عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13-10-2020, 06:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للمرأة المسلمة في المجال الطبي...

إن هناك آمال يأمل الإنسان أن تكون متحققة في مثل هذا المجال، يستقيها من خلال النظر في النصوص الشرعية ومن خلال ملاحظة حاجة المجتمع الذي نعيش فيه..
1- أولها وهو أمر لا يختص بهذا المجال وإنما هو في عموم عمل المسلم، نتمنى ونأمل أن تحسن الأخت العاملة في المجال الطبي نيتها في هذا العمل؛ فإن ذلك باب من الخير، يحول هذا العمل إلى عبادة تثاب عليها عند الله - عز وجل -..، هل يشق أن تستصحب في عملها هذا أنها تقوم بفرض من فروض الكفايات على الأمة؟، ولا شك أن من يستصحب هذه النية فإنه بجانب إسقاطه للفريضة عن سائر الأمة؛ فإنه يثاب أيضاً على هذه النية الحسنة.




هل من المشقة في شيء أن تستصحب أنها تريد أن تغني أمتها ومجتمعها عن الحاجة إلى الكفار رجال ونساء، وفي وجودهم في مجتمعات المسلمين من الأضرار شيء كثير وكثير جداً.. ؟، هل يشق أن يكون من قصدها أن تحسن إلى بنات جنسها بتحقيق مبتغاهن من التطبيب والتمريض في جو نفسي مريح..؟، إن هذه المقاصد لا تكلف الواحد منا شيئاً لو استصحبها، بل هو يدرك بها أجراً عظيماً وثواباً عند الله - عز وجل - على أنها تمثل ضوابط ترشد العمل السلوكي إذا كانت حاضرة في الذهن، فإن هذه المعاني الجليلة والمقاصد الخيرة لو كانت حية في النفوس حقيقة لاختفت كثير من المظاهر التي ربما لا تتوافق مع الأحكام الشرعي بل ربما صادمت معلوما من الدين بالضرورة..
2- أما الأمل الثاني فهو أن يبرز العاملون رجالاً ونساءً في هذا العمل الطبي أن يبرزوا نموذجاً للمسلم والمسلمة الذين يجمعون بين تمسكهم بدينهم وبين أخذهم بأسباب التقدم المادي في هذا العصر الذي نعيش فيه، هناك من يرى في مجتمعات المسلمين أنه لإدراك هذا التقدم لابد من التخفف من كثير من الضوابط الشرعية، بل أصبحنا نسمع مصطلح "ضريبة الحضارة"، وكأنه من الحتم اللازم أنه لا نستطيع أن ندرك شيئاً من أسباب هذا التقدم المادي إلا بأن نتنازل عن بعض ما نعتقده من دين الله - عز وجل -، وبجانب ذلك هناك من يرى التخلي أو شبه التخلي عن التقدم المادي حفظاً لما هو أغلى وأبقى، ولا يستطيع هؤلاء أن يثبتوا بواقعية أمام حاجة المجتمع، فإن الذي لا يجد طبيباً مسلماً أو طبيبة مسلمةً لاشك أنه سيذهب إلى طبيبٍ كافر أو طبيبةٍ كافرة.




إما الجهل بالدين، أو الانهزام الداخلي ومحبة الآخرين. فإن الجهل بالدين قد يؤدي أحياناً إلى ترك بعض واجبات الدين، والانهزام الداخلي يؤدي بالتضحية بكثير من مبادئ الدين؛ ولهذا فالعلم الصحيح هو الذي يوجد هذا التوازن الحق بين ما يبتغيه الله - عز وجل - من انضباط السلوك، وبين ما ينبغي أن نكون عليه من إدراك أسباب التقدم الذي جعله الله - عز وجل - أمراً مشاعاً بين الخلق: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً..).
3- إننا نأمل أن نرى المجال الطبي من أنشط المجالات في نشر الدعوة وحض الناس على الخير، ولسنا أيها الأخوة والأخوات نبتغي أن تنقلب العيادات والمستشفيات إلى قاعات محاضرات ولا إلى منابر واعظين.. ليس هذا، وإنما نبتغي أن يستغل العاملون في هذا المجال مواقعهم المؤثرة لأجل أن يبلغوا ما يستطيعون من الخير، وأن يتخففوا قدر ما يستطيعون من المخالفة.
إن العلم لديكم أن المجال الطبي من أوسع الأبواب التي دخل منها الداعون إلى النصرانية في بلاد المسلمين وفي غير بلاد المسلمين، ولم يكن علم المهنة ولا تخصصها مانعاً لمثل هؤلاء في استثمار المجال الذي يعملون فيه في الدعوة إلى النصرانية، وكما نعلم فإن آلافا بل ملايين تحولوا من الإسلام إلى النصرانية من خلال هذه البوابة، بوابة الطب. والواقع في إندونيسيا مثل صارخ لمثل هذا الاستغلال البشع من هؤلاء للدعوة إلى النصرانية من خلال التضليل والتدليس واستغلال حاجات الناس.
إذا كان كذلك فهل ينبغي أن يقشعر بدن كثير من المسلمين إذا قلنا لهم أن المجال الطبي من أوسع مجالات الدعوة إلى الله - عز وجل -، وكأنهم يروننا أننا نريد أن يترك الطبيب مجسه ومبضعه لأجل أن يتلو محاضرة، لسنا نبتغي هذا، وإنما نبتغي الكلمة الحسنة والأسلوب المهذب والتنبيه إلى المخالفة وإهداء ما يستطيع من خلال عمله الطبي أو من خلال المجتمع الذي يعيش فيه..




