
21-08-2020, 03:50 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,948
الدولة :
|
|
رد: لحظة الهم بالحرام وما بعدها
ونفس سبعيَّة غضبيَّة، محبَّتها منصرفةٌ إلى القهر والبغي والعلوِّ في الأرض والتكبُّر والرئاسة على الناس بالباطل، فلذَّتها في ذلك وشغفها به.
ونفس حيوانيَّة شهوانيَّة، محبَّتها منصرفةٌ إلى المأكل والمشرب والمنكح، وربما جمعت الأمرين فانصَرفَتْ محبَّتها إلى العلوِّ في الأرض والفساد؛ كما قال الله تعالى ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4]، وقال تعالى في آخِر السورة: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83].
والحبُّ في هذا العالم دائرٌ بين هذه النُّفوس الثلاثة، فأيُّ نفس منها صادفت ما يُلائِم طبعَها استحسنَتْه ومالَتْ إليه، ولم تُصْغِ فيه لعاذلٍ ولم تأخُذْها فيه لومةُ لائمٍ، وكلُّ قسمٍ من هذه الأقسام يرَوْن أنَّ ما هم فيه أَوْلَى بالإيثار، وأنَّ الاشتغال بغيره والإقبال على سواه غبنٌ وفَوات حظٍّ، فالنَّفس السماويَّة بينها وبين الملائكة والرَّفيق الأعلى مناسبةٌ طبعيَّة بها مالَتْ إلى أوصافهم وأخلاقهم وأعمالهم.
الملائكة هم أولياء هذا النَّوْعِ في الدُّنيا والآخِرة؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32]، فالملك يتولَّى مَن يُناسِبُه بالنُّصح له والإرشاد، والتثبيت والتعليم، وإلقاء الصَّواب على لسانه، ودفْع عدوِّه عنه، والاستغفار له إذا زلَّ، وتذكيره إذا نسي، وتسليته إذا حزن، وإلقاء السَّكينة في قلبه إذا خافَ، وإيقاظه للصلاة إذا نامَ عنها، وإيعاد صاحبِه بالخير، وحضه على التصديق بالوعد، وتحذيره من الرُّكون إلى الدُّنيا، وتقصير أمَلِه وترغيبه فيما عند الله؛ فهو أنيسه في الوحدة، ووليُّه ومُعلِّمه ومثبته، ومُسكِّن جأشه، ومُرغِّبه في الخير، ومُحذِّره من الشر، يستغفر له إنْ أساءَ، ويدعو له بالثَّبات إنْ أحسَن، وإنْ بات طاهرًا يذكُر الله باتَ معه تحت دِثار لباسه، فإنْ قصده عدوُّ له بسُوءٍ وهو نائمٌ دفَعَه عنه.
والشياطين أولياء النوع الثاني، يُخرِجونهم من النُّور إلى الظُّلمات؛ قال الله تعالى: ﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ ﴾ [النحل: 63]، وقال تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الحج: 4]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴾ [النساء: 119 - 121]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ﴾ [الكهف: 50].
هناك مناسبةٌ طبعيَّة بين نُفوس هذا النوع من الناس وبين الشَّياطين مالت بها إلى أوصافهم وأخلاقهم وأعمالهم؛ فالشياطين تتولاَّهم بعكسِ ما تتولَّى الملائكة مَن ناسبَهُم فتقودُهم إلى المعاصي وتُزعِجهم إليها إزعاجًا لا يستقرُّون معه، ويُزيِّنون لهم القبائح ويُخفِّفونها على قُلوبهم ويحلُّونها في نُفوسهم، ويثقلون عليها الطاعات، ويُثبِّطونهم عنها ويُقبِّحونها في أعينهم، ويُلقون على ألسنتهم أنواعَ القبيح من الكلام وما لا يفيدُ، ويُزيِّنونه في أسماع مَن يسمَعُه منهم، يبيتون معهم حيث باتوا، ويستَرِيحون معهم حيث كانوا، ويُشاركونهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم، يَأكُلون معهم، ويشرَبُون معهم، ويُجامِعون معهم، ويَنامون معهم؛ قال تعالى ﴿ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ﴾ [النساء: 38]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾ [الزخرف: 36 - 38].
