عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-09-2020, 06:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثانى
[كتاب أحكام البيع وما يتعلق به]
صـــــ 140 الى صــــــــ
148
الحلقة (96)

[حكم البيع ودليله]
حكم البيع من حيث هو الإباحة، وقد تعرض له الوجوب وذلك في حال الاضطرار إلى طعام أو شراب، فإنه يجب شراء ما فيه حفظ النفس من الهلاك، ويحرم عدم بيع ما فيه حفظها. وقد يكون مندوباً كما إذا حلف عليه إنسان أن يبيع سلعة لا ضرر عليه في بيعها، فإنه يندب أن يبر اليمين وقد يكون مكروهاً كبيع ما يكره بيعه، وقد يكون محرماً كبيع ما يحرم بيعه مما سيأتي بيانه.أما كونه مباحاً فهو معلوم من الدين بالضرورة، فلا يحتاج إلى دليل، ولكن الأدلة على ذلك كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله،
فأما الكتاب فقوله تعالى:
{وأحل الله البيع وحرم الربا} .
وقوله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم} وقوله تعالى: {وأشهدوا إذا تبايعتم} فهذه الآيات صريحة في حل البيع وإن كانت مسوقة لأغراض أخرى غير إفادة الحل، لأنه الآية الأولى مسوقة لتحريم الربا. والثانية مسوقة لنهي الناس عن أكل أموال بعضهم بعضاً بالباطل. والثانية مسوقة للفت الناس إلى ما يرفع الخصومة ويحسم النزاع من الاستشهاد عند التبايع.
وأما السنة فكيرة منهما قوله صلى الله عليه وسلم:

"لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" رواه البخاري، وفي هذا الحديث إشارة إلى ما يجب على الإنسان من العمل في هذه الحياة، فلا يحل له أن يهمل طلب الرزق اعتماداً على سؤال الناس كما لا يحل له أن يستنكف عن العمل، سواء كان جليلاً أو حقيراً، بل عليه أن يعمل بما هو ميسر له،
ومنها قوله عليه الصلاة والسلام:
"الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح سواء بسواء، مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم" رواه مسلم، فقوله فبيعوا كيف شئتم صريح في إباحة البيع، وسيأتي بيان الحديث فيما ينهى عنه.
ومنها قوله عليه الصلاة والسلام:
"أفضل الكسب بيع مبرور، وعمل الرجل بيده" رواه أحمد والطبراني وغيرهما،
والبيع المبرور:
هو الذي يبر فيه صاحبه فلم يغش ولم يخن ولم يعص الله فيه، وحكمه حله ما يترتب عليه من تبادل المنافع بين الناس، وتحقيق التعاون بينهم، فينتظم بذلك معاشهم، وينبعث كل واحد إلى ما يستطيع الحصول عليه من وسائل العيش، فهذا يغرس الأرض بما منحه الله من قوة بدنية، وألهمه من علم بأحوال الزرع ويبيع ثمرها لمن لا يقدر على الزرع ولكنه يستطيع الحصول على الثمن من طريق أخرىن وهذا يحضر السلعة من الجهات النائية يبيعها لمن ينتفع بها، وهذا يجيد ما يحتاج إليه الناس من صناعة ليبيع عليهم مصنوعاته، فالبيع والشراء من أكبر الوسائل الباعثة على العمل في هذه الحياة الدنيا، وأجل أسباب الحضارة والعمران.
[أركان البيع]
أركان البيع ستة (1) :
صيغة، وعاقد، ومعقود عليه،
وكل منها قسمان:

لأن العاقد إما أن يكون بائعاً أو مشترياً. والمعقود عليه إما أن يكون ثمناً أو مثمناً، والصيغة إما أن تكون إيجاباً أو قبولاً،
فالأركان ستة:

والمراد بالركن هنا ما يتوقف عليه وجود الشيء وإن كان غير داخل في حقيقته، وهذا مجرد اصطلاح، لأن ركن الشيء الحقيقي هو أصله الداخل فيه، وأصل البيع هو الصيغة التي لولاها ما اتصف العاقدان بالبائع والمشتري.
ولكل ركن من الأركان أحكام وشروط سنذكرها لك على الترتيب الذي يلي:
[الركن الأول: الصيغة]
الصيغة في البيع هي كل ما يدل على رضاء الجانبين البائع والمشتري وهي أمران (2) :
الأول:
القول وما يقوم مقامه من رسول أو كتاب؛
فإذا كتب لغائب يقول له:

