الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثانى
[كتاب الحظر والاباحة]
صـــــ 39 الى صــــــــ50
الحلقة (84)
[أحكام التصوير]
ويتعلق بإجابة الدعوى إلى الوليمة مسألة التصوير، فهل تسقط الإجابة إذا علم المدعوأنها مشتملة على صورة أولا تسقط؟ والجواب أنها لا تسقط إلا إذا كانت الصورة محرمة لا يباح التفرج عليها شرعاً، أما إذا كانت جائزة لا تسقط بوجودها في محل الوليمة.وذلك لأن الصورة إما أن تكون صورة لغير حيوان كشمس وقمر وشجر ومسجد، أو تكون صورة حيوان عاقل أو غير عاقل والقسم الأول جائز لا كلام فيه. وأما القسم الثاني فإن فيه تفصيل المذاهب (1) ، على أن المحرم منه إنما حرم في نظر الشارع إذا كان لغرض فاسد كالتماثيل التي تصنع لتعبد من دون الله. فإن فاعل هذا له أسوأ الجزاء. وكذلك إذا ترتب عليها تشبه بالتماثيل أو تذكر لشهوات فاسدة، فإنها في هذه الحالة تكون كبيرة من الكبائر، فلا يحل عملها ولا بقاءها ولا التفرج عليها. أما إذا كانت لغرض صحيح كتعلم وتعليم فإنها تكون مباحة لا إثم فيها، ولهذا استثنى بعض المذاهب لعب البنات "العرائس" الصغيرة الدمى، فإن صنعها جائز، وكذلك بيعها وشراؤها. لأن الغرض من ذلك إنما هو تدريب البنات الصغار على تربية الأولاد، وهذا الغرض كافٍ في إباحتها. وكذلك إذا كانت الصورة مرسومة على ثوب مفروش أو بساط أو مخدة فإنها جائزة، لأنها في هذه الحالة تكون ممتهنة فتكون بعيدة الشبه بالأصنام، وبالجملة فإن غرض الشريعة الإسلامية إنما هو القضاء على الوثنية ومحوآثارها من جميع الجهات، فكل ما يدني منها أو يثير ذكراها فهومحرم، وما عدا ذلك فهوجائز يرشدك إلى ذلك ما ذكرناه لك في أسفل الصحيفة من تفاصيل المذاهب (2) .
[حكم الغناء]
مقدمة: ومما يتعلق بالوليمة الغناء "بكسر الغين والمد" والسماع. فهل تسقط إجابة الدعوى إلى الوليمة إذا كانت مشتملة على غناء ولعب مما جرت به عادة الناس؟ والجواب أن الإجابة لا تسقط إلا إذا كان الغناء أو اللعب غير مباح شرعاً، أما اللعب الخفيف والغناء المباح فإنهما لا يسقطان الإجابة.وذلك لأن أغراض الشريعة السمحة ومقاصدها في تشريعها تنحصر في تهذيب الأخلاق وتطهير النفوس من أدران الشهوات الفاسدة وأوزارها، فأي عمل من الأعمال يترتب عليه اقتراف منكر فهو حرام مهما كان في ذاته حسناً، فالتغني من حيث كونه ترديد الصوت بالألحان مباح لا شيء فيه، ولكن قد يعرض له ما يجعله حراماً أو مكروهاً ومثله اللعب، فيمتنع الغناء إذا ترتب عليه فتنة بامرأة لا تحل أو بغلام أمرد، كما يمتنع إذا ترتب عليه تهيج لشرب الخمر أو تضييع للوقت وانصراف عن أداء الواجبات، أما إذا لم يترتب عليه شيء من ذلك فإنه يكون مباحاً.