عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-10-2020, 06:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي قراءة في (قواعد الإملاء)

قراءة في (قواعد الإملاء)






د. يحيى مير علم




قراءة في (قواعد الإملاء)[1]





يتضمن هذا البحثُ قراءةً مدقّقةً لكتاب «قواعد الإملاء» الذي صدر عن مجمع اللغة العربية بدمشق آب/أغسطس سنة 2010م، مطبوعًا في (34) صفحة من القطع الصغير، ومخزّنًا في موقع المجمع على الشابكة (الإنترنت)[2]. وقفت فيها على غير قليل من ضروب الخلل والخطأ، ومجانبة الصواب، وتنكّب الدّقّة، ومخالفة المنهج العلميّ، ومجافاة المنهج المرسوم في التصدير، والعزوف عن المصطلحات المعتمدة، والزيادة بلا مسوّغ، لفرط العناية بالتفصيلات والتفريعات والتكثّر والحشو، والنقص في إيراد قواعد، لا يجوز إسقاطها، وغياب المرجعية العلمية والتوثيق، خلاف ما يحرص عليه المجمع من التزام الأمانة العلمية في جميع ما يصدر عنه من كتب ومقالات. فاجتمع لديّ قدر كبير من الملاحظات، اجتهدت في معالجتها، وبيان ما فيها، والتعليق عليها، وتوثيقها، وتصحيحها، وتنظيمها. فسلكتها، على صعوبة الفصل فيما بينها، لتنوّع الملاحظات وتداخلها وكثرتها، في توطئة، وثلاثة فصول، وخاتمة. وقفت أولها على الملاحظات العامّة، وجعلت ثانيها للملاحظات المنهجية، وخصصت ثالثها بالملاحظات العلمية، وجمعت في الخاتمة ما انتهيت إليه من آراء ومقترحات، مع الإقرار أن هذا التصنيف للملاحظات لم يكن صارمًا، تجنُّبًا للتكرار والإطالة، وذلك لاشتمال بعض الملاحظات على أنواعٍ من الأخطاء، مما اقتضى الإشارة إليها لدى الحديث عنها في موضع واحد، موثّقةً بإيراد لفظ «قواعد الإملاء». حرصت فيها على التزام الموضوعية، والاقتصار على ما كان خطأ محضًا أو اجتهادًا مرجوحًا، أو عملاً دون مستوى المجمع ومكانته العلمية، والإعراض عما وقع فيه اختلاف من قضايا الإملاء، وهو كثير.





وقد اقتضى منهجُ البحث ودواعي الملاحظات المنهجية وغيرها الإشارةَ إلى ما تضمنه «تصدير» كتاب «قواعد الإملاء» من بيان ما استند إليه المجمع في نهوضه بهذه القواعد، وما اعتمد عليه من مبادئ. فقد استُهلّ الكتاب بـ «تصدير» للجنة اللغة العربية وعلومها في نحو صفحتين، نصّت فيه على أنها قامت بوضع «قواعد الإملاء» بناءً على المادة الثانية من قانون المجمع، وتنفيذًا للمهامّ المنوطة به، ومن بينها النظر في أصول اللغة العربية، وضبط أقيستها، وابتكار أساليب ميسرة لتعليم نحوها وصرفها، وتوحيد طرائق إملائها وكتابتها، والسعي في كلّ ما من شأنه خدمة اللغة العربية وتطويرها وانتشارها، وأنها اعتمدت في وضع تلك القواعد أربعة مبادئ، هي:

«1- اطّراد القاعدة والابتعاد عن الشذوذ والاستثناءات ما أمكن.



2- السعي إلى القواعد الموحدة على نطاق الوطن العربي، وخاصّة ما يتعلّق بقواعد الإملاء في الكتب المدرسية.



3- اعتماد المصطلحات الشائعة في كتب الإملاء، وعند الأخذ بمصطلح جديد يوضع بين قوسين إلى جانب القديم.