قد بعتك داري بكذا أو أرسل له رسولاً فقبل البيع في المجلس فإنه يصح، ولا يغتفر له الفصل إلا بما يغتفر في القول حال حضور المبيع.
الثاني المعاطاة: وهي الأخذ والإعطاء بدون كلام كأن يشتري شيئاً ثمنه معلوم له فأخذه من البائع ويعطيه الثمن وهو يملك بالقبض، ولا فرق بين أن يكون المبيع يسيراً كالخبز والبيض ونحوهما مما جرت العادة بشرائه، متفرقاً أو كثيراً كالثياب القيمة.وأما القول فهو اللفظ الذي يدل على التمليك والتملك، كبعت واشتريت ويسمى ما يقع من البائع إيجاباً (3) ، وما يقع من المشتري قبولاً،
وقد يتقدم القبول على الإيجاب كما إذا قال المشتري:
بعني هذه السلعة بكذا. وفي بيان الإيجاب والقبول تفصيل المذاهب(4) .
ويشترط للإيجاب والقبول شروط منها:
أن يكون الإيجاب موافقاً للقبول في القدر، والوصف والنقد، والحلول، والأجل،
فإذا قال البائع:

بعن هذه الدار بألف فقال المشتري: قبلتها بخمسمائة لم ينعقد البيع،
وكذا إذا قال:

بعتها بألف جنيه ذهباً فقال الآخر: قبلتها بألف جنيه ورقاً، فإن البيع لا ينعقد، إلا إذا كانت الألف الثانية مثل الأولى في المعنى من جميع الوجوه فإن البيع ينعقد في هذه الحالة. ومنها أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد،
فإن قال أحدهما:

بعتك هذا بألف ثم تفرقا قبل أن يقبل الآخر فإن البيع لا ينعقد. ومنها أن يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل يدل على الإعراض. أما الفاصل اليسير وهو الذي لا يدل على الإعراض بحسب العرف فإنه لا يضر (5) .ومنها سماع المتعاقدين كلام بعضهما، فإذا كانه البيع بحضرة شهود فإنه يكفي سماع الشهود بحيث لو أنكر أحدهما السماع لم يصدق. فإذا قال بعت هذه السلعة بكذا،
وقال الآخر: قبلت. ثم تفرقا فادعى البائع أنه لم يسمع القبول، أو ادعى المشتري بأنه لم يسمع الثمن مثلاً فإن دعواهما لا تسمع إلا بالشهود.
[الركن الثاني: العاقد]
وأما العاقد سواء كان بائعاً أو مشترياً فإنه يشترط له شروط:

منها أن يكون مميزاً فلا ينعقد بيع الصبي (6) الذي لا يميز، وكذلك المجنون، أما الصبي (3) المميز والمعتوه اللذان يعرفان البيع وما يترتب عليه من الأثر ويدركان مقاصد العقلاء من الكلام ويحسنان الإجابة عنها، فإن بيعهما وشراءهما ينعقد ولكنه لا ينفذ إلا إذا كان بإذن من الولي في هذا الشيء الذي باعه واشتراه بخصوصه. ولا يكفي الإذن العام، فإذا اشترى الصبي المميز السلعة التي أذنه وليه في شرائها انعقد البيع لازماً، وليس للولي رده. أما إذا لم يأذن وتصرف الصبي المميز من تلقاء نفسه فإن بيعه ينعقد، ولكن لا يلزم إلا إذا أجازه الولي، أما أجازه الصبي بعد البلوغ. ومنها أن يكون رشيداً. وهذا شرط لنفاذ البيع، فلا ينعقد بيع الصبي مميزاً كان أو غيره، ولا بيع المجنون والمعتوه والسفيه إلا إذا أجاز الولي بيع المميز منهم، أما بيع غير المميز فإنه يقع باطلاً، ولا فرق في المميز بين أن يكون أعمى أو مبصراً.
ومنها أن يكون العاقد مختاراً فلا ينعقد بيع المكره ولا شراؤه لقوله تعالى:
{إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم} .
وقوله صلى الله عليه وسلم:
"إنما البيع عن تراضٍ" رواه ابن حبان وفي ذلك تفصيل المذاهب (7) .
جنسهما وكان فيهما لبن أو بيض، بخلاف ما إذا كانا غير مأكولين وإن كان فيهما ما ذكر.
التاسع:
بيع بشرط الخيار وسيأتي بيان العقود التي يحص فيها شرط الخيار والتي لا يصح.
العاشر:
بيع شرط البراءة من العيب، وأما الفاسد فإنه ينقسم إلى أقسام كثيرة سنذكرها في بابه
(1) الحنفية - قالوا:
للبيع ركن واحد وهو الإيجاب والقبول الدالان على تبادل المكلين بين البائع والمشتري من قول أو فعل، وبعضهم يقول:
إن له ركنين الإيجاب والقبول، والأخذ والإعطاء، وعلى كل حال فالحنفية قد نظروا في ذلك إلى الركن الحقيقي، وهو ما كان أصلاً للشيء داخلاً فيه

