وقد استشكل بأن جماعة من العُبّاد والصلحاء دعوا وبالغوا ولم يُجابوا، والجواب: أن الإجابة تتنوّع؛ فتارةً يقع المطلوب بعينه على الفور، وتارة يقع ولكن يتأخّر لحكمةٍ فيه، وتارةً قد تقع الإجابة ولكن بغير عين المطلوب؛ حيث لا يكون في المطلوب مصلحةٌ ناجزة وفي الواقع مصلحة ناجزة أو أصلح منها.
وفي الحديث عِظَمُ قدْر الصلاة؛ فإنّه ينشأ عنها محبّة الله للعبد الذي يتقرّب بها، وذلك لأنها محلُّ المناجاة والقربة، ولا واسطة فيها بين العبد وربِّه، ولا شيء أقرّ لعين العبد منها؛ ولهذا جاء في حديث أنس المرفوع "وجعلت قرة عيني في الصلاة"[29]، ومن كانت قرة عينه في شيء فإنه يَوَدُّ أن لا يفارقَه ولا يخرج منه؛ لأن فيه نعيمَه، وبه تطيب حياتُه، وإنما يحصلُ ذلك للعابد بالمصابرة على النَّصَب، فإن السالكَ غرضُ الآفات والفتور.
وفي حديث حذيفةَ من الزيادة "ويكون من أوليائي وأصفيائي، ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء في الجنة"[30].
قال الطوفي: هذا الحديث أصل في السلوك إلى الله والوصول إلى معرفته ومحبته وطريقه؛ إذ المفترضات الباطنة وهي الإيمان، والظاهرة وهي الإسلام، والمركَّب منهما وهو الإحسان فيهما، كما تضمنَّه حديثُ جبريل، والإحسان يتضمَّن مقامات السالكين من الزهد والإخلاص والمراقبة وغيرها.
وفي الحديث أيضًا أن من أتى بما وجب عليه وتقرَّب بالنوافل لم يُرَدّ دعاؤه لوجود هذا الوعد الصادق المؤكّد بالقسم، وقد تقدم الجواب عمّا يتخلف من ذلك.
وفيه أن العبدَ، ولو بلغ أعلى الدرجات حتى يكون محبوبًا لله، لا ينقطعُ عن الطلب من الله؛ لما فيه من الخضوع له وإظهار العبودية[31].
جـ- أن يراعِيَ الله تعالى ما يسوءُ عبدَه المحبوب: قال الحافظ: قوله "وما تردَّدت عن شيء أنا فاعلُه تردُّدي عن نفس المؤمن"[32]، وفي حديث عائشة "تردُّدي عن موته"[33]، ووقع في "الحلية" في ترجمة وهب بن منبّه: إني لأجد في كتب الأنبياء أن الله تعالى يقول "ما ترددت عن شيء قط ترددي عن قبض روح المؤمن" الخ. قال الخطابي: التردُّد في حق الله غير جائز، والبداء عليه في الأمور غير سائغ؛ ولكن له تأويلان.. أحدهما: أن العبد قد يشرف على الهلاك في أيّام عمره من داء يصيبه وفاقةٍ تنـزل به، فيدعو الله فيشفيه منها ويدفع عنه مكروهها، فيكون ذلك من فعله كتردُّدِ من يريد أمرًا ثم يبدو له فيه فيتركه ويُعرْض عنه، ولابد له من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله؛ لأن الله قد كتب الفناء على خلقه[34].
فساد استدلال المتصوّفة بهذا الحديث على مذهبهم:
قال الحافظ: والاتحاديّة[35] زعموا أنه على حقيقتِه، وأن الحقّ[36] عين العبد، واحتجّوا بمجيء جبريل في صورة دحية، قالوا: فهو روحاني خلع صورته وظهر بمظهر البشر، قالوا: فالله أقدر على أن يظهر في صورة الوجود الكلّي أو بعضِه، تعالى الله عما يقول الظالمون عُلُوًّا كبيرا[37].
