهو ممن تكلم في حادثة الأفك.


عن عائشة رضي الله عنها قالت..: { لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فذكر ذاك وتلا تعني القرآن فلما نزل من المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم} وفي رواية {فأمر برجلين وامرأة ممن تكلم بالفاحشة- حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة...ْْ} رواه أبو داود 4474 وحسنه الألباني.


قال الحافظ..:{ وقد استشكلت إقامة الحد على مسطح بقذف عائشة رضي الله عنها كما تقدم مع أنه من أهل بدر فلم يسامح بما ارتكبه من الكبيرة وسومح حاطب وعلل بكونه من أهل بدر!؟
والجواب ما تقدم في باب فضل من شهد بدراً- أن محل العفو عن البدري في الأمور التي لا حد فيها..} "الفتح " 12/ 310



وهذا مرارة بن الربيع العمري ،وصاحبه هلال بن أمية ، صاحبا كعب بن مالك- وهما ممن شهدا بدراً.


وقصة تخلّفهما عن غزوة تبوك مشهورة معلومة، وقد هجرهما النبي صلى الله عليه وسلم ونهى الناس عن كلامهم .


قال كعب بن مالك في حديثه الطويل {...ثُمَّ قُلْتُ لهم " أي للناس" هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ قَالُوا نَعَمْ رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ فَقُلْتُ مَنْ هُمَا قَالُوا مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا..ْ}


قال الحافظ ابن حجر..{ واستدل بعض المتأخرين لكونهما لم يشهدا بدرا بما وقع في قصة حاطب وأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يهجره ولا عاقبه مع كونه جس عليه، بل قال لعمر لما هم بقتله "وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" قال وأين ذنب التخلف من ذنب الجس"2"!!


قلت..: وليس ما استدل به بواضح، لأنه يقتضى أن البدري عنده إذا جنى جناية ولو كبرت لا يعاقب عليها وليس كذلك فهذا عمر مع كونه المخاطب بقصة حاطب فقد جلد قدامة بن مظعون الحد لما شرب الخمر وهو بدري كما تقدم وإنما لم يعاقب النبي صلى الله عليه و سلم حاطبا ولا هجره لأنه قبل عذره في أنه إنما كاتب قريشا خشية على أهله وولده وأراد أن يتخذ له عندهم يدا فعذره بذلك بخلاف تخلف كعب وصاحبيه فإنهم لم يكن لهم عذر أصلا والله أعلم} الفتح 12/ 724-725


وما أجمل ما قاله شيخ الاٍسلام ابن تيمية يرحمه الله ..{ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ هَجْرُ الْإِمَامِ أَحْمَد لِلَّذِينَ أَجَابُوا فِي الْمِحْنَةِ قَبْلَ الْقَيْدِ وَلِمَنْ تَابَ بَعْدَ الْإِجَابَةِ وَلِمَنْ فَعَلَ بِدْعَةً مَا ؛ مَعَ أَنَّ فِيهِمْ أَئِمَّةً فِي الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْعِبَادَةِ ؛ فَإِنَّ هَجْرَهُ لَهُمْ وَالْمُسْلِمِين َ مَعَهُ لَا يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ قَدْرِ فَضْلِهِمْ كَمَا أَنَّ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ بِهَجْرِهِمْ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ السَّوَابِقِ . حَتَّى قَدْ قِيلَ إنَّ اثْنَيْنِ مِنْهُمَا شَهِدَا بَدْرًا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ لِأَهْلِ بَدْرٍ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ وَأَحَدُهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ شَاعِرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحَدُ أَهْلِ الْعَقَبَةِ فَهَذَا " أَصْلٌ عَظِيمٌ " أَنَّ عُقُوبَةَ الدُّنْيَا الْمَشْرُوعَةَ مِنْ الْهِجْرَانِ إلَى الْقَتْلِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْمُعَاقَبُ عَدْلًا أَوْ رَجُلًا صَالِحًا كَمَا بَيَّنْت مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ عُقُوبَةِ الدُّنْيَا الْمَشْرُوعَةِ وَالْمَقْدُورَة ِ ؛ وَبَيْنَ عُقُوبَةِ الْآخِرَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.}"الفتاوى10/ 375"




هل قوله صلى الله عليه وسلم " فقد غــفرت لكم " يشمل كل ذنب!؟

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.16%)]