
05-10-2020, 06:17 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة :
|
|
رد: قراءة في (قواعد الإملاء)
قراءة في (قواعد الإملاء)
د. يحيى مير علم
2– حروف المضارعة، نحو: يَئِنّ، يُؤَرّخ، يُؤْمن)..»[15].
إن حمل الكلمات الثلاث على قاعدة رسم الهمزة المتوسطة، لا يغير من حالها، ولا يجعل الكلام صحيحًا. إذ ثمة فرق بين دخول السوابق من حروف المعاني أو الأدوات في (لَ+إنْ) و(لِ+أنْ+لا) و(ها+أولاء) وبين التراكيب (يومئذٍ، ساعتئذٍ، حينئذٍ). فالكلمات الثلاث الأولى لا تخرج همزة القطع عن الأولوية برسمها على غير ألف، فهي بهذا شاذة عن الحكم، والتراكيب الأخرى، وما يشبهها مثل (وقتئذٍ) هي من بابة أخرى، والهمزة فيها متوسـطة، ومثلها دخول ياء المضارعة على الأفعال (يَئِنّ، يُؤَرِّخ، يُؤْمِن) وما يشـبهها، جعل الهمزة متوسطةً حكمًا، لأنها صارت كالجزء من الكلمة، وهو ما حملهم على إلحاقها بالمتوسطة. لذا، كان قياس الكلمات الثلاث على هذين النوعين غير صحيح لما تقدّم.
(2) لم يتحقّق المبدأ الثاني وهو «السعي إلى القواعد الموحّدة على نطاق الوطن العربي، وخاصّة ما يتعلّق بقواعد الإملاء في الكتب المدرسية» وكذلك لم يتحقّق على نطاق قواعد الإملاء المعتمدة لدى المؤسسات العلمية، والمطبوعات في بلد المجمع، بل لم يتحقّق التوافق أحيانًا فيما بين كتابي المجمع، الأول سنة 2004م، والثاني سنة 2010م. ولا يخرج عن هذا قواعد الإملاء في الكتب المدرسية التي خصّتها القواعد بالذكر دون غيرها، خلافًا لما جاء في المبدأ المتقدّم. وأمثلة هذا كثيرة وردت تحت «أحكام خاصّة» أو «توضيحات» وبعضه ورد في متن القواعد نفسها[16]، مبثوثةً في المواضع المشار إليها. أقتصر على مثال واحد منها، وهو اختلاف قاعدة رسم الهمزة المتوسطة المفتوحة والمضمومة بعد واو ساكنة. والمعلوم أنها ترسم مفردةً على السطر خلاف قاعدة الهمزة المتوسطة مثل:
(ضَوْءَه، ضَوْءُه، مُروْءَة، سَمَوْءَل، تَوْءَم، نُبوْءَة) وذلك وفق المشهور عامّة، والمعتمد خاصّة في سورية. والهمزتان كذلك في كتاب المجمع السابق «قواعد الإملاء»[17] وفي كتاب «صوى الإملاء»[18] لمحمود صافي الذي يُعَدّ من أشهر كتب الإملاء الموجّهة لطلاب الحلقتين المتوسطة والثانوية ودور المعلمين في حمص وغيرها، وفي الكتاب المشهور «الإملاء العربي»[19] لأحمد قبش. وكذلك هما في أشهر كتب الإملاء المعتمدة في مصر وغيرها، مثل كتاب «الإملاء والترقيم» لعبد العليم إبراهيم[20]وغيره. في حين فرّقت «قواعد الإملاء» الجديدة بين هاتين الهمزتين المتوسطتين، فأوردت الهمزة المفتوحة بعد واو ساكنة في قواعد كتابة الهمزة المتوسطة على ألف، فجمعت بهذا بين أمثلة الهمزات المتوسـطة القياسـية والشاذة في قرن واحد دونما تفريق ولا تنبيه. واللفظ ثمة «- الهمزة المفتوحة وما قبلها ساكن، نحو: فجأة، يسأل، تَوْءَم، سموْءَل، ضوْأه»[21]. وأوردت الهمزة المتوسطة المضمومة بعد واو ساكنة تحت عنوان «أحكام خاصة» الذي وقفته على حالات شذوذ الهمزة المتوسطة دونما تنبيه أيضًا، بلفظ «
3– إذا وقعت الهمزة المتوسطة في الأسماء مفتوحةً بعد واو مدّ كتبت مفردة: مروءَة، نبوءَة»[22]. وظاهر أن ما تقدّم، يخالف قواعد الإملاء المشهورة والمعتمدة محليًّا في مطبوعة المجمع، وفي غيرها من كتب الإملاء المشهورة، وعربيًّا في كتبٍ أصولٍ مشهودٍ لأصحابها برسوخ القدم، وعلوّ الكعب في هذا العلم.