4- كما أننا نأمل أن يستثمر العاملون في المجال الطبي رجالاً ونساءً وضعهم الاجتماعي المتميز الذي يضفي على مواقفهم ونصائحهم نوعاً من القبول والالتزام. وأنتم تعلمون أيها الأخوة أن أي مجتمع تنشأ فيه مهنة أو حرفة يكون للمنتسبين إليها إذا كانوا قلة مكانة عالية في المجتمع، فإذا كثروا ربما خفت هذه المكانة، ونحن نعيش في مجتمع يعيش في بدايات النهضة، ولا شك في أن الأخوة العاملين والأخوات العاملات في هذا المجال؛ المجتمع يقدر لهم هذا العمل بل وينصاع إلى كثر من نصحهم و توجيههم وإرشادهم، وهذا خير يساق إليكم وأنتم لا تدرون، ربما يوجد شخص عادي أو مدرس أو واعظ لا تؤثر كلمته في جمهور من الناس مثلما تؤثر كلمة طبيب أو مختص..، فإذا حباك الله هذه المنزلة وبوأك هذا القبول فحري بك أن لا تفرط في هذه المنحة التي وهبت إياها والقبول الذي أعطاك الله - عز وجل - إياه..
5- الوضعية الطبية التي نعيشها وتعيشونها أيها الأخوة والأخوات هي ميراث، ورثناه عن غيرنا، ولاشك في أن في هذا الميراث أشياء حسنة جداً، وأخرى ليست حسنة سواء كان ذلك في البرامج أو في الإدارة أو في السلوكيات، والذي ينبغي العناية به أن نكون في مجال ترشيد وتصحيح لكل هذه المكونات لهذا المجال الطبي بالمراجعة الدائمة والنقد الدائم والسلوك الحسن.
إن من السلبية التامة أن نستسلم لمثل هذه الوضعيات التي ننقلها من مجتمعات أخرى، نحن لسنا نقول إن كل شيء يأتي من مجتمعات الكفار هو مدانٌ أولاً وأخيراً.. فإن هناك من الأوضاع المادية ما يشترك فيه المؤمن والكافر، لكن هناك مجالات وسلوكيات ومناهج في الإدارة والتعامل يحسن أن يكون ـ بل يجب أن يكون ـ لمجتمعات المسلمين تميزاً لا يحاكون فيه غيرهم من البشر.




ومن هنا فليس المجال الطبي مجالاً محرماً أن ينقد ولا أن يرشد ولا أن يصلح، كما أننا لا نعتبره كلأً مباحاً يتكلم فيه كل أحد بما يشاء، فإذا كنا لا نبتغي من الناس أن يتجرؤوا؛ فلا ينبغي أيضاً من العاملين في هذا المجال أن يتقوقعوا، فإن هناك ما يحتاج إلى ترشيد وهناك ما يحتاج إلى إصلاح، ومن النقد ما يكون نقداً هادفاً ومنه ما يكون نقداً هدّاماً لا خير فيه.
6- كما أن من الآمال أيها الأخوة والأخوات أن يزول الحرج الذي يعانيه الكثير اليوم تجاه الطب وروافده، فإن هناك فئاماً من المجتمع رجالاً ونساءً يحبون هذا المجال ويعشقون العمل فيه، ولكنهم ـ خاصة النساء ـ يلحظون عوائق تصدمهم وتردهم عن التفاعل الإيجابي في هذا المجال، وهذه العوائق نوعان:
1- عوائق تنظيمية أو إدارية نشأت عليها مثل هذه الأجهزة.
2- وعوائق من بعض السلوكيات من أرباب المهنة.
ولا شك في أن المجال الطبي اليوم يشكو عوزاً في العاملين فيه، هذا على مستوى الرجال على ما أسمعه من إخوتي الأطباء، ومن جهة أخرى أكثر وأكثر على مستوى النساء.
إن هناك مشكلة في المجتمع فإن كثيراًَ من الناس يريدون أن يلتحقوا بهذا المجال ولكنهم يتوجسون كثيراً ويحرصون كثيراً على أن يبتعدوا عنه مع قناعتهم بأهميته. وربما كنا نحن السبب الذين نعيش على قمة هذا الهرم تنظيماً وإدارةً وسلوكاً نوجد هذا الحرج في المجتمع، و إذا أوجدنا هذا الحرج في المجتمع فإننا ربما لا نظفر إلا بعد قليل جداً أو بنوعية قليلة جداً.