وأمَّا النوع الثالث فهم أشباهُ الحيوان ونفوسُهم أرضيَّة سفليَّة، لا تُبالي بغير شَهواتها ولا تريدُ سِواها.
إنَّ هؤلاء الذين يَرقُبون الله حين يهمُّون بالمعصية أو يُؤثِرون الآلام عن الوقوع في الحرام، هم من أصحاب النُّفوس الأولى العُلويَّة السماويَّة.
رابعًا: كيف يتخلَّص الإنسان من الهوى الذي أدَّى به إلى المعصية بعد أنْ وقع فيها؟
يمكنه التخلُّص من ذلك - بعَوْن الله وتوفيقه - بالأمور التالية:
1- عزيمة قويَّة.
2-جرعة صبر يُصبِّر نفسه على مَرارتها تلك الساعة.
3- قوَّة نفس تُشجِّعه على شُرب تلك الجرعة والشجاعة كلها صبر.
4- أنْ يتأمَّل في حُسن العاقبة والشفاء بتلك الجرعة.
5- أنْ يُدرِك أنَّ بقاءه على منزلته عند الله تعالى وفي قُلوب عباده خيرٌ له من لذَّة مُوافَقته لِهَواه.
6- أنْ يتفكَّر في أنَّه لم يُخلَق للهوى والمعصية، وإنما لأمرٍ عظيم لا يتحصَّل عليه إلا بتَركِه للمعصية والحرام.
7- ألا يختار لنفسه أنْ يكون الحيوانُ البهيمُ أحسنَ حالاً منه؛ فإنَّ الحيوان يُميِّز بطَبعِه بين مَواقِع ما يضرُّه وما ينفَعُه، فيُؤثِر النافع على الضارِّ، والإنسان أُعطِيَ العقل لهذا المعنى، فإذا لم يُميِّز به بين ما يضرُّه وما ينفَعُه، أو عرف ذلك وفضل ما يضرُّه - كان حالُ الحيوان البهيم أحسنَ منه.
8- أنْ يتأمَّل في عَواقِب الهوى الذي أدَّى به إلى الحرام كم فاتَتْه من فضيلةٍ، وكم وقَع في رذيلة، وكيف كسرت شهوته جاهَه، ونكست رأسه، وقبحت اسمه، وأورثته ذمَّ الناس، وأعقبته ذلاًّ، وألزمَتْه عارًا لا يغسله الماء، وما ذلك إلا لأنَّ عين صاحب الهوى عمياء!
9- أنْ يتصوَّر حالَه بعدَ أنْ حقَّق غرَضَه ممَّن يَهْواه، وكذلك حال غيره في مِثْلِ هذا الموضع.
10- أنْ يتذكَّر قولَ ابنِ مسعود - رضي الله عنه -: إذا أُعجِب أحدكم بامرأةٍ فليَذكُر مَناتِنَها.
11- أنْ يُوازِنَ بين سَلامة الدِّين والعِرض والمال والجاه وشرَف الدنيا والآخرة وعز الظاهر وعز الباطن، ونيل اللذَّة المحرَّمة؛ فإنَّه إذا لم يجدْ بينهما نسبةً مطلقًا، فليعلم أنَّه من أسْفَهِ الناس ببيعه هذا بهذا.
12- أنْ يعلَمَ أنَّ الله - سبحانه وتعالى - شبَّه أتْباع الهوى بأخسِّ الحيوانات صورةً ومعنًى؛ فشبههم بالكلب تارةً؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ ﴾ [الأعراف: 176]، وبالحُمُرِ تارةً أخرى كما جاء في قوله تعالى: ﴿ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ﴾ [المدثر: 50]، وقلب صُوَرَهم إلى صُورة القِرَدَةِ والخنازير تارَةً.