(3) لم يجرِ «اعتماد المصطلحات الشائعة في كتب الإملاء» خلافًا لما جاء في المبدأ الثالث المتقدّم، من ذلك:
1- أن عنوان «حذف همزة الوصل» وهو مصطلح من الشهرة بمكان، لكثرة دورانه في كتب الإملاء، يندرج فيه خمسة مواضع مشهورة، تحذف فيها همزة الوصل، عدلت عنه «قواعد الإملاء» إلى «أحكام خاصة بهمزة الوصل» ذكرت فيه أربعة من تلك المواضع، وأتبعتها بأمور ثلاثة، لا ضرورة لإيرادها، وقد جاء التعبير عنها غير دقيق علميًّا، ومجافيًا للمصطلحات المعتمدة. لذا، رأيت مفيدًا إيراد النصّ بلفظه وضبطه لدواعٍ وملاحظ مختلفة، سأبيّنها بعد تمام النقل. والنصّ ثمّة:
«أحكام خاصة بهمزة الوصل:
1- تحذف همزة الوصل لفظًا وخطًّا بعد همزة الاستفهام في الأفعال، نحو:أَطَّلعَ عَلى الأَمرِ؟ أَصْطَفى الخيرَ؟ وفي الأسماء نحو: أَسْمُكَ حَسَنٌ أم حسَينٌ؟
2- تحذف همزة الوصل لفظًا وخطًا بعد لام الابتداء، واللام المزحلقة، ولام الجر، نحو: وَللصّدقُ أوَلى أن يُتَّبعَ، وإنه لَلْقَولُ الحقُّ، وللَّهِ الأَمرُ.
3- تحذف همزة الوصل في (ابن) إذا جاءت صفة بين علمين حيثما وردت، نحو:عَنتَرَةُ بن شَداد فارسٌ شجاعٌ. وتثبت إذا جاءت خبرًا، نحو: مَنْ عليٌّ؟ عليٌّ ابنُ أبي طالب، مَنْ خالدٌ؟ خالدٌ ابنُ الوليد. وكذلك إذا ثُنيَت كلمة «ابن» أو جاءت في أول السطر، نحو: علي وخالد ابنا محمدٍ طبيبان.
4- تحذف همزة الوصل في الأفعال إذا وقعت بين الواو والفاء، وبين همزةٍ هي فاء الفعل، نحو: اِئْتِ: وأْتِ، فأْتِ، اُؤْمُر: وأمُرْ بِالمعروفِ، فأْمُرْ باَلمعروفِ.
5- تدمج همزة وصل (ال) في همزة الاستفهام قبل الاسم وتحولانِ إلى ألف عليها مد، نحو: آلرجلانِ آتِيانِ؟.
6- تصبح همزُة الوصلِ همزَة قطعٍ، إذا جاءت في كلمة استعملت علمًا، نحو: إنتصار «اسم علم» يوم الإثنين، مدينة إزرع.
7- تصبح همزة الوصل همزة قطع في لفظ الجلالة (الله) عند النداء، نحو: يا أللَّه»[23].
أقول: يتّجه على النص المتقدّم جملة ملاحظ، إضافةً إلى مخالفته المشهور من المصطلحات التي غدت عناوين معتمدة في كتب الفنّ. يمكن تلخيصها بما يلي:
• إسقاط الموضع الخامس من مواضع حذف همزة الوصل، أعني حذفها من كلمة (اسم) في البسملة التامّة ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾ بلا مسوّغ، على شهرتها واتصالها بالموضوع، فضلاً عن أن إثباتها أهمّ من إقحام الأمور الثلاثة الأخيرة.