فلا يحل التغني بالألفاظ التي تشتمل على وصف امرأة معينة باقية على قيد الحياة، لأن ذلك يهيج الشهوة إليها ويبعث على الافتنان بها، فإن كانت قد ماتت فإن وصفها لا يضر لليأس من لقائها ومثلها في ذلك الغلام الأمرد. ولا يحل التغني بالألفاظ الدالة على وصف الخمرة المرغبة فيها لأن ذلك يهيج إلى شرابها وحضور مجالسها، وذلك جريمة في نظر الشريعة. ولا يحل التغني بالألفاظ الدالة على هجاء الناس مسلمين كانوا أو ذميين، لأن ذلك محرم في نظر الدين فلا يحل التغني به ولا سماعه.أما التغني بالألفاظ المشتملة على الحكم والمواعظ، والمشتملة على وصف الأزهار والرياحين والخضر والألوان والماء ونحو ذلك، أو المشتملة على وصف جمال إنسان غير معين إذا لم يترتب عليه فتنة محرمة فإنه مباح لا ضرر فيه.وأما اللعب فإن المباح منه ما كان خالياً من التكلم بالفحش والكذب، وكشف العورة والاستهزاء بالناس، ورقص النساء بحضرة رجال لا يحلون لهن كما جرت عادة بعض السفهاء من إحضار المومسات ليرقصن في ولائمهم، فإن كان مشتملاً على شيء من ذلك كان محرماً لا يحل التفرج عليه ولا إجابة الدعوة للوليمة المشتملة عليه، هذا الذي ذكرناه لك هوما تقتضيه قواعد الدين، ويؤخذ من عبارات كثير من العلماء المفكرين الذين أولوا عبارات الأئمة بذلك التأويل، فلنذكر لك نصوصهم في أسفل الصحيفة (3) .
[[الشعر]]
[حكم إزالة الشعر وقص الأظافر]
في حكم إزالة الشعر وقص الأظافر تفصيل المذاهب (4)
[حكم صباغة الشعر]
في حكم صباغة الشعر تفصيل المذاهب (5) .
[مبحث المسابقة بالخيل وغيرها والرمي بالسهم ونحوه]
نهت الشريعة الإسلامية عن تعذيب الحيوان بغير الذبح للأكل، فلا يحل إرهاق الحيوان بالأحمال الثقيلة التي لا يطيقها، ولا يحل تعذيبه بدفعه إلى السير الزائد عن قدرته، ولكن يستثنى من هذه القاعدة إباحة المسابقة بين الخيل بعضها مع بعض، أو بينها وبين الجمال، أو بين الجمال بعضها مع بعض، لأن المسابقة عليها مران على الجهاد،
ولذا قال بعض الأئمة: إنها تكون فرضاً إذا كانت طريقاً للجهاد والدفاع عن البلاد كما هومفصل في المذاهب (6) .وكذلك نهت الشريعة نهياً شديداً عن الميسر "القمار" فُحرمته بجميع أنواعه، وسددت في وجه المسلمين سبله ونوافذه، وحذرتهم من الدنو من أي ناحية من نواحيه، ولكنها أباحت أخذ الجعل في المسابقة "الرهان" تغليباً لمنفعتها العامة التي تقتضيها الضرورة في كثير من الأحيان، ذلك لأن الشريعة الإسلامية الكريمة لا غرض لها من التشريع إلا جلب المصلحة ودرء المفسدة على الدوام، وإنما يصح عقد الجعل "الرهان" بشروط مفصلة في المذاهب (7) .
ولا تصح (8) المسابقة بجعل "رهان" في غير الخيل والجمال والرمي، أما بغير رهان فتصح كالسفن والجري على الأقدام وغير ذلك مما هو مفصل في المذاهب(9) .
ويحرم نطاح الكباش وصراع البقر ومهارشة الديكة "مضاربتها" ونحو ذلك مما فيه تعذيب للحيوان وضياع للوقت بدون فائدة تعود على الإنسان، ومن اتخذ ذلك وسيلة لكسب المال من ضعاف العقول، وفاسدي الأمزجة كان كسبه خبيثاً.وكل ما يحل فإن الفرجة عليه تحل، أما ما لا يحل فإنه يحرم مشاهدته والتفرج عليه.
