عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-10-2020, 01:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقدمة نقض الدعاوى الكيدية

وإن من جملة الافتراءات، ومسلسل الشبهات الفارغة التي تهوَّعها أعداء السلفية، وقاموا بها على قَدَم وساق؛ للتنفير من الشيخ ودعوته (الطعن في انتماء الشيخ)، ويدور هذا الطعن على محورين:
المحور الأول: الانتماء الإقليمي، وتتجه مُقَلُ الطاعنين إلى أن الشيخ ينتمي للأقطار التالية:
1- المشرق.
2- نجد.
3- اليمامة.
أما المشرق، فقد ذمَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((رأس الكفر نحو المشرق))؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه[17].
وأما نجد، فقد ورد في ذم نجد الحجاز - زعَموا - ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لنا في شامِنا، اللهم بارك لنا في يمنِنا))، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا، قال: ((اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا))، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا، فأظنه قال في الثالثة: ((هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان)).
وأما اليمامة، فهي بلاد مُسَيلمة الكذَّاب المدَّعي للنبوة.

هذا ما تمسَّكوا به ولا متمسك لهم فيه، وقال قائل منهم - كذبًا وزورًا -: إن لغةَ أهل اليمامة أركُّ اللغات، فأين تأتي لهم الفصاحة والمعرفة[18].
ولقد أمرُّ على اللئيمِ يَسبُّنِي ♦♦♦ فمضيتُ ثُمَّتَ قلتُ لا يَعْنِيني
ومن صناديد هذه الدعوى: ابن جرجيس، ودحلان، وابن عفالق، والحداد، واللكنهوري، والنَّبهاني، والعاملي، والغماري، وزلق في هذا الخندق المشؤوم مؤلِّف كتاب (فصل الخطاب أو الصواعق الإلهية) - فكانت فلتة ثم رجع - ومؤلف كتاب (جلاء الغمة)، فقد فرط منه ما فرط من هذه الاعتراضات، نعوذ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر، ويتوب الله على من تاب.

المحور الثاني: الانتماء القَبَلي:
قالوا - واعجَبْ يا ذا الحجا -: إن الشيخ محمد بن عبدالوهاب من (قبيلة بني تَميم)، و(عبدالله بن ذي الخُوَيصرة) تميميٌّ، فهما من أصل وعشيرة ومعدِن واحد، ويحتمل أنه من نسله وعقبه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد رضي الله عنه: ((إنه يخرج من ضئضئ هذا قومٌ يتلون كتاب الله رطبًا، لا يُجاوز حناجرهم، يمرُقون من الدِّين كما يمرُق السهم من الرميَّة - وأظنه قال - لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قتلَ ثمود))[19].
وقالوا: أُنزِل في بني تميم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحجرات:4].
هذا ما تمسكوا به فسبحان الله! أي تمسُّك لهم فيه؟ لكنه الهوى، والذي تولى كِبَرَ هذه الدعوى الآثمة: العاملي، ودحلان، وغيرهما[20].
وهذه الاعتراضات شبه الريح، ولا يمكن اعتبارُها إلا بعد إثبات مقدمات ستمرُّ بها في موضعها إن شاء الله، ولا سبيل إلى إثبات واحدة من هذه المقدمات، فكيف بإثباتها كلها، وسيمرُّ بك نسفُ هذه الاعتراضات وإبطالها، والجواب عليها بأجوبة مجملة ومفصلة إن شاء الله تعالى.
حُججٌ تهافَتُ كالزجاجِ تخالُها ♦♦♦ حقًّا وكلٌّ كاسرٌ مكسورُ