(2) الشافعية - قالوا:
لا ينعقد البيع إلا بالصيغة الكلامية أو ما يقوم مقامها من الكتاب والرسول، وإشارة الأخرس المعلومة، أما المعاطاة فإن البيع لا ينعقد بها، وقد مال صاحب الإحياء إلى جواز البيع في الأشياء اليسيرة بالمعاطاة لأن الإيجاب والقبول يشق في مثلها عادة
(3) الحنفية - قالوا:
الإيجاب هو ما صدر أولاً من أحد المتعاقدين، سواء كان بائعا كأن يقول: بعتك كذا، أو مشترياً كأن يقول:
اشتريت منك كذا بألف فيقول:
بعتك إياه، والقول هو ما صدر ثانياً
(4) الحنفية - قالوا: ينعقد البيع والشراء بكل لفظين يدلان على معنى التمليك والتملك، كبعت، واشتريت، وأعطيت، وبذلت، وأخذت، ورضيت لك هذا الشيء بكذا، وأجزت ونحو ذلك، وينعقد بلفظ السلم والهبة والعوض كما إذا قال:
أسلمت لك هذا بكذا ووهبته منك بكذا، أو قال:
عوضت فرسي بفرسك، فأجابه بقوله:
وأنا أيضاً، ثم إن كان الفعل ماضياً كبعتك هذا الشيء بكذا، أو كان مضارعاً لا يحتمل الحال والاستقبال كقوله: أبيعك الآن، فإن البيع ينعقد بهما بدون حاجة إلى نية، وبعضهم يقول:
إن النية لازمة في كل حال، سواء كان الفعل ماضياً أو مستقبلاً.
أما إن كان مضارعاً يحتمل الحال والاستقبال، أو كان متحمضاً للاستقبال بأن اقترن بالسين أو سوف كقوله: سأبيعك أو سوف أبيع فإنه لا ينعقد البيع إلا بنية الإيجاب في الحال بلا خلاف سواء كان الإيجاب والقبول كذلك، أو كان أحدهما ماضياً والآخر مستقبلاً، فإذا قال البائع:
أبيعك هذا الثوب بكذا، وقال المشتري: أشتريه، فإن البيع لا ينعقد إلا إذا كان كل منهما ناوياً للإيجاب في الحال، وكذا إذا قال أحدهما: أبيع أو سوف أبيع، وقال الآخر:
اشتريت، فإن كان الفعل أمراً كما إذا قال:
بعني الثوب ونوى الإيجاب في الحال فلا ينعقد البيع إلا إذا قال له البائع:
بعت ورد عليه المشتري بقوله:
اشتريت فلا بد في نفاذ البيع بالأمر من ثلاثة ألفاظ لأن اللفظ الأول وهو بعني ملغى، لأن البيع لا ينعقد بالأمر أصلاً إلا إذا دل على الحال كقول البائع:
خذ مني هذا الثوب بكذا، فيقول المشتري:
أخذته، فإن البيع ينعقد بذلكن لأن خذ في معنى بعتك هذا الشيء فخذه، ولا ينعقد البيع إذا اقترن بالفعل استفهام ونحوه كقوله: هل تببعني، أو ليتك تببعني ونحو ذلك، ولكل واحد من البائع والمشتري حق الرجوع قبل قبول الآخر ما داما في المجلس، فإذا قال البائع: بعتك كذا ولم يجبه الآخر بالقبول فإن له أن يرجع، وكذا إذا قال له: اشتريت منك السلعة بكذا ولم يقل له:
بعتك فإن له أن يرجع، وهذا يسمى خيار القبول في المجلس.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.32%)]