عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28-08-2020, 03:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) تفسير سورة البقرة - (60) الحلقة (67)


تفسير سورة البقرة (30)



القلوب لحمة رطبة، لكنها إذا قست غدت أقسى من الحجر، فكم من عيون ماء نبعت، وأنهار جرت من بين ثنايا صخور صماء، أما القلوب القاسية -يا ويحها- لا تعرف معروفاً، ولا تنكر منكراً، جافة قاحلة، وهكذا كانت قلوب بني إسرائيل، قلوباً سوداء مظلمة، محرّفة لكلام الله وآياته، تنكر الضوء إذا داعبتها خيوطه، ولهذا كان الطمع في إيمانها بعيداً.

مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة البقرة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً بين يدي الساعة. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إن السورة ما زالت كعهدنا بها سورة البقرة، ومع الآيات المباركات التي ما زلنا نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها، سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها، والعمل بها، إنه قريب مجيب سميع الدعاء.قراءة تلك الآيات بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة:74-75] إلى آخر ما جاء في هذا السياق القرآني المبارك الكريم.معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات!قول ربنا جل ذكره: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:74] من المخاطب بهذا؟ إنهم بنو إسرائيل .. إنهم اليهود الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم بل وساكنوه في هذه المدينة.فهذه الآيات تكشف الغطاء، وتزيح الستار عن أمراض تلك الأمة وعللها، وأسقامها، وأوجاعها؛ إذ كما بلغنا وسمعنا، وفهمنا أن ابن أخ قتل عمه ليرثه، ثم أخذوا الجثة ووضعوها في حي قبيلة أخرى، ثم صاحوا: قتل شيخنا .. قتل أبونا، من قتله؟ هو في الحي الفلاني.فأوحى الله تبارك وتعالى إلى نبيه موسى عليه السلام أن يأمرهم بذبح بقرة، فإذا ذبحوها جاءوا بعظم منها كرجل أو لسان أو أي جزء، وضربوا القتيل به فإنه يحيا بإذن الله، وينطق، ويخبر عن قاتله.وقد أشرنا إلى أنهم كانوا يدفعون إلى هذا دفعاً، فلمَّا أخبرهم أن الله أمرهم أن يذبحوا بقرة قالوا تلك الكلمة البشعة التي هي كفر، وهي كونهم يقولون لرسول الله: أتسخر منا؟ أتستهزئ بنا؟ وقد عرفنا أن الاستهزاء والسخرية محرمان على المؤمنين، فلا يجوز أن يسخر مؤمن بمؤمن، ولا يستهزئ مؤمن بآخر، واقرءوا قول الله تعالى من سورة الحجرات المدنية لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ [الحجرات:11].ثم لما أمرهم ورد فريتهم وباطلهم، وعزموا على أن يذبحوا البقرة قالوا: ما لونها؟ ما هي؟ أخذوا يشددون على أنفسهم؛ ولعل هذا من أجل التهرب من القضية؛ وخشية أن يفتضح أمرهم بين الناس؛ لأن الذين طالبوا بالقتل هم الذين قتلوا عمهم أو أخاهم، فخافوا أن يفضحوا، فقالوا: ما هي؟ فقال: إنها كذا وكذا، لا فارض ولا بكر؛ عوان أي: نصف بين ذلك، ثم زادوا فقالوا: ادع لنا ربك ليبين لنا ما لونها: صفراء .. سوداء .. بيضاء؟ قال: إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ [البقرة:69]، وهكذا حتى ساقهم القدر إلى تلك العِجْلَة التي هي نتيجة دعوة الرجل المؤمن الصالح، ليرزق الله ولده بمال ما كان يحلم به، إذ ساوموه بالألف والألفين، ولم يبعهم إلا بملء مسكها ذهباً، واشتروها.وعرفنا أنهم قالوا: وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ [البقرة:70] فنفعهم الاستثناء، ولو لم يقولوا: إن شاء الله ما كانوا يصلون إلى نتيجة. وذبحوها وجاءوا بقطعة منها وضربوا الميت، فقام تشخب عروقه بالدماء كأنه الآن سقط، وهو يقول: قتلني فلان.

تفسير قوله تعالى: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة ...)