4- التسهيل في إيراد القواعد الإملائية، وتجنب التعليلات الصرفية والنحوية ما أمكن».



وقد خُتم التصدير بالنصّ على أن مجلس المجمع بعد أن قام «بمناقشة هذه القواعد وإقرارها عَرَضها على مؤتمر المجمع الثامن عام 2009م، وقام بتعديلها في ضوء ملاحظات المؤتمرين، وغدت بصيغتها النهائية، ويسرّ لجنة اللغة العربية وعلومها أن تقدّم هذه القواعد الإملائية للكاتبين والمهتمين بلغتهم العربية تمكينًا لها على أقلامهم بصورة صحيحة».



وتجدر الإشارة هنا إلى أنه سبق للمجمع أن أصدر كتابًا في هذا الموضوع، حمل العنوان نفسه «قواعد الإملاء» سنة 1425هـ/ 2004 م، في (39) صفحة، عُني كاتبُ البحث بمراجعتها وتصحيحها[3]. وقد بسط كثيرًا من المبادئ والأسس والأصول المتعلّقة بالإملاء وقضاياه في تلك المراجعة، وفي بحثه «قواعد الإملاء في ضوء جهود المحدثين» الذي أعدّه للمؤتمر السنوي السابع.



للمجمع (التجديد اللغوي) (18-20/11/2008م)[4]، وفي دراسته «نظرات في لوحة الألف» التي اشتملت على قواعد رسم الهمزة والألف اللينة والتي أصدرتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت 2006م[5]. يغني الإلماعُ إليها هنا عن تكرارها، وهي على الإجمال: فشوُّ الأخطاء اللغوية الشائعة عامّةً، والأخطاء الإملائية خاصّةً، وكثرةُ وقوع الاختلاف في قواعد الإملاء قديمًا وحديثًا، وقلّةُ موضوعات قواعد الإملاء، وتفاوتها في الترتيب والأهمية، إذ كانت لا تجاوز ستة أبواب في معظم كتب الفنّ [6]، وما اختصّت به الهمزة من كبير العناية والاهتمام لدى المتقدّمين والمحدثين، والمبادئ التي تجب مراعاتها في وضع قواعد موحّدة للإملاء، وأهمُّ مشكلات الرسم الإملائي، وما حظيت به قواعدُ الإملاء والكتابة من اهتمام الهيئات العلمية المختصّة مثل مجامع اللغة العربية والمؤسسات التعليمية وغيرها، وجهودُ الأعلام من المُحْدَثين في قواعد الإملاء والكتابة والترقيم، وتباينُ الغايات والأهداف التي سعى معظمُ أصحاب تلك الجهود إلى تحقيقها، وكثرة ما وقع من أخطاء في غير قليل من كتب الفن المعاصرة، وفي طبعة «قواعد الإملاء» التي سبق للمجمع أن أصدرها عام 2004م، ثم أوقف توزيعها بعد نشر مقالتي «نظرات في قواعد الإملاء». وأخيرًا في «قواعد الإملاء» التي أصدرها المجمع نهاية شهر أب/ أغسطس 2010م، والتي هي موضوع البحث. وذلك لقلّة المعنيين والمختصّين بقواعد الإملاء والكتابة، ممّن توفّروا على دراستها، وتدريسها، والبحث فيها، ومتابعة قضاياها، والتصنيف فيها.