وإن تعجب فاعجَبْ لهذه العقول المعترِضة على الشيخ ودعوته بهذه الاعتراضات المتهافتة، الباعثة على السخرية، لقد أضحكت العاقل حتى زجا [انقطع ضحكه] وَيْكأنَّهم لا يعلمون أنه طيب الأرومة، وهب أنه من أصل دنيءٍ - وحاشاه - أُيتْرَكُ دينُ الله وتوحيدُه ودعوة رسله لأجل ذلك؟! لقد بلغ هؤلاء المعترِضون نصَّ الجهل [منتهاه].
وقد كنت أرغب بنفسي عن ردِّ مثل هذه الترَّهات، لكن أضَّنِي [ألجأني واضطرني] إلى ردِّها معرفتي بوجود شريحةٍ من الناس وابصة سمع [يثق بكل ما يسمعه] بهذه الزمرة، تتبعها كيعاسيب النحل، وقد جأجأت وهأهأت بهم[21]، وصدق ظني، لقد اغتر كثيرون بزخرف قولهم، ووقعوا في حبائلهم ومكائدهم.
وعذرُ هذه الطائفة المحسورة واضحٌ جليٌّ: هو الإفلاس من الحجة والبرهان فـ(أين يضع المخنوق يده)، قال أبو حيان فيما كتبه في الرد على الزمخشري:
ويشتمُ أعلامَ الأئمةِ ضلةً
ولا سيَّما أنْ أوردُوه المَوارِدا

ويُسهِبُ في المعنى الوجيزِ دلالةً
بتكثيرِ ألفاظِ تسمَّى الشقاشقا

وهذه الاعتراضات ليست مرحلة مرَّت وانتهت وذهبت أدراج التاريخ، كلا، بل لا تزال، وما زال ينشأ متزعمون لها يذكونها ويحاولون إعادتها جذعة كما كانت.
صحيحٌ أن حدَّة تلك الدعاوَى تتفاوت حيث تشتدُّ رائحتها النتنة تارةً، وتضعف أخرى، غير أن إهابَها لم يُطوَ قطُّ منذ عهد الشيخ إلى يومنا هذا.
ومتى يُطوَى إهابُها وهي تتجدد وتتردد على الألسنة؟! ويتناقلها المُغرضون بقصد التشويه؟! ويتوارثها المنحرفون على حد قول القائل:
أُساجِلُك العداوةَ ما بَقِينا ♦♦♦ وإن مُتْنَا نُورِّثُها البَنِينا

ويزيد الطينُ بِلةً، أن تلك الكتب المدوَّنة فيها تلك المقالات يُعاد طبعها مرة بعد مرة، ولها صداها في بعض المجتمعات.
يقول الشيخ عبدالعزيز العبداللطيف: "إن دعاوى الخصوم واعتراضاتهم ضد دعوة الشيخ الإمام في زمنه، يتلقفها من بعدهم، ثم الذين يَلُونهم، وهكذا إلى زمننا هذا"[22].
ولا أكتمُك سرًّا أخي، إننا هذا الأيام في حاجة ملحَّة إلى وجود رسالة مستقلَّة تجمع تلك الدَّعاوَى وتُفنِّدُها، بطريقة علمية منهجية، وتظهر منزلة انتماء الشيخ؛ لتُكْعَم[23] أفواه المتحاملين عليه وعلى دعوته الإصلاحية.
إننا والله في الساعة الحاسمة واللحظة الحرجة، مع هذه الحملة الشرسة ضد الإسلام وعقيدة التوحيد ودعوة الشيخ، والتي سخرت لها وسائل الإعلام ونزع من أجلها أمان اللسان، وأطلقت الأقلام، فلقائلٍ أن يقول ما شاء، ولكاتب أن يكتب ما يريد، تحت المظلة الخاسرة (حرية الرأي والتعبير)!

إن جمهور أولئك المتحاملين على الشيخ المتجهِّمين لانتمائه، لا يجهلهم حقيقة الأمر، والشأن كما قال الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ﴾ [البقرة: 89]، وفي المثل: (لا تَعدَمُ الحسناءُ ذامًا).
حسَدوا الفتى إِذْ لم ينالوا سعيَهُ
فالكلُّ أعداءٌ له وخصومُ

