عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-11-2020, 08:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,409
الدولة : Egypt
افتراضي لياقة القلب أم لياقة الجسد؟!

لياقة القلب أم لياقة الجسد؟!


د. فهد القرشي






يحرِصُ بعض المسلمين على بعض التمارين الرياضية؛ حفاظًا على صحة أجسادهم، وتكثُر الوصايا من كثير مِن الناس حول أهمية المشي، والنوم الكافي، وشرب الماء، وغيرها من الأمور المساعدة على صحة الجسد.

ولا نريد هنا أن نُقلِّل أو نزيد من هذه الوصايا؛ لأنها مفيدة ولا شك، لكننا نريد أن نَلفِت الأنظار لأمرٍ أكثر فائدةً، وأعمق أثرًا من الكثير من هذه الوصايا، ألَا وهو لياقة القلب!
تأمل معي هذه القطعة من الحديث: ((ألَا وإن في الجسد مُضغةً، إذا صلَحَت صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَدَت فسَد الجسد كلُّه، ألَا وهي القلب)).

ألا تفهم من هذا أن صلاحَ قلبك يؤدي لصلاح أعضائك؟!
إذا كان ذلك كذلك، فلماذا تركت الأصل وذهبت للفرع؟! ثم هب أنك أصلحت أعضاءك وقلبُك مريض، هل يغني عنك ذلك شيئًا؟!
إن بوصلة الغرب المتجهةَ للجسد، ودراساتهم التي لا تنتهي حول المحافظة عليه - أفقدَتْنا البوصلة الإسلاميةَ المتجهة للقلب ورعايته والاهتمام به.

إن قوة القلب قوة للجسد، ولا عكس، وكلما كان قلبك أقوى، كنتَ أقدر على تحمُّل الكثير من الأعباء التي لا يستطيع تحمُّلَها أصحابُ لياقة الجسد والعضلات المفتولة.
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: (‏‏إذا صح القلب من مرضه، ورفل بأثواب العافية، تبعته الجوارحُ كلُّها، فإنها تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده).

تأمَّل معي هذا التوجيه الربانيَّ لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾ [المزمل: 7، 8].

ما الذي يُعينك على السبح الطويل بالنهار؟
قيامُ الليل وذكر النهار.
ألا ترى أن الله تعالى حين أرسل موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون، أَوصاهما فقال: ﴿ وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ﴾ [طه: 42]، إنهما بحاجة للياقة قلبية لا يستجلبانها إلا بذِكرِ الله تعالى، إن قيام الليل وذكر النهار رياضةٌ دائمة للقلب تؤدي للياقة عظيمة، تجعله يقف قويًّا أمام الكثير من المصائب الحسية، والمصاعب المعنوية.

إن إخبات القلب لله، ووَجَله عند ذكره، وخشوعَه في حال عبادته - علاماتٌ على لياقته الإيمانية، التي هي أهمُّ بكثير من لياقة الجسد.

إن مرض الجسد تنتهي آلامه بالموت، لكنَّ مرض القلب تبدأ آثارُه بعد الموت، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.71%)]