(1) المالكية - قالوا: إنما يحرم التصوير بشروط أربعة:
أحدها: أن تكون الصورة لحيوان سواء كان عاقلاً أو غير عاقل، أما تصوير غير الحيوان كسفينة وجامع ومئذنة فإنه مباح مطلقاً.
ثانيها: أن تكون مجسدة سواء كانت مأخوذة من مادة تبقى كالخشب والحديد والعجين والسكر أولا كقشر البطيخ مثلاً فإنه إذا ترك يذبل ويجف ولا يبقى. وقال بعضهم: إذا صنعت من مادة لا تبقى فإنها تجوز، أما إذا لم تكن مجسدة كصورة الحيوان والإنسان التي ترسم على الورق والثياب والحيطان والسقف ونحو ذلك ففيها خلاف. فبعضهم يقول: إنها مباحة مطلقاً بلا تفصيل وبعضهم يقول: إنها مباحة إذا كانت على الثياب والبسط ونحوهما، وممتنعة إذا كانت على الجدران وبعضهم يرى إباحتها إذا كانت على الثياب التي تستعمل فرشاً، وامتناعها إذا كانت على غيرها وعلى كل حال فالأمر فيها سهل.
ثالثها: أن تكون كاملة الأعضاء الظاهرة التي لا يمكن أن يعيش الحيوان أو الإنسان بدونها فإن ثقبت بطنها أو رأسها أو نحو ذلك فإنها لا تحرم. رابعها: أن يكون لها ظل، فإن كانت مجسدة ولكن لا ظل لها بأن بنيت في الحائط ولم يظهر منها سوى شيء لا ظل له فإنها لا تحرم، ويستثنى من ذلك كله لعب البنات الصغار "العرائس" الصغيرة الدمى، فإنه يجوز تصويرها وبيعها ولو كانت مجسدة، لأن الغرض منها إنما هو تدريب البنات وتعليمهن تربية الأولاد، ومن هذا تعلم أن الغرض من التحريم إنما هو القضاء على ما يشبه الوثنية في جميع الأحوال
(2) الشافعية - قالوا: يجوز تصوير غير الحيوان كالأشجار والسفن والشمس والقمر، أما الحيوان فإنه لا يحل تصويره سواء كان عاقلاً أو غير عاقل ولكن إذا صوره أحد فلا يخلو إما أن يكون غير مجسد أو مجسد فإن كان غير مجسد فإنه يحل التفرج عليه إذا كان مصوراً على أرض أو بساط يداس عليه أو مصوراً على وسادة "مخدة" يتكأ عليها لما في ذلك من الإشعار بتعظيم الصور المقربة من الشبة بالوثنية. وإن كان مجسداً فإنه يحل التفرج عليه إذا كان على هيئة لا يعيش بها، كأن كان مقطوع الرأس أو الوسط أو ببطنه ثقب، ومن هذا يعلم جواز التفرج على خيال الظل "السينما" إذا لم يشتمل على محرم آخر لأنها صورة ناقصة. ويستثنى من ذلك لعب البنات فإنه يجوز تصويرها وشراؤها، وقيده بعضهم بما إذا كانت ناقصة.
الحنابلة - قالوا: يجوز تصوير غير الحيوان من أشجار ونحوها، أما تصوير الحيوان فإنه لا يحل سواء كان عاقلاً أو غير عاقل، إلا إذا كان موضوعاً على ثوب يفرش ويداس عليه، أو موضوعاً على مخدة يتكأ عليهأ، فإذا كان مجسداً ولكن أزيل منه ما لا تبقى معه الحياة كالرأس ونحوها فإنه مباح.