هذه الحادثة حادثة جُلَّى وعظيمة، فهذا ميت مضى عليه كذا يوم، ثم يحيا حياة كاملة، وينطق ويقول: قتلني فلان، ثم يموت مرة أخرى! حقيقة الذين شاهدوا هذه الواقعة لانت قلوبهم .. خجلوا .. رجعوا إلى الصواب .. عادوا إلى الحق، لكن ما هي إلا فترة، فما إن مات أولئك الذين شاهدوا الحادثة وإذ قلوب أبنائهم وأحفادهم تقسو، بدليل قوله تعال: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ [البقرة:74]، وهو يخاطب بني إسرائيل الأموات والأحياء؛ لأن الأحياء متشددون، متمسكون بعقيدة أسلافهم ونحلتهم وما هم عليه، فأصبحوا كأنهم مجتمعون والقرآن ينزل على الجميع، ويخاطب الحاضرين، والغائبين، والميتين. ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ في قساوتها كَالْحِجَارَةِ [البقرة:74] والقلب قطعة لحم، وقساوته ليست في تلك اللحمة، قساوته فيما يرتكب صاحبه، فالذي يذبح عمه أو أخاه هل في قلبه رقة أو لين؟ هذا أشد من الحجارة، والذي يشاهد هذه الآيات عياناً ثم يفسق ويفجر، بل ويكفر هل في قلبه لين أو رقة؟! قلبه كالحجر. ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ [البقرة:74] بل أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة:74] من الحجارة، و(أو) هنا بمعنى بل.ثم بين تعالى أن من الحجارة ما يتفجر منه الأنهار، صخور في الجبال تتفجر منها الأنهار وتتدفق، ومنها ما يخرج منه الماء ينابيع، وأما قلوب هؤلاء فلا رحمة، ولا عطف، ولا رقة، ولا.. ولا.. ولا.. العجب العجاب. ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ [البقرة:74] كم من عيون تفجرت من الصخور الجبلية، ومنها ما ينبع منه الماء الرقيق العذب القليل. وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [البقرة:74] وحادثة الجبل الذي ارتفع فوقهم كأنه ظلة، كيف ارتفع؟ ارتفع لأن الله أمره فأطاعه وخضع وذل لأمر الجبار فارتفع، وفوق ذلك لما سأل موسى ربه أن يريه وجهه الكريم فقال: رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ [الأعراف:143] فهذا الجبل تجلى له الرحمن عز وجل فصار دكاً، أي: ذاب ذوباناً، وأصبح هباءً.وعندنا جبل أحد لما علاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أبو بكر وعمر وعثمان ماد تحته واضطرب، فقال: ( اسكن أحد؛ ما عليك إلا نبي وصدِّيق وشهيدان ) الصديق هو أبو بكر ، والشهيدان هما عمر وعثمان ، وهل ماتا في ساحة القتال؟ أين مات عمر وعثمان ؟ في المدينة، عمر في المسجد وعثمان قريباً من المسجد، لكنهما شهيدان أو لا؟ فمن الشهادة ما تكون في ساحة القتال، وإن من سأل الله تعالى الشهادة بحق أعطيها ولو مات على فراشه.ثم قال تعالى: وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:74] هذا توبيخ .. تأديب .. تحريك لقلوبهم .. فكشف النقاب عن صنائعهم المدمرة؛ المخربة، ومؤامراتهم اليهودية المنتنة؛ إذ حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، ولكن الله أذلهم وأخزاهم، فقوله: وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:74] معناه حيثما تحركتم للكيد والمكر برسولنا والمؤمنين فنحن على علم بما تحدثونه وما ترتكبونه، إذاً فخافوا الله.وانتهت هذه القصة.

تفسير قوله تعالى: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم ...)

قال تعالى يخاطب رسوله والمؤمنين: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ [البقرة:75] الذي نعلمه، ويعلمه المسلمون أن الصحابة وخاصة المهاجرين مثل أبي بكر وعمر ومن إليهم كانوا يطمعون -حقيقة- في أن اليهود سيدخلون في الإسلام، بل كانوا يرجون رجاء أن اليهود سوف يدخلون في الإسلام، لم؟ لأنهم أهل كتاب يؤمنون بالله .. يؤمنون بلقائه .. يؤمنون بالوحي الإلهي .. يؤمنون بالتشريع الإلهي، فهم موحدون قبل كل شيء، وليسوا بمشركين، فما المانع أن يدخلوا في الإسلام جماعات؟!هذا الطمع كان بالفعل، ولو لم يكن كيف يخبر تعالى عن شيء ما كان؟! أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ [البقرة:75] أي: يتابعوكم على دينكم الإسلامي. وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة:75]. ولنعد إلى الوراء، فقد كانوا يسمعون كلام الله ويحرفونه، فلما رفع الجبل فوق رءوسهم وسجدوا تلك السجدة ما التزموا، وما إن رفع الجبل عنهم عادوا وحرفوا ما سمعوا، فهم يحرفون الكلام من بعد ما سمعوه، وهم يعلمون أنهم محرفون.وهذا تسجيل إلهي على اليهود، فإنهم أهل مكر، وأهل تحريف وتضليل، فصفات النبي صلى الله عليه وسلم ونعوته بين أيديهم، فيحرفون الصفة، ويحرفون صاحبها.ولما يحتج عليهم إخوانهم: أليس هذا هو النبي المنتظر؟ يقولون: لا، ما زال لم يأت، ليس هذا، ذاك أزرق العينين .. طويل القامة .. سبط الشعر، فيحرفون صفات الرسول لأولادهم ونسائهم ويقولون: هذا لم يأت، وما خرج بعد. ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة:75] أنهم محتالون يحرفون الكلم لأجل الحفاظ على حياتهم المادية الهابطة.وقد قررنا غير ما مرة أن تفكيرهم في إعادة مملكتهم التي كانت على عهد سليمان عليه السلام، وأنهم سادة أهل الأرض، وأنهم وأنهم ..، فهذا الذي جعلهم لا يمتزجون بأية أمة، وبقوا مستقلين إلى الآن استقلالاً بدنياً كاملاً.هكذا يقول تعالى لرسوله والمؤمنين، فيخفف عنهم ما في نفوسهم من تلك الرغبة التي كانت تدفعهم إلى أن يقول اليهود ما يقولون، قال لهم: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ [البقرة:75] بمعنى: يتابعوكم إلى أن يؤمنوا بكم، ويؤمنوا لكم أي: يتابعوكم على دينكم الإسلامي. وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ [البقرة:75] وما زال يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة:75].

