عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 23-08-2020, 03:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,216
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (577)
تفسير السعدى
(سورة الواقعة)
من (71)الى (87)
عبد الرحمن بن ناصر السعدى
تفسير سورة الواقعة
{ أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } 71 { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } 72 { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } 73 { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }74


وهذه نعمة تدخل في الضروريات التي لا غنى للخلق عنها، فإن الناس محتاجون إليها في كثير من أمورهم وحوائجهم، فقررهم تعالى بالنار التي أوجدها في الأشجار، وأن الخلق لا يقدرون أن ينشؤوا شجرها، وإنما الله تعالى الذي أنشأها من الشجر الأخضر، فإذا هي نار توقد بقدر حاجة العباد، فإذا فرغوا من حاجتهم، أطفؤوها وأخمدوها. { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً } للعباد بنعمة ربهم، وتذكرة بنار جهنم التي أعدها الله للعاصين، وجعلها سوطاً يسوق به عباده إلى دار النعيم، { وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } أي: [المنتفعين أو] المسافرين وخص الله المسافرين لأن نفع المسافر بذلك أعظم من غيره، ولعل السبب في ذلك، لأن الدنيا كلها دار سفر، والعبد من حين ولد فهو مسافر إلى ربه، فهذه النار، جعلها الله متاعاً للمسافرين في هذه الدار، وتذكرة لهم بدار القرار، فلما بيّن من نعمه ما يوجب الثناء عليه من عباده وشكره وعبادته، أمر بتسبيحه وتحميده، فقال: { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } أي: نزه ربك العظيم، كامل الأسماء والصفات، كثير الإحسان والخيرات، واحمده بقلبك ولسانك، وجوارحك، لأنه أهل لذلك، وهو المستحق لأن يُشكر فلا يُكفر، ويُذكر فلا يُنسى، ويُطاع فلا يُعصى.
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } 75 { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } 76 { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } 77 { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } 78 { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } 79 { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } 80 { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } 81 { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } 82 { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } 83 { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } 84 { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } 85 { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } 86 { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }87


أقسم تعالى بالنجوم ومواقعها أي: مساقطها في مغاربها، وما يحدِث الله في تلك الأوقات، من الحوادث الدالة على عظمته وكبريائه وتوحيده، ثم عظم هذا المقسم به، فقال: { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } وإنما كان القسم عظيماً، لأن في النجوم وجريانها، وسقوطها عند مغاربها، آيات وعبراً لا يمكن حصرها، وأما المقسم عليه، فهو إثبات القرآن، وأنه حق لا ريب فيه، ولا شك يعتريه، وأنه كريم أي: كثير الخير، غزير العلم، فكل خير وعلم، فإنما يستفاد من كتاب الله ويستنبط منه، { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } أي: مستور عن أعين الخلق، وهذا الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ أي: إن هذا القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ، معظم عند الله وعند ملائكته في الملأ الأعلى. ويحتمل أن المراد بالكتاب المكنون، هو الكتاب الذي بأيدي الملائكة الذين ينزلهم الله بوحيه وتنزيله، وأن المراد بذلك أنه مستور عن الشياطين، لا قدرة لهم على تغييره، ولا الزيادة والنقص منه واستراقه، { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } أي: لا يمس القرآن إلا الملائكة الكرام، الذين طهرهم الله تعالى من الآفات والذنوب والعيوب، وإذا كان لا يمسه إلا المطهرون، وأن أهل الخبث والشياطين، لا استطاعة لهم، ولا يدان إلى مسه، دلت الآية بتنبيهها، على أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر، كما ورد بذلك الحديث، ولهذا قيل أن الآية خبرٌ بمعنى النهي أي: لا يمس القرآن إلا طاهرٌ. { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي: إن هذا القرآن الموصوف بتلك الصفات الجليلة هو تنزيل رب العالمين، الذي يربي عباده بنعمه الدينية والدنيوية، ومن أجلّ تربية ربّى بها عباده، إنزاله هذا القرآن، الذي قد اشتمل على مصالح الدارين، ورحم الله به العباد رحمة لا يقدرون لها شكوراً، ومما يجب عليهم أن يقوموا به ويعلنوه ويدعوا إليه ويصدعوا به، ولهذا قال: { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } أي: أفبهذا الكتاب العظيم والذكر الحكيم أنتم تدهنون أي: تختفون وتدلسون خوفاً من الخلق وعارهم وألسنتهم؟ هذا لا ينبغي ولا يليق، إنما يليق أن يداهن بالحديث الذي لا يثق صاحبه منه. وأما القرآن الكريم، فهو الحق الذي لا يغالب به مغالب إلا غلب، ولا يصول به صائل إلا كان العالي على غيره، وهو الذي لا يداهن به ولا يختفى، بل يصدع به ويعلن. وقوله: { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } أي: تجعلون مقابلة منة الله عليكم بالرزق التكذيب والكفر لنعمة الله، فتقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، وتضيفون النعمة لغير مسديها وموليها، فهلا شكرتم الله تعالى على إحسانه، إذ أنزله الله إليكم ليزيدكم من فضله، فإن التكذيب والكفر داع لرفع النعم وحلول النقم. { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } أي: فهلا إذا بلغت الروح الحلقوم، وأنتم تنظرون المحتضر في هذه الحالة، والحال أنا نحن أقرب إليه منكم، بعلمنا وملائكتنا، ولكن لا تبصرون، { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } أي: فهلا إذا كنتم تزعمون، أنكم غير مبعوثين ولا محاسبين ومجازين، ترجعون الروح إلى بدنها { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } وأنتم تقرون أنكم عاجزون عن ردها إلى موضعها، فحينئذ إما أن تقروا بالحق الذي جاءكم به محمد صلى الله عليه وسلم، وإما أن تعاندوا وتعلم حالكم وسوء مآلكم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.24 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.10%)]