كضرائرِ الحسناءِ قُلْنَ لوجهِها
حسدًا وبَغيًا إنه لَدمِيمُ

يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: "الحاسد لم يحمله على معاداة المحسود جهلُه بفضله أو كماله، وإنما حمله على ذلك فسادُ قصده وإرادته، كما هي حال أعداء الرسل مع الرسل".
ومثل هذه الشبه - وإن كانت باطلة، ونوعًا من الجهل والهذيان - بيدَ أن لها آذانًا مُصْغِية وفئامًا مُصيخةً ولكل ساقطةٍ لاقطةٌ، وقد تُروَّجُ على أوغاد الناس، فلا بد من دحضها
قد قيل ما قيل إنْ صدقًا وإنْ كذبًا ♦♦♦ فما اعتذارُك مِن قولٍ إذا قيلا

وبهذا يتبين أن هذه السطور إنما أكتبُها لطبقةٍ خاصة، حال دون قناعتهم بالدعوة الإصلاحية تلك البلابل المثارة حول انتماء الشيخ الإقليمي والقبلي، لا إلى طبقة الصيارفة الذين يُميِّزون بين الحق والباطل بالميزان الصحيح، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (الحق أبلج لا يخفى على فطن)، وإن كان الكثير يسجدون - إن شاء الله - فيما كتبته ونقلته فوائد عظيمة ربما لم تخطر ببالهم.
وقد ذكَّرتني هذه التهم الجذماء، والمحاولات البتراء، بمقالة الكوثري ومحاولته الفاشلة في الحطِّ من الإمامين الجليلين: الإمام مالك بن أنس الأصبحي مولى التيميين بالحلف رحمه الله، حيث اتهمه بأنه من الموالي، والإمام محمد بن إدريس الشافعي القرشي المطَّلبي رحمه الله؛ حيث حاول الكوثري خدش الإجماع على قرشيته[24]، ﴿ أَتَوَاصَوْا بِهِ ﴾ [الذاريات: 53]؟! إنها سبيل مَن انحرف عن الجادة ﴿ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [البقرة: 118].

ثم إن فريق الطاعنين في انتماء الشيخ، لما أثاروا تلك الأكاذيب، وقعوا في ورطة، وحاق بهم مكرهم السيئ، لقد لَفَتوا الانتباه إلى قضية مهمة، وكأنهم يقولون: (يا نائم، استيقظ)، و(يا غافل، انتبه)، إلى أسلوب جديد من خلاله تدفع شبهة وتظهر حجة، فالشيخ وسلالته، بل ومعظم تلاميذه من الجزيرة العربية ذات الخصائص في الإسلام، ومن العرب، بل وعرب الجزيرة، ومن قبيلة بني تميم أشد الناس على الدجال، وعلى جنسه من الدجَّالين، وهذا من دواعي كتابة هذه الرسالة، وأملي أن يلحق هذا الجهد المتواضع بسلسلة الجهود الإسلامية المبذولة في الذب عن الإمام ونصرة دعوته.

ومَن نظر نظرة واعية عميقة، أدرك ما في إظهار تلك الخصائص والسمات التي حَظِيت بها ملة الإسلام وعقيدة أهل السنة والجماعة ومنهجهم، وما تميزت به الجزيرة العربية وأقاليمها - ومنها نجد واليمامة - والفضائل والمناقب الواردة في العرب عمومًا، وعرب الجزيرة خصوصًا، وفي قبيلة بني تميم - قبيلة الشيخ - وجمعها في كتيب مستقل (جمع العاقل الذي غرضه الخير ويتحرَّاه جهده)، من فوائد جليلة تتعلَّق بدعوة الشيخ؛ من أهمها:
1- إبراز بِنْية الشيخ التحتية المؤلَّفة من عدة عناصر دينية وطبيعية حسنة، وما قامت به من دور كبير في تكوين عقلية الشيخ وتحريك عواطفه وإرادته.
2- إظهار حسن اعتقاد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وحسن منهجه الناتج عنهما البركة في حصيلته العلمية، والتوفيق والتسديد في دعوته الإصلاحية.
3- تطهير الدعوة السلفية من شُبَه المناوئين، فالذبُّ عن رائدِها وحامل لوائها ذبٌّ عنها.
4- إبطال محاولات خَدْش بائسة، قام بها بعض الهابطين من خصوم الشيخ؛ للتشكيك في علوم ودعوة الشيخ وأبنائه وأحفاده وتلامذتهم[25]، فدِهْليز الطعن في هذه الأمور القدحُ في الشيخ.
5- أن صفاتِ الشيخ وسجاياه نابعة عن جِبلَّة واكتساب.
6- أن جهاد الشيخ في صدِّ باطل الدَّجَاجِلة من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، فالشيخ من بني تميم، (إن الشِّراك قُدَّ من أديمه).
7- أن دعوة الشيخ في إظهار التوحيد والسنة وقمع الشرك والبدعة من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم أيضًا.
8- أن السلفية باقية إلى آخر الزمان.
9- التعريف بمكانة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله الدينية والعلمية والعِرقية، وصدق أبو تمام؛ حيث قال:
وإذا أراد اللهُ نشرَ فضيلةٍ
طُوِيَتْ أتاح لها لسانَ حَسُودِ

