عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-10-2020, 04:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,855
الدولة : Egypt
افتراضي الاستغفار في القرآن وأنواعه

الاستغفار في القرآن وأنواعه



أبو عبد الله محمد مصطفى




الاستغفار في القرآن وأنواعه
قال ابن الجوزي : " الاستغفار استفعال من طلب الغفران والغفران تغطية الذنب بالعفو عنه والغفر الستر ويقال اصبغ ثوبك فهو أغفر للوسخ وغفر الخد والصوف ما علا فوق الثوب منهما كالزئبر سمي غفرا لأنه يستر الثوب ويقال لجنة الرأس مغفر لأنها تستر الرأس وقال أبو سليمان الخطابي وحكى بعض أهل اللغة أن المغفرة مأخوذة من الغفر وهو نبت يداوى به الجراح يقال إنه إذا ذر عليها دملها وأبرأها ذكر بعض المفسرين أن الاستغفار في القرآن على وجهين - أحدهما الاستغفار نفسه وهو طلب الغفران ومنه قوله تعالى في هود واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه وفي يوسف واستغفري لذنبك وفي نوح استغفروا ربكم إنه كان غفارا وهو كثير في القرآن والثاني الصلاة ومنه قوله تعالى في آل عمران والمستغفرين بالأسحار وفي الأنفال وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وفي الذاريات وبالأسحار هم يستغفرون وقد عد بعضهم الآية التي في يوسف من قسم الاستغفار وجعل التي في هود وفي نوح بمعنى التوحيد فيكون الباب على قوله من أقسام الثلاثة .
نزهة الأعين النواظر لابن الجوزي ص 89 - 91 .
قال ابن القيم :" الاستغفار فهو نوعان مفرد ومقرون بالتوبة فالمفرد كقول نوح عليه السلام لقومه استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا وكقول صالح لقومه لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون النمل 46 وكقوله تعالى واستغفروا الله إن الله غفور رحيم البقرة 199وقوله وما كان الله يعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون الأنفال 33 والمقرون كقوله تعالى استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله هود 3 وقول هود لقومه استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا هود 52 وقول صالح لقومه هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب هود 61 وقول شعيب واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود هود 90 فالاستغفار المفرد كالتوبة بل هو التوبة بعينها مع تضمنه طلب المغفرة من الله وهو محو الذنب وإزالة أثره ووقاية شره لا كما ظنه بعض الناس أنها الستر فإن الله يستر على من يغفر له ومن لا يغفر له ولكن الستر لازم مسماها أو جزؤه فدلالتها عليه إما بالتضمن وإما باللزوم وحقيقتها وقاية شر الذنب ومنه المغفر لما يقي الرأس من الأذى والستر لازم لهذا المعنى وإلا فالعمامة لا تسمى مغفرا ولا القبع ونحوه مع ستره فلا بد في لفظ المغفر من الوقاية وهذا الاستغفار هو الذي يمنع العذاب في قوله وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون الأنفال 33 فإن الله لا يعذب مستغفراً وأما من أصر على الذنب وطلب من الله مغفرته فهذا ليس باستغفار مطلق ولهذا لا يمنع العذاب فالاستغفار يتضمن التوبة والتوبة تتضمن الاستغفار وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق وأما عند اقتران إحدى اللفظتين بالأخرى فالاستغفار طلب وقاية شر ما مضى والتوبة الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله فها هنا ذنبان ذنب قد مضى فالاستغفار منه طلب وقاية شره وذنب يخاف وقوعه فالتوبة العزم على أن لا يفعله والرجوع إلى الله يتناول النوعين رجوع إليه ليقيه شر ما مضى ورجوع إليه ليقيه شر ما يستقبل من شر نفسه وسيئات أعماله وأيضا فإن المذنب بمنزلة من ركب طريقا تؤديه إلى هلاكه ولا توصله إلى المقصود فهو مأمور أن يوليها ظهره ويرجع إلى الطريق التي فيها نجاته والتى توصله إلى مقصوده وفيها فلاحه فههنا أمران لا بد منهما مفارقة شيء والرجوع إلى غيره فخصت التوبة بالرجوع و الاستغفار بالمفارقة وعند إفراد أحدهما يتناول الأمرين ولهذا جاء والله أعلم الأمر بهما مرتبا بقوله استغفروا ربكم ثم توبوا إليه فإنه الرجوع إلى طريق الحق بعد مفارقة الباطل وأيضا فالاستغفار من باب إزالة الضرر والتوبة طلب جلب المنفعة فالمغفرة أن يقيه شر الذنب والتوبة أن يحصل له بعد هذه الوقاية ما يحبه وكل منهما يستلزم الآخر عند إفراده والله أعلم .
مدارج السالكين لابن القيم 1/ 307 – 309 .

