عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 24-08-2020, 03:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تأملات في آيات من القرآن الكريم



وفي آيات من قصة أصحاب الجنتين ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾ [الكهف: 32، 33].







وفي هذا المثل المعطى في الآية 32 ثنائية الرجلينِ والجنتينِ، وثلاثية هي:



﴿ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ ﴾.



﴿ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ ﴾.



﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ﴾.







وفي الآية 33 ثنائية الجنتين، وثلاثية هي:



﴿ آتَتْ أُكُلَهَا ﴾.



﴿ وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ﴾.



﴿ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾.







وتدور قصة موسى عليه السلام على ثنائية الأشخاص وثلاثية الأحداث؛ فقد كان موسى عليه السلام مع فتاه، وهما كانا البارزين في المشهد، إلى أن التقى موسى بالعبد الصالح، فاختفى الفتى أو اختفى ذِكرُه، وظهر موسى والعبد الصالح فيما جرى، فظل بقاء شخصين في المشهد، والحوادثُ التي جرَتْ على يد العبد الصالح كانت ثلاثة.







وهذه الثنائية؛ موسى والفتى، ولربما مجمع البحرين أيضًا، والثلاثية؛ في القول والفعل - جليةٌ وواضحة في الآيات الآتية: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ [الكهف: 60، 61]:



﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴾.



﴿ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا ﴾.



﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾.







وثنائية القول والفعل وثلاثيتهما تظهران في الآيات التالية أيضًا ﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا * فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴾ [الكهف: 62 - 65].







والثلاثية هنا متداخلة، فهي من جهة ممثلة بـ:



تجاوز المكان.



التنبه بالعلامة إلى فوات الموضع الذي كان يريده.



الالتقاء بالعبد الصالح.







ومن جهة أخرى، فإن في كل فقرة ثلاثيةً مستقلة:



﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا ﴾.



﴿ قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا ﴾.



﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾.







واشتمل رد الفتى على ثلاثية أخرى، وهي:



﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ ﴾.



﴿ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ﴾.



﴿ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾.







وكان تعقيب موسى عليه السلام بثلاثية أخرى، وهي:



﴿ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ﴾.



﴿ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾.



﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا ﴾.







وأثمر لقاؤه بالعبد الصالح عليهما السلام شهود ثلاثة أفعال غابت حكمتُها عنه إلى أن بيَّنها له العبد الصالح، وهي خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار.







وأما ذو القرنين، والتثنية في لقبه لافتة هنا، فبدأت حكايته بسؤالٍ عنه وجَّهَه المنكرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثنائيةُ الطرف واضحة في فريقَي المنكرين والمؤمنين، ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ [الكهف: 83]، وابتداء ذكره كان بثلاثة أشياء، وهي: تمكين الله تعالى له، وإيتاؤه القوة، وانطلاقه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 84، 85]، وكانت انطلاقته إلى ثلاث جهات، هي: مغرب الشمس، ومطلعها، وبين السدَّين. وما عرَضَه أهل السدَّينِ في قوله تعالى: ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف: 94]، كان ثلاثة أشياء: النداء ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ﴾، والإخبار ﴿ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ ﴾، والالتماس ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾، وكانت استجابة ذي القرنين التي حكاها القرآن الكريم ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ [الكهف: 95] قائمةً على ثلاثة أشياء: خبر ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾، وطلب ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ﴾، وتعليل ﴿ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾، وقام التنفيذ على ثلاثة أوامر، هي: طلب الإتيان بزبر الحديد، والنفخ، وإفراغ النحاس، وعلى ثلاثة أفعال؛ صرح باثنين منها، وهما: التسوية بين الصَّدَفَيْنِ، وإشعال النار، وترك الثالث مفهومًا، وهو إفراغ النحاس: ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾ [الكهف: 96]، ثم عندما انتهى من الردم عقَّب بثلاثة أقوال، هي: أن هذا البناء رحمة من ربه، وأنه سيُدَكُّ في وقته المحدَّد الذي يحين، وأن وعد الله حق: ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 98].







ثم تنتقل السورة في أواخرها إلى مَشاهدِ يوم القيامة، وهي ثلاثية التصوير، كما في قوله تعالى: ﴿ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ﴾ # ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ﴾ # ﴿ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴾ [الكهف: 99]، وتتحدث عن عَرْضِ جهنم للكافرين، وهم أحد فريقَي الخلاف العقدي، والفريق الآخر هم المؤمنون، فتصفهم بثنائيةٍ ضمن ثلاثية العَرْضِ: ﴿ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا * الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي ﴾ # ﴿ وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ﴾ [الكهف: 100، 101]. وقد أبرزت الآياتُ الأخيرة أولئك الذين أُنذِروا في بداية السورة ممَّن نسَبَ الولدَ إليه سبحانه وعبَدَه من دون الله، فخصَّتهم بذكر جهنم مثوى لهم، وجاء على ذكر الصنف الآخر من الكافرين وبيَّن ضلال سعيهم، وذلك في الآيات الآتية: ﴿ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا * قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 102 - 104]، وجمَعَهما في صعيد واحد وبيَّن مآلهم بخبرينِ، فصار الجمع والخبران ثلاثيةً من الثلاثيات التي ذكرناها في هذه السورة، فقال سبحانه: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ﴾ # ﴿ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ﴾ # ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [الكهف: 105].







أما المؤمنون، فقد جاء ذِكرُ جزائهم في آيتينِ بثلاثِ لوحات: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾ # ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ # ﴿ لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف: 107، 108]، وإن الطريق إلى هذا يمُرُّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما يوحَى إليه في ثنائية في صدر الآية الأخيرة: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ # ﴿ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الكهف: 110]، وثلاثية في آخرها: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾ # ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ # ﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، جامعًا الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح، وتوحيده وإفراده بالعبودية والعمل.







3- ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ [الكهف: 7، 8].







واستعمال ﴿ زِينَةً ﴾ لما على الأرض؛ إنما هو للإشارة إلى أنه جمالٌ ظاهري زائل لا بقاء له، وبهذا المعنى تَرِدُ كلمة (زينة) في جميع المواضع التي وردت فيها في القرآن الكريم، وهذا العرض الزائل هو مادة الاختبار؛ فمن انجرف معه، زال بزواله الذي قد يكون في غمضة عين؛ ولهذا فإن قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ بدأ بالواو التي تدل على المشاركة مع الآية السابقة؛ أي: إن جعل ﴿ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ ليس من الضرورة أن يكون في يوم القيامة؛ بل قد يحصل في هذه الدنيا كما حصل للأمم السابقة الجاحدة.







4- ﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10].







يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]