• شيوع الحشو والتكثّر من التفصيلات والتفريعات في «قواعد الإملاء» عامّةً، وفي هذا النصّ خاصّةً، بخلاف ما ورد في التصدير من الحرص على التسهيل، وكونها موجهّة إلى شـريحتين، إحداهما الطلبة، لاهتمامها بـ «قواعد الإملاء في الكتب المدرسية» والأخرى ما عُبِّر عنه بـ «الكاتبين والمهتمين بلغتهم» فضلاً عن مجافاة الدقّة اللغوية. آية ذلك:
• تكرار النصّ في الموضعين الأول والثاني على حذف همزة الوصل «لفظًا وخطًا» بعد همزة الاستفهام، واللام، مع شهرة العلم بأن حذف همزة الوصل في هذه المواضع الخمسة يتعلق بالخط والرسم، ولذلك ترد هذه المواضع الخمسة في باب الحذف والزيادة، تحت عنوان حذف الألف أولاً، ومعلوم أن الحذف لفظًا تَبَعٌ لحذفها خطًا، ولا يُتصوّر خلافه، أعني الحذف خطًا والبقاء لفظًا. وهذا ما جعل كثيرًا من المصنِّفين يقتصرون على مطلق الحذف، وبعضهم يقيده بالحذف خطًا للإيضاح.
• إطالة العبارة في بيان الموضع الثاني من مواضع حذف همزة الوصل بذكر ثلاثة أنواع من اللام: لام الابتداء، واللام المزحلقة، ولام الجر. وقد كان يغني عنها إيجاز العبارة وتنكير اللام، لتشمل جميع اللامات، نحو قولنا: تحذف همزة الوصل إذا سُبقت بلام، أو إذا دخلت عليها لام.
• استعمال «حيثما» على غير الصواب، بلفظ «تحذف همزة الوصل في (ابن) إذا جاءت صفة بين علمين حيثما وردت» والمعلوم أنها لا تكون إلا شرطًا[24]، وهذا يقتضي صدارتها، نحو:
﴿ وحَيْثُما كُنْتُم فَوَلُّوا وُجُوهَكُم شَطْرَهُ ﴾ [البقرة 144و150]
حَيْثُما تَسْتَقِمْ يٌقَدِّرْ لَكَ اللهُ 
نجاحًا في غابِرِ الأزْمانِ 
• استغرق الكلام على حذف همزة (ابن) وشروطها مع الأمثلة أربعة أسطر في الأصل، غير أنه لم يكن دقيقًا ولا مستوفًى، فقد اقتصر على حذفها إذا جاءت صفة بين علمين، وعلى أنها تثبت إذا جاءت خبرًا، أو ثُنّيَت، أو كانت في أول السطر. وما ورد، على طوله، لم يستقصِ شروط حذفها المشهورة، إذ لم يرد النصّ على شرطي الإفراد، وعدم الفصل. في حين ذكر في إثبات ألف (ابن) ما كان خلاف الإفراد من التثنية والجمع، بيد أنه لم يرد شرط عدم الفصل. وقد كان في الوسع الإيجاز في التعبير عن ذلك بنحو: تحذف همزة الوصل من (ابن) إذا وقعت بين علمين صفةً مفردةً، بلا فاصل، ولم تقع أول السطر، وتثبت بخلاف ذلك، كأن لم تقع بين علمين، أو لم تكن صفةً، أو مفردةً، بأن كانت مثنّاةً أو جمعًا، أو فصل بينهما فاصل، أو وقعت أول السطر. على أن الأنسب لمثل هذه القواعد الإملائية الموجزة والمعنية بقواعد الإملاء في الكتب المدرسية الاقتصار على أهمّ شروط حذف همزة (ابن) وأكثرها شيوعًا، وهي أن تقع بين علمين صفةً مفردةً.
