
12-11-2020, 12:58 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,994
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير قوله تعالى: (كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم ...)
قال تعالى: كَيْفَ بمعنى الاستبعاد: كيف هذا؟ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ [آل عمران:86] أي: كيف ترجع هذه الأمة إلى ربها وتعود إلى منهج إلهها لتسموا وتكمل وقد هبطت؟قال: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ [آل عمران:86] أي: كالشمس وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [آل عمران:86] أي: لا يهديهم إلى ما فيه سعادتهم وكمالهم .. لا يهديهم إلى طرق النجاة والسلامة من عذاب الدنيا وخزيها وعذاب الآخرة وخزيها.وهذه الآية وإن نزلت في أحداث فهي عامة.كم واحد دخل في الإسلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم ثم ذهبوا إلى مكة وارتدوا؟هناك مجموعة من اليهود حصل منهم هذا، لكن الآية ليست بسبب شخص أو أشخاص.قوله: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا قلوا أو كثروا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ أي: بعد أن شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله انتكسوا وارتدوا وعبدوا غير الله، وكذبوا رسول الله وحاربوا دينه ورسالته.فيستبعد الله تعالى إيمان هؤلاء، فما يعودون.وبنو أبيرق كانوا قد سرقوا درعاً، والدروع كانت ذات قيمة في الحروب، فلما طلبوه وشعروا أخذوا الدرع ورموه في بيت يهودي وقالوا: تعالوا، فالدرع في سقيفة اليهودي. فجاء الأصحاب ووجدوا الدرع في بيت اليهودي، فقال اليهودي: أبداً، أنا ما فعلت، والنبي صلى الله عليه وسلم بشر، فدافع عن بني أبيرق، ثم فضحهم الله، وشرد زعيمهم وذهب إلى مكة مرتداً، وجاء يخون في منزل فحفر الجدار وأدخل رأسه فسقط عليه الجدار، فألقي كالفأر ميتاً كافراً في الجدار، وفيه نزل: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ... [النساء:105-106] الآيات.فهذه الأحداث وجدت، لكن الآية أعم من جماعة أو فرد.ثم لما نبحث في قوله: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ [آل عمران:86] نجد ينطبق على الذين عطلوا الشريعة بكاملها وأعرضوا عنها، ويستوردون القوانين الهابطة من ديار الشيوعية والصليبية والكفر ويعرضون عن الإسلام.وشيء آخر: هل سادوا أو عزوا وكملوا؟ هل ذاقوا نسيم الأمن والطهر في ديارهم؟ والله ما ذاقوه.هي نتوب إلى الله، فإن الله قال: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:89]. من يبلغهم هذا؟ لا أحد، فهناك إعراض كامل.
تفسير قوله تعالى: (أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)
يقول تعالى في بيان الجزاء للمرتدين والمنتكسين والمعرضين بعدما لاحت أنوار القرآن وهدايته في الأرض، يقول: أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ ماذا؟ مائة ريال .. سجن .. أولئك البعداء الخاسرون: جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [آل عمران:87] واللعن هو: الطرد والبعد، تقول: العنه أي: اطرده وأبعده من ساحتك. فلعنة الله تعني إبعادهم عن كل خير، ولعنة الملائكة تعني الدعاء عليهم بالبلاء والشقاء، ولعنة الناس أجمعين تكون يوم القيامة، فالظالمون يلعن بعضهم بعضاً وهم في جهنم.إذاً أولئك البعداء جزاؤهم مقابل ردتهم وانتكاستهم وإعراضهم ونسيانهم لذكر الله بعدما جاءهم الحق وعرفوه، الكتاب بين أيديهم والرسول يعرفون حتى قبره وبلاده؛ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [آل عمران:87] .
تفسير قوله تعالى: (خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون)
قال: خَالِدِينَ فِيهَا [آل عمران:88] فلا يخرجون من هذه اللعنة، من أين يخرجون وقد أغلقوا الباب على أنفسهم، فارتدوا وانتكسوا، ولو عرفوا الطريق وعادوا ممكن كما سيأتي، لكن الواقع هو هذا: خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ [آل عمران:88] لا يفتر ولا يخفف العذاب وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ [آل عمران:88]، فالله غاضب ساخط عليهم، لا يرحمهم ولا يلتفت إليهم.
تفسير قوله تعالى: (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم)
اللهم: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا [آل عمران:89] فرجعوا إلى الإيمان والعمل الصالح وما أفسدوه، وأما القلوب التي أفسدوها والنفوس التي دسوها بالباطل والشر يعملون على إصلاحها.إذاً: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:89] فيغفر لهم ذنوبهم ويرحمهم، إذ من صفاته صفات الجلال والكمال أنه غفور، فلو لم يكن من ذنب كيف يعرف أن الله غفور؟وهو رحيم بعباده .. بالحيوانات .. بكل المخلوقات، فكيف بمن رجعوا إليه واطرحوا بين يديه معلنين عن توبتهم وإسلامهم؟!هذا والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما نقول ونسمع.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|