قال: وحمله بعض متأخّري الصوفية على ما يذكرونه من مقام الفناء والمحو، وأنه الغاية التي لا شيءَ وراءها، وهو أن يكون قائمًا بإقامة الله له، محبًّا بمحبَّته له، ناظرًا بنظره له، من غير أن تبقى معه بقيّة تناط باسم أو تقف على رسم أو تتعلق بأمر أو توصف بوصف.. وحمله بعض أهل الزيْغ على ما يدَّعونه من أن العبد إذا لازم العبادة الظاهرة والباطنة حتى يُصَفَّى من الكدورات أنه يصير في معنى الحق، تعالى الله عن ذلك، وأنه يفنى عن نفسه جملةً حتى يشهد أن الله هو الذاكر لنفسه الموحّدُ لنفسه المحبُّ لنفسه، وأن هذه الأسباب والرسوم تصير عدمًا صرفا في شهوده، وإن لم تعدم في الخارج.
وعلى الأوجه كلّها فلا مُتَمَسَّك فيه للاتحادية ولا القائلين بالوحدة المطلقة؛ لقوله في بقيِّة الحديث "ولئن سألني ولئن استعاذني"؛ فإنه كالصريح في الرد عليهم[38].
وفي حديث حذيفةَ من الزيادة "ويكون من أوليائي وأصفيائي، ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء في الجنة"[39]، وقد تمسك بهذا الحديث بعض الجهلة من أهل التَّجَلِّي والرياضة؛ فقالوا: القلب إذا كان محفوظًا مع الله كانت خواطره معصومةً من الخطأ، وتعقَّب ذلك أهلُ التحقيق من أهل الطريق فقالوا: لا يُلتفت إلى شيءٍ من ذلك إلا إذا وافق الكتاب والسنة، والعصمةُ إنما هي للأنبياء، ومن عداهم فقد يخطئ؛ فقد كان عمر -رضى الله عنه- رأسَ الملهمين، ومع ذلك فكان ربما رأى الرأيَ فيخبره بعض الصحابة بخلافه فيرجِع إليه ويترك رأيَه، فمن ظنّ أنه يُكتَفَى بما يقع في خاطره عما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام- فقد ارتكب أعظمَ الخطأ، وأمّا من بالغ منهم فقال: حدثني قلبي عن ربِّي، فإنه أشدُّ خطأً، فإنه لا يأمن أن يكون قلبُه إنما حدّثه عن الشيطان، والله المستعان[40].
ثالثًا: إتيان العزائم في مواطنها والرخص في مواطنها:
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يُحِبَّ أن تُؤتى رخصُه كما يَكْرَهُ أن تُؤتى معصيتُه"[41]. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يحبُّ أن تؤتى رخصُه كما يحب أن تؤتى عزائمه"[42].
والعزيمة -في اللغة-: القصدُ على وجهِ التأكيد، ومنه قوله تعالى: ﴿فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾ [طه: 115]؛ أيْ لم يكُن من آدم - عز وجل - قصدٌ مؤكَّدٌ على عصيان أمر ربه. وفي اصطلاح الأصوليِّين: اسمٌ لما طلبه الشارع أو أباحَه على وجه العموم[43].
والرُّخَص جمع رُخصة، وهي تسهيل الحُكم على المكلَّف لعذرٍ حصَل، وقِيل غيرُ ذلك، لما فيه من دفع التكبُّر والترفُّع من استباحة ما أباحته الشريعة، ومن أنِفَ ما أباحه الشرع وترفَّع عنه فسد دينه؛ فأُمِر بفعل الرخصة ليدفع عن نفسه تكبّرها ويقتل بذلك كبرها ويقهر النفس الأمارة بالسوء على قبول ما جاء به الشرع.
ومفهوم محبَّته تعالى لإتيان الرخص أنه يكرَه تركَه، فأكَّد قبول رخصته تأكيدًا يكاد يلحق بالوجوب بقوله "كما يكرَه أن تُؤتى معصيتُه".
وقال الغزالي -رحمه الله تعالى-: هذا قاله تطيِّيبًا لقلوب الضعفاء حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأس والقنوط فيتركوا الميسور من الخير عليهم لعجزهم عن منتهى الدرجات، فما أُرسِل إلا رحمة للعالمين كلِّهم على اختلاف درجاتهم وأصنافهم. ا ه. قال ابن حجر -رحمه الله تعالى-: وفيه دلالة على أن القَصر للمسافر أفضل من الإتمام[44].