• ثمة خطأ لغوي في الموضع الرابع لحذف همزة الوصل «إذا وقعت بين الواو والفاء، وبين همزةٍ هي فاء الفعل، نحو: اِئْتِ: وأْتِ، فأْتِ..» وهذا لا يصح، لأن الواو تدل على مطلق الجمع بين الواو والفاء، والمعنى على التخيير الذي تفيده (أو) أي أن تقع همزة الوصل بين الواو أو الفاء، وليس بينهما، إذ لا يتصوّر الجمع بينهما، والصواب: إذا وقعت بين الواو أو الفاء وبين همزة هي فاء الفعل. وهي كذلك في كتب الفن التي نصّت على هذا الحذف[25].
• العدول عن المصطلحات المعتمدة في الإملاء والصرف إلى كلام غير دقيق، شابته، على قصره، جملة ملاحظ. فقد تضمن الحكم الخامس السابق بلفظه وضبطه «٥- تدمج همزة وصل (ال) في همزة الاستفهام قبل الاسم وتحولانِ إلى ألف عليها مد، نحو: آلرجلانِ آتِيانِ؟.» عدّة أخطاء، هي:
• استعمال الفعلين «تدمج» و«تحولان» بدل المصطلح العلمي الصرفي المعتمد (تُبْدَل) خلاف الدّقّة العلمية واللغوية، والصواب: تُبدل همزة الاستفهام وهمزة الوصل ألفًا فوقها مدّة.
• تقديم همزة الوصل على همزة الاستفهام في حكاية دمج الحرفين خلاف الواقع، لأن همزة الاستفهام، كما هو معلوم ومشهور، لها الصدارة، تدخل على همزة (أل) التعريف، وعلى غيرها، ولو جاز أن يسبقها شيء لفات الغرض من الاستفهام.
• استعمال مصطلح «عليها مدّ» فوق الألف بدل مصطلح (عليها مدّة) (آ) على شهرة الفرق بينهما، إذ كان من المحال وضع مدّ فوق الألف.
• عدم قطع همزة (أل) التعريف لدى كتابتها مفردة بين قوسين «ال» مع أنها أصبحت علمًا عليها، بخلاف المشهور والمعتمد في كتب الإملاء. وقد تكرر هذا الخطأ في جميع مواضع ورودها في الكتاب[26]. والعجيب جمع «قواعد الإملاء» بين إهمالها لهذه القاعدة وبين شدة حرصها على استقصاء نظيره، وذلك بإيرادها حكمين بعدها مباشرة، يتعلقان بقطع همزة الوصل في الأعلام المبدوءة بهمزة وصل، مثل (إنتصار «اسم علم» يوم الإثنين، مدينة إزرع) ولفظ الجلالة في النداء مثل (يا ألله)[27].
متابعةً لما وقع في بعض الكتب[28]. ولا يُسلّم بهذا على إطلاقه، لأن الكلمتين (انتصار) و(اثنين) لم تحوّلا عن بابهما، وهو باب الأسماء، وأمّا كلمة (إزْرَعْ) فقد نقلت همزة الوصل من بابها، كما نُقل الفعل (ازْرَعْ) من بابه إلى باب الأسماء.
• عدم الدّقة في استعمال علامات الترقيم أحيانًا، كما في الجمع بين علامة الاستفهام والنقطة آخر العبارة «آلرجلانِ آتِيانِ؟.».
•تضمن الحكمان السادس والسابع عدولاً غير مسوّغ عن مصطلح مشهور معتمد هو «تُقطع همزة الوصل» إلى التعبير غير الدقيق عنها بـ «تصبح همزة الوصل».
2– ومن أمثلة عدم اعتماد المصطلحات الشائعة في كتب الإملاء إيراد «قواعد الإملاء» لأحد موضوعات همزة القطع، وهو ما يعبر عنه بـ (ما يُستدل به عليها) أو (طريقة الاستدلال عليها)[29] تحت عنوان «أحكام خاصة» في آخر فقرة منها، غير أنه جاء محرّفًا عن صورته. ولفظه ثمّة:
«هـ - مما يُفَرِّق بين همزتي الوصل والقطع في الأفعال ومصادرها مما فوق الثلاثي النظر في مضارعها، فإذا كانت ياء المضارعة مفتوحة فالهمزة همزة وصل، نحو: يَنتصرُ، انتصارًا، يَنْتَبِهُ، انتباهًا، وإذا كانت مضمومة فالهمزة همزة قطع، نحو: يُكْرِمُ إكرامًا.