13- أنَّ مُتَّبِعَ الهوى ومُرتَكِبَ الحرام ليس أهلاً أنْ يُطاع، ولا يكون إمامًا ولا متبوعًا؛ قال تعالى: ﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].
14- أنْ يعلم أنَّ الهوى والشَّهوة محيطان بجهنَّم وحولها، فمَن وقَع فيهما وقَع فيها كما جاء في الصحيحين عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((حُفَّتِ الجنَّةُ بالمَكارِهِ، وحُفَّتِ النارُ بالشَّهوات))[6].
15- أنْ يَخاف على نفسِه من أنْ ينسَلِخَ من الإيمان وهو لا يشعُر؛ كما ثبَتَ عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((لا يُؤمِن أحدُكم حتى يكونَ هَواه تبعًا لما جئت به))[7].
16- أنْ يُدرِك أنَّ أغزَرَ الناس مروءةً أشدُّهم مخالفةً لهواه؛ قال معاوية في ذلك: "المروءةُ تَرْكُ الشَّهوات وعِصيان الهوى".
17- أنْ يُدرِكَ أنَّ الله تعالى جعَل الخطأ واتِّباع الهوى قرينَيْن، وجعل الصَّواب ومخالفة الهوى قرينَيْن.
18- أنْ يُدرِكَ أنَّ جِهادَ الهوى لا يقلُّ عن جِهاد الكفار، بل إنَّ جهادَ النفس والهوى هو أصْل جهاد الكفار والمنافقين؛ فإنَّه لنْ يقدر على جِهادهم حتى يُجاهِدَ نفسَه وهَواه أوَّلاً.
19- أنْ يُدرِكَ أنَّ اتِّباع الهوى يُغلِق عليه أبوابَ التوفيق ويفتَحُ عليه أبوابَ الخذلان؛ قال الفضيل بن عِياض: مَن استَحوَذَ عليه الهوى واتِّباع الشَّهوات انقطعت عنه مَواردُ التوفيق.
20- أنْ يُدرِكَ أنَّه إذا نصَر هَواه فسَد عليه عقلُه ورأيُه؛ لأنَّه قد خانَ الله في عَقلِه فأفسَدَه عليه، وهذا شأنُه - سبحانه وتعالى - في كلِّ مَن خانَه في أمرٍ من الأمور يُفسِده عليه.
21- أنْ يُدرِكَ أنَّه مَن فسح لنفسه في اتِّباع الهوى ضيَّق عليها في قبره ويوم معاده، ومَن ضيَّق عليها بِمُخالَفة الهوى وسَّع عليها في قَبرِه ومَعاده.
22- أنْ يُدرِكَ أنَّ اتِّباع الهوى يصرعه عن النُّهوض يوم القيامة عن السَّعي مع الناجين، كما صرَع قلبه في الدنيا عن مُرافقتهم.
23- أنْ يُدرِكَ أنَّ اتِّباع الهوى يحلُّ العزائم ويُوهنها، ومخالفته تشدُّها وتقويها، والعزائم هي مركبُ العبد الذي يسيره إلى الله والدار الآخِرة.
24- أنْ يُدرِكَ أنَّ مخالفة الهوى تطرد المرض عن القلب والبدن التي تنتجُ كلها من مُتابَعة الهوى.
25- أنْ يُدرِكَ أنَّ أصل العَداوة والشر والحسد الواقع بين الناس سببه اتِّباع الهوى، فمَن خالف هواه أراحَ قلبَه وبدَنَه وجوارحَه، فاستراح.
26- أنْ يُدرِكَ أنَّ لكلِّ عبدٍ بدايةً ونهايةً، فمَن كانت بدايته اتِّباع الهوى كانت نهايته الذل والصغار والحرمان والبلاء بحسب ما اتَّبع من هواه، ويحدث له ذلك في نهايته عَذابًا يُعذب به في قلبه؛ كما قال الشاعر:
مَآرِبُ كَانَتْ فِي الشَّبَابِ لأَهْلِهَا
عَذَابًا فَصَارَتْ فِي المَشِيبِ عَذَابَا 
27- أنَّ مخالفةَ الهوى تجعَلُ العبد في مَقام مَن لو أقسَمَ على الله لأبرَّه؛ فيَقضِي له من الحوائج أضعافَ أضعافِ ما فاتَه من هَواه.