ولهذا فكل واحد في هذا الجهاز مسؤول أن يزيل هذا الحرج بإزالة هذه العوائق سواء كان مديراً أو مسئولاً وحتى الفرد الذي بسلوكياته ربما أضفى عند العامة صورة معينة تلتصق بهذا المجال. واللبيب تكفيه الإشارة، ولست بحاجة إلى إفصاح أكثر من هذا.
7- إن من الأمنيات والآمال التي نرجو أن تتحقق: أن يظهر الفصل في المجال الطبي في قنواته المتعددة من طب وتمريض وخدمة للمجتمع و أجهزة إدارية؛ أن يظهر الفصل بين الرجال و بين النساء. هذا ليس حلماً يراود المرء بل هو واقع في كثير من بلدان العالم وهو واقع يشهد بإمكانية هذا بل يشهد بنجاحه أيضاً.
ثم إن الفصل يعني التخلص من السلبيات في هذا المجال رجالاً ونساءً، ثم هو من وجه ثالث إيجادٌ لجوٍ يهيئ لكلٍ من الجنسين ـ عاملين ومرتادين ـ جواً نفسياً يساهم في إنجاح العمل الطبي. تعلمون أن المرأة التي أحياناً تكون بين يدي الطبيب تود لو أنها كانت بين يدي طبيبة لتفصح أكثر وأكثر عن بعض أعراضها وأمراضها.
لسنا ـ أيها الأخوة والأخوات ـ ندعي أن هذا الفصل ـ الذي هو أمنية ـ يمكن أن يتحقق بين يوم وليلة، ولكننا نريد خطوات حقيقية ونريد استراتيجية واضحة المعالم محسوبة الخطى نحو هذا الاتجاه، وهو ليس اتجاهاً عسيراً، بل هو ليس اتجاهاً فضولياً، وإنما هو اتجاه ضروري أن يكون هناك انفصال تام قدر المستطاع في مثل هذا المجال.
سيكون هناك بلا شك حاجات للضرورة يكشف فيها الرجال على النساء والنساء على الرجال، والحالات الضرورية لا ينفيها الشرع ولا يلغيها، ولكن المقصود أن يكون الأعم الأغلب السائد أن يكون هناك جو يتميز فيه الرجال عن النساء.
وإذا كنا نشكو عوزاً في جانب النساء المتخصصات في مثل هذا فلنبدأ الخطوات الحقيقية الفعلية في إيجاد هذه الكوادر النسائية من طب وتمريض بحيث بعد ذلك نكون قادرين على إيجاد مثل هذه الصورة، وإذا كنا نعيش في مجتمع نامي التعليم لم يزل في خطواته الأولى فيه فإن المستقبل يفرض علينا أن يكون هناك اتساع في مثل هذا المجال، لكن بالضوابط التي تجعل الناس يتفاعلون معه براحة وطمأنينة..
وأخيراً.. أرجو أن يساهم الأخوة والأخوات باقتراحات عملية في تحقيق هذه الآمال، ولست أعني هذه الورقة ولا هذه المحاضرة، وإنما أعني أن يكون هناك خطوات عملية في كل هذه الأبواب والمحاضرات، هذه الاقتراحات العملية يمكن أن تقدم إلى المسؤولين المباشرين، يمكن أن تكون استراتيجية واضحة المعالم ترفع لأصحاب القرار الأعلى، يمكن أن توجدوا أنتم نماذج حية وأمثلة بارزة لصور عملية تبتدئ من العيادة إلى القسم إلى المستشفى إلى مشاريع كبرى تجارية تعزز هذه النظرة التي نتمناها.
نسأل الله - عز وجل - لنا ولكم التوفيق والسداد وأن يبارك في جهودكم وأن يجعلكم مفاتيح لكل خير، وأن يأخذ بأيدينا وأيديكم إلى ما يحب ويرضى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.27 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.52%)]