تفسير قوله تعالى: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ...)

قال تعالى بعد ذلك: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا [البقرة:76] هؤلاء منافقوهم؛ إذ كان من اليهود بالمدينة منافقون أعلنوا عن إسلامهم، ويجلسون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلون معه وهم كافرون؛ فقط من أجل التغطية، والتدليس، والتعمية، وللحفاظ على وجودهم، وعلى أموالهم وديارهم.فكان بينهم منافقون، وتقدم في أول السورة بيان نفاقهم.هؤلاء وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا [البقرة:76]، نحن وإياكم على دين حق .. ملة إبراهيم .. التوحيد، وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ [البقرة:76] وجلسوا في سقائفهم .. في دورهم .. في مجالسهم أنكر بعضهم على بعض: أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [البقرة:76] لأنهم يقولون: والله إن هذا هو النبي، وهذه صفته .. هذه قامته .. هذا لونه .. هذا شعره .. هذا هو .. هذا هو، ويتلون عليهم صفات التوراة، فهذا يقولونه للمؤمنين لما يكونون بينهم وهم أقلية، فإذا خلوا في دورهم ومجالسهم يأخذون في اللوم والعتاب، ويقول بعضهم لبعض: أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [البقرة:76] من العلم والمعرفة، وتؤكدون صفات النبي، وأنه هو النبي المنتظر، لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:76].والمعروف في عقيدة اليهود أنهم يصفون الله عز وجل بصفات النقص، منها أنه يعطي ويندم .. منها أنه ينسى. فهي صفات لا تليق بجناب الله عز وجل، وهي من صفات المحدثين والخلق، فانظر كيف قالوا: لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ [البقرة:76] يوم القيامة، فيغلبوكم؛ لأنهم سيقولون: يا رب! هؤلاء أخبرونا أن الإسلام دين حق، وأن محمداً رسول الله، وهؤلاء أنكروا هذا ..فاليهود فيهم أيضاً سذاجة وبساطة تفكير؛ وهذا ناتج عن الجهل، فما هم بالعلماء كما سيأتي، بل هم أميون، فيتصورون هذا التصور، ويرون أنهم ليس من حقهم أن يخبروا المؤمنين بأن هذا الدين الحق، وأن هذا النبي المنتظر، فتقوم الحجة يوم القيامة عليهم، فيقولون: لا، اجحدوا. ظناً منهم أنهم إذا جحدوا وما تكلموا أن هذا يخفى على الله عز وجل، ويحاجهم المسلمون يوم القيامة ويغلبونهم. فهذه سذاجة، وهي موجودة إلى الآن، وهي نتيجة عن الجهل المركب.واسمع ماذا قالوا، وما أخبر تعالى عنهم، قال تعالى: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا أي: الصادقين المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالُوا آمَنَّا هذا هو الدين الحق .. هذا الذي كنا ننتظره، ونستفتح به على الأمم، وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ أي: في مجالسهم الخاصة قالوا: كيف تفعلون هذا؟ أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أي: بما علمكم الله، وأعطاكم من علم التوراة، فتخبروهم بتلك النعوت والصفات، فتزيدون في إيمانهم، وتقوية معتقدهم لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:76]؟ أين يُذهب بعقولكم؟هذا الكلام السري في خلواتهم، ولكن العليم الخبير أنزله قرآناً يقرأ، فيسمعه المسلمون واليهود وغيرهم؛ لأن الله علّام الغيوب.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.90%)]