أنواع الرُّخَص وحكم كل نوع:
والرخص -عند الفقهاء- أنواعٌ، ولكل نوعٍ حُكْمُه، على النحو التالي:
1- إباحة المحرّم عند الضرورة؛ كنطق كلمة الكفر عند الإكراه وخوف القتل.. قال تعالى: ﴿ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106]، وأكلِ الميتة وشُربِ الخمر إذا خِيف الهلاك؛ لأن حفظ الحياة ضروريٌّ، وإتلافِ مالِ الغير إذا خيف تلفُ النفس أو عُضوٍ منها.
2- إباحةُ تركِ الواجب؛ مثل الفطر في رمضان للمسافر والمريض دفعًا للمشقة، وترك أمر الحاكم بالمعروف ونهيِه عن المنكر إذا كان طاغيةً يقتُلُ من يأمره وينهاه.
3- تصحيح بعض العقود الفاسدة التي لا غنى للناس عنها؛ كبيْع السَّلَم مع أنه بيعُ معدومٍ، وعقدِ الاستصناع.
وحكمُ الرخصة عمومًا الإباحة؛ حيث تنقل الحكمَ الأصليّ من اللزوم إلى التخيير بين الفعل والترك؛ مثل الصيام والفطر للمريض والمسافر، كما قد تكون الرخصةُ واجبةً من دون العزيمة كما في أكل الميتة لمن خاف الموت جُوعًا لقوله تعالى: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾ [النساء: 29]، وقد تكون العزيمةُ أولى إلاّ أن الرخصة مباحةٌ كالتلفُّظ بكلمة الكفر عند الإكراه الذي يُخشى معه الهلاك[45].
وقد قسم الشافعيّة الرخص هذه الأقسام: ما يجبُ فعلُها كأكل الميتة للمضطر والفطر لمن خاف الهلاك بعطشٍ أو جوع، وما يُندَب كالقصر في السفر، وما يُباح كالسَّلَم، وما الأَوْلى تركُه كالجمع والتيمُّم لقادرٍ وجد الماء بأكثر من ثمنِ مثلِه، وما يُكره فعله كالقصر في أقلّ من ثلاث؛ فالحديث منـزَّل على الأولين[46].
رابعًا: ترك المعاصي:
في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- السابق قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يحبُّ أن تؤتى رخصُه كما يَكره أن تُؤتى معصيته"[47].
قال المناوي: فأكّد قبول رخصته تأكيدًا يكاد يلحق بالوجوب بقوله "كما يَكره أن تُؤتى معصيته"، وقال الغزالي -رحمه الله تعالى-: هذا قاله تطييبا لقلوب الضعفاء حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأس والقنوط، فيتركوا الميسور من الخير عليهم لعجزهم عن منتهى الدرجات، فما أُرسِل إلا رحمةً للعالمين كلِّهم على اختلاف درجاتهم وأصنافهم، ا ه[48].
وكان مكان هذا في الباب الأول حيث الحديث في كره الله تعالى إتيان المعصية، فهو من موانع محبة الله العبد العاصي؛ لكن ما حملنا على المجيء به هنا مناسبتُه لهذا السبب وتداخل الأحاديث بينهما.
خلاصة هذا السبب:
1- أداء الفرائض التي افترضها الله تعالى على عباده باتباعٍ وإخلاص، وما يبدو على مؤدي الفرائض من آثارها؛ كأثر السجود في الوجه، وأثر الصوم على البدن، والنفقة على المال، والله أعلم.
2- التقرُّب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض، وتحرّي ما فعله النبيُّ فإنه - صلى الله عليه وسلم - أفضل من تطوَّع.
3- الأخذ بالعزائم في مواطنِها؛ فإنّه من تقوى الله - عز وجل - ، والأخذ بالرُّخَص في مواطنها؛ فإنَّه من قبول إحسان المنعِم علينا.
4- ترك المعاصي ما استطيع ذلك.