لولا اشتعالُ النارِ فيما جاورتْ
ما كان يُعرفُ طِيبُ عَرْفِ العُودِ


فتلخَّصَ لنا أن إظهار فضائلِ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وكشف الشبهات المناوئة له، سبب في ودِّه والبعدِ عن سبِّه.
قال عثمان بن صالح السهمي: كان أهل مصر ينتقصون عثمانَ، حتى نشأ فيهم الليثُ بنُ سعدٍ، فحدَّثهم بفضائل عثمان، فكفوا عن ذلك.
وكان أهل حمصٍ ينتقصون عليًّا، حتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش، فحدَّثهم بفضائله، فكفوا عن ذلك[26].
وبهذا تتضح أهمية هذه الرسالة، فإن أهمية الشيء بحسب ثمرته ومقصوده.

لقد جمعتُ بين دفتَيْ هذه الرسالة المختصرة - تذكرةً وذخيرةً للمستفيد - مادةً علمية كافية للاعتراف بفضل جزيرة العرب، وإقليم نجد واليمامة، وبفضل فرقة العرب، وقبيلة بني تميم.
وفي كل هذا دلالة واضحة على أن جذور الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله جذورٌ مباركة.
وهذه مهمة هذه الرسالة.
إن هذه الخلفية المؤلَّفة من تلك الفضائل القائمة على الدين الحق والعقيدة الصحيحة والمنهج السلفي، ساهمت في تشكيلِ عقل الشيخ، وتكوين شخصيته العلمية الدعوية، وإعداده ونشأته، (لا ينتطح في ذلك كَبْشان)؛ فقلِّبْ ناظرَيْكَ في مزايا تلك الخلفية بوعيٍ وإنصاف تُدرِكْ أن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ما مَثَله إلا كمَثَل البقلة المباركة بالأرض الطيبة يمدُّها الماء العذب.
أيها القارئ النبيل، اعلم - أرشدني الله وإياك - أنه مهما يجول قلمي في تقرير تلك المزايا المذهبية والإقليمية والعِرقية، فإن آخِيَّته[27] التي يرجع إليها ليُجلِيَها وذبَّ عنها دعوةَ الشيخ التجديدية.

وقبل أن أضع قلمي من هذه المقدمة، أحب أن أُجلِّي للقارئ الكريم منهجي في هذه الرسالة في نقاط:
خرجت الأحاديث، وحكمتُ على ما يسَّر الله لي منها على طريقة المحدثين، وما تقتضيه قواعدُهم.
وفي المبحث الثاني من الفصل الثالث شيء من التوسع في الجمع والتخريج[28].
ذكرت ما يحتاج إليه كل حديث؛ من بيان لمعنى لفظ غريب، أو تعليق على معنى ذي صلة بموضوع البحث.
أما الخطة التي سِرْتُ عليها:
فقد سِرْتُ على تقسيم الرسالة إلى أقسام وفصول مُعنونةٍ حسب صناعة التصنيف؛ للتسهيل على القارئ؛ فاشتملت على مقدمة، وقسمين، وخاتمة، وفهارس، على النحو التالي:
المقدمة: وتشتمل على: الافتتاحية، والداعي لكتابة الرسالة، وأهميتها ومهمتها، ومنهجها، والخطة التي سرت عليها، وكل ذلك بشكل موجز.
التمهيد: تأثير الأصل على الإنسان.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]