الحنفية - قالوا: تصوير غير الحيوان من شجر ونحوه جائز. أما تصوير الحيوان فإن كان على بساط أو وسادة أو ثوب مفروش أو ورق فإنه جائز لأن الصورة في هذه الحالة تكون ممتهنة، وكذلك يجوز إذا كانت الصورة ناقصة عضواً لا يمكن أن تعيش بدونه كالرأس ونحوها أما إذا كانت موضوعه في مكان محترم أو كانت كاملة الأعضاء فإنها لا تحل
(3) الشافعية - قالوا: قال الإمام الغزالي في الإحياء: النصوص تدل على إباحة الغناء والرقص والضرب بالدف واللعب بالدرق والحراب، والنظر إلى رقص الحبشة والزنوج في أوقات السرور قياساً على يوم العيد فإنه وقت سرور. وفي معناه العرس، والوليمة، والعقيقة، والختان، ويوم القدوم من السفر، وسائر أسباب الفرح، وهوكل ما يجوز به الفرح شرعاً، ويجوز الفرح بزيارة الإخوان ولقائهم واجتماعهم في موضع واحد على طعام أو كلام فهوأيضاً مظنة السماع انتهى. على أنه قسم الغناء إلى أقسام كثيرة فذكر منها ما يترتب عليه فتنة أو محظور ديني، أو كان بألفاظ مستهجنة في نظر الدين وقال: إن القسم وهو الحرام، فمراده بالرقص الحركات التي يفعلها الرجال الذين لا يتصور فيهم شهوة أمام مثلهم، أما رقص النساء أمام من لا يحل لهن فإنه حرام بالإجماع لما يترتب عليه من إثارة الشهوة والافتتنان وما فيه من التهتك والمجون، ومثلهن الغلمان المرد أمام من يشتهيهم ويفتن بهم، وقد استدل الاستاذ الغزالي على إباحة الرقص: برقص الحبشة والزنوج في المسجد النبوي يوم عيد حيث أقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأباح لزوجه السيدة عائشة رضي الله عنه أن تتفرج عليهم وهي مستترة به صلى الله عليه وسلم، وهوكما تعلم لا يثير أي شهوة، فالنوع المباح من الرقص هو الذي لا يثير شهوة فاسدة.
ونقل في الإحياء أيضاً أن الشافعي قال: لا أعلم أحداً من علماء الحجاز كره السماع إلا ما كان منه في الأوصاف، فأما الحداء وذكر الأطلال والمرابع وتحسين الصوت بألحان الأشعار فمباح. وقال إن الذي نقل عن الإمام الشافعي: من أن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل لا ينافي إباحته، لأنه إنما يريد القسم الممنوع منه، على أن مراده باللهو العبث، والعبث ليس بحرام إلا إذا ترتب عليه محظور شرعي، وكذلك ما يشبه الباطل، وقد أطال في الاستدلال على إباحة الغناء فارجع إليه إن شئت.
الحنفية - قالوا: التغني المحرم ما كان مشتملاً على ألفاظ لا تحل كوصف الغلمان، والمرأة المعينة التي على قيد الحياة، ووصف الخمر المهيج لها، ووصف الحانات، وهجاء المسلم أو الذمي إذا كان غرض المتكلم الهجاء، أما إذا كان غرضه الاستشهاد أو معرفة ما فيه من الفصاحة والبلاغة فإنه ليس بحرام، وكذا إذا اشتمل على وصف الزهريات المتضمنة وصف الرياحين والأزهار، أواشتمل على وصف المياه والجبال والسحاب ونحو ذلك فإنه لا وجه لمنعه، انتهى من شهادات فتح القدير.
فما نقل عن أبي حنيفة من أنه كان يكره الغناء ويجعل سماعه من الذنوب، فهومحمول على النوع المحرم منه، ويكره تحريماً عند الحنفية اللعب بالنرد والشطرنج وضرب الأوتار من الطنبور والرباب والقانون والمزمار والبوق ونحو ذلك كما يأتي في المسابقة.