ومما يُفَرِّقُ بين همزتي الوصل والقطع في الأسماء حذف همزة الوصل، وثبوت همزة القطع في التصغير: نحو: اسم: سُمَيّ، أخ: أُخَيّ، أملح:أُمَيلِح.»[30]. ويتجه على النصّ السابق جملة أمور. هي:
• العدول عن المصطلح المعتمد في عناوين موضوعات همزة القطع المتقدّمة إلى كلام غير دقيق، جرى صرفه عن غرضه، وهو طريقة الاستدلال على همزة القطع في الأفعال، إلى التفريق فيما بين همزتي الوصل والقطع في الأفعال والمصادر فوق الثلاثية، وذلك بضم ياء المضارعة في القطع، وفتحها في الوصل، وفي الأسماء يكون التفريق بحذف همزة الوصل في التصغير، وثبوتها في القطع.
• الافتقار إلى الدّقّة العلمية واللغوية في عرض الموضوع، إذ كان الأصل بيان طريقة الاستدلال على همزة القطع في الأفعال، وذلك بضم ياء المضارعة، وهذا لا يكون إلا في الرباعي المهموز، مثل (أحْسَنَ يُحْسِنُ). لذا لا حاجة إلى الجمع بين همزتي الوصل والقطع في الأفعال ومصادرها، ولا إلى تقييدها بما فوق الثلاثي، ولا إلى الخماسي والسداسي ومصادرهما. فقد أقحمت المصادر وهمزة الوصل، وكلاهما لا داعي له، لأن ما كان خلاف طريقة الاستدلال على همزة القطع في الأسماء والأفعال تكون الهمزة فيه وصلاً.
• الجمع بين زيادة ما لا داعي له من الحشو والتكثّر في الحديث عن همزة الوصل وما فوق الثلاثي من الخماسي والسداسي والمصادر، وبين نقص ما تدعو الضرورة إليه، وهو نقص الحديث عن طريقة الاستدلال على همزة الأصل في النوع الثاني من الأفعال التي تكون الهمزة فيها قطعًا، وهي الأفعال الثلاثية المهموزة الفاء، وذلك بثبوتها في الماضي والمضارع، مثل (أخَذَ يأخُذُ ). وهذا من الشهرة بمكان في كتب القوم.
3– ومثله في العدول عن المصطلحات المعتمدة والمشهورة (الحالات المستثناة) من قاعدة رسم الهمزة المتوسطة على حرف يناسب أقوى الحركتين إلى العنوان «أحوال خاصّة» الذي ضمّ ثلاث حالات مشهورة، شذّ فيها رسم الهمزة المتوسطة عن القاعدة، مضت الإشارة إليها، وهي الهمزة المفتوحة بعد ألف، مثل (براءة، تساءل) والمفتوحة أو المضمومة بعد ياء ساكنة، مثل (بِيْئَة، فَيْئُه) والمفتوحة بعد واو ساكنة، مثل (مروْءَة). أظن أن «قواعد الإملاء» آثرت مصطلح «أحوال خاصّة» على المصطلح الآخر تجنبًا للإشارة إلى الاستثناء من القاعدة، أو الشذوذ عنها، أو الخروج عنها. وهذا خلاف المشهور من النصّ على شذوذها عن القاعدة، أو إفراد الحديث عنها في رسم الهمزة المتوسطة مفردةً على السـطر[31]. وفيما يلي العناوين المثبتة في «قواعد الإملاء» والمصطلحات المعدول عنها مع شهرتها واعتمادها في كتب الفنّ:
• «أحكام خاصة بهمزة الوصل» (ص3-4) = (مواضع حذف همزة الوصل).
• «أحكام خاصة» ب[همزة القطع](ص7) =(ما يستدل به على أن الهمزة قطع في الأسماء والأفعال).
