عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17-10-2020, 03:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المعمرون من الشعراء

المعمرون من الشعراء



حسن شهاب الدين

استدعاء الماضي:








ويُشكِّل التحسُّر على الشباب واستدعاء ذِكريات الماضي بما فيه ثاني الملامح التي صبَغ بمها المعمَّرون من الشعراء قصائدهم، وما يذكر هذا الملمح إلا ويتبادر على الذهن قول أبي العتاهية:



أَلاَ لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْمًا

فَأُخْبِرَهُ بِمَا فَعَلَ المَشِيبُ[14]








وهي الصَّرخة التي ما زال صَداها يتردَّد عبْر كلِّ جيل، وقد تناوَل أسامة بن منقذ بعض ذِكريات شَبابه في إحدى مقطوعاته، وكان الداعي لذِكرها هو ما عرض له من ألَمٍ في رجله بسبب كبر سنه؛ فمنعه من الركوب، فقال هذه الأبيات الدامعة:



رِجْلاَيَ وَالسَّبْعُونَ قَدْ أَوْهَنَتْ

قُوَايَ عَنْ سَعْيِي إِلَى الحَرْبِ




وَكُنْتُ إِنْ ثَوَّبَ دَاعِي الوَغَى

لَبَّيْتُهُ بِالطَّعْنِ وَالضَّرْبِ




أَشُقُّ بِالسَّيْفِ دُجَى نَقْعِهَا

شَقَّ الدَّيَاجِي مُرْسَلُ الشُّهْبِ




أُنَازِلُ الأَقْرَانَ يُرْدِيهِمُ

مِنْ قَبْلِ ضَرْبِي هَامَهُمُ رُعْبِي




فَلَمْ تَدَعْ مِنِّي اللَّيَالِي سِوَى

صَبْرِي عَلَى اللَّأْوَاءِ وَالخَطْبِ[15]








ولا شكَّ أنَّ فارسًا كابن منقذ كان أكثرَ من غيره تأثُّرًا بعجزه عن النهوض والركوب، وهو الذي كان لا يُشَقُّ له غبار؛ ولذلك كرَّر هذا المعنى في قوله:





لَمْ تَتْرُكِ السَّبْعُونَ فِي إِقْبَالِهَا

مِنِّي سِوَى مَا لاَ عَلَيْهِ مُعَوَّلُ




كَمْ قَدْ شَهِدْتُ مِنَ الحُرُوبِ فَلَيْتَنِي

فِي بَعْضِهَا مِنْ قَبْلِ نَكْسِي أُقْتَلُ




وَأَبِيكَ مَا أَحْجَمْتُ عَنْ خَوْضِ الرَّدَى

فِي الحَرْبِ يَشْهَدُ لِي بِذَاكَ الْمُنْصُلُ[16]








وليس ذِكريات الماضي كلُّها تحسُّرات وآهات، بل قد يَشعُر هذا القلب الخفوق ببعض الحنين إلى مرَح الشباب، بل التصابي، كما شعر الجواهري حين قال:



يَا لِلتَّصَابِي أَلاَ يَنْفَكُّ يَجْذِبُنِي

عَلَى الثَّمَانِينَ جَذْبَ النُّوقِ بِالعَطَنِ[17]








أمَّا البهاء زهير فهو الإمام المُقتَدَى به في هذا الشأن؛ فقد أقسم ألا يترك لسنوات عمره الطويلة هذا القلب اللعوب فقال:



قَالُوا: كَبِرْتَ عَنِ الصِّبَا

وَقَطَعْتَ تِلْكَ النَّاحِيَهْ




وَنَعَمْ، كَبِرْتُ وَإِنَّمَا

تِلْكَ الشَّمَائِلُ بَاقِيَهْ

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]