تفسير ابن كثير ج2/ص436- 438
وقوله وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله أي وآمركم بالإستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى الله عز وجل فيما تستقبلونه وأن تستمروا على ذلك يمتعكم متاعا حسنا أي في الدنيا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله أي في الدار الآخرة قاله قتادة كقوله من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة الآية وقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك وقال بن جرير حدثني المسيب بن شريك عن أبي بكر عن سعيد بن جبير عن بن مسعود رضي الله عنه في قوله ويؤت كل ذي فضل فضله قال من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات ثم يقول هلك من غلب آحاده على أعشاره .

مجموع فتاوى ابن تيمية ج14/ص415- 421
والمذنبون الذين رجحت سيئاتهم على حسناتهم فخفت موازينهم فاستحقوا النار من كان منهم من أهل لا إله إلا الله فإن النار تصيبه بذنوبه و يميته الله فى النار إماتة فتحرقه النار إلا موضع السجود ثم يخرجه الله من النار بالشفاعة و يدخله الجنة كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة فبين أن مدار الأمر كله على تحقيق كلمة الاخلاص و هي لا إله إلا الله لاعلى الشرك بالتعلق بالموتى و عبادتهم كما ظنه الجاهليون وهذا مبسوط فى غير هذا الموضع والمقصود هنا أن النبى صلى الله عليه و سلم كان يجمع بين الحمد الذي هو رأس الشكر و بين التوحيد و الاستغفار إذا رفع رأسه من الركوع فيقول ربنا و لك الحمد ملء السموات و ملء الأرض و ملء مابينهما وملء ماشئت من شيء بعد أهل الثناء و المجد أحق ما قال العبد و كلنا لك عبد لامانع لما أعطيت و لا معطى لما منعت و لا ينفع ذا الجد منك الجد ثم يقول اللهم طهرني بالثلج و البرد و الماء البارد اللهم طهرنى من الذنوب و الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس كما رواه مسلم في الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات و ملء الأرض و ملء ماشئت من شيء بعد أهل الثناء و المجد أحق ما قال العبد و كلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت و لا معطى لما منعت و لا ينفع ذا الجد منك الجد وروى مسلم أيضا عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات و ملء الأرض وملء ماشئت من شيء بعد اللهم طهرنى بالثلج و البرد و الماء البارد اللهم طهرني من الذنوب و الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ و قد روى مسلم فى صحيحه أيضا عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول اللهم لك الحمد و قال و ملء الأرض و ملء ما بينهما ولم يذكر فى بعض الروايات لأن السموات و الأرض قد يراد بهما العلو و السفل مطلقا فيدخل فى ذلك الهواء و غيره فانه عال بالنسبة إلى ما تحته و سافل بالنسبة إلى ما فوقه فقد يجعل من السماء كما يجعل السحاب سماء و السقف سماء و كذا قال فى القرآن هو الذي خلق السموات و الأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش و لم يقل و ما بينهما كما يقول إن ربكم الله الذي خلق السموات و الأرض و ما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي و لا شفيع فتارة يذكر قوله و ما بينهما فيما خلقه فى ستة أيام و تارة لا يذكره و هو مراد فإن ذكره كان إيضاحا و بيانا و إن لم يذكره دخل في لفظ السموات و الأرض و لهذا كان النبى صلى الله عليه و سلم تارة يقول ملء السموات و ملء الأرض و لا يقول و ما بينهما و تارة يقول و ما بينهما و فيها كلها و ملء ما شئت من شيء بعد وفى رواية أبى سعيد أحق ما قال العبد إلى آخره و في رواية ابن أبي أوفى الدعاء بالطهارة من الذنوب ففي هذا الحمد رأس الشكر و الاستغفار فان ربنا غفور شكور فالحمد بازاء النعمة و الاستغفار بازاء الذنوب وذلك تصديق قوله تعالى ما أصابك من حسنة فمن الله و ما أصابك من سيئة فمن نفسك ففي سيد الاستغفار أبوء لك بنعمتك علي و أبوء بذنبى وفى حديث أبي سعيد الحمد رأس الشكر و التوحيد كما جمع بينهما في أم القرآن فأولها تحميد و أوسطها توحيد و آخرها دعاء و كما في قوله هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين وفى حديث الموطأ أفضل ما قلت أنا و النبيون من قبلى لاإله إلا الله وحده لاشريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير من قالها كتب الله له الف حسنة و حط عنه ألف سيئة و كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك و لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل قال مثلها أو زاد عليه و من قال فى يوم مائة مرة سبحان الله و بحمده حطت خطاياه و لو كانت مثل زبد البحر