• «أحكام خاصة» بـ [رسم الهمزة المتوسطة] (ص10) = (الحالات الشاذة في رسمها).
• «توضيحات» بعد [الألف اللينة](ص16) = (ما يعرف به أصل الألف اللينة في الأفعال والأسماء).
• «الألف» في العناوين وفي جميع مواضع شرح قواعد رسم الألف (ص13-17)= (الألف اللينة).
4- ومن أمثلة عدم اعتماد «قواعد الإملاء» المصطلحات الشائعة والمعتمدة ما جاء في الموضع الثالث من مواضع همزة القطع في الأفعال ونصّه: «ج- الفعل المضارع للواحد المتكلم..» بدل مصطلح (همزة المضارعة)[32] أو (همزة المخبر عن نفسه)[33] على ما في العبارة عنها من إطالة وصعوبة على الطلبة الذين خصّتهم بالاهتمام.
رابعًا: لم يتحقّق «التسهيل في إيراد القواعد الإملائية، وتجنّب التعليلات الصرفية والنحوية ما أمكن» خلافًا لما نُصّ عليه في المبدأ الرابع المتقدّم بلفظه. آية ذلك ما مضى قريبًا في مواضع مختلفة من البحث موثّقًا بالنقول من عنايةٍ بإيراد الحالات الشاذّة أو الاستثناءات نهاية كلّ موضوع أو باب تحت العناوين «أحكام خاصة» و«توضيحات» فضلاً عما ورد منها أو من تفصيلات لا ضرورة لها، في أصل قواعد بعض الموضوعات. أعتقد أن «قواعد الإملاء» الجديدة، على صغر حجمها، وقلّة صفحاتها، لم تحقّق تسهيلاً لـ «قواعد الإملاء في الكتب المدرسية» ولا لـ «الكاتبين والمهتمّين بلغتهم العربية» الذين تَغَيَّتْهم أو استهدفتهم، ولم تأتِ بجديد في القواعد أو الاجتهادات، إذ كان عُمْدة ما فيها موجودًا في كثير من كتب الفنّ المعاصرة التي جاء بعضها أدنى إلى التنظيم والمنهجية والصّحّة والدّقّة، على تفاوتٍ فيما بينها في أشياء كثيرة. يصدّق ذلك ما يلي:
1- غلب على «قواعد الإملاء» العناية بالتفصيلات والتفريعات في كثير من المواضع، في القواعد، وفيما تلاها من «أحكام خاصة» أو «توضيحات» مما لا داعي له يستدعيه، ولا ضرورة تقتضيه، ومما يجافي ما كانت تتغيّاه من الإيجاز والسهولة والتيسير على الطلبة، ومما لا يناسب حجمها. وقد مضت أمثلة عدّة، تشهد لهذا.
2- إتباعها الحديث عن همزة الوصل بـ «أحكام خاصة بهمزة الوصل»[34] تضمنت سبعة أحكام، الأربعة الأولى منها هي مواضع حذف همزة الوصل، والثلاثة الأخيرة لا ضرورة لإيرادها. أحدها يتعلّق بقلب همزة الاستفهام مع همزة الوصل ألفًا عليها مدّة، والآخران لقطع همزة الوصل في كلمات ليست موضعَ إجماع، لذا أغفلتها أكثرُ كتب قواعد الإملاء، وهي أكبر حجمًا منها. مضى الحديث عنها مفصّلاً في الكلام على عدم التزامها المصطلحات المعتمدة.
3- إتباعها الحديث عن همزة القطع بـ «أحكام خاصة»[35] تضمنت خمسة أحكام لبعضها تفصيلات وتفريعات. استغرقت نحو صفحة ونصف، وغلب عليها التكثّر في عدد الاستثناءات، وما تفرّع عن بعضها. انفرد الحكم الأول (أ) بما يدخل على همزة القطع من السوابق (حروف المعاني). وحقّ مثله أن يؤدّى في نحو سطرين مع بعض الأمثلة الموضّحة، بدل عرض تسعة حروف معانٍ متبوعة بأمثلة في ثمانية أسطر. وليس في هذا استقصاء، لأن ثمّة حروفًا أخرى من السوابق لم تُذكر، مثل (لام التعليل، ولام الجحود) فالكثرة في الأمثلة هنا لا تنطوي على كبير فائدة ولا صغيرها، ولا تناسب هدف الكتاب ولا حجمه. على أن بعضها لا يسلّم به، من ذلك التمثيل لدخول همزة الاستفهام على.
