الموضوع: الجار الطيب
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-09-2020, 03:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,706
الدولة : Egypt
افتراضي الجار الطيب

الجار الطيب


أسامة طبش








من أروع الأشياء التي قد تكتسي أخلاقَ الإنسان: حبُّ الخير لغيره من الناس، فما بالك إذا كان هذا الغير هو جارًا لك، يُجاوِر بيتك وحائطه يُلاصِق حائطك، يحاول إسداء الخير إليك دون مقابل، يراعي جيرتَه لك في كل قول أو فِعلٍ يصدر عنه.




كان يعلم ذلك يقينًا في نفسه، لا يدَّخِر فرصة لإلقاء السلام على جيرانه وتحيَّته لهم، وكأنه يُقدِّم عربونًا لمحبَّته وتقديره لمكانتهم، لمسوا فيه تلك الأخلاق السَّمحة، فحَبَّبت إليه القلوب وجعلته محطَّ كل الأنظار.




أسدى لي يومًا خدمة شعرت بالامتنان له، قلت له: بارَك الله فيك أيها الجار، ردَّ عليَّ بابتسامته الجميلة المضيئة: هذا واجبي! اندهشتُ من رِدَّة فِعله تلك، ترك في نفسي أثرًا إيجابيًّا قلَّ نظيره، قد حرَّك في نفسي أشياء كثيرة جميلة.



ينوي أن يكون كل عملٍ يقوم به لوجه ربه - سبحانه وتعالى - يؤمن بأنه من الواجب التعاون في المعروف، هو كالشمعة المضيئة التي انتشر وَهجها في الحي كله، جَسَّد ما أوصانا به رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فكان مبادئ ديننا التي تَمثَّلت فيه.



لم يتكلَّف ولم يتصنَّع يومًا، بل بالعكس يتصرَّف على أرْيحيته الطبيعية، بساطته انبثقت عنها جميع معاني النيَّة الصافية وحب الخير، قطعًا هو السَّبب الحقيقي لصدْقه، دائمًا ما يشير إلى بيته وكأنه يؤكِّد علاقة الجيرة التي تربِطه بجيرانه.



ما أجملَ أن يعيش الإنسان في كَنفِ أخلاقه النبيلة، قلَّت بيننا اليوم للأسف الشديد، أراد هو أن يحييها، أن يمنحها بعضًا من دماء الحياة؛ كي لا تندثِر وتختفي للأبد، كان عنوانًا لكل شيء جميل أراد أن يُبرِزه.



عمله بسيط جدًّا، يحيا به في سعادة غامرة، دؤوب نشيط في يومه، يربِّي بعضًا من الماعز في بيته، يرطِّب كبدها ويُطعِمها محتسبًا ذلك، هي حياته التي اختارها، وهو سعيد وفَرِح بها؛ لأنه مُقتنِع وراضٍ بقسمته.




سماحة الوجه ودماثة الخُلُق من أقرب الصفات المحبَّبة إلى النَّفْس البشرية، تؤلِّف القلوب وتمنحها الطمأنينة والأمل في الغد المُشرِق، حُسْن الجوار أروع ما يُقدِّمه الإنسان لأخيه الإنسان، ما أحوجنا إليها اليوم! علينا أن نُعيد جذوتَها ولا نضيعها.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.86 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.59%)]