وفضائل هذه الكلمات فى أحاديث كثيره و فيها التوحيد و التحميد فقوله لا إإله إلا الله وحده لا شريك له توحيد و قوله له الملك و له الحمد تحميد و فيها معان أخرى شريفة وقد جاء الجمع بين التوحيد و التحميد و الاستغفار فى مواضع مثل حديث كفارة المجلس سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك فيه التسبيح و التحميد والتوحيد و الاستغفار من قالها فى مجلس إن كان مجلس لغط كانت كفارة له و إن كان مجلس ذكر كانت كالطابع له و فى حديث أيضا إن هذا يقال عقب الوضوء ففى الحديث الصحيح فى مسلم و غيره من حديث عقبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء و في حديث آخر أنه يقول سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك وقد روى عن طائفة من السلف فى الكلمات التى تلقاها آدم من ربه نحو هذه الكلمات روى ابن جرير عن مجاهد أنه قال اللهم لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي أنك خير الغافرين اللهم لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك رب إنى ظلمت نفسي فارحمني فأنت خير الراحمين لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك انت التواب الرحيم فهذه الكلمات من جنس خاتمة الوضوء و خاتمة الوضوء فيها التسبيح و التحميد و التوحيد و الاستغفار فالتسبيح و التحميد و التوحيد لله فانه لا يأتي بالحسنات الا هو الاستغفار من ذنوب النفس التى منها تأتى السيئات وقد قرن الله فى كتابه بين التوحيد و الاستغفار فى غير موضع كقوله فاعلم انه لا إله إلا الله و استغفر لذنبك و للمؤمنين و المؤمنات و فى قوله أن لا تعبدوا الا الله اننى لكم منه نذير و بشير و أن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه و فى قوله قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله وا حد فاستقيموا إليه و استغفروه وفى حديث رواه ابن أبى عاصم و غيره يقول الشيطان أهلكت الناس بالذنوب و أهلكوني بالاستغفار وبلا إله إلا الله فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء فهم يذنبون لايستغفرون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ولا إله إلا الله تقتضي الاخلاص و التوكل و الاخلاص يقتضي الشكر فهي أفضل الكلام و هي أعلى شعب الايمان كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال الايمان بضع وستون أو بضع و سبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الايمان لاإله إلاالله هي قطب رحى الايمان و إليها يرجع الأمر كله والكتب المنزلة مجموعة في قوله تعالى إياك نعبد و إياك نستعين و هي معنى لا إله إلا الله ولا حول و لا قوة إلا بالله هي من معنى لا إله إلا الله والحمد لله فى معناها و سبحان الله و الله أكبر من معناها لكن فيها تفصيل بعد إجمال .
مجموع فتاوى ابن تيمية ج14/ص261 - 264
فصل فاذا تدبر العبد علم أن ما هوفيه من الحسنات من فضل الله فشكر الله فزاده الله من فضله عملا صالحا و نعما يفيضها عليه وإذا علم أن الشر لا يحصل له إلا من نفسه بذنوبه استغفر و تاب فزال عنه سبب الشر فيكون العبد دائما شاكرا مستغفرا فلا يزال الخير يتضاعف له و الشر يندفع عنه كما كان النبى صلى الله عليه و سلم يقول في خطبته الحمد لله فيشكر الله ثم يقول نستعينه و نستغفره نستعينه على الطاعة و نستغفره من المعصية ثم يقول و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا فيستعيذ به من الشر الذي في النفس و من عقوبة عمله فليس الشر إلا من نفسه و من عمل نفسه فيستعيذ الله من شر النفس أن يعمل بسبب سيئاته الخطايا ثم إذا عمل استعاذ بالله من سيئات عمله و من عقوبات عمله فاستعانه على الطاعة و أسبابها و استعاذ به من المعصية و عقابها فعلم العبد بأن ما أصابه من حسنة فمن الله و ما أصابه من سيئة فمن نفسه يوجب له هذا و هذا فهو سبحانه فرق بينهما هنا بعد أن جمع بينهما في قوله قل كل من عند الله فبين أن الحسنات و السيئات النعم و المصائب و الطاعات و المعاصي على قول من أدخلها فى من عند الله ثم بين الفرق الذي ينتفعون به و هو أن هذا الخير من نعمة الله فاشكروه يزدكم و هذا الشر من ذنوبكم فاستغفروه يدفعه عنكم قال الله تعالى و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم و ما كان الله معذبهم و هم يستغفرون و قال تعالى الركتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير أن لا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير و بشير و أن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى و يؤت كل ذي فضل فضله والمذنب إذا استغفر ربه من ذنبه فقد تأسى بالسعداء من الأنبياء و المؤمنين كآدم و غيره و إذا أصر و احتج بالقدر فقد تأسى بالأشقياء كابليس و من اتبعه من الغاوين فكان من ذكره أن السيئة من نفس الانسان بذنوبه بعد أن ذكر أن الجميع من عند الله تنبيها على الاستغفار و التوبة و الاستعاذة بالله من شر نفسه و سيئات عمله و الدعاء بذلك فى الصباح و المساء و عند المنام كما أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك أبا بكر الصديق أفضل الأمة حيث علمه أن يقول اللهم فاطر السموات و الأرض عالم الغيب و الشهادة أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان و شركه و أن أقترف على نفسي سوءا و أو أجره إلى مسلم فيستغفر مما مضى و يستعيذ مما يستقبل فيكون من حزب السعداء وإذا علم أن الحسنة من الله الجزاء و العمل سأله أن يعينه على فعل الحسنات بقوله إياك نعبد و إياك نستعين و بقوله اهدنا الصراط المستقيم و قوله ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ونحو ذلك .