الفصل الأول


الملاحظات العامّة


مضت الإشارةُ إلى ما وقع في «قواعد الإملاء» من ضروب الخطأ، ومجافاة الدقّة العلمية، والخروج أحيانًا عن المنهج المرسوم، وتنكّب المنهج العلمي، والتزيّد والحشو في مواضع، تقتضي الإيجاز والاختصار، والحذف والنقص في مواضع أخرى تقتضي الشرح والبسط، والعدول عن المصطلحات العلمية المعتمدة إلى كلام غير دقيق، أو قناعاتٍ ذاتية أحيانًا. وقد رأيت مفيدًا إيراد ما وقفت عليه من ملاحظ مختلفة في زُمَر، جمعًا للأشباه والنظائر، وطلبًا للاختصار، وتحقيقًا للغاية المتوخّاة منها، في التنبيه على ما وقع فيها، والتدليل على صحّة ما أقول. ويمكن إيجاز تلك الملاحظ بما يلي:

أولاً: لم تُشر «قواعد الإملاء» إلى المراجع المعتمدة في إعدادها، كتبًا كانت أو بحوثًا، قليلاً كان قَدْرُ الإفادة أو كثيرًا. فقد خلت الطبعة من ذكر أسماء المصادر والمراجع التي جرى الاعتماد عليها، ولم يُشَر إلى أيٍّ منها في أيِّ موضع من الكتاب، على مسيس الحاجة إلى مثلها توثيقًا للمادّة، وتمكينًا للقارئ من التحقّق والتثبّت في كلّ ما يستوقفه من ملاحظات، أو أخطاء، أو نقص، أو زيادة، أو مخالفة للمألوف والمشهور في كتب الفنّ من مصطلحات أو تعاريف أو قواعد، أو غيرها، وفق ما يقتضيه المنهج العلميّ المعتمد لدى الباحثين والهيئات والجامعات والمؤسسات العلمية ومجامع اللغة العربية. وهذا واجب علمي وأدبي وأخلاقي، إذ لا يُعقل أن يُعتمد في إعداد مثلها على المعارف الذاتية دون العودة إلى الجهود العلمية للآخرين كتبًا أو دراساتٍ أو مقالات، والإفادة منها على وجهٍ ما. ولا يغيّر من هذا وقوعُ مثله في طبعة المجمع السابقة لـ «قواعد الإملاء» لأن تكرار هذا الخطأ في الطبعتين يجافي ما يحرص عليه المجمع من التزام الأمانة العلمية في جميع مطبوعاته.



ثانيًا: أغفلت «قواعد الإملاء» الجديدة الإشارة إلى كتاب المجمع السابق الذي صدر في عام 2004م موسومًا بالعنوان نفسه «قواعد الإملاء». ومثله لا يجوز أن يقع من الأفراد في أيّ جهد علمي، وكذلك لم تذكر أيّ إشارة إلى ما نُشر في نقدها، وأسبقها، فيما أعلم، مراجعتي الموسومة بـ «نظرات في قواعد الإملاء» التي تقدمت الإشارة إليها مع التوثيق.



ثالثًا: صدرت «قواعد الإملاء» غُفلاً من اسم مَنْ نهض بإعدادها، أو شارك فيها، أو أشرف عليها، أو راجعها، أو نظر فيها. فقد خلا الغلاف من أيّ إشارة إلى ذلك. وأمّا ما ورد في ختم تصديرها من عزوٍ إلى «لجنة اللغة العربية وعلومها» فهو - وإن دلّ على أن تلك القواعد من إعدادها، وأنها تقع على عاتقها مُجتمِعةً المسؤولية العلمية عنها- غيرُ كافٍ، ولا يفي بالمطلوب، وفيه إلى ذلك عدولٌ عن المنهج المعتمد في تحديد المسؤولية العلمية بإثبات أسماء أصحاب الجهود العلمية على الغلاف. إن في هذه الصورة من قَصْرِ العزو في نهاية الـ «تصدير» إلى لجنة، تعميمًا، يذهب بتحديد المسؤولية العلمية، ونهجًا مبتدعًا، يجافي الدقّة، ويخالف منهج المجمع نفسه وغيره من الهيئات العلمية المحكّمة، والمطبوعات العلمية الجادّة التي تصدر عنها. وطبيعي ألاّ يتحقق تحديد المسؤولية العلمية بصدور «قواعد الإملاء» تحت اسم المجمع وشارته على الغلاف، ولا بالنصّ نهاية التصدير على أن مجلس المجمع ناقش هذه القواعد، وانتهى إلى إقرارها، وعرضها على المؤتمر السنوي الثامن للمجمع عام 2009م، وأنه عدّلها في ضوء ملاحظات المؤتمرين. وذلك لأن أكثر السادة العلماء الأفاضل أعضاء المجمع، على جلالة أقدارهم في تخصّصاتهم العلمية، ليسوا من ذوي الاختصاص في علوم العربية، ولا من المهتمّين بقواعد الإملاء ودقائقها. والعزو إلى اللجان، على تفاوتها، فيه قدْرٌ من تضييع المسؤولية، لما هو معروف من وجوه الاختلاف والفروق بين أعضائها في التخصّص والخبرات والظروف وغيرها. ولا يغيّر هذا وجودُ مثله فيما يصدر عن بعض دور النشر منسوبًا إلى لجنة التحقيق أو التصحيح في الدار، لدواعٍ معروفة، لا تخفى على أهل العلم.