28- أنْ يُدرِكَ أنَّ الهوى رقٌّ في القلب، وغلٌّ في العنق، وقيدٌ في الرِّجل، وصاحبه أسيرٌ لكلِّ شرِّير وسيِّئ، فمَن خالَف هَواه عُتق من رقِّه وصار حُرًّا، وخلع الغلَّ من عُنُقِه، والقيدَ من رجله، وصار بمنزلة رجلٍ صحيح سالم.
29- أنْ يُدرِكَ أنَّ الفتوَّة الحقيقيَّة إنما هي في مخالفة الهوى، وقد قِيل في ذلك: "صنمُ كلِّ إنسان هَواه، فمَن كسره بالمخالفة استحقَّ اسم الفُتُوَّة".
30- أنْ يُدرِكَ أنَّ مخالفته الهوى تُورِثُ العبد قوَّةً في بدَنِه وقَلبِه ولِسانه.
31- أنْ يُدرِكَ أنَّ اتِّباع الهوى من المهلكات الثلاث التي تحدَّث عنها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي: الشُّحُّ المُطاع، وإعجاب المرء بنَفسِه، والهوى المتَّبع.
32- أنْ يُدرِكَ أنَّ اتِّباع الهوى مُضادٌّ لما أنزَلَه الله على رسوله، وقد قسم الله تعالى الناس إلى قسمين: أتْباع الوحي وأتباع الهوى، وهذا كثيرٌ في القُرآن؛ كقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [القصص: 50].
33- أنْ يعلَمَ أنَّ الشيطان ليس له مدخَلٌ على ابن آدم إلا من باب هواه، فإنَّه يحومُ حولَه من أين يدخُل عليه حتى يفسد عليه قلبه وأعماله، فلا يجد مدخلاً إلا من باب الهوى؛ فيَسرِي معه سريان السمِّ في الأعضاء.
34- أنْ يعلَمَ أنَّ الهوى ما خالَط شيئًا إلا أفسَدَه، فإنْ وقَع في العِلم أخرجه إلى البدعة والضَّلالة، وإنْ وقَع في العبادة خرَجَتْ من أنْ تكون طاعةً وقُربة ما قارَن شيئًا إلا أفسَدَه.
35- أنْ يعلَمَ أنَّ اتِّباع الهوى يجعَلُه تحتَ قَهْرِ عدوِّه، فعليه أنْ يأنف لنفسه من أنْ يكون تحت كذلك.
36- أنْ يأنَفَ لنفسه من ذلِّ طاعة الهوى، فإنَّه ما أطاعَ أحدٌ هواه إلا وجد في نفسه ذلاًّ، وعليه ألا يغتر بصَولةِ أتْباع الهوى وكبرهم؛ فهم أذلُّ الناس؛ لأنَّهم قد أجمَعُوا بين فصيلتي الكبر والذل.
هذا هو حال الذين همُّوا بالمعصية ولم يقَعُوا فيها وحال من ترَكُوا أدنى المحبوبَيْن فوزًا بأعلاهما، وهذه هي أنواعُ النُّفوس، وخاصَّة تلك السماويَّة العُلويَّة، وهذه هي الأمورُ التي تخصُّ الإنسان من الهوى بعد أنْ يقَع في المعصية كما حدَّدَها الشيخ ابن القيم - رحمه الله.
وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] انظر: ابن القيم ص 405.
[2] تابع: ص 401-402.
[3] تابع: ص 499-450.
[4] تابع: ص 450.
[5] تابع: ابن القيم ص 458.
[6] تابع: ابن القيم ص 473.
[7] تابع: ابن القيم ص 474.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|