عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-11-2020, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,755
الدولة : Egypt
افتراضي وديان الطاعة .. وشمولية الإسلام في تعزيز القيم والمبادئ والأخلاق

وديان الطاعة .. وشمولية الإسلام في تعزيز القيم والمبادئ والأخلاق
د. خاطر الشافعي



في عالمٍ اختلطت فيه الثقافات، وتقاربت فيه المسافات، تبقَى للمسلم خصوصيتُه، فكرًا وسلوكًا، وقولاً وعملاً، وتتميز فيه شخصيتُه، كينونةً ومظهرًا، فلا هو مُغلِقٌ أبوابَه في وجه ثقافةٍ ثريَّة، ولا هو مُنغمِسٌ في جوهرٍ يطمِسُ هُويته، بل يُعنوِن صفحات أيامه بثوابت دينه الخالد؛ فهو يقترب بقدر الاستفادة دينًا ودنيا، ويبتعد بقدر النجاة من مُهلكاتٍ ألبَسها مُخترعوها ثوبَ التحضُّر الخادع، والمدنيَّة الزائفة، ولسانُ حاله دائمًا ينطق بحُسن إسلامه، فحياته كلها لدينه، تعزيزًا وإجلالاً، وتوقيرًا واحترامًا.

ومهما أحاطته مُغريات الحياة، وتزيَّنت له الدنيا، يبقى ذاك الإطار الذي رسمه له دينُه، هو محورَ حركته وسكونه، وشُغله وفراغه، فتراه يتنقل بين وديان الطاعة، كما تتنقل جماعات النحل بين رحيق الأزهار، تتخير أعطرَها وأسماها، وتُحلق بعيدًا جدًّا ناشرةً شذاها.

لقد حبانا الله - سبحانه وتعالى - بأجمل وديان الطاعة، فتلك صلاتنا؛ تردعنا عن المنكر، وتنهانا عن البغي والجور، فإن أغرَتْنا المعصية، أنكرتْها قلوبنا، وأسرع اللسان ناطقًا: عفوًا أنا مسلم، وتلك زكاتنا؛ تطهِّرنا وتزكِّينا، فإن راودتنا أنفسنا على شحٍّ، استنكرتْه قلوبنا، وصاحت: عفوًا أنا مسلم، وذاك صومنا؛ حيث رحابة الطُّهر الأخلاقي، وسمو النفس الروحاني؛ حيث لا مجال للذنوب، فكل الأعضاء تتمنى الظَّفَر بالقبول، فلا يد تبطش، ولا عين تزني، ولا قلب ينشغل بغير الطاعة، ولا خُطى تسعى إلا إلى الخير والطاعة؛ حيث وادي الطاعة يكتظ بالمؤمنين، في نسيجٍ اجتماعيٍّ، ملَكْناه حصريًّا، بجمال شعائر ديننا، فتزهو الأرض بسعينا إلى المساجد، وتتزين السماء بتهليلنا وتسبيحنا وتكبيرنا، ويُرفَع الأذان فتُولَد الفرحة، ونلتقي جميعًا على موائد الطاعة، ولا نكاد نفرغ من المغرب، حتى نلبي العشاء، ولا ننصرف إلا وقد غمرت قلوبَنا نسماتُ السكينة، فلا تجترئ علينا الخطايا، فلسان حالنا دومًا: عفوًا أنا مسلم.


ولا تزال وديان الطاعة تترى، فيجمعنا حج وعمرة؛ حيث ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197]، ويجمعنا طوافٌ وسعي، واستحضارٌ لأجمل القِيَم.

إنَّ وديان الطاعة في رحاب الإسلام لا تُعد ولا تُحصى، فالمسلم دائمًا في معيَّة الله، وكيف لمن في معيَّة الله أن يضل أو أن يشقى؟!

إنَّ وديان الطاعة في ديننا الحنيف، تُمثل منظومةً لأروع القِيَم والمبادئ والأخلاق، تضمن شموليَّة الإسلام وأصالته في تعزيزها، فالحمد لله الذي جعلنا من خير الأمم.

اللَّهم ارزقنا طاعتك، والحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللَّهم وسلِّم على سيدنا محمد وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.83%)]