همزة القطع بـ «أَأُكْرِمُ أخاك؟» وكان الصواب أن تكون همزة القطع مفتوحةً خروجًا من الخلاف، مثل: أَأَكْرَمَ زيدٌ أخاك؟ لأن بعضهم ينصّ على أن همزة القطع المضموم أو المكسور ما بعدها تكتب وفق قاعدة الهمزة المتوسطة، ولذلك قيّدها بعضهم بـ «همزة الاستفهام المفتوح ما بعدها»[36]. واختصّ الحكم الثاني (ب) بأمرين يستثنيان من قاعدة رسم همزة القطع أولاً (ترسم فوق الألف مفتوحةً أو مضمومةً، وتحتها مكسورةً) تضمّن أولهما (1) نصًّا على شذوذ «الكلمات الثلاث (لَئِنْ، لِئَلاّ، هَؤُلاء) إذ تطبّق عليها قاعدة الهمزة المتوسطة كما في: يومئذٍ، ساعتئذٍ، حينئذٍ». سبق أن ثمّةَ اختلافًا ما بين الكلمات الثلاث المستثناة التي دخلت فيها السوابق على همزة القطع، وبين التراكيب الإضافية الثلاثة التي رُكّبت بإضافة أسماء الزمان إلى (إذْ) المنوّنة، وهذا الاختلاف بينهما يجعل التشبيه والقياس بين المجموعتين موضع نظر، بل غير صحيح. واشتمل ثانيهما (2) على «حروف المضارعة، نحو يَئِنُّ، يُؤَرِّخُ، يُؤْمِنُ». ويتّجه على هذه الأمثلة ما سبق من أن همزة القطع غدت همزة متوسطة، لأن حرف المضارعة صار كالجزء من الكلمة بخلاف السوابق التي لا تغيّر من رسم همزة القطع، إذ تُعدّ كلمةً برأسها. وكذلك يتّجه على الأفعال الثلاثة ما سبق من ظاهرة التكرار لاقتصارها على مثال لحرف واحد من حروف المضارعة، وهو الياء دون غيره. واستقلّ الحكم الثالث (ج) بـ «أنه يجوز في همزة: (البتة) القطع والوصل» ومثله مما يجوز فيه الوجهان لا يحتاج إلى تنبيه عليه، وإفراده بحكم، خصوصًا أنها وردت في همزة القطع وصلاً على القياس[37]. وجُعل الحكمُ الرابع للنصّ على أن «الألف الممدودة في أول الكلمة هي في الأصل همزتان، نحو: آمَنَ، آفاق». وهذا غير صحيح على إطلاقه، لأن المثال الأول (آمَنَ) يأتي صرفيًّا - كما هو معلوم- من صيغتين: (أفْعَلَ) و (فاعَل) والفصل بينهما للسياق، ولا سياق هنا، لأن المثال مفرد. وهذا يعني أن (الألف الممدودة) في الثانية (فاعل) أصلها همزة وألف زائدة أُبدلتا ألفًا عليها مدّة. وأمّا الحكم الخامس (هـ) فقد حُشِدَ فيه كلام طويل في سبعة أسطر عن التفريق بين همزتي الوصل والقطع في الأفعال ومصادرها، ثم في الأسماء. وقد مضى ما يتّجه عليه من عدول عن المصطلح المشهور والمعتمد، وهو (ما يُستدلّ به على همزة القطع) في الأفعال والأسماء. فالكلام محدّد بعدّة أدلّة معروفة، مضى بيانها قريبًا. وإقحام (التفريق بينهما، وهمزة الوصل، والمصادر) حشو وإطالة وتكثّر، لا مسوّغ له.
وللموضوع تتمة
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|