الفصل الثاني


الملاحظات المنهجية


اشتملت «قواعد الإملاء» على جملة ملاحظات منهجية، يمكن إيجازها فيما يأتي:

أولاً: وردت موضوعات «قواعد الإملاء» منجَّمة بلا رابط ينتظمها من أبواب أو فصول أو مباحث أو غيرها. وهذا خلاف المشهور والمعتمد في أصول البحث العلمي، وكثير من كتب الفنّ المعتمدة، من توزيع موضوعاته على أبواب أو فصول أو مباحث تسلكها، وهي، كما سبق قليلة لا تجاوز غالبًا أبواب (الهمزة، الألف اللينة، الزيادة والحذف، الفصل والوصل، هاء التأنيث وتاؤه، علامات الترقيم). وطبيعي أن يندرج في كلٍّ منها ما يتفرّع منه. فقد تتابعت العناوين في متن الكتاب وفي الفهرس بلا تمييز بين العناوين الرئيسية والجزئية المتفرّعة منها، ونصّه «تصدير، الهمزة، همزة الوصل، همزة القطع، الهمزة المتوسطة، الهمزة المتطرفة، الألف، الألف في آخر الكلمة، التاء المبسوطة والتاء المربوطة، الزيادة والحذف، الفصل والوصل، علامات الترقيم، الفهرس». وهذا خلل منهجي لا يجوز أن يقع مثله في البحوث الجامعية، بله أن يقع في مطبوعات الهيئات العلمية المتخصّصة والمعنية باللغة العربية، ولا يعتذر لهذا بصغر حجم تلك القواعد، إذ لم تجاوز (34) صفحة من الحجم الصغير، فقد كان كتاب «قواعد الإملاء» المطبوع سنة 2004م في (39) صفحة، غير أنه لم يخرج عن الشائع والمعتمد في البحوث العلمية وكتب الفنّ، وجرى توزيع الموضوعات فيه على أربعة أبواب.



ثانيًا: افتقرت «قواعد الإملاء» إلى الدقة العلمية واللغوية في مواضع غير قليلة. وقد ظهر ذلك في غير ما صورة، من ذلك: قصور في منهج إعداد «قواعد الإملاء» إذ اقتصر على المبادئ الأربعة، وهي، على ما يتّجه عليها من ملاحظ، لم تستوفِ ما يُراعى من مبادئ أخرى مهمّة ومعتمدة ومشهورة لدى الهيئات العلمية والمصنِّفين الأعلام. ومن أشهر المبادئ التي أغفلتها تلك القواعد:

1- مطابقة الرسم الإملائيّ (المكتوب) للمنطوق ما أمكن، أو تقليل وجوه التباين فيما بين المكتوب والمنطوق. وهذا من أهمّ المبادئ أو الأسس التي يجب أن تراعى في وضع قواعد للإملاء، وهي ميزة جليلة من ميزات اللغة العربية، إذ كانت حالاتُها قليلةً فيها كثيرةً في غيرها من اللغات.



