عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-09-2020, 01:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي بين رد فعل موسى والسحرة

بين رد فعل موسى والسحرة
محمد علي يوسف


ونلاحظ فارقاً ظاهراً بين رد فعل السحرة على وعيد فرعون، ورد فعل موسى - عليه السلام - حين التقى الجمعان، وقال أصحابه: (إنا لمدركون)، فمع اعتبار فارق مقام النبوة إلا أن موسى - عليه السلام - كان لديه وعد قطعي محدد فيه جزم بأن الله - تعالى - معه هو تحديداً (إنني معكما أسمع وأرى)، وأنه لا محالة غالب عدوه (بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون)، لذلك كان رد فعله يقيناً قاطعاً في وعد محدد له هو بعينه وفي حياته.
هنا قال للمشككين والمهتزين والمرجفين بجزم قاطع: (كلا إن معي ربي سيهدين)
قضية منتهية لا يوجد لديه ذرة شك فيها.
أما السحرة فلم يكن لديهم مثل ذلك الوعد القطعى المحدد لأعيانهم، والذي يقطع لهم من الله بالنجاة الدنيوية من قبضة الطاغية، لكن مع ذلك كان رد فعلهم الصدع بالحق، والثبات عليه (لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا) جنباً إلى جنب مع التسليم الكامل لقضاء الله في عزة، واستعلاء على الباطل بلا أدنى ذلة، أو استكانة، أو وهن (فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا).
بل تراهم ثبتوا وأقدموا، وأمَّلوا خيراً عند من هم إليه راجعون معلنين: (لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون)، ثم أعلنوا الرغبة فيما عند الله، والاستبشار بجزائه الذي هو خير وأبقى (إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى).
الخلاصة أنهم لم يجزموا بنجاتهم في الدنيا؛ لكنهم التزموا حدودهم البشرية، ولم يتألوا على رب البرية بأن ينسبوا إلى أنفسهم ما لم ينسب لها، أو يخصوها بخصوصية زائدة، أو يقيدوا وعداً أطلقه الله - سبحانه -.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.24%)]