المالكية - قالوا: إن آلات اللهو المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه خاصة كالدف "الطبل" والغربال "الطار" إذا لم تكن فيه صلاصل، والزمارة والبوق إذا لم يترتب عليهما لهوكثير؛ ويباح ذلك للرجال والنساء. وقال بعضهم: إنه يباح خاصة، وبعضهم يقول: إنه يجوز ذلك في العرص وعند العقد وفي كل سرور حادث فلايختص بوليمة النكاح. أما الغناء فإن الذي يجوز منه هو الرجز الذي يشبه ما جاء في غناء جواري الأنصار:
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
ولولا الحبة السمرا لم نحلل بواديكم
الحنابلة - قالوا: لا يحل شيء من العود والزمر والطبل والرباب ونحو ذلك كما لا يحل النرد والشطرنج ونحوهما، إذا اشتملت الوليمة على شيء منه فإنه لا يحل الإجابة إليها، أما الغناء فإن تحسين الصوت والترنم في ذاته مباح، بل قالوا: إنه مستحب عند تلاوة القرآن إذا لم يفض إلى تغيير حرف منه أو إلى زيادة لفظه، وإلا حرم. فالترنم وتحسين الصوت بعبارات الوعظ والحكم ونحوها كذلك. وقالوا: إن قراءة القرآن باللحان مكروهة، وإن السماع مكروه
(4) (الشافعية - قالوا: من السنن المطلوبة يوم الجمعة قص الشارب حتى تظهر حمرة الشفة، ومعنى ذلك أنه يبالغ في قصه إلى أن يخف شعره ويظهر ما تحته، ولكنه يكره استئصاله بالقص كما يكره حلقه جميعه، وإذا قص بعضه وحلق بعضه فإنه جائز، أما اللحية فإنه يكره حلقها والمبالغة في قصها، فإذا زادت على القبضة فإن الأمر فيه سهل خصوصاً إذا ترتب عليه تسوية للخفة أو تعريض به ونحو ذلك. ومن السنن المطلوبة يوم الجمعة نتف شعر الابطين، ويكره للقادر على النتف أن يحلقه، أما الذي يتألم من النتف فإنه لا يكره له الحلق. وكذلك من السنن المطلوبة يوم الجمعة حلق شعر العانة للرجل ونتفها للمرأة، ويتعين على المرأة إزالتها عند أمر الزوج لها. ويكره نتف شعر الأنف، بل يسن قصه إن طال، وأن يتركه لما فيه من المنفعة الصحية، أما شعر الرأس فإن حلقه مباح، ولا بأس بتركه لمن يتعهده بالنظافة، إلا إذا كان الغرض من تركه التشبه بفئة مخصوصة لِيُلَبّس على الناس، فإن تركه لا يجوز حينئذ.
ومن السنن المطلوبة يوم الجمعة قص الأظافير لغير المحرم متى طالت. ومثل يوم الجمعة الخميس والاثنين. والمعتمد في كيفية قص الأظافير أن يبدأ في اليدين بسبابة يمينه إلى خنصرها، ثم إبهامها ثم خنصر يساره إلى إبهامها، ويبدأ في الرجلين بخنصر الرجل اليمنى إلى خنصر الرجل اليسرى على التوالي.
الحنفية - قالوا: يحرم حلق لحية الرجل، ويسن ألا تزيد في طولها على القبضة، فما زاد على القبضة يقص، ولا بأس بأخذ أطراف اللحية وحلق الشعر الذي تحت الإبطين ونتف الشيب، وتسن المبالغة في قص الشارب حتى يوازي الحرف الأعلى من الشفة العليا. وقال بعضهم: إن السنة حلق الشارب، ونسب ذلك إلى أبي حنيفة وصاحبيه. ويستحب إزالة شعر عانة الرجل بالحلق أو بالنورة. أما عانة المرأة فتسن إزالتها بالنتف. وتسن إزالة شعر الإبطين بالحلق والنتف، والنتف أولى، وأما حلق شعر الظهر والصدر فهوخلاف الأدب.
