عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 06-11-2020, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محمود سامي البارودي والشعر


على أن البارودي المؤمن بالوراثة وخباياها وخفاياها، يؤمِن بأنه ورث - إلى الصّفات الجيدة مِن جدوده وآبائه - قد ورث حب الشّعر وجينة الشّعر، فهو أصيل في الشّعر من أيام آبائه وأخواله:



ولا تغرنَّكَ في الدّنيا مُشاكلةٌ

بين الأنامِ فليس النَّبعُ كالضَّالِ[24]



فهو عريق شعريًّا:
أنا في الشّعر عريقٌ
لم أرثْهُ عن كلالَهْ

كانَ "إبراهيمُ"[25] خالي
فيه مشهورُ المقالَهْ

وسمَا جدي "علي"[26]
يطلب النّجم مناله

فهو لي إرث كريم
سوف يبقى في السّلاله[27]



على أن البارودي - مع اعترافه بفضل الوراثة - لم يركن إلى كسل الاطمئنان، بل عمل جادًّا على تطوير شعره ودراسته شعر الآخرين ليصل إلى ما وصل إليه، فكان الشّعر عنده وراثة تُعُهِّدت بالرعاية للوصول إلى الأفضل:
أنا ابنُ قولي وحسبي في الفَخَارِ به
وإن غدوْتُ كريمَ العمِّ والخالِ[28]



على أنه يصل ما بين عراقة النّسب وقول الشّعر، فهو يرى أن الشّعر لا يعطى لرعاع النّاس، وإن أعطي، لم يكن في مستوى الشّعر المنبعث مِن شاعر عريق النّسب.

فالشّعر يحتاج إلى العراقة والشّيم الكريمة والحرية الّتي ينطلق مِن خلالها منشدًا القصائد المتوهجة الغنية بالقيم:
لو لم أكن ذا شيمةٍ حرَّةٍ
لم أقرضِ الشِّعر ولم أعشقِ[29]

فالشّعر كما الحبُّ لا يليق
بالعبيد ولا بالأذلاء[30]


ونجد عند البارودي تلازم السَّيف والقلم في صورة شبه دائمة، فكأن شاعرنا يرفض أن يكون فارسًا فقط أو شاعرًا فقط، بل هو شاعر عندما يكون فارسًا وفارس عندما يكون شاعرًا:
فإن صُلْتُ فدَّائي الكميُّ بنفسِهِ
وإن قلتُ لبَّاني الوليدُ مِن المهدِ[31]



ويؤكد هذا التلازم بين فروسيته وشاعريته في كل مناسبة:
إذا صُلْتُ كفَّ الدَّهرُ مِن غلوائِهِ
وإن قلتُ غصَّتْ بالقلوبِ صدورُ[32]



فهو - كما أحيا الشّعر بمنطقه - صرع أعداءه بسيفه الحاد:
أحييتُ أنفاسَ القريضِ بمنطق
وصرعْتُ فرسانَ العجاج بلهذمي[33]



ويقوي الشّاعر الصلة بين الشّعر والفروسية إذ يجد الإقدام والتّقدم مشيرًا إلى الفصاحة والبلاغة والبيان:
لساني كنصلي في المقالِ وصارمي
كغرْبِ لساني حين لم يبقَ مُقْدِمُ[34]
يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]