2- التقليل من القواعد الإملائية ما أمكن، والاهتمام بالقواعد الكلية التي تستغرق أمثلةَ الظاهرة أو جلّها، وتجاوز القواعد التفصيلية التي تندرج في القواعد الكلية.



3- عدم الخروج عن الصور المألوفة في الطباعة والكتابة تحقيقًا لاستمرار الصلة بين القديم والحديث، وتيسيرًا لقراءة التراث المطبوع والإفادة منه.



4- الربط بين قواعد الإملاء والقواعد النحوية والصرفية تحقيقًا لأهدافٍ تربويةٍ وجيهة، وذلك لارتباط معارف المنظومة اللغوية فيما بينها، واعتماد بعض قواعد الإملاء على معارف نحوية أو صرفية أو لغوية، كما في بعض قواعد رسم الهمزة والألف اللينة.



5- تخليصُ قواعد الإملاء من الخلافات، والزيادات المقحمة، وتعدّد الوجوه.



يؤكّد ما سبق أن المبادئ السابقة التي أغفلتها تلك القواعد التزمها كثير من الهيئات المعنية باللغة العربية عامّةً، وقواعد الإملاء خاصّةً، وأكثر المصنّفات المعتمدة في هذا العلم، آية ذلك:

أ- أن مجمع اللغة العربية بدمشق نفسه اعتمدها في طبعة سنة 2004م لـ «قواعد الإملاء». فقد وردت تلك المبادئُ منجّمةً في مواضع من التقديم لدى الحديث عن أسباب النهوض بوضع هذه القواعد، وبيان الدافع إلى وضعها، والغاية المتوخّاة منها، والشروط التي يجب أن تتحقّق في القواعد الإملائية، وبيان مآخذهم على كتب قواعد الإملاء التي وضعها المحدثون. ووردت مجموعةً في ختم التقديم لدى الحديث عن إجماع رأي السادة أعضاء المجمع على ضرورة وضع قواعد للإملاء العربي، تتحقق فيها الشروط المتوخّاة، وهي: تحقيقُ التوافق ما أمكن بين نطق الكلمة وصورة كتابتها بغيةَ التيسير على الكاتبين والقارئين، ومحاولة عدم قطع الصلة بين كتابتنا وكتابة أسلافنا ما أمكن ذلك، ومراعاة خصوصية اللغة العربية في أصول نحوها وصرفها، وكذلك في قيامها على اتصال حروفها في الكتابة والطباعة، وتوخّي القواعد المطردة، وتجنب حالات الشذوذ ما وسعنا ذلك[7].



ويؤكّد ذلك أيضًا أن اثنين من المبادئ الخمسة التي أغفلتها «قواعد الإملاء» وهما (ج) و(د) وردا في التوصيات التي خلص إليها مؤتمر مجمع اللغة العربية السنوي السابع (التجديد اللغوي) 18-20/11/2008م، ونصّ على أنها موجّهة إلى وزارة التربية والتعليم العالي، ولفظها: «1 − الحرص على اطراد القاعدة الإملائية وتجنّب الآراء الشاذة، والمحافظة على صور الرسم المألوفة وصلاً للحاضر بالماضي، وعدم الفصل بين قواعد الإملاء وغيرها من علوم اللغة العربية التي تستدعي ذلك.



2- ضرورة توحيد القواعد الإملائية منعًا للاضطراب الذي يحدث في الكتابة بين الدول العربية»[8].