التبيان في أقسام القرآن لابن القيم ص98
فصل ومن اسرار هذه السورة أنه سبحانه جمع فيها لأوليائه بين جمال الظاهر والباطن فزين وجوههم بالنضرة وبواطنهم بالنظر إليه فلا أجمل لبواطنهم ولا أنعم ولا أحلى من النظر إليه ولا أجمل لظواهرهم من نضرة الوجه وهي إشراقه وتحسينه وبهجته وهذا كما قال في موضع آخر ولقاهم نضرة وسرورا ونظيره قوله يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا فهذا جمال الظاهر وزينته ثم قال ولباس التقوى ذلك خير فهذا جمال الباطن ونظيره قوله إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب فهذا جمال ظاهرها ثم قال وحفظا من كل شيطان مارد فهذا جمال باطنها ونظيره قوله عن امرأة العزيز بعد أن قالت ليوسف اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم فذكرها لهذا هو من تمام وصفها لمحاسنه وأنه في غاية المحاسن ظاهرا وباطنا وينظر إلى هذا المعنى ويناسبه قوله إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى فقابل بين الجوع والعري لأن الجوع ذل الباطن والعري ذل الظاهر وقابل بين الظمأ وهو حر الباطن والضحى وهو حر الظاهر بالبروز للشمس وقريب من هذا قوله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى في ذكر الزاد الظاهر الحسي والزاد الباطن المعنوي فهذا زاد سفر الدنيا وهذا زاد سفر الآخرة ويلم به قول هود ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم فالأول القوة الظاهرة المنفصلة عنهم والثاني الباطنة المتصلة بهم ويشبهه قوله فما له من قوة ولا ناصر فنفى عنهم الدافعين الدافع من أنفسهم والدافع من خارج وهو الناصر.
جامع الرسائل ج1/ص219

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.27 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.33%)]