ويكره تحريماً ترك قص الأظافير وقص الشارب ونتف الإبط أكثر من أربعين ليلة.
واختلف في شعر رأس الرجل، فقيل: يسن حلقها لغير المحرم كل جمعة، وقيل: يجوز حلقها وتركها، وإذا تركها فالسنة أن يفرقها، ولا بأس أن يحلق وسط الرأس ويترك الباقي من غير أن يفتله، لأن فتله مكروه، أما شعر المرأة فيحرم حلقه لغير ضرورة ولو أذن الزوج في ذلك، لأنه لا يحل أن تتمثل المرأة بالرجل، كما لا يحل للرجل أن يتمثل بالمرأة، ولهذا حرم عليه حلق لحيته.
ويستحب قلم أظافيره بغير أسنانه إذا لم يكن محرماً، ولم يثبت في كيفيته شيء ولا في تعيين يوم له، ويستحب أن يدفن الظفر والشعر والدم وخرقة الحيض، ولا يخفى ما في هذا كله من الأدب والنظافة.
المالكية - قالوا: يحرم حلق اللحية. ويسن قص الشارب؛ وليس المراد قصه جميعه، بل السنة أن يقص منه طرف الشعر المستدير النازل على الشفة العليا، فيؤخذ منه حتى يظهر طرف الشفة، وما عدا ذلك فهومكروه، ويسن نتف شعر الإبطين وهو أحسن من الحلق ومن الإزالة بالنورة ونحوها، ويبدأ بالإبط الأيمن، ويسن أن يغسل يديه بعد نتفهما. ويسن حلق شعر العانة أو إزالته بالنورة للرجال والنساء، ويكره نتفه للرجال والنساء، ويباح حلق جميع الشعر الذي على البدن كشعر الصدر واليدين والألية والشعر الذي على حلقة الدبر، أما شعر الرأس فإنه يكره لغير المتعمم، ويباح للمتعمم على المشهور، ويجب على المرأة أن تزيل كل ما ينافي الجمال، فيجب عليها إزالة ما على بدنها من الشعر إن كان لا يرغب فيه الزوج. كما يجب عليها حلق شعر اللحية إن نبتت لها لحية، وكذلك يجب عليها ترك ما فيه الجمال من الشعر، فيحرم عليها إزالة شعر الرأس.
ويسن للرجل والمرأة قص الأظافير إلا في زمن الإحرام. وأقل زمن قصه الجمعة، ويكره قطعها بالأسنان ولا يتعين فيه زمن خاص، كما لا يتعين فيه كيفية مخصوصة.
الحنابلة - قالوا: يحرم حلق اللحية. ولا بأس بأخذ ما زاد على القبضة، فلا يكره قصه كما لا يكره تركه، وكذا لا يكره أخذ ما تحت حلقة الدبر من الشعر، ويكره نتف الشيب.
وتسن المبالغة في قص الشارب. ويسن ترك شعر الراس إذا أمكن أن يتعهده بالنظافة، فإذا تركه فإنه يسن له أن يتعهده بالغسل والتسريح مبتدئاً بشقه الأيمن وبفرقه، فإذا طال حتى نزل عن منكبيه فإنه يجعله ضفيرة، ويكره حلق رأس المرأة أو قصه من غير عذر كقروح برأسها أما حلق رأسها لمصيبة فإنه حرام، ويسن إزالة شعر العانة بالحلق أو القص أو النورة، ويسن نتف الإبط فإن الشافعية قالوا: عليه حلقه. ولا يكره أخذ شيء من شعر عارضه وحاجبيه.
ويسن تقليم الأظفار لغيره بأي حال، ولم يثبت ما ورد من كونها على كيفية مخصوصة، ويكره ترك تقليم الأظفار وحلق العانة أكثر من أربعين يوماً) .
يتبع