عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-08-2020, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,795
الدولة : Egypt
افتراضي التبرم والسخط.. سلوكيات لا يرتضيها الإسلام

التبرم والسخط.. سلوكيات لا يرتضيها الإسلام


د. عيد محمد شبايك






خَلَق الله - تعالى- الإنسانَ، وكفل له عمرَه ورِزقَه، وصِحتَه ومرضه، وغناه وفقرَه، بحسب تقديرِ الله - تعالى- له؛ كما قال - سبحانه -: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27]، وكما قال- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لن تموتَ نفسٌ حتى تستوفيَ رِزقَها وأجَلَها)).

ولكنَّ بعضَ الناس يَعيشون في هذه الحياة الدُّنيا متلهِّفين عليها، وعلى مُتعِها وزخارفها وشهواتها، فإذا أصابَهم مرضٌ فيها، ضَجِروا وغَضِبوا؛ كيف يُصيبهم المرض وغيرهم أصحاء؟! وإذا قلتَ لهم: ربَّما كان المرض رحمةً بالمؤمن، لم يسمعوا، ولم يَعوا قوْلَ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- : ((مَثَلُ المؤمنِ كَمَثلِ الخامةِ مِنَ الزَّرْع؛ مِن حيثُ أَتَتْها الرِّيحُ كفأتْها، فإذا اعْتَدلتْ تَكَفَّأُ بالبلاء، والفاجرُ كالأَرْزَة؛ صَمَّاء مُعْتَدِلَةً، حتَّى يَقْصمَها الله إذا شاء))؛ متفق عليه.

وإذا قلَّ مالُ هؤلاء سَعْوا ليلاً ونهارًا؛ للحصول عليه مِن كلِّ طريق، وإذا لم يتيسَّرْ لهم تألَّموا؛ كيف يكونون فقراءَ وغيرهم أغنياء؟! إنَّ هذا الصِّنف الغاضب الساخط إذا ما أتتْ إليه الأموال، فَرِح واستبشر، وإذا قلَّتْ تَنكَّر وتَبرَّم، وصَدق فيهم قول رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تَعِسَ عبدُ الدِّينار، وعبد الدِّرهم، وعبد الخميصة، تَعِس وانتكس، وإِذا شِيكَ [أي: أصابته شَوْكة]، فلا انتقش [أي: فلا خرجتْ منه]))، وهذه الجماعة المتبرِّمة دأَبتْ على حبِّ المال مع تمنِّيهم أن تجتمع كلُّ الدنيا لهم، وطبيعتهم هي طبيعةُ مَن لا يقنع بالقليل الحلال، ولا يَمتنع عن الكثيرِ الحرام؛ وكما قال الرسول- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لو كان لابن آدمَ واديانِ من ذهب لتمنَّى ثالثًا، ولا يملأُ عينَ ابنِ آدم إلاَّ التراب)).

إنَّ مَن قَبلنا مِن آبائنا وأجدادنا كانوا يَرضَوْن بالقليل، ويَسعدُون به، وكانوا يَحمدُون الله على الصِّحة والمرض، فكانوا يَعيشون في سعادةٍ غامرة يَحسُدهم عليها مَن كَثرُت أموالُهم وأولادهم من الأبناء والأحفاد؛ لأنَّ الآباء والأجداد كانوا قانعين راضين بما قدَّر لهم مولاهم، فَسعِدُوا، وشقيتْ جماعةُ المتبرِّمين الساخطين؛ وهذا لزيادة الإيمان عندَ الأوَّلين، وقِلَّة الإيمان وضعْفه عند الآخرين؛ يقول النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((عَجبًا لأمرِ المؤمن! إنَّ أمرَه كلَّه خيرٌ؛ إن أصابتْه سَرَّاءُ شَكرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضَرَّاءُ صبر، فكان خيرًا له)).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.78%)]