[1] [صحيح بشواهده] أخرجه أبو يعلى في "مسنده" [7/349 ح4386]، والطبراني في "الأوسط" [1/275 ح897] كلاهما من طريق: مصعب قال: حدثنا بشر بن السري عن مصعب بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، مرفوعا به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام إلا مصعب تفرد به بشر".• قال الهيثمي -في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" [2/86]-: "رواه أبو يعلى، وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان وضعفه جماعة". قال المناوي -في "فيض القدير" [ج2 ص287]-: "فيه بشر بن السري تكلم فيه من قبل تجهمه". وتعقبه الألباني في الصحيحة وصحح الحديث بشواهده [ح1113]. وانظر "كشف الخفاء" للعجلوني [ح285].
[2] انظر: "فيض القدير" [ج2 ص 286-287] باختصار وتصرف.
[3] انظر: "البحر الرائق" [ص14]. [قلت]: قوله: "فقد كفَر ما علّمه الله"؛ أي كفر النعمة التي هي علمُه بالصنعة، وهو كفر أصغر غير مخرِجٍ من الملّة؛ لكنه عملٌ غير محبوبٍ لله تعالى.
[4] [إسناده جيد] أخرجه النسائي في الجهاد [ح3140] من حديث أبي أمامة الباهلي - رضى الله عنه -. قال ابن رجب -في "جامع العلوم والحكم" [16]: "إسناده جيد". وقال المنذري -في "الترغيب والترهيب"-: "رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد"، كذا عزاه لأبي داود.
[5] [حسن] أخرجه الترمذي في العلم [ح2658]، وابن ماجه في المقدمة [ح230] مختصرًا، والدارمي [1/86]، وأحمد [4/82] من طريق: عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، يحدث عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، فذكره.
[6] انظر: "البحر الرائق" [ص14-17].
[7] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في بدء الوحي [ح1]، ومسلم في الإمارة [ح1907] من حديث عمر بن الخطاب - رضى الله عنه -، وقد تقدم تخريجه.• قال ابن حجر -رحمه الله تعالى-: وقد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر هذا الحديث، قال أبو عبد الله: ليس في أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم- شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث. وقال ابن مهدي والشافعي: إنه ثلث العلم، وقال الشافعي كذلك: يدخل في سبعين بابا، وانظر: "البحر الرائق" [ص17 هامش1].
[8] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في الرقاق [ح6493] واللفظ له، ومسلم في الإيمان [ح112] من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه.
[9] [متفَقٌ عليه] أخرجه البخاري في المغازي [ح4423] من حديث أنس - رضى الله عنه -، وأخرجه مسلم في الإمارة [ح1911] من حديث جابر رضي الله عنه.
[10] انظر: "البحر الرائق" [ص17-20].
[11] أخرجه البخاري في الرقاق [ح6502] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[12] انظر: "فتح الباري" [ج11 ص342-343] مختصرا. [قلت]: وكلاهما.. أداء الفرائض والتقرّب بالنوافل من أسباب المحبة الإلهية، وليس التقرب بالنوافل فحسب، هذا مفهوم الحديث، وإقصار المحبة على التقرب بالنوافل وهمٌ؛ لقوله: "وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضْتُ عليه"، وسوف يجيب ابن حجر عن ذلك فيما بعد.
[13] [حسن] سبق تخريجه.
[14] انظر: "فيض القدير" [ج5 ص365].
[15] [صحيح] جزء من الحديث السابق.
[16] يعني من الانشغال بالخلق عن الخالق، لا البعد عن خدمتهم والإحسان إليهم؛ فإن الأخير من واجبات المسلم.
[17] [منكر] قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" [ص359]: "خرج الطبراني وغيره من رواية عثمان بن أبي عاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: يقول الله تعالى "من أهان لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة، ابن آدم إنك لن تدرك ما عندي إلا بأداء ما افترضت عليك، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه؛ فأكون قلبه الذي يعقل به ولسانه الذي ينطق به وبصره الذي يبصر به، فإذا دعاني أجبته، وإذا سألني أعطيته، وإذا استنصرني نصرته، وأحب عبادة عبدي إلى النصيحة"، وعثمان وعلي بن زيد ضعيفان، قال أبو حاتم الرازي في هذا الحديث: "هو منكر جدا".
