عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-08-2020, 04:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي مقاصد الشريعة في القضاء والشهادة والعقوبات

مقاصد الشريعة في القضاء والشهادة والعقوبات
الشيخ عبدالعزيز رجب





نتناول في هذا المبحث - بمشيئة الله تعالى - مقاصد أحكام القضاء والشهادة والعقوبات أو الحدود، وهي:

أولًا: مقاصد الشريعة في أحكام القضاء:

المقاصد العامة بشروطها.. يجب أن يكون عليها مدار هذا العمل، وهي التي عليها المعول في الرقابة القضائية على مدى اتفاق التشريع مع مبادئ الشريعة الإسلامية المعتبرة بحكم الدستور"[1]، ومن أهم مقاصد الشريعة في أحكام القضاء:

1 - إقامة الشريعة وحراستها وتنفيذها: يقول ابن عاشور: "لذلك لزم إقامة علماء الشريعة لقصد تبليغها إقامتها، ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122]، وقوله صلى الله عليه وسلم لبني ليث حين وردوا عليه: ((فارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم))، فكان تعيين ولاة لأمورها، وإقامة قوة تعين أولئك الولاة على تنفيذها، فكانت الحكومة والسلطان والقضاء من لوازم الشريعة؛ لئلا تكون في بعض الأوقات معطلة[2].



2 - تعجيل إيصال الحقوق إلى أصاحبها: إقرار غير المستحق على الانتفاع بشيء ليس له وهو ظلم للحق؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188].



3 - الاجتهاد فيما ليس فيه نص: في مجال القضاء يجوز الاجتهاد فيما ليس فيه نص في إطار الأصول الشرعية بناءً على مقاصد الشريعة.



"وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر في طعون بعض القوانين أن نصوص الاجتهاد التي تصدر بعد صدور المادة الثانية من الدستور تلزم أن تكون واقعة في إطار الأصول الكلية للشريعة الإسلامية معتمدة استنباط الأحكام العملية على الأدلة الشرعية مستوحية تحقيق مقاصد الشريعة، وأن الاجتهاد في المسائل التي ليس فيها نص في إطار الأصول الشرعية أو على حفظ الدين والعقل والنفس والعرض والمال، وهذا القضاء المستقر للمحكمة الدستورية العليا يبين أهمية المقاصد الشرعية موجود مراعاتها في التشريعات المعاصرة"[3].



ثانيًا: مقاصد الشريعة في مجال الإشهاد، منها:

الإخبار عما بين الحقوق وتوثيقها، وضبطها وأداؤها عند الاحتياج إليها، وذلك يقتضي كتابة ما يشهد به الشهود إذا كان الحق من شأنه أن يدوم تداوله مدة يبيد في مثلها الشهود؛ ولذلك تعينت مشروعية كتابة الوثيقات؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282][4].



ثالثًا: مقاصد الشريعة من العقوبات، منها:

1- التأديب للجناة ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38]، وإرضاء المجني عليه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ [الإسراء: 33].



2- زجر المقتدي: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 2].



3- وحفظ النفس: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179]، الغَيرة على محارم الله، تحقيق الأمن[5].





[1] دور المقاصد في التشريعات المعاصرة: 23.




[2] البخاري (226) ومسلم (2/ 134) عن مالك بن الحويرث، ابن عاشور (494 :496).




[3] انظر: دور المقاصد في التشريعات المعاصرة: (39).




[4] ابن عاشور (513، 414).




[5] ابن عاشور (516/ 518).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.02 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]