ب- أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة الذي عُني مبكرًا بقواعد الإملاء عامّةً، وقواعد رسم الهمزة خاصّةً، ظهرت بعضُ تلك المبادئ جليّةً أو مضمّنةً في قرارات لجنة الإملاء في الدورة الرابعة عشرة، وهي التزام: الصدق والسهولة في تصوير الحروف، لتسهيل القراءة والكتابة، والتجديد والتيسير في رسم الحروف، لتسهيل الكتابة على المبتدئين الذين ينفرون من اختلاف قواعدها، وتعدّد وجوه رسم الكلمة الواحدة، وذلك للمحافظة على رسم المصحف الإمام، ولربطهم الرسم بالصرف والنحو، وتحقيق مطابقة المكتوب للمنطوق به، وذلك بإعادة الألفات المحذوفة وسطًا، وحذف الواو الزائدة وسطًا وطرفًا مع بعض الاستثناءات[9].



ج- أن المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج العربي في الكويت أورد تلك المبادئ منجمةً أيضًا في مواضع من مقدمة كتابه «دليل توحيد ضوابط الرسم الإملائي للكتابة العربية» الذي أعده فريق متميّز من خبراء المناهج في المملكة العربية السعودية، وصدر سنة 1425هـ/2004م. وقد تضمنت تلك المقدمة مشكلات الكتابة العربية، وأهمية الدليل، والنصّ على أهدافه، وهي توحيد الضوابط المستخدمة في الكتابة العربية، وصولاً إلى توحيد الرسم الكتابي للكلمات العربية في الدول الأعضاء والوطن العربي، وتحقيقًا لأهداف تفصيلية ثلاثة، هي: تيسير الإملاء على الناشئة، وتجنّب الخطأ في نطق الكلمات الناشئة من مخالفتها للمكتوب، وتأصيل القواعد الإملائية للكلمات المختلف في كتابتها. على أن جلّها ورد بصور مختلفة في ختم المقدمة الذي تضمّن منهجية إعداد الدليل، وما روعي في إعداده، من النصّ على أن التجديد لم يكن غاية، لصعوبة الخروج عن المألوف من صور الرسم، واقتصار إيراد تفصيلات القضايا الإملائية على ما تدعو الضرورة إليه، والسعي إلى جعل القواعد مطّردة، والحرص على التنوّع والشمول في الأمثلة، وإهمال بعض المسـائل نادرة الاستعمال، وإيراد أبرز الآراء وموازنتها وترجيحها، وتجاوز الآراء الأخرى، بله تفنيدها، ومحاولة إبعاد الآراء النحوية والصرفية عن الرسم ما أمكن، وتعليل ما اختير من مصطلحات إن تعدّدت، وعدم الحاجة إلى التعليل عند استعمال الشائع[10].



د- أن الاهتمام بمثل تلك المبادئ لم يقتصر على الهيئات المعنية بالعربية والإملاء، بل تعدّى ذلك إلى غير قليل من أعلام التصنيف في هذا العلم. فقد أكّد أهميتها عبد العليم إبراهيم في كتابه المشهور «الإملاء والترقيم في الكتابة العربية» في مواضع من تقديمه، وفي البابين: الأول الذي عقده لـ «الإملاء في المجال التربوي» والتاسع الذي وقفه على «قواعد الإملاء على بساط البحث»[11].



ثالثا: لم تلتزم «قواعد الإملاء» المبادئ الأربعة المعتمدة في إعدادها. وهي على الإجمال: اطّراد القاعدة والابتعاد عن الشذوذ والاستثناءات، والسعي إلى القواعد الموحّدة، واعتماد المصطلحات الشائعة، والتسهيل في إيراد القواعد الإملائية. فقد حوت ضروبًا من الحشو والتزيّد وإيراد التفصيلات والتفريعات، وعناية بالاستثناءات والشذوذ، وتنكّبًا للموضوعية وللمنهج العلمي بإقحام القناعات الذاتية خلافًا لما استقرّ واشتهر، مما ورد جُلّه آخر الموضوعات تحت عنوان «أحكام خاصّة» أو «توضيحات» أو في متن القواعد نفسها. بيان ذلك أنه:

(1) لم يتحقّق «اطّراد القاعدة والابتعاد عن الشذوذ والاستثناءات ما أمكن» مع إمكانية ذلك خلافًا لما جاء في المبدأ الأول المتقدّم بلفظه، ومما يشهد لهذا:

1- اشتمال «قواعد الإملاء» على غير قليل من حالات الشذوذ والخروج عن القاعدة، وإن لم يُنَصّ صراحة على شذوذها، ورد جُلّه آخر الموضوعات تحت عنوان «أحكام خاصّة»[12]. من ذلك ورود الحالات الثلاث الشاذة المشهورة في رسم الهمزة المتوسطة تحت هذا العنوان، وهي الهمزة

المتوسطة المفتوحة بعد ألف (قراءة)، والهمزة المفتوحة أو المضمومة بعد ياء (بيْئَة - فيْئُه)، والهمزة المفتوحة بعد واو (مروءَة)، ولفظه ثمة:



3 أحكام خاصّة:

1– إذا سبقت الهمزة المتوسطة المفتوحة بألف كُتبت الهمزة مفردةً نحو: تثاءَب، يتساءَل، براءَة، رداءٌ، رداءانِ، رداءينِ.



2– إذا جاءت الهمزة بعد ياء ساكنة رسمت على نبرة، مثال: هيئة، بيئة، خطيئة، حُطيئة، شيئان، يَيْئس، بطيئون، مجيئه، يجيئون، يُسيئون، شيئه، فيئه.



3– إذا وقعت الهمزة المتوسطة في الأسماء مفتوحةً بعد واو مدّ كتبت مفردة: مروءَة، نبوءَة»[13].على أن النصّ المتقدّم شابه، إضافةً إلى ما سبق، بعض الخطأ وعدم الدقّة والخلط، آية ذلك:

إقحامُ كلمة (رداء) ضمن أمثلة الهمزة المتوسطة المفتوحة بعد ألف في البند (1) متبوعةً بالفاصلة كباقي الأمثلة، إذ لا يلزم عن التمثيل بصيغة التثنية «رداءان، رداءين» إيرادها قبلهما ضمن أمثلة الهمزة المتوسطة المفتوحة بعد ألف، وقد كان في الوسع إتباعها بنقطتين (رداء: رداءان، رداءين) درءًا للخطأ أو الالتباس، لأن المثال لا يتحقّق إلا بصيغة التثنية. وظاهر أن همزة (رداء) متطرفة، وقد جاءت كذلك على الصواب في الحديث عن قواعد رسم الهمزة المتطرفة مقرونةً بصيغة التثنية[14].



قصرُ رسم الهمزة المتوسطة بعد واو مدّ على المفتوحة في الأسماء، مثل (مروءَة)، وإسقاط الهمزة المتوسطة المضمومة بعد واو ساكنة مثل (ضَوْءُه) مع أن الحكم بالشذوذ ينطبق على كلتيهما.



تقييد رسم الهمزة المتوسطة المفتوحة بعد واو مدّ مفردةً على السطر بالأسماء، وهي عامّة في الأسماء والأفعال، مثل (يسُوءُون، يبُوءُون). وتقييد وقوع الهمزة المتوسطة المفتوحة بعد واو مدّ، وإهمال وقوعها بعد لين ساكنةً من غير مدّ، نحو (رأيتُ ضَوْءَه).



2- إيراد «قواعد الإملاء» ما يستثنى من عدم الإخلال بأولية رسم همزة القطع على ألف ما دخل عليها من الأدوات والحروف (السوابق بأنواعها) تحت عنوان «أحكام خاصة» ولفظه ثمة: «ب يستثنى من ذلك:



1– الكلمات الثلاث (لَئِنْ، لِئلاّ، هَؤلاء) إذ تطبق عليها قاعدة الهمزة المتوسطة كما في: يومئذٍ، ساعتئذٍ، حينئذ، وكما سيأتي.



وللموضوع تتمة

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.67 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.73%)]