[18] كذا عزاه الحافظ ابن حجر لمسلم، ولم أعثر عليه فيه، ولكن أخرجه الترمذي في الصلاة [ح413] من طريق: قتادة عن الحسن عن حريث بن قبيصة عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته؛ فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب - عز وجل -: انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك". قال أبو عيسى: "حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي هريرة، وقد روى بعض أصحاب الحسن: عن الحسن عن قبيصة بن حريث غير هذا الحديث، والمشهور هو قبيصة بن حريث، وروي عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا".
[19] انظر: "فتح الباري" [ج11 ص343].
[20] [منكر] تقدم تخريجه قريبا، وانظر: المصدر السابق [ج11 ص345].
[21] [صحيح] سبق تخريجه.
[22] [تنبيه هام]: لا يؤخذ من هذا تشبيه أو تمثيل أو حلول أو تأويل، ولكن كما قال الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- في "فتاويه" [1/66]: [حديث: "كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به" يفسره قوله في الرواية الأخرى: "فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي"، ولا يظن من له أدنى بصيرة ممن يعرف اللغة العربية أن المراد بذلك أن الله سبحانه هو سمع الإنسان وبصره وهو يده ورجله".
[23] قال الألباني -رحمه الله تعالى- في "السلسلة الصحيحة" [2/384 ح1640]: "أورد شيخ الإسلام ابن تيمية الحديث في عدة أماكن من "مجموع الفتاوي" [5/511 و10/58 و11/75-76 و17/133-134] من رواية البخاري بزيادة "فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش وبي يمشي"، ولم أر هذه الزيادة عند البخاري ولا عند غيره ممن ذكرنا من المخرّجين، وقد ذكرها الحافظ في أثناء شرحه للحديث نقلا عن الطوفي ولم يعزها لأحد". ا. ه.
[24] أخرجه البيهقي في الزهد الكبير [2/270 ح700] أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سئل أبو عثمان يعني الحيري فذكر قوله.
[25] انظر: "فتح الباري" [ج11 ص344].
[26] انظر: المصدر السابق، نفس الجزء والصفحة.
[27] يعني بالباء الموحدة؛ أي استعاذ بي.
[28] لم أقف علي الحديث من طريق أنس - رضى الله عنه -، وانظر: "فتح الباري" [ج11 ص345].
[29] [إسناده صحيح] أخرجه النسائي في عشرة النساء [ح3939] من حديث أنس - رضى الله عنه -, قال الحافظ في "الفتح": "أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح".
[30] [إسناده جيد] أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [6/116] من حديث حذيفة - رضى الله عنه - مرفوعًا، ولفظه: "يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: إن الله تعالى أوحى إليّ يا أخا المرسلين، ويا أخا المنذرين، أنذر قومك أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي ولأحد عندهم مظلمة، فإني ألعنه ما دام قائما بين يدي يصلي حتى يرد تلك الظلامة إلى أهلها، فأكون سمعه الذي يسمع به، وأكون بصره الذي يبصر به، ويكون من أوليائي وأصفيائي، ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء في الجنة"، قال أبو نعيم: "غريب من حديث الأوزاعي عن عبدة، ورواه علي بن معبد عن إسحاق بن أبي يحيى العكي عن الأوزاعي مثله". وعزاه ابن رجب في "جامع العلوم" [ص360] للطبراني، ثم قال: "سنده جيد".
[31] انظر: "فتح الباري" [ج11 ص344].
[32] هو جزء من حديث أبي هريرة في الوليّ، السابق تخريجه.
[33] [ضعيف] أخرجه الطبراني في "الأوسط" [9/139 ح9352] حدثنا هارون بن كامل، نا سعيد بن أبي مريم، ثنا إبراهيم بن سويد المدني، حدثني أبو حزرة يعقوب بن مجاهد، أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال: "لم يرو هذا الحديث عن أبي حزرة إلا إبراهيم بن سويد، ولا رواه عن عروة إلا أبو حزرة وعبد الواحد بن ميمون".
• قال الهيثمي - في "مجمع الزوائد" [2/247] -: "رواه أحمد وفيه عبد الواحد بن قيس بن عروة وثقه أبو زرعة والعجلي وابن معين في إحدى الروايتين وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. ورواه الطبراني في "الأوسط" بنحوه ورجاله رجال الصحيح خلا شيخه هارون بن كامل، رواه البزار بنحوه".
• وقال ابن رجب -في "جامع العلوم والحكم" [359]-: "روي هذا الحديث من وجوه أخر لا تخلو كلها عن مقال... خرجه ابن أبي الدنيا وغيره، وخرجه الإمام أحمد بمعناه. وذكر ابن عدي أنه تفرد به عبد الواحد هذا عن عروة، وعبد الواحد هذا قال فيه البخاري: منكر الحديث، ولكن خرجه الطبراني: حدثنا هارون بن كامل، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا إبراهيم بن سويد المدني، حدثني أبو حزرة يعقوب بن مجاهد، أخبرني عروة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، فذكره. وهذا إسناده جيد، ورجاله كلهم ثقات مخرج لهم في "الصحيح" سوى شيخ الطبراني، فإنه لا يحضرني الآن معرفة حاله، ولعل الراوي قال: حدثنا أبو حمزة، يعني: عبد الواحد بن ميمون، فخيل للسامع أنه قال: أبو حزرة، ثم سماه من عنده بناء على وهمه، والله أعلم.
[34] سبق الكلام على صفة التردد في أول الكتاب فراجعها، وانظر: "فتح الباري" [ج11 ص345].
[35] هم الذين يقولون بالحلول والاتحاد، وهم فريقٌ من الصوفية، وقال بمقولتهم فرق أخرى إسلامية وغير إسلامية.
[36] يعنون بالحق اسم الله تعالى.. يعنون أن الله - تعالى عن قولِهم عُلُوًّا كبيرا - هو العبد لأنهما متحدان.
[37] انظر: "فتح الباري" [ج11 ص344].
[38] انظر: نفس المصدر [ج11 ص344-345].
[39] سبق تخريجه قريبًا.
[40] انظر: "فتح الباري" [ج11 ص345].
[41] [إسناده حسن] أخرجه أحمد في "المسند" [2/108]، وابن حبان في "صحيحه" [6/451 ح2742]، البيهقي في "الشعب" [3/403 ح3890]، والشهاب في "مسنده" [2/151 ح1078]، والخطيب في "تاريخ بغداد" [10/347] جميعًا من طريق: عمارة بن غزية عن حرب بن قيس عن نافع عن ابن عمر. قال الهيثمي -في "مجمع الزوائد" [3/162]-: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والبزار، والطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن". وصححه الألباني في "الإرواء" [ح564]. وكأن البيهقي غمزه بالوقف في السنن [3/140] لما قال: "هكذا رواه علي بن المديني وقتيبة وغيرهما عن عبد العزيز عن عمارة، وكأنه سمعه منهما جميعا، وعن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس من قولهم، إلا أنهم قالوا: كما يحب أن تؤتى عزائمه".
[42] [إسناده حسن] أخرجه الطبراني في "الكبير" [11/323 ح11880]، وابن حبان في "صحيحه" [2/69 ح354]، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" [6/276] من طريق: الحسين بن محمد الذارع قال حدثنا أبو محصن حصين بن نمير قال حدثنا هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس. قال الهيثمي -في "مجمع الزوائد" [3/162]-: "رواه الطبراني في "الكبير" والبزار، ورجال البزار ثقات، وكذلك رجال الطبراني". قال المنذري -في "الترغيب والترهيب" ج[2/88]-: "رواه البزار بإسناد حسن، والطبراني، وابن حبان في صحيحه".
[43] انظر: "الوجيز في أصول الفقه" لعبد الكريم زيدان [ص 50] بتصرف.
[44] انظر: "فيض القدير" [ج2 ص296-297].
[45] راجع: "الوجيز في أصول الفقه" [ص51-54].
[46] هذا من تعليقات ماجد الحموي على "فيض القدير" [ج2 ص297] ط. المكتبة التجارية الكبرى - مصر 1356.
[47] [حسن] سبق تخريجه قريبا.
[48] انظر: